زار وفد حزب الله موسكو، التي زارها قاسم سليماني في تموز يوليو 2015، لاستجداء التدخل العسكري في سوريا، في أعقاب تقدّم المعارضة السورية آنذاك في سهل الغاب، المشرف على الساحل السوري، معقل بشار الأسد وحاضنته الشعبية.
ليست زيارة وفد حزب الله اليوم إلى العاصمة الروسية شبيهة بزيارة سليماني سابقا، أقلها من حيث المضمون، لكنها قريبة في الشكل، إذ تأتي في ظل تطورات مفصلية في المنطقة قد تغيّر معادلاتها.
قد يبدو للوهلة الأولى أن وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض أراح طهران، الحاقدة من جهة على سلفه دونالد ترمب، صاحب العقوبات الأقسى عليها، والمتطلعة من جهة أخرى إلى استنساخ تجربة باراك أوباما "الودية" مع ساكن البيت الأبيض الجديد. لكن في المقابل، وصول جو بايدن، ربما أعاد حسابات المشرق السني، بقطبيه التركي والسعودي.
وللقطبين هنا حساباتهما للتلاقي اليوم، ولو مرحليا، على وقع مؤشرات لم تُرِح الطرفين، منذ وصول بايدن، الذي رفع الحوثيين عن قوائم الإرهاب فور دخوله البيت الأبيض، واستبقه بإعلان دعم المعارضة التركية، وبانتقاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسياساته في القوقاز وعلى الحدود مع اليونان.
قد يبدو للطرفين، السعودي والتركي، أن سياسة بايدن حيال طهران، كانت أكثر ليونة، رغم رسائل صاروخية في "عين الأسد" وغيرها، ولم تفسد للود قضية. هذا إضافة إلى التوجس من حماسة أوروبا لإعادة إحياء "اتفاقٍ نووي"، ربما يأتي لطهران بالمكتسبات في المنطقة على حساب الدول الفاعلة الأخرى.
في "مأرب" اليمنية، كانت الترجمة الفعلية للتقارب بين أنقرة والرياض، هناك حيث شاركت مسيّرات تركية في المعركة إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، بعد ساعات من استهداف الرياض بطائرات حوثية مسيّرة، أعقبها بيان تركي استنكر بحزم استهداف "السعودية الشقيقة". ثم تعلن تركيا بعد ساعات عن اتصالات دبلوماسية مع مصر بعد سنوات من القطيعة.
هي سوريا إذاً. تفاديا لسقوط نظامها وصل سليماني إلى موسكو عام 2015. وخشية من أي تسوية قد تأتي على حسابه وصل وفد حزب الله إليها
هذه التطورات كافة حصلت تحت عينيْ روسيا، التي أوفدت وزير خارجيتها سيرغي لافروف إلى الخليج بحثا عن تسوية سورية، قيل حينذاك إن العرب اشترطوا خروج إيران وميليشياتها من سوريا قبل الغوص في تفاصيل أي اتفاق.
هي سوريا إذاً. تفاديا لسقوط نظامها وصل سليماني إلى موسكو عام 2015. وخشية من أي تسوية قد تأتي على حسابه وصل وفد حزب الله إليها. بينما المنطقة تعج بالرسائل على أبواب محاولة الخروج بتسويات كبرى. رسالة سعودية تركية إلى بايدن، ومفادها أن أبواب موسكو مفتوحة في حال تقليص دورهما ومكتسابتهما في المنطقة لصالح طهران. ورسالة من حزب الله إلى روسيا التي تبحث عن تسوية سورية: "نحن حلفاؤكم.. وقاتلنا تحت مقاتلاتكم"!