icon
التغطية الحية

حروب لا تنتهي في إدلب هل يغلق أبوابها لقاء بوتين ـ أردوغان؟

2021.09.27 | 06:49 دمشق

20200301_2_41123013_52663675.jpg
عناصر من الفصائل العسكرية في إدلب ـ الأناضول
إسطنبول ـ سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

لا تكاد تهدأ الحرب في إدلب، حتى تعود روسيا ومعها نظام الأسد لقرع الطبول التي وصل صداها إلى أنقرة، حيث عززت من قواتها على حدودها الجنوبية وفي مناطق تمركزها داخل الأراضي السورية، وذلك قبل أن يلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي في 29 من أيلول الجاري.

الرئيس التركي أعلن بعد أدائه صلاة الجمعة في أحد مساجد إسطنبول أنه ينتظر الكثير من فلاديمير بوتين قائلا: ننتظر الكثير من الرئيس الروسي ولا سيما أن النظام السوري يشكل تهديدا على الحدود الجنوبية لبلادنا".اللقاء المرتقب بين الزعيمين ليس الأول الذي يطرأ بعد تصعيد روسي على شمال غربي سوريا، أما النتائج فعادة ما تكون تهدئة، يخرقها ضجيج الطيران الحربي الروسي وصواريخ قوات النظام التي تقيس تقدمها الميداني عقب كل تصعيد وهدنة بالأمتار في إدلب.

تهديد روسي

قبل أيام قليلة من اللقاء المرتقب بين الرئيسين الروسي والتركي هدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعمل عسكري ضد إدلب، وجاء ذلك في كلمة لـ"لافروف" خلال مؤتمر صحفي عقده بمدينة نيويورك، السبت، على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وزعم "لافروف" أن "روسيا تستخدم القوة العسكرية في سوريا ضد الإرهابيين، بناءً على القرار رقم 2254 الصادر من مجلس الأمن والقاضي بمكافحة الإرهاب بحزم في سوريا".

كذلك، جدّد "لافروف" تهديد بلاده بوقف إيصال المساعدات الأممية إلى شمال غربي سوريا - عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا - في حال عدم التعاون مع نظام الأسد.

وأضاف أنّه "ثمة بؤرة إرهابية واحدة متبقية في سوريا وهي إدلب، ولا مشكلة بمكافحة الإرهاب هناك"، مهدّداً بأنّ "روسيا لن تتسامح مع الهجمات التي يشنها الإرهابيون من هناك على القوات الروسية وقوات نظام الأسد"، وفقاً لزعمه.

إدلب.. حروب روسية صغيرة

يعلن نظام الأسد مراراً وتكراراً نيته السيطرة على إدلب وباقي المناطق الخارجة عن سيطرته، وفي اجتماع نادر جمع بوتين وبشار الأسد في الكرملين االأسبوع الماضي، وصف بوتين استمرار وجود القوات الأجنبية غير المصرح بها من قبل حكومة الأسد بأنه "المشكلة الرئيسية" لسوريا ، وهو الأحدث في سلسلة من المطالب الروسية لتركيا والولايات المتحدة الأميركية بالانسحاب.

في حين أرسلت تركيا مزيدا من القوات إلى شمال غربي سوريا قبل عقد اجتماع حاسم مع قادة روسيا وإيران الأسبوع المقبل، في تأكيد منها على صد هجوم على شمال غربي سوريا.

وقالت إيلينا سوبونينا الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط لـ معهد واشنطن للدراسات، إنه مع قيام القوات التركية بدور الردع، فإن أقصى ما يمكن لقوات النظام فعله هو استعادة الأراضي خطوة بخطوة.

وأضافت"لم تتغير الأمور بشكل أساسي على الرغم من أنه قد تكون هناك جهود لاستعادة بعض المناطق المحددة".

تنتهج روسيا سياسة القضم والتقدم خطوة بخطوة مستخدمة الحروب الصغيرة على شمالي غربي سوريا يعقبها اتفاق لوقف إطلاق النار يعزز المواقع التي يسيطر عليها النظام بدعم جوي وعسكري منها.  

ويقول الكاتب السياسي حسن النيفي لموقع تلفزيون سوريا: إن "التصعيد الحاصل في إدلب لم يعد جديداً أو مفاجئاً، بل هو جزء من الاستراتيجية الروسية التي تحاول أن تضغط عسكرياً في موازاة أي استحقاق سياسي مقبل، فضلاً عن الهدف الروسي الثابت والمتمثل بتمكين نظام الأسد من السيطرة على كامل الجغرافية السورية".

ويضيف "لكن يبدو أن حدود التصعيد الروسي لم تعد محصورة بإدلب، بل امتدت لتطول مناطق غصن الزيتون، وهذه خطوة خطيرة تتضمن رسائل روسية واضحة لتركيا، لعل أبرزها أن حالة الجمود الراهنة في ما يخص إدلب لا يمكن أن تستمر، إذ يسعى بوتين إلى تحقيق مسألتين بشكل مباشر: 1– السيطرة التامة على ضفتي طريق حلب اللاذقية، 2– ضمان دخول المساعدات الإنسانية عن طريق نظام الأسد. أما سياسة موسكو حيال إدلب فهي السياسة ذاتها حيال كل المناطق الأخرى، تلك السياسة التي تعتمد على القضم المستمر، مع القيام بحملات عسكرية واسعة النطاق بين فترة وأخرى، وبناء تفاهمات جديدة مع الطرف التركي تنطلق من الوضع الجديد مع تنصل كامل من أي اتفاق مسبق (سياسة الأمر الواقع)".

ويوضح "النيفي" أن موضع الإشكال أو المأزق الحقيقي هو أن الأوراق التي تملكها تركيا تكاد تكون محصورة بالمصالح الاقتصادية المتبادلة مع روسيا، إذ إن أنقرة غير مستعدة لفتح مواجهة عسكرية مع روسيا، لتبقى الفصائل العسكرية التي لا تستطيع الصمود كثيرا بمواجهة الطيران الروسي، وهذا ما يجعل تركيا تميل إلى التوافقات مع روسيا مقابل الحصول على هدنة عسكرية ولو مؤقتة.

وحول حديث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أن إدلب أصبحت "بؤرة للإرهاب"، يتابع "أعتقد أن حديث روسيا عن هيئة تحرير الشام أصبح ذريعة مبتذلة، فهي تريد أن تجعل من وجود هيئة تحرير الشام حجة للتصعيد العسكري، وعندما تحصل على تنازلات جديدة من الطرف الآخر تصمت وتطوي ذريعة الهيئة، وهذا لا ينفي بالطبع أن وجود هيئة تحرير الشام في إدلب لم يعد ذريعة للروس فحسب بل للمجتمع الدولي".

ليست حرباً أميركية

يراوح الموقف الأميركي مكانه بما يخص الأوضاع في إدلب التي يبدو أنها أصبحت جزءا مما وصفته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالحروب الأبدية في الشرق الأوسط. تراقب واشنطن عن كثب مجريات الأحداث وتستمر إدارة بايدن في تصوير الاشتباكات العسكرية المستمرة في الشرق الأوسط على أنها صراع لا نهاية له، حيث تركز الولايات المتحدة بعد هزيمة تنظيم الدولة شمال شرقي سوريا على ضمان عدم نمو النزاعات وحدوث كوارث إنسانية، على غرار تحركها في مجلس الأمن لتمديد آلية وصول المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، والتي تهدد روسيا مجدداً بإيقافها.

وكان بايدن قد أعلن قبل وعقب وصوله إلى البيت الأبيض أنه "سينهي الحروب الأبدية في أفغانستان والشرق الأوسط، والتي كلفت بلاده دماءً وأموالاً لا توصف". 

ضغوط على تركيا

جاء الانسحاب الأميركي من أفغانستان ليشكل ضغطاً على أنقرة التي شددت إجراءاتها الأمنية للحد من تدفق اللاجئين الأفغان إلى أراضيها، وهو ما تخشاه في حال شنت روسيا عملية عسكرية واسعة على إدلب، حيث لا اتفاقيات تهجير تصلح لإنهاء التصعيد على غرار درعا، ولن يبقى أمام أكثر من 3 ملايين سوري سوى التوجه إلى الحدود التركية.

والثلاثاء الماضي تطرق أردوغان في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى قضية اللاجئين وقال "بصفتنا دولة أنقذت الكرامة الإنسانية في الأزمة السورية، لا نملك الوسائل ولا الصبر لمواجهة موجات الهجرة الجديدة".

وعلى الرغم من عدم وجود ما يشير إلى معركة واسعة النطاق، إلا أن تصاعد الهجمات التي تشنها الطائرات الحربية الروسية وقوات النظام على الأراضي قد اجتذب انتباه المسؤولين الأتراك الذين يواجهون بالفعل انتقادات محلية متزايدة بشأن كلفة إيواء أكبر عدد من اللاجئين في العالم.

ووفقا لـ مسؤولَين تركيين تحدثا لوكالة بلومبيرغ الأميركية بشرط عدم الكشف عن هويتهما لمشاركة معلومات حساسة "يتوقع الرئيس التركي أن يرتفع مستوى التصعيد في إدلب عندما يلتقي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي".

في 7 من آب 2008 ولمدة خمسة أيام شنت روسيا عملاً عسكرياً على جورجيا إلى جانب أبخازيا وأوستيا الجنوبية اللتان انفصلتا عن جورجيا وأعلنتا الاستقلال بدعم موسكو.

وبعد 12 عاما مازالت روسيا تستولي بهدوء على مزيد من الأراضي على حدود متنازع عليها مع جورجيا، وتحذر الناتو من الاعتراف بالبلد  الأوراسي الصغير كدولة عضو.

في كل صباح يستيقظ الجورجيون على أطراف المنطقة المتنازع عليها ليجدوا القوات الروسية قد طوقت عشرات المنازل القروية بسياج شائك لضمها إلى المنطقتين الانفصاليتين، فهل تعمل روسيا على تطبيق السياسة ذاتها في إدلب؟