يشهد الملف السوري حراكا سياسيا مكثفا حول مستقبل سوريا بعد سقوط الأسد، حيث توالت التصريحات العربية والدولية الداعية إلى دعم انتقال سلمي في البلاد يشمل جميع المكونات.
وناقش رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أهمية تحقيق انتقال سلمي في سوريا عبر عملية سياسية شاملة، وأكد مسؤول قطري أن وفدًا سيزور دمشق لبحث إعادة فتح السفارة القطرية وإيصال المساعدات، نافيًا تقارير عن زيارة مدير المخابرات القطرية.
وأعلن مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي الجمعة أنّ التكتّل يتطلّع لأن يجري "قريبا" اتصالات دبلوماسية مع السلطات الجديدة في سوريا.
وقال المسؤول طالبا عدم نشر اسمه لفرانس برس إنّ "ما نفكّر فيه الآن هو إجراء اتصالات (...) ستتم هذه الاتصالات على المستوى العملاني ونأمل أن يحصل ذلك قريبا".
المحاسبة لضمان نجاح المرحلة الانتقالية في سوريا
قال ميخائيل أونماخت ممثل للاتحاد الأوروبي لدى سوريا، إن سقوط النظام يمثل لحظة فارقة في تاريخ الشعب السوري الذي عانى طويلاً من القمع، وأظهر صمودا استثنائيا لتحقيق مطالبه.
وأضاف في لقاء على تلفزيون سوريا، أن المرحلة المقبلة تتطلب حوارا شاملًا بين جميع الأطراف لبناء مستقبل يضمن مشاركة كافة مكونات المجتمع السوري.
وفي حديثه عن المحاسبة، أكد أونماخت أن العدالة والمحاسبة تمثلان أساسا ضروريا لنجاح المرحلة الانتقالية في سوريا. واعتبر أن العدالة الانتقالية هي جزء محوري في بناء مستقبل أفضل للسوريين.
التشديد على حكم غير "طائفي"
من جهته، دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى توخي الحذر بشأن مستقبل سوريا بعد سقوط نظام الأسد، مشددًا على ضرورة وجود حكم شامل وغير طائفي يعكس تطلعات جميع السوريين.
وأجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة لم يعلن عنها سلفا إلى العراق للقاء رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وإجراء محادثات حول عملية الانتقال السياسي في سوريا بعد سقوط بشار الأسد ودعا إلى تشكيل حكومة غير طائفية.
ويقوم بلينكن بجولة في المنطقة لتشكيل جبهة موحدة، تضم تركيا وحلفاء من الدول العربية، حول مجموعة من المبادئ تأمل واشنطن أن توجه الانتقال السياسي في سوريا، منها الشمول واحترام الأقليات.
كما أكد وزير الخارجية التركي أن بلاده تطمح إلى رؤية سوريا خالية من الإرهاب، مع ضمان عدم تعرض الأقليات لأي معاملة سيئة. وشدد على أهمية تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع مكونات الشعب السوري.
إدانة عربية للتوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة
في سياق آخر، أصدرت الدول العربية قرارا جماعيا يدين توغل الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة العازلة مع سوريا، واعتبرته انتهاكًا لاتفاقية فض الاشتباك.
في حين، أصدر وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمرا للقوات الإسرائيلية بالاستعداد للبقاء خلال فصل الشتاء على جبل الشيخ، وهو موقع استراتيجي يطل على دمشق، في إشارة جديدة على أن التوغل الإسرائيلي في سوريا سيستمر لفترة طويلة.
وقال بيان صادر عن مكتب كاتس الجمعة "نظرا لما يحدث في سوريا، فإن هناك أهمية أمنية بالغة لبقائنا على قمة جبل الشيخ".
الحوكمة واستعادة الخدمات
في السياق، شهدت الساحة السورية تصريحات ومواقف دولية تركّز على وحدة الأراضي السورية، ومعالجة قضايا الأمن والتطورات الميدانية.
وقال المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية في سوريا على أهمية سيطرة الحكومة على كامل البلاد، مع التركيز على الحوكمة واستعادة الخدمات.
في الوقت نفسه، أشادت وزارة الدفاع الأميركية بخطوات تأمين الأسلحة الكيماوية، بينما ربط المبعوث الأممي شطب "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب بسلوكها المستقبلي، كما طالبت الخارجية الفرنسية جيش الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب من المنطقة العازلة في الجولان السوري، مشدّدة على ضرورة احترام اتفاقية فض الاشتباك وسيادة سوريا.
سوريا موحدة
شدّد المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية، عبيدة أرناؤوط، على ضرورة أن تبقى سوريا موحدة وعدم بقاء أي جزء منها خارج سيطرة الحكومة في دمشق.
وأضاف في تصريح للتلفزيون العربي: "لا نقبل أن يخرج أي جزء من الوطن عن سيطرة حكومة دمشق"، مردفاً: "خرجنا من عقلية التنظيم قبل تحرير دمشق إلى عقلية الحوكمة، ونركز على عودة الخدمات بأسرع وقت في عموم المناطق السورية".
أميركا ترحّب بتصريحات الشرع
رحّبت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) بتصريحات القيادي في إدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع، بما يخص تأمين الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وقال المتحدث باسم "بنتاغون" إنّ الوزارة لديها وسائل لنقل الرسائل إلى "هيئة تحرير الشام" عبر قنوات خلفية، مشيراً إلى أن أولوية واشنطن هي حماية قواتها ودحر تنظيم الدولة (داعش).
من جهته اعتبر المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، أن شطب اسم "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب لن يكون مجانياً ويعتمد على سلوكها وسلوك الجماعات الأخرى، مضيفاً: "شطب الهيئة من قائمة الإرهاب يعتمد على مدى التزامها بالانخراط في عملية سياسية تشمل الجميع، وعلى مدى التزامها بحماية المدنيين".
المعتقلون السوريون
أفاد عضو لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا، هاني المجالي، بأنّ اللجنة تقدر عدد المعتقلين الذين خرجوا من سجن صيدنايا بنحو 4 آلاف معتقل.
وشدّد المجالي في حديث لـ تلفزيون سوريا على ضرورة قيام الحكومة الجديدة بحماية الأدلة في سجون الأسد والأفرع الأمنية، وأن تطلب المساعدة من الأمم المتحدة بشأن السجون.
المطالبة بحكومة شاملة
حثّت الولايات المتحدة الأميركية المعارضة السورية على تشكيل حكومة شاملة، إذ أفادت وكالة "رويترز" بأنّ "الاتصالات تجري مع هيئة تحرير الشام بالتنسيق مع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، بما في ذلك تركيا".
وكانت إدارة العمليات العسكرية قد كلّفت رئيس "حكومة الإنقاذ" محمد البشير، بتشكيل حكومة تشرف على إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، بالتزامن مع إعلان إدارة العمليات العسكرية، اقتراب انتهاء قواتها من ضبط العاصمة دمشق، وحفظ كلّ المرافق والمؤسسات والممتلكات العامة، مشيرة إلى أن الحكومة الجديدة ستبدأ أعمالها فور تشكيلها.