icon
التغطية الحية

جيفري: لم نعلن العدد الحقيقي لجنودنا في سوريا في أي وقت

2020.11.13 | 12:18 دمشق

thumbs_b_c_279018ad0a4953eb74f62b720ace487f.jpg
المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري ـ الأناضول
ديفينس وان- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

نصح المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري، الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، جو بايدن، بانتهاج سياسات سلفه دونالد ترامب في سوريا والشرق الأوسط.

جاء ذلك في تصريحات لجيفري لموقع "Defense One" المتخصص في التحليلات الدفاعية.

ودافع جيفري الذي يغادر منصبه الشهر الحالي، عن سياسات ترامب فيما يخص سوريا.

ولفت إلى أن قرار ترامب عام 2019 بسحب الجنود الأميركيين من سوريا كان مفاجئا للجميع. موضحا أن ترامب اقتنع لاحقا بإبقاء نحو 200 عسكري، لأسباب مختلفة.

وتابع " لم نعلن العدد الحقيقي لجنودنا في سوريا بشكل دقيق في أي وقت" مبررا ذلك بالضرورات الأمنية العملياتية.

وردا على سؤال فيما إذا وفرت واشنطن الحماية لعناصر "وحدات حماية الشعب" في شمال شرقي سوريا، قال جيفري إنه لا يشاطر الادعاءات القائلة بأن "الولايات المتحدة تخلت عن الأكراد في سوريا للأتراك".

 

 

ولفت جيفري إلى أنهم قدموا ضمانة لـ "الوحدات" (للمساعدة) ضد أي هجمات محتملة من قوات نظام الأسد والمرتزقة الروس وتنظيم الدولة.

واستدرك قائلا "لم يقدم أحد في واشنطن ضمانة عسكرية للأكراد في سوريا ضد تركيا".

ونصح جيفري الرئيس المنتخب جو بايدن وفريقه بمواصلة سياسات إدارة ترامب في الشرق الأوسط.

اقرأ أيضا: آراء دائرة بايدن "الضيقة" بالملف السوري

ورأى أنه "بالرغم من عدم تمكن إدارة ترامب من حل المشكلات المزمنة في الشرق الأوسط، إلا أنها خلقت توازناً على الأقل بين الأطراف"، لافتاً أن ذلك يعد أفضل من أسوأ السيناريوهات، على حد تعبيره.

والإثنين أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، نهاية خدمة جيمس جيفري، مع اقتراب تقاعده بنهاية تشرين الثاني الجاري.

وقال بومبيو، في بيان: "جيفري، الذي عمل قرابة عامين في منصبه، كان قد خرج من تقاعده، في آب عام 2018، بناء على طلب وزير الخارجية لاستلام الملف السوري ممثلا له".

وسيعين جويل رايبورن، الذي يعمل نائبا للمبعوث الأميركي لشؤون سوريا لاستلام الملف السوري، بينما سيتسلم المنسق لشؤون مكافحة الإرهاب ناثان سيلز، دور المبعوث الأميركي إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.

 

اقرأ أيضا: جيفري يجري اتصالات وداعية.. وهذا ما أنجزه في عهد ترامب

 

فيما يأتي ترجمة موقع تلفزيون سوريا للمقال:

بعد أربع سنوات على توقيع رسالة: "لا لترامب" التي أصبحت شائنة اليوم والتي أدان فيها دونالد ترامب الذي ترشح للرئاسة حينها ووصفه بأنه خطر على أميركا، ينصح الدبلوماسي المتقاعد جيم جيفري إدارة بايدن القادمة بالالتزام بسياسة ترامب الخارجية في الشرق الأوسط.

ولكن حتى وهو يثني على دعم الرئيس لما وصفه بمنهج الواقعية السياسية الناجح في تلك المنطقة، يعترف هذا الرجل بأن فريقه قام أكثر من مرة بتضليل القادة على أرفع مستوى حول أعداد الجنود المتواجدين في سوريا، إذ يقول جيفري في مقابلة له: "كنا نلعب لعبة الطرابيش على الدوام حتى لا نكشف للقيادة عدد الجنود المتواجدين هناك". وذلك لأن العدد الفعلي للجنود المتواجدين في شمال شرق سوريا "أكبر بكثير" من مئتي جندي وافق ترامب على رحيلهم من سوريا في عام 2019.

بيد أن الانسحاب المفاجئ للجنود الأميركيين من سوريا الذي أعلن عنه ترامب مايزال يعتبر تحركاً مثيراً للكثير من الجدل في السياسة الخارجية خلال السنوات الأولى من توليه لمنصبه، إذ بالنسبة لجيفري كان ذلك التحرك: "أكثر شيء مثير للجدل مر علي خلال خمسين عام أمضيتها في الحكومة". فهذا الأمر الذي صدر للمرة الأولى في كانون الأول من العام 2018، تسبب باستقالة وزير الدفاع السابق جيم ماتيز، وهو ما دفع جيفري الذي كان حينها المبعوث الخاص لترامب إلى سوريا إلى لعب دور المبعوث الخاص لمحاربة داعش وذلك عندما استقال سلفه بريت ماكغورك احتجاجاً على ما جرى.

وبالنسبة لجيفري فإن الحدث أتى روتينياً للغاية، لكنه في النهاية يعبر عن قصة نجاح بما أن القوات الأميركية التي ماتزال متواجدة في سوريا حرمت روسيا وسوريا من المكاسب التي يمكن أن يحققوها في تلك الأراضي، ومنعت فلول تنظيم الدولة من إعادة تنظيم أنفسهم.

وفي عام 2018، وكذلك في تشرين الأول من عام 2019، عندما كرر ترمب قرار الانسحاب، وتباهى بهزيمة داعش، تبين أن الرئيس في كل مرة كان على قناعة تامة بضرورة إبقاء ما تبقى من قوات في سوريا ولهذا استمر القتال.

ويعلق جيفري على ذلك بالقول: "ماذا يعني الانسحاب من سوريا؟ لم يكن هنالك أي انسحاب من سوريا. إذ عندما استقرت الأوضاع نسبياً في شمال شرق سوريا بعد هزيمتنا لداعش، أصبح ترامب ميالاً لفكرة الانسحاب. وفي كلتا الحالتين، قررنا أن نخرج حينها بخمسة أسباب منطقية لضرورة بقائنا هناك، وقد نجحنا في المرتين بذلك، تلك هي كل القصة".

وخلال العام المنصرم، وافق ترامب بشكل رسمي على إبقاء حوالي 200 جندي أميركي في شمال شرق سوريا ليقوموا بتأمين حقول النفط التي انتزعها حلفاء الولايات المتحدة الكرد من أيدي عناصر تنظيم الدولة بعد قتال. وعموماً تم تقبل الفكرة القائلة بإن العدد الحقيقي الآن بات أكبر بكثير من ذلك، إذ أعلن مسؤولون رفضوا الكشف عن أسمائهم بأن العدد وصل اليوم إلى حوالي 900 جندي. إلا أن العدد الدقيق مايزال سراً وغير معروف أصلاً، بالنسبة لأعضاء في إدارة ترامب يرغبون بإنهاء ما يعرف باسم الحروب الأبدية.

ومع مغادرة جيفري لمنصبه مجدداً لا نراه يسخر من الرئيس الذي تسبب بكل هذا الانقسام إلا نادراً، إذ يعتبر القرار الذي اتخذه السفير في عام 2018 لخدمة إدارة ترامب بالرغم من معارضته للرئيس سياسياً، ثم مناصرته في سياساته حتى عند تركه لمنصبه علامة مسجلة باسم مسؤول يصفه زملاؤه بأنه موظف حكومي بارع لكنه غير سياسي، إذ لم يبد جيفري أي جدل حيال شخصية الرئيس، حتى وهو يعلن عن تضامنه لقراره بالتوقيع على الرسالة المفتوحة التي كتبت في عام 2016 والتي وصفت ترامب بأنه كان غريب الأطوار ويتصرف برعونة.

إذ يقول جيفري الذي كان سفير الولايات المتحدة في العراق: "كنت أدرك ما أقوم به في عام 2016، ولست أعارض ذلك اليوم، فقد كنت أتابع عن كثب الأوضاع في العراق، أعني العراق وسوريا، فقد خفت لأننا لم يكن لدينا سياسة متماسكة بشكل أكبر، أي أن هذا لم يكن بقرار سياسي".

ويرى جيفري اليوم بأن نهج ترامب الذي وصفه بالمعتدل والقائم على الصفقات في الشرق الأوسط هو الذي حول المنطقة إلى منطقة أكثر استقراراً مقارنة بما كانت عليه أيام سلفه وسياساته القائمة على التغيير بصورة أكبر. ثم إن خطاب اتحاد الدولة الذي ألقاه الرئيس جورج دبليو بوش في عام 2003 كان ينذر بتدخل أميركي مزلزل في العراق كما أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس باراك أوباما في عام 2009 بالقاهرة أعلن عن فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي ولهذا فهو يمثل نهجاً اتبع مع الشرق الأوسط جعل الأمور تزداد سوءاً كما أضعف الموقف الأميركي برأي جيفري، الذي يعتقد بأن إدارة ترامب نظرت إلى الشرق الأوسط من منظور جيوستراتيجي فركزت على إيران وروسيا والصين، مع إبقاء مرض الإرهاب الإسلامي المنتشر تحت السيطرة.

كما يرى جيفري بأن ترامب حقق نوعاً من التجميد السياسي والعسكري في عدد من النزاعات الباردة والساخنة المختلفة، ونتج عن ذلك حالة لا يسع أي إدارة أميركية سوى أن تطمح لتحقيقها في هذه المنطقة التي تسودها الفوضى والتقلبات.

ففي معظم أنحاء سوريا، يقوم ما تبقى من جنود أميركيين بحفظ الاستقرار الهش، وبالرغم من أن الدبلوماسيين الأميركيين مايزالون يعملون بشكل مضن على إعادة توطين الآلاف من عائلات عناصر تنظيم الدولة ونقل المقاتلين الأجانب الذين ظلوا محتجزين لدى قسد، إلا أن جيفري يرى بأن الوضع الإنساني يتحسن بشكل بطيء، وبأنه لا يخشى من هروب من تبقى من مقاتلي تنظيم الدولة المحتجزين.

أما في العراق، فيشهد جيفري لإدارة ترامب أنها حافظت على علاقاتها مع الحكومة المركزية وحدت في النفوذ الإيراني في بغداد، ويعلق على ما جرى هناك بالقول: "إن التجميد والمنع في تقدم كما أن فكرة الاحتواء ليست سيئة، وهذا ما فشلت الدول القوية مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في تحقيقه خلال ثلاثينيات القرن الماضي، ثم اكتشفت بأن عليها أن تدافع عن وجودها في مناطق تتمتع بأهمية كبيرة مثل باريس وبحر الصين الجنوبي وشمال أفريقيا... تلك هي طبيعة الواقعية السياسية والسياسة الخارجية للقوى العظمى".

وبالتأكيد يعتبر رأي جيفري حول السياسة الخارجية لترامب رأياً غير تقليدي، ويأتي هذا الرأي في الوقت الذي يقوم فيه معظم المسؤولين في الأمن القومي من كلا الحزبين- ويشمل ذلك بعض الأعضاء القدامى في إدارة ترامب نفسها- بانتقاد وإدانة طريقة معالجة الرئيس للقضايا العسكرية والدبلوماسية الأميركية بشكل علني، فقد ذكر بعض منتقديه على وجه الخصوص بأن الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة قضى على التحالفات الأميركية بطريقة لا يمكن التراجع عنها، وذلك من خلال حسابه على تويتر المولع بالقتال، وعبر سياسته الخارجية العقابية في بعض الأحيان. وفي مثال صارخ على ذلك نجد ترامب قد أعلن عن سحب القوات من ألمانيا لأن برلين لم تلب معايير الإنفاق على الدفاع.

ويرى جيفري أنه ما من شك بأن ترامب طلب الكثير من حلفاء أميركا سواء في أوروبا أو في الشرق الأوسط، إلا أنه أبدى انزعاجاً عندما ذكر بأن تحالفات الولايات المتحدة لابد وأن تنهار تحت ضغط الولايات المتحدة الذي يدفعها للقيام بأمور مثل دفع المزيد من الأموال على الدفاع الوطني أو القيام بالمزيد لردع إيران.

وبصرف النظر عن فكرة تقويض الحلفاء في الشرق الأوسط، يرى جيفري بأن ترامب سعى "لتشكيل نظام تحالفات خاص بنا وكف عن الإلحاح والضغط عليهم بصورة أساسية، ما يعكس بأن واشنطن بحاجة للمساعدة ويشمل ذلك المساعدة في الوضع الداخلي، ما يعني أنه بوسع هؤلاء الحلفاء أن يفعلوا ما يريدونه، ولكن عليهم بالمقابل أن يستعدوا للقيام بأمور معينة".

وبالنسبة للشرق الأوسط يرى جيفري بأن هذا النهج ساعد ترامب على كسب المزيد من الأصدقاء لا الأعداء، حيث ألمح إلى تمتين العلاقة التاريخية السياسية بين إسرائيل وبعض الأنظمة الملكية في الخليج، وقد علق على ذلك بالقول: "لا أحد من حلفائنا في الشرق الأوسط يرغب بأن يرحل الرئيس ترامب، والحق يقال إن الرئيس ترامب وسياساته أصبحوا عناصر رائجة للغاية في كل الدول المتحالفة معنا في المنطقة، سم لي دولة واحدة لم يعجبها ما قام هذا الرجل به".

وفي العراق يرى جيفري بأن العلاقات مع بغداد بقيت صحية، حتى مع تأكيده على قيام وزارة الخارجية الأميركية بالتلويح بإغلاق السفارة الأميركية في حال لم يبذل العراق المزيد من الجهد للحد من أنشطة الميليشيات الإيرانية، إذ يقول: "إنها مشكلة مستمرة، وذلك لم يكن تهديداً كاذباً، بل كان جاداً للغاية".

هذا ولقد قوبل إعلان الانسحاب من سوريا باستنكار شديد حتى من قبل من كانوا أعضاء في إدارة ترامب نفسها، إذ اعتبر ذلك بمثابة تخل عن قسد، التي قامت بجل العمليات القتالية على الأرض ضد تنظيم الدولة، ولهذا كثيراً ما استشهد منتقدو ترامب بتلك الواقعة على اعتبار أنها درس عملي حول الفوضى التي تنشرها إدارة ترامب، بل اعتبروا ذلك دليلاً على وحشية تلك الإدارة.

وهنا يدحض جيفري التهمة التي وجهت للولايات المتحدة ووصفتها بأنها تخلت عن حلفائها الكرد وتركتهم تحت رحمة العملية العسكرية التركية. إذ بالرغم من أن الولايات المتحدة منحت الكرد ضمانة عسكرية ضد المرتزقة الروس الذين يعملون في سوريا، وكذلك ضد حكومة النظام وتنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن "أحداً في واشنطن لم يمنح الكرد ضمانة عسكرية ضد تركيا"، بحسب ما ذكره جيفري، الذي أضاف قائلاً: "ولهذا لا يمكنني أن أحيل السبب إلى هذا، ولكن كل قائد كردي أعرفه يظن أنه حصل على تلك الضمانة من الأشخاص الموجودين في الميدان، وقد كان لذلك أثر كبير على طريقة تصرف الناس ويشمل ذلك طريقة تصرفهم في مواجهة الأتراك، لذا فإن القضية تمثل فوضى سياسية معقدة ومتشابكة".

بيد أن جيفري لم يناقش في أمر وجود بعض التشوش الذي شاب عملية اتخاذ القرارات، لكنه قارن ذلك بالتذبذبات في تحديد عدد الجنود المتواجدين في العراق أيام بوش، أو باندفاع أوباما ثم تحديده لموعد نهائي للانسحاب من أفغانستان، وهنا يعلق بالقول: "هنالك تشوش واضطراب على المستوى السطحي تعاني منه أي إدارة، وأنا لا أدافع عن تلك الزمرة، بل إنني فقط أقول بإن التشوش والاضطراب هو شيء معهود بالنسبة لي".

وفي الوقت الذي يثني فيه جيفري على نهج إدارة ترامب بشكل كامل في الشرق الأوسط، يعبر عن تفاؤله تجاه إدارة بايدن القادمة بالطريقة ذاتها، فيقول: "لو قيض لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أن يختاروا شخصاً آخر ليشغل هذا المنصب، فلن يكون سوى جو بايدن، ولا يمكنني أن أتوقع كيف سيتصرف جو بايدن، ولكن من بين كل قراراته التي اطلعت عليها، وهي كثيرة، وجدت بأنه شخص يعتمد بشكل أكبر على الصفقات بحكم طبيعته. ولا أراه شخصاً يلقي خطابات تشبه خطاب بوش أو خطاب القاهرة، وهذا بحد ذاته أمر جيد".

ولدى سؤاله عن النصيحة التي يمكن أن يقدمها من خلال خبرته لإدارة بايدن عند تسلمها مقاليد الحكم، ذكر جيفري أنه سيشجع الرئيس المنتخب على الالتزام بالمسار الذي وضعه فريق ترامب. أما بالنسبة للأمور التي قد يرغب فريق بايدن بالتراجع عنها، مثل الانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران، يرى جيفري بأن ذلك مستحيل في الوقت الراهن، كما ينصح بايدن بألا يحاول أن يغير المنطقة، وألا يحاول أن يغير سوريا إلى الدنمارك، وذلك لأن التجميد يعني الاستقرار هنا، ويعقب على ذلك بالقول: "أعتقد بأن التجميد الذي رسمناه سوية يعتبر خطوة نحو الأمام، ولهذا سأدافع عن هذه الفكرة"

ويختتم الحوار بالقول: "كل ما قلته هو الحقيقة من وجهة نظري، فأنا لا أحاول أن أسدي معروفاً لأي شخص، لأنه من الضروري عندما يتسلم الفريق الجديد مهامه ألا يعتبر كل شيء فعله ترامب كان سيئاً".

المصدر: ديفينس وان