icon
التغطية الحية

جويل رايبورن: روسيا أفشلت "خريطة طريق" أميركية لفرض حل سياسي في سوريا (حوار)

2022.03.02 | 16:15 دمشق

1607531651157.jpg
المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جويل رايبورن (الإنترنيت)
تلفزيون سوريا - سامر العاني
+A
حجم الخط
-A

قال المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا، جويل رايبورن، في حوار أجراه "تلفزيون سوريا" معه، إنّ الوضع في سوريا خطير، لأن كل النقاط المحتملة التي يمكن أن تتسبب في حرب أوسع بين الفاعلين الإقليميين وبعض الفاعلين الدوليين ما زالت قائمة، بما في ذلك مشكلة "داعش".

لكنه أكد أنه وفقاً للخط العريض في سياسة واشنطن حيال سوريا، لن يكون هناك إدارة أميركية تستطيع أن تحسّن الوضع الحالي لبشار الأسد، وأن الكونغرس والرأي العام الشعبي في أميركا لن يدعم مثل هذه السياسات.

وأشار المبعوث الأميركي إلى أن الولايات المتحدة قدمت في 2018 "خريطة طريق" متكاملة، لفرض حل سياسي في سوريا، وناقشتها بشكل جيد مع روسيا، موضحاً أن الروس "ادعوا كذباً أنهم لم يفهموها".

تضمنت "خريطة الطريق" الشروط الستة التي يجب أن يفي بها نظام الأسد من أجل استعادة العلاقة مع الولايات المتحدة، وهي قطع العلاقات العسكرية مع إيران، وتسليم الترسانة الكيماوية، وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين، ومحاسبة مجرمي الحرب، والتوقف عن رعاية الإرهاب وعدم تهديد جيرانه.

وكشف رايبورن عن شرط سابع لم يظهر على الإعلام من قبل، هو مطالبة الأسد بإطلاق سراح جميع الأميركيين المحتجزين في سجونه.

أما لماذا لم توافق واشنطن على فرض حظر جوي لتحييد سلاح طيران الأسد في المذبحة التي ارتكبها بحق السوريين، يبرره رايبورن بخوف إدارة أوباما من القدرات الجوية للأسد ويقول إنه منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011 بالغت في تقييم قوة الدفاعات الجوية لدى نظام الأسد، فضلاً عن الدروس التي تعلمها الأميركيون من حرب العراق.

وهنا نص الحوار الذي أجراه "تلفزيون سوريا" مع المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا، جويل رايبورن، عبر تطبيق "زوم".

كيف تنظر إلى الوضع في سوريا بشكل عام في المرحلة الحالية؟

الوضع في سوريا خطير جداً، لأن كل النقاط المحتملة التي يمكن أن تتسبب في حرب أوسع بين الفاعلين الإقليميين وبعض الفاعلين الدوليين ما زالت قائمة، حتى مشكلة "داعش" لم تنته بعد، فضلاً عن مشكلة الإيرانيين و"حزب الله" والأسد، الذين يستخدمون سوريا لخلق خطر جسيم يهدد جيرانها، والمشكلة بين تركيا و "YPG" قد تنفجر في أي وقت، ثم مشكلة روسيا التي تحاول استخدام كل هذه الصراعات وإذكاءها لتعزيز مصالحها.

كما أن للوضع في سوريا أبعاداً على الأمن الدولي وتفاقمت كثيراً على مدار العام ونصف العام الماضيين، إضافة إلى تحول سوريا إلى بؤرة لتهريب المخدرات إلى دول المنطقة، فمشكلة "الكبتاغون"، أصبحت مشكلة ضخمة وصلت إلى الخليج وكثير من المناطق، وهذا فقط على الصعيد الدولي.

أما على الصعيد الداخلي فأعتقد أنه بعد 11 عاماً من الحرب، لم تتم معالجة أي من الأسباب التي أدت إلى ذلك، فكل الطلبات المشروعة والمحقة التي طالب بها الغالبية الساحقة من السوريين منذ عام 2011 لم يتحقق منها شيء على الإطلاق، بل تفاقمت أكثر.

تقصد مطالبة السوريين بحقوقهم في الحريات السياسية وتحسين الأوضاع الاقتصادية؟

نعم أعني كل هذا، فما يزال الحال على ما هو عليه منذ أن انتفض السوريون ضد النظام الذي كان يحرمهم من جميع حقوقهم ومن كرامتهم، وما حدث علاوة على ذلك هو أن النظام ارتكب جرائم قتل جماعي بأسلحة دمار شامل، ولديه أيضا أكثر من 200 ألف سوري معتقلون في السجون ومصيرهم مجهول، وقد أصبح الوضع أسوأ مما كان عليه قبل عام 2011 وهذا مؤشر أن الشعب لن يقبل بالتراجع، فالمشكلة ما زالت قائمة.

إذاً، لماذا لم تعمل الولايات المتحدة على إسقاط النظام السوري منذ البداية كما فعلت مع النظام العراقي؟

لم تكن الإدارة الأميركية تتوقع حجم الكارثة التي حدثت في العراق عام 2003، وهذا جعل كل الإدارات التي تعاقبت على الحكم بعد حرب العراق مترددة جداً في دخول حرب ثانية مشابهة للحرب في العراق، علاوة على ذلك كان يُنظر إلى الولايات المتحدة وحلف الناتو على أنهما لم ينجحا في الحرب الليبية عام 2011 في تحقيق وضع أكثر استقراراً رغم نجاحهما في إسقاط نظام القذافي، وبناء على هذا التصور الذي شكلته واشنطن من العراق وليبيا والآن قضية أفغانستان جعلت الأمر كذلك، بحيث لا يستطيع أي رئيس أميركي أن يستخدم الخيار العسكري في الأمور التي تعتبر نزاعا داخليا.

كان يمكن فرض منطقة حظر جوي على الأقل.

كان يوجد سببان لعدم فرض منطقة حظر جوي، الأول هو أنّ الإدارة الأميركية وحكومات دول أخرى بالغوا في تقييم قدرة الدفاع الجوي لدى نظام الأسد، وكانوا مترددين بالقيام في أي شيء، وأعتقد أنّ إدارة أوباما كانت مترددة في اتخاذ أي خطوة يُعتقد أنها ستكون استفزازا للرد عليها، ويبدو أنّه كان لديهم نقص في المعلومات الاستخبارية، والسبب الثاني هو أنّ إدارة أوباما كانت مترددة في اتخاذ أي خطوة يُعتقد أنها تستدعي رد فعل من روسيا.

وعلى الرغم من أننا رأينا أن هذه الدفاعات الجوية للنظام السوري أضعف بكثير مما قدرته إدارة أوباما، فإنهم لم يعرفوا حقيقة قوة سلاح الجو السوري إلا بعد عام 2017 عندما بدت إسرائيل قادرة على الدخول إلى المجال الجوي السوري في أي وقت يشعرون أنهم مضطرون إلى ذلك، من دون وجود أي خطر حقيقي عليهم، وعندما أطلقت الولايات المتحدة صواريخ كروز على قاعدة جوية للنظام السوري ولم تعترض الدفاعات الجوية السورية أياً من تلك الصواريخ، حينذاك اكتشفوا ضعف قدرة الدفاعات الجوية السورية.

إذاً كانت الولايات المتحدة لا تعرف نتائج حرب العراق ولا تعرف قدرة نظام الأسد، فماذا تعرف؟

لا تعليق

هل هذا ما يبرر نصيحة فورد لإعلان دمشق بأن الولايات المتحدة لن تدعم تسليح الثورة؟

لم أكن في تلك الفترة مشاركا في صنع القرار، لكن من الواضح أنّ الولايات المتحدة في تعاملها مع سوريا اتخذت بعض القرارات المؤسفة في تلك المرحلة، وكما تعلمون فإن الوزير بلينكن قبل أن يتولى منصبه كوزير خارجية قال إنّ من أكبر ما تأسف عليه من إدارة أوباما أنها لم تعمل أكثر لمحاولة المساعدة في حل الوضع في سوريا ومساعدة الشعب السوري.

أعتقد أن هناك عددا قليلا جداً من الأشخاص الذين كانوا يتعاملون مع سوريا بين عامي 2011 و 2016 ليسوا نادمين على الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع سوريا، لأنه كان لديهم أشياء كثيرة كانوا يستطيعون فعلها إلا أنهم لم يفعلوا.

هل قدّرت الولايات المتحدة أن خطر "داعش" أكبر من خطر إيران عندما تدخلت عسكريا؟

أعتقد أنه بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر كان هناك توجه داخل النظام الأميركي لوضع تنظيم القاعدة و"داعش" على رأس القائمة في ترتيب أخطر التهديدات لأمن الولايات المتحدة والأمن الدولي، فالولايات المتحدة الأميركية منذ 11 أيلول/سبتمبر حتى هزيمة الخلافة الإسلامية في الموصل والرقة عام 2017 كانوا يعتقدون أنّ التهديد الأول لهم هو التكفيريون الإرهابيون، ولكن بعد أن انهارت الخلافة بدأ الناس يدركون الخطر من الصين وروسيا وإيران وفنزويلا، وبالتالي أصبحوا يعلمون أن الخطر الحقيقي لا يأتي من مجموعة ليست دولة، بل من الدول التي لديها مقومات وموارد.

كنت تعمل على تهدئة التوتر بين المعارضة و"قسد"، ما هي وجهة نظرك آنذاك؟

كنت أعمل على إصلاح العلاقات بين "قسد" والمعارضة لأن الأسد هو المشكلة الرئيسية، وأعتقد أن المشكلة الأولى هي بشار الأسد، والمشكلة الثانية هي إيران و"داعش"، وأعتقد أن التوتر والصراع بين الشمال الشرقي والشمال الغربي لن يخدم سوى المجرمين مثل بشار وإيران و"داعش"، وكل مرة يحدث فيها صراع أو اقتتال أو تصعيد للخطاب بين الشمال الشرقي والشمال الغربي أقول لهم إنّ بشار الأسد يضحك عليكم الآن، لأنكم تعملون ما يريده، وكنت دائما أقول لكلا الجانبين إنه لديكم مشكلات بينكما ومطالب مشروعة لكل منكما، لكن يجب حلها بالطرق الدبلوماسية وعن طريق الحوار.

هل وجدت قبولاً لدى قسد لفك ارتباطها بتنظيم "PKK"؟

أعتقد أن هذا الأمر كان سيستغرق عملية طويلة، وأعتقد أيضا أنّ المشكلة الحقيقية في هذه المسألة هي الحرب بين تركيا وحزب العمال الكردستاني "PKK"، وما أعتقده أيضا هو طالما أنه لا توجد عملية سلام بين تركيا " PKK"فمن الصعب جداً على حلفاء تركيا وحلفاء حزب العمال الكردستاني حل مشكلاتهم بطريقة مستقرة، لذا أعتقد أنّ المكون المفقود في سوريا هو على الأقل إيجاد خريطة طريق لنهاية الحرب بين تركيا وحزب العمال الكردستاني.

لكن يبدو أن السياسة تغيرت في عهد ماكغورك لا سيما تجاه الأسد.

سياسة واشنطن لا تتعلق بشخص سواء أنا أو أي أحد آخر، يجب أن يتم النظر إلى الصورة الكبرى للولايات المتحدة بما في ذلك الكونغرس، يجب ألا ننسى أنّ الكونغرس موجود ولن يكون هناك إدارة أميركية تستطيع أن تحسن الوضع الحالي لبشار الأسد، الكونغرس والرأي العام الشعبي لن يدعم مثل هذه السياسات وهذا هو الوضع العام.

بيدرسون قال إن الإدارة الأميركية تدعم تطبيق "خطوة بخطوة".

منذ الإدارات السابقة وحتى في عهد ديمستورا لم يكن لدى الولايات المتحدة أي مانع من تطبيق سياسة "خطوة بخطوة"، بشرط أن تكون هذه المراحل تسير في مسار واحد وفقاً للقرار 2254، هذا ما كان دائما على الطاولة حتى خلال إدارة الرئيس ترامب، لكن المشكلة والسبب في أن هذا النهج لم يتحقق هو أن الروس وبشار الأسد لم يكونوا أبدا مستعدين لأي خطوة مهما كانت صغيرة، وفي الحقيقة هم جعلوا الوضع أسوأ، كنا نتحدث معهم حول خريطة طريق لوقف إطلاق النار، وفي ذات الوقت الذي نتحدث معهم عن هذا الأمر كانوا يهاجمون منطقة وقف إطلاق النار التي تحدثنا عنها، وما لاحظناه أنا ووزير الخارجية السابق مايك بومبيو والسفير جيفري هو أن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تنفيذ خطوة مقابل خطوة وتحقيق نجاح فعلي هو أن تقوم الولايات المتحدة وجميع حلفائها بممارسة الضغط الشديد ضد النظام السوري.

لو تقدم النظام السوري بخطوة فما هي الخطوة التي ستقدمونها له؟

كان لدينا خطة محددة ناقشناها مع الجانب الروسي، ولم يكن هناك أي خطأ أو عدم فهم من قبل الروس، لكنهم كانوا يقولون على الإعلام إنهم لم يفهموا، وهذا كذب لأنهم كانوا يعرفون تماما خريطة الطريق المتفق عليها، ويتذكر الجميع أننا في 2018 و 2019 أعلنا عن الشروط الستة التي يجب أن تفي بها الحكومة السورية من أجل استعادة العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، وهي قطع العلاقات العسكرية مع النظام الإيراني بمعنى قطع العلاقة مع قاسم سليماني، وتسليم كل السلاح الكيماوي وتدمير كامل ترسانته الكيميائية، وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم بأمان وتحقيق البيئة الآمنة والمحايدة، ومحاسبة مجرمي الحرب أو السماح للأمم المتحدة بمحاكمتهم، والتوقف عن رعاية الإرهاب وعدم شن أي تهديد سياسي ضد جيرانهم، وكان هناك شرط سابع لم نكن نتحدث عنه علناً وهو أنه يجب على الأسد إطلاق سراح جميع الأميركيين المحتجزين في سجونه.

هل تقصد بقولك "عدم شن أي تهديد سياسي ضد جيرانهم"، إسرائيل؟

نظام الأسد الابن والأب فتحوا حروباً ضد جميع جيرانهم ومنهم لبنان والجولان.

لو وافق بشار الأسد على شرطين من هذه الشروط سيسقط حتماً

كان هناك دبلوماسيون من دول أخرى يقولون لنا هذا الكلام، وكنت دائما أقول إن هذه مشكلته وليست مشكلتنا، والمهم جداً في هذه الشروط الستة التي وضعت من قبل الإدارة الأميركية، أنها لا تطبق على بشار الأسد فقط، بل على ماهر الأسد وعلي مملوك أو أي شخص يمكن أن يتسلم السلطة في سوريا، وهذا من أجل إقامة علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة.

بماذا نصحت المعارضة السورية؟

دائما لديَّ رأي وهو أن الشعب السوري لديه مشكلة في التوحد، ويجب أن يعلموا أن العدو الأساسي لهم هو بشار الأسد، وهذه كانت دائما رسالتي إلى جميع الممثلين السوريين والمجتمعات السورية والشعب السوري، وأقول إن أي خلاف يحصل بين المعارضات السورية يفقدهم التركيز على بشار الأسد، وهذه كانت نصيحتي الأولى لجميع المنصات السياسية السورية.

أعتقد أيضاً أنّ دول المنطقة ارتكبت خطأ كبيراً في السماح للتوترات الإقليمية بين دول المنطقة المختلفة الدخول في الملف السوري، ويجب على جميع تكتلات المعارضة أن تضع الخلافات جانباً وأن تتوحد في العمل والرسالة.

أيضا على المؤسسات السياسية أن تحاول الحصول على أصوات أكبر من المجتمع المدني، من خلال إدخال قطاع الأعمال والأكاديميين المتخصصين إلى تلك المؤسسات، وأعتقد أن ما يقرب من 95 – 98 في المئة من السوريين ليسوا أعضاء في المؤسسات والأحزاب السياسية، لذلك أنا أتحدث عن قياديين من المجتمع السوري ليسوا سياسيين، أنا أتحدث عن رجال أعمال في دول الخليج، نقابات المحامين والأطباء وغيرها، هناك كثير من قوى المجتمع المدني لا يتم إشراكهم في السياسة، هناك الكثير يستطيعون دعم الناس، لكنهم على الهامش أو فقدوا الأمل لأنهم لا يجدون طريقة للمساهمة، هناك الملايين من هؤلاء الأشخاص لا يستطيعون المشاركة لأسباب كثيرة ويوجد كثير من الأشياء التي سارت على نحو خاطئ، ولكن لم يفت الأوان بعد، فالفرصة ما زالت موجودة.