icon
التغطية الحية

جولة تحبس الأنفاس.. سيناريوهات الربح والخسارة بين أردوغان و"باي كمال"

2023.05.28 | 17:02 دمشق

آخر تحديث: 28.05.2023 | 22:52 دمشق

الانتخابات التركية
الانتخابات التركية 2023
إسطنبول - عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A

بدأت الانتخابات التركية صباح اليوم الأحد في جولة ثانية حاسمة، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، من يفوز بها يحكم البلاد حتى عام 2028، في استحقاق ديمقراطي يضاف إلى سجل البلاد خلال العقدين الماضيين تخللهما انقلاب عسكري فاشل.

20 عاماً من نجاح العدالة والتنمية في الاستمرار بالسلطة عبر صناديق الاقتراع بـ 19 جولة انتخابية لم يخسر أي منها رغم التراجع الملحوظ في أعداد المصوتين له.

جولة أولى خالفت التوقعات

حلمٌ جديد يعيشه مناصرو وأعضاء حزب العدالة والتنمية (المحافظ) لتمديد حكم ما يطلق عليه مؤسس الجمهورية الثانية، أحد أكثر الشخصيات شعبية في البلاد بعد مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك الذي ما زال اسمه ممهوراً في جميع دساتيرها، وصوره تعلق على جدرانها وتماثيله تتوسط ساحاتها.

في المقابل، يأمل مؤيدو كمال كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري (العلماني) ومرشح المعارضة التركية للرئاسة أن يأخذ فرصته، ويحكم تركيا بعد سنوات طويلة من خسارات حزب الشعب لجميع الانتخابات التي خاضها في مقابل الفوز الكاسح لحزب العدالة والتنمية.

لم تكن هذه الانتخابات كمثيلاتها في تركيا، فقد وقفت الأحزاب المعارضة صفاً واحداً خلف كليتشدار أوغلو، بهدف أساسي كبير وواضح، هو إنهاء حكم رجب طيب أردوغان، في معركة انتخابية يكون الحاسم فيها هو الصندوق الذي يضم أصوات الشعب.

وفي جولة الانتخابات الأولى يوم 14 من أيار، حصل أردوغان على 49.5% من الأصوات، وهي نسبة تقل قليلاً عن الأغلبية اللازمة للحسم.

وحصل كليتشدار أوغلو على تأييد 44.9% من الناخبين. بينما حل المرشح القومي سنان أوغان ثالثاً بحصوله على نسبة 5.2% من الأصوات ليتم استبعاده.

وأربكت تلك النتائج توقعات منظمي استطلاعات الرأي الذين وضعوا كليتشدار أوغلو في المقدمة، حيث حقق أردوغان تقدماً أكبر بكثير وصل إلى 5% تقريباً.

وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات عالية بشكل عام حيث وصلت إلى 87.04%، إذ بلغت 88.9% داخل تركيا و49.4% في الخارج.

مؤثرات مهمة على الناخب التركي

تعد هذه الانتخابات واحدة  من أهم الاستحقاقات الانتخابية منذ تأسيس الجمهورية التركية، حيث ينتظر نتائجها الداخل والخارج على الأهمية نفسها، للتنافس الشديد بين المعسكرين السياسيين، والتغير الذي قد تشهده البلاد في حال خسر حزب العدالة والتنمية حكم البلاد، وتحول إلى الطرف المعارض، أو العكس.

للجولة الأولى تأثيرات كثيرة على نتائج الانتخابات الرئاسية في الجولة الثانية، أولاً نتائج الانتخابات العامة البرلمانية، التي خالفت جميع استطلاعات الرأي فحقق حزب "تحالف الشعب" الذي يرأسه أردوغان أغلبية في البرلمان، فأربك الطرف المعارض بشكل كبير لخسارته الوعد الأول بتحويل النظام الرئاسي إلى البرلماني المعزز.

كما لنسب تقدم أردوغان تأثير نفسي مهم على ناخبيه وسلبي على المصوتين لمنافسه كليتشدار أوغلو، باعتبار أن القصة محسومة، إلى جانب ما حصل في الساعات الأخيرة من فرز الأصوات وخروج الطرفين إلى الشعب بطريقة مختلفة وبخطاب يحمل الكثير من السيناريوهات.

خرج أردوغان بخطاب المنتصر الواثق يغني مع أنصاره، وخرج قادة الأحزاب الستة بلقاء صحفي مقتضب وسريع لم يتجاوز 1.36 ثانية، موافقين على النتائج بعد أن شككوا بها لساعات خلال عملية الفرز.

كما كانت التحالفات الجديدة بعد الجولة الأولى معياراً مهماً على توجيه الناخب التركي إلى الصندوق، أو التأثير على رأي المتردد منه، فقد انحاز المرشح الثالث سنان أوغان لطرف أردوغان، في حين دعم زعيم حزب الظفر أوميت أوزداغ مرشح المعارضة كليتشدار أوغلو.

هذا الدعم قسّم اليمين المتطرف في تركيا إلى جناحين الأول يدعم أردوغان، والثاني سيدعم كليتشدار أوغلو، إلا أن الأول ليس بحاجة للكثير من الأصوات اعتماداً على أصوات الجولة الأولى ذات الفارق الكبير الذي وصل إلى نحو 5 في المئة.

ورغم أن أحد الطرفين قد لا يمون على الناخبين وأصواتهم في من سيرشحون، خصوصاً مع البازار السياسي والحديث عن تقاسم وزارات ومناصب مقابل الدعم، إلا أن الكتلة التي صوتت لسنان أوغان قد تصوت لأردوغان باعتباره من المحافظين اليمين ولديه تحالف قوي متوازن.

في المقابل كان تحالف أوزداغ مع كليتشدار أوغلو يحمل الكثير من التحديات على الطاولة السداسية التي بدت غير مجتمعة في رأيها، وخرج منها أصوات ناقدة كثيرة، والأهم من كل ذلك إمكانية خسارة الكثير من أصوات ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي الذي يوجه نسبة كبيرة من أصوات المكون الكردي في تركيا.

ما المرجح؟

يقال إن ساعة في تركيا تعد مدة طويلة، ولذلك قد تحمل الساعات القادمة الكثير من المفاجآت كما حصل في الجولة الأولى، حيث كانت شركات استطلاع الرأي تعطي تقدماً كبيراً لكيتشدار أوغلو، وصل إلى نسب 55 و57% إلا أن الرجل حاز أقل بنسبة 10 في المئة تقريباً من المتوقع، وكانت لا تعطي أردوغان أكثر من 48%.

صحف غربية كثيرة بدلت من عناوينها العريضة تجهيزاً للحظة سياسية يكون فيها الرئيس أردوغان رئيساً للبلاد، خصوصاً أن فرصه أكبر من منافسه.

صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، قد نشرت تحليلاً يرصد الموقف الصعب جداً لمرشح المعارضة كليتشدار أوغلو، متوقعةً أن يحصل أردوغان على أغلب الأصوات التي حصل عليها المرشح الثالث أوغان في الجولة الأولى من التصويت.

وترى الصحيفة أن أغلب من صوتوا لسنان أوغان في الجولة الأولى اختاروه بدافع قومي، وهو ما يشير إلى تنامي الشعور القومي في تركيا بشكل عام، وهي المشاعر التي تصب في صالح الرئيس أردوغان، الذي انتهج سياسات تؤكد المصالح القومية لبلاده، حتى وإن أغضبت الغرب وجعلت قادته يعادونه ويتمنون خسارته.

في المقابل عنونت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أن "الفوز في الانتخابات سيترك أردوغان في مستنقع من صنعه"، قائلة إنه في حال فوز أردوغان، كما تشير استطلاعات الرأي، "ستكون مشكلات تركيا قد بدأت للتو"، وهو رغم انحياز الصحيفة، إلا أنه توجه غربي لتعاطٍ جديد مع فائز مرجح.

وكالة "رويترز" قالت في تقرير لها اليوم الأحد إن الجولة قد تشهد تمديد حكم الرئيس رجب طيب أردوغان لعقد ثالث.

وتضيف رويترز أن أردوغان تحدى استطلاعات الرأي، وحقق تقدماً مريحاً بخمس نقاط تقريباً على منافسه كليتشدار أوغلو في الجولة الأولى، لكنه فشل في الحصول على نسبة 50% المطلوبة لحسم الجولة الأولى "من سباق له عواقب وخيمة على تركيا والوضع الجيوسياسي العالمي".

أداء أردوغان القوي بشكل غير متوقع وسط أزمة غلاء معيشية عميقة، وفوز تحالف يضم حزبه، العدالة والتنمية المحافظ وحزب الحركة القومية وأحزاباً أخرى في الانتخابات البرلمانية، أدى إلى دعم الرئيس المخضرم الذي قال إن التصويت لصالحه هو تصويت للاستقرار.

أما مرشح تحالف المعارضة المكون من 6 أحزاب، والذي يتزعم حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مؤسس تركيا مصطفى كمال أتاتورك، فقد كافح معسكره لاستعادة الزخم بعد صدمة تفوق أردوغان في الجولة الأولى.

وبحسب التقرير فلن تحدد الانتخابات فحسب من سيحكم تركيا، وهي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، ولكن أيضاً كيف تُحكم، واتجاهات اقتصادها بعد أن انخفضت عملتها إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار خلال عقد من الزمن، وكذلك شكل سياستها الخارجية التي أثارت غضب الغرب بسبب تنمية تركيا علاقاتها مع روسيا ودول الخليج.

على الصعيد الآخر، قد يشكل تراجع التصويت الذي لوحظ في العديد من مراكز الاقتراع، أن ذلك قد يحمل مفاجآت مهمة قد تغير من النتيجة التي من المتوقع أن تظهر للشعب التركي واللاجئين السوريين والدول المعنية مبكراً قبل منتصف الليل.

وحتى ينجح كليتشدار أوغلو في هذه الجولة هو بحاجة أن يشارك بالانتخابات داخل تركيا أكثر من 90% من الناخبين، ما قد يزيد من نسبه، إلا هذه أصوات لا يُعرف مع من بالضبط تصطف ولمن ستصوت باعتبار أنها لم تشارك بالجولة الأولى، إلا أن المعارضة تعول كثيراً على هؤلاء، وركزت في إطار ذلك على أصوات القوميين مع ورقة طرد السوريين، بعد أن استقطبت الصوت الكردي في أول جولة.

هل من نسب متوقعة؟

لا يمكن توقع نتائج نهائية في انتخابات شديدة الاستقطاب والتعقيد مثل الجارية في تركيا، إلا أن بعض المؤشرات قد تعطي أرقاماً، مبنية على أرقام استطلاعات الرأي، وأرقام الجولة الأولى ونسب داعم أردوغان الجديد، وداعم كليتشدار أوغلو كذلك.

فقد يحصل أردوغان على نتيجة تنحصر بين 51.5% و53% في أفضل الأحوال، وتحقيقه لمثل هذه النسبة انتصار كبير جداً، خصوصاً بعد زيادة أصوات الناخبين في الخارج، الذين زادت نسبتهم بأكثر من 6% بشكل خالف التوقعات.

وقد تبلغ نسب التصويت لصالح كليتشدار أوغلو ما بين 46% و47.5%، مع إمكانية خروج الكثير من الأصوات الباطلة أو الغاضبة التي ترفض أن تصوت للطرفين، والتي بلغ عددها في الجولة الأولى "مليون صوت".