icon
التغطية الحية

جنوب الطريق الدولي M4 وخيارات السلم والحرب

2020.06.04 | 18:30 دمشق

1_15.jpg
تلفزيون سوريا- أحمد عاصي
+A
حجم الخط
-A

لم يعد خافياً على أي متابع للوضع الميداني شمال سوريا تطورات الأحداث الميدانية بعد توقيع اتفاق موسكو بين الجانبين الروسي والتركي القاضي بوقف إطلاق النار في المنطقة مطلع شهر آذار الماضي.

أشهر قليلة مضت على توقيع الاتفاق نعمت خلالها المنطقة بهدوء نسبي بدأت تتلاشى ملامحه بعد تحركات مختلفة لجميع الأطراف الفعالة شهدتها الأيام القليلة الماضية، أبرزها ما تداوله مصادر ميدانية عن تحركات تشهدها خطوط التماس على الخاصرة الجنوبية لجبل الزاوية بينها تعزيزات عسكرية لقوات الفرقة الخامسة والعشرين والمليشيات الإيرانية تبعها عدة محاولات تسلل لقوات النظام على محور الرويحة والفطيرة وحرش بينين تمكنت خلالها فصائل المعارضة من صد هذه المحاولات تزامنت تلك التحركات مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية كان آخرها إقلاع ما تسميه مراصد المعارضة بطائرة البجعة العملاقة وهي غرفة العمليات الروسية الجوية التي ترصد أهدافاً برية تزود بها غرف العمليات العسكرية بأدق التفاصيل على الأرض وهي المؤشر الأكثر خطورة بين تلك المؤشرات التي شهدتها المنطقة خلال الأيام الماضية.

فصائل المعارضة من جانبها أعلنت عن تجهيزات عسكرية استعداداً لأي سيناريو محتمل جاءت في بيان لغرفة عمليات الفتح المبين تحدثت فيه عن جملة من الإجراءات لدعم الجبهات ورفع الكفاءة العسكرية للفصائل وتوحيد الرؤية والعمل العسكري في المرحلة المقبلة بحسب البيان داعية القوى الثورية والمدنية في المنطقة إلى التعاون والتكاتف لدعم جهود الفصائل للتصدي لأي حملة عسكرية قد تشنها قوات النظام.

 

IMG_20200603_013007_831.jpg

 

التطورات العسكرية للقوى المحلية ترافقت مع تطورات مشابهة لأطراف النزاع الدولية والإقليمية أبرزها التحركات التركية في المنطقة التي بدت أكثر جدية من أي مرحلة سابقة قبل إعلان وقف إطلاق النار، مستفيدة من حالة الهدوء لتعزيز مواقعها العسكرية في نقاط استراتيجية أبرزها مطار تفتناز العسكري ومعسكر المسطومة وبلدة معترم شمالي مدينة أريحا التي تعتبر نقاط إسناد لقواتها المنتشرة جنوب طريق M4  بعد تعزيزها بأسلحة متطور، وإنشاء قاعدة عسكرية مهمة في قمة تل النبي أيوب بالقرب من بلدة جوزف المطلة على مساحات واسعة في سهل الغاب وريف إدلب الجنوبي، إضافة إلى نقطة ترعان وشنان وبينين ومعرزاف المواجهة تماماً لمواقع النظام في معرة النعمان والرويحة وخان السبل في الجهة الشرقية لجبل الزاوية. ووصول أكثر من 40 عربة هجومية مدرعة إلى تلك النقاط قادمة من اللواء 106 مدفعي المتموضع في منطقة الإصلاحية جنوب تركيا بحسب مصادر في قوات المعارضة، إضافة إلى انتشار الجنود الأتراك في مدينة أريحا وجبل الأربعين.

وأمام التداخل الكبير الذي تشهده مناطق الوجود الروسي التركي بعد خسارة قوات اللواء خليفة حفتر المدعوم من روسيا أمام قوات الوفاق المدعومة من تركيا، يعود الدور الفاعل لروسيا شمال سوريا لعلها مؤشرات مفادها دعم الأسد وميليشياته من خلال تغطية جوية لعمليات عسكرية محتملة على مناطق ريف إدلب وتسليم نظام الأسد دفعة من الطائرات الحربية الروسية المتطورة من طراز (ميغ 29) من روسيا بحسب وكالة سانا التابعة لنظام الأسد والتي ستبدأ تنفيذ المناورات في الأجواء خلال شهر حزيران الجاري كما ذكرت الوكالة.

وذلك مؤشر لنية روسيا مواصلة دعمها نظام الأسد لاستكمال سيطرته على ما تبقى من مناطق المعارضة جنوب الطريق M4 وصولاً إلى مناطق الساحل السوري في تلال الكبينة وجبل التركمان الأمر الذي يشكل خطورة لدى الجانب التركي على صعيد إفلاتها إحدى أهم أوراق القوة لديها في الملف السوري المتمثلة بالطرق الدولية M4 وM5 لصالح روسيا، إضافة إلى التمدد الروسي وحليفه النظام في مناطق الساحل القريبة من الحدود التركية ما يشكل خطراً على أمنها القومي وفق الحسابات التركية.

أمام هذه التطورات يبقى الغموض سيد الموقف في المشهد الميداني ويفتح الباب أمام عدة تساؤلات عدة عن مصير تلك المنطقة التي وصلت إلى خيارات محدودة لعل أبرزها سيناريو عودة العمليات العسكرية وفق دلالات الحشودات التركية الأخيرة التي تشير إلى جدية الجانب التركي بتنفيذ مالم يتم تنفيذه من اتفاق سوتشي الأخير القاضي بانسحاب قوات النظام إلى ما بعد نقاط المراقبة التركية في مورك والصرمان والعيس وهو ما أشار اليه الرئيس التركي في الكثير من تصريحاته خلال الفترة السابقة من خلال دعمها اللامحدود لفصائل المعارضة وإعادة النظام إلى ما بعد النقاط التركية الأمر الذي تحدث به ضباط أتراك خلال لقاءاتهم مع أبناء المنطقة في جبل الزاوية وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً بحسب المعطيات الميدانية.

من زاوية أخرى يمكن لمتابع الأحداث في المنطقة قراءة المشهد اليوم في إدلب بإسقاطه على سيناريوهات مشابهة كان مسرحها مناطق أخرى سيطرت عليها قوات النظام في وقت سابق من أرياف حماة وإدلب الشرقي وحلب الغربي بعد زيارة زعيم هيئة تحرير الشام أبي محمد الجولاني الأخيرة إلى جبل الزاوية ولقائه وجهاء المنطقة بحسب وكالة إباء التابعة للهيئة وذلك مؤشر لتطورات جديدة قد تحل فيها.

 

IMG_20200603_013441_585.jpg

 

زيارة الجولاني تعود بالذاكرة إلى زيارته مقر العمليات بالقرب من بلدة عنجارة غربي حلب أو اللطامنه في ريف حماة إبَّان العملية العسكرية التي سيطرت فيها قوات النظام على تلك المنطقة بعد ظهوره بأيام قليلة وهو مؤشر يوحي إلى تخلي الجولاني عن المنطقة واحتفاظه بالسيطرة على المناطق الواقعة شمال طريق M4 وترك أبناء تلك المناطق في مواجهة مباشرة مع قوات النظام وحلفائها عند شنها عملية عسكرية أو تسليم مناطق جنوب الطريق الدولي للنظام.

فيما يحمل ظهور الجولاني الأخير بلباسه المدني دلالات مختلفة عن ظهوره السابق يهدف الرجل من خلاله إلى التقرب من الحاضنة الشعبية بعد أن أفصح عن اسمه الحقيقي ومواليده ومسقط رأسه في الجولان جنوب سوريا في سابقة هي الأولى منذ ظهوره الأول عام 2016 عند تشكيله جبهة فتح الشام وهذا ما يشير إلى محاولته التماهي مع الوضع المقبل الذي يمكن اختصاره بمعلومات أفادت بها فصائل المعارضة عن نية تركيا تحويل ما بقي من فصائل عسكرية إلى ألوية منظمة يبلغ عددها 36 لواء، قوام كل منها 300 عنصر كألوية رديفة للجيش التركي في المنطقة بما فيها عناصر تحرير الشام بنسبة تقارب نصف عدد هذه الأولية تقدر بـ 13 لواء من القوة التابعة للهيئة بحسب تلك المصادر وذلك مؤشر يعزز نظرية انسحاب قوات النظام إلى ما بعد نقاط المراقبة التركية تمهيداً للدخول في الحل السياسي الذي قد يرى النور بعد إعلان المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون في وقت سابق التوصل إلى اتفاق بين النظام والمعارضة حول جدول أعمال جولة جديدة من اجتماعات اللجنة في موعد لم يحدد بسبب جائحة كورنا.

خلاصة القول يبقى مصير المنطقة الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة شمال سوريا رهن التفاهمات الدولية وجدية الجانب التركي والروسي في التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار والوصول إلى تسوية شاملة في واقع صعب ألقى بظلاله على مئات الآلاف من المهجرين والمشردين القابعين على الحدود السورية التركية.