جنبلاط يجدد ثورته على النظام السوري دفاعاً عن اللاجئين

2019.02.07 | 00:02 دمشق

+A
حجم الخط
-A

ليست صدفة أن يخوض وليد جنبلاط صراعاً سياسياً واستراتيجياً دفاعاً عن اللاجئين السوريين، لمنع البعض من رميهم في فم الأسد، أو إعادتهم إلى السجون والتعذيب.

قال جنبلاط كلمته الصريحة بعد يومين على تشكيل الحكومة، معلناً فتح مواجهة جديدة للدفاع عن اللاجئين، ولسدّ الأبواب أمام مساعي النظام السوري للعودة إلى لبنان واستعادة نفوذه. جنبلاط يتخطّى الزعامة الدرزية

وليد جنبلاط يمثّل استثناء في مواقفه، وهو الذي ينظر استراتيجياً إلى حقائق الأمور، لذلك يحرص على تعزيز وضع الأكثرية، ورفض الذهاب نحو إنشاء تكتلات أو أحلاف للأقليات، هدفها ضرب الأكثرية، أو تهجيرها أو تطويقها لتطويعها

في طرحه الجديد الذي يتقدّم به، ويعلن استعداده للمواجهة ولو كان وحيداً في لبنان أو خارجه للدفاع عن اللاجئين وتوفير الملاجئ الآمنة لهم، بدلاً من إعادتهم بشكل عبثي إلى براثن النظام. ويتخطّى جنبلاط في مواجهته الجديدة، التفاصيل اللبنانية.

ليس سهلاً على زعيم لأقلية، أن يدافع عن الأكثرية. وليد جنبلاط يمثّل استثناء في مواقفه، وهو الذي ينظر استراتيجياً إلى حقائق الأمور، لذلك يحرص على تعزيز وضع الأكثرية، ورفض الذهاب نحو إنشاء تكتلات أو أحلاف للأقليات، هدفها ضرب الأكثرية، أو تهجيرها أو تطويقها لتطويعها. وحده لا يزال يناهض علانية موقف النظام أو مواقف التابعين له والطامعين باستعادة نفوذه، بحثاً عن فتات قد خسروه.

وليد جنبلاط نفسه، يخوض معركة الدفاع عن اللاجئين والثورة السورية، ومواجهة مجهضيها ومكفّريها وتكفيرييها، تماماً كما خاض ذات يوم معركة الاستقلال في العام 2005، إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري. فخرج جنبلاط الزعيم الدرزي من جبل لبنان إلى وسط بيروت ليخوض معركة الدفاع عن سيادة لبنان، وعدم السماح بذهاب بدماء الزعيم السنّي الأبرز هدراً. المعركة نفسها، يعبّر جنبلاط عن وجدانها في سوريا اليوم كما في لبنان سابقاً. وهو الذي كان له الباع الطويل، في حمل نعش رفيق الحريري على كتفيه، ورفع الموقف السياسي التصعيدي لمواجهة النظام والضغط لتحقيق انسحابه من لبنان.

التشييع الشعبي الذي أسس له جنبلاط وأنجحه في جنازة رفيق الحريري، تخطّى كل المحرمات، وكسر القيود. يومها كان بعض من أهالي بيروت خائفين، يترقبون بحذر ما الذي سيحصل. حينها كانت نصيحة جنبلاط للمنظمين والمشاركين، بأن يرفعوا الصوت عالياً، من شوارع بيروت لدعوة النظام السوري إلى الخروج من لبنان. رمزية الطلب حينها، كان للإشارة إلى أن بيروت هي التي تطلب خروج الجيش السوري، وليس الدروز، أو بعض السياسيين. الهدف كان

يتصدّر اليوم ملف اللاجئين السوريين واجهة الأحداث في لبنان. التجاذب السياسي حولهم وحول أوضاعهم وأحوالهم وخطط إعادتهم، تشكّل عنواناً فضفاضاً لمآرب سياسية عديدة بعد تشكيل الحكومة الجديدة

إظهار العاصمة هي التي تطالب بتحقيق هذا الهدف. وهذا ما حفّز السنّة يومها على الانتفاض، والبقاء في الشارع تمهيداً لتظاهرة 14 آذار الشهيرة، والتي غيّرت المشهد السياسي اللبناني برمّته آنذاك.

يستعيد جنبلاط هذا الموقف اليوم، من البوابة الأرحب والأوسع، إذ يتصدّر اليوم ملف اللاجئين السوريين واجهة الأحداث في لبنان. التجاذب السياسي حولهم وحول أوضاعهم وأحوالهم وخطط إعادتهم، تشكّل عنواناً فضفاضاً لمآرب سياسية عديدة بعد تشكيل الحكومة الجديدة. أخطر ما في الأمر، هو تولّي وزير محسوب على النظام السوري وزارة الدولة لشؤون اللاجئين، والذي أعلن بعيد تعيينه في منصبه عن التنسيق مع النظام لإنجاز خطّة إعادة اللاجئين. وهذا ما يفترض إعادة التوازن السياسي في لبنان لعدم تحقيق غايات النظام أو حلفائه، وهنا بالضبط معركة جنبلاط.

الانقسام اللبناني الواضح، سينعكس بلا شك بآثاره السلبية على أوضاع اللاجئين السوريين. ومنذ الموقف الذي اتخذه وزير الخارجية جبران باسيل في القمة الاقتصادية ببيروت حول وجوب إعادتهم قبل الحلّ السياسي، والتنسيق مع النظام في سبيل ذلك، كانت له أصداء غير سياسية على الأرض، من خلال الاعتداءات التي تعرّض لها اللاجئون في عرسال مثلاً بحيث تمت مهاجمة مخيماتهم وسياراتهم وبعض محالهم من قبل مجهولين، وهذا الأمر يوضع في خانة تخويفهم، لدفعهم إلى المغادرة. ينطلق باسيل في طروحاته من الاعتبارات الديمغرافية، وبمعنى أوضح هو يعارض وجود عدد من اللاجئين لأنهم ينتمون إلى بيئة أو طائفة معيّنة، ومشاهد الاعتداءات قد تتكرر لأجل دفع المزيد من السوريين إلى المغادرة بعد التضييق عليهم. جنبلاط أعلن المواجهة السياسية دفاعاً عن اللاجئين.