عقوبات جديدة فرضتها الإدارة الأميركية على شخصيات نافذة في النظام الإيراني، في وقت بدأت فيه العقوبات الاقتصادية تؤثر على قدرة طهران في مواصلة نشاطها العسكري في سوريا ودول المنطقة، كذلك يهدد فيروس كورونا الذي يواصل انتشاره بحدوث اضطرابات اجتماعية في إيران، التي تلقت مؤخراً ضربات شنتها طائرات إسرائيلية ضد مواقع الحرس الثوري والميليشيات التابعة له في سوريا، والتي تكثفت في الأيام الماضية.
ومن الواضح أن انتشار جائحة كورونا أدت إلى انحسار حروب إيران بالوكالة في سوريا واليمن، حيث خفت حدة القتال في محافظة إدلب؛ كما تقلّصت الجبهات الناشطة في اليمن، ويبقى انتظار حدوث تحولات في السياسة الدولية وفي النشاطات العسكرية رهناً بالوقت، وبنجاح دعوات الأمم المتحدة لوقف القتال في المناطق الساخنة في العالم وعلى رأسها سوريا.
تفاؤل أميركي حذر
بعد تصريحات متفائلة للمبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري حول بدء سحب إيران لبعض ميليشياتها من سوريا، قال المبعوث الأميركي الخاص للشؤون الإيرانية بريان هوك، إن لدى طهران الآن دوافع متزايدة للانسحاب من سوريا، مع تفشي وباء كورونا الذي "دمر" إيران على حد تعبيره.
تعليقات هوك تأتي وسط مؤشرات على أن حماس طهران للأنشطة العسكرية بالوكالة عبر أذرعها في الشرق الأوسط قد يكون ضعيفاً، حيث قضى إثر مرض COVID-19 أكثر من 7 آلاف شخص في إيران حتى الآن، وهو رقم يرجح المسؤولون الأميركيون أن يكون أكبر بكثير.
ونقلت صحيفة "فورين بوليسي" عن هوك قوله "أعلنت إيران عن وفاة 7 آلاف شخص بفيروس كورونا. ولكن استناداً إلى ما نعرفه، ربما يكون الرقم أكبر بخمسة أضعاف نظراً لكيفية الإبلاغ عن الإصابات".
هوك أكد أنَّ الأرقام ليست دقيقة، والسبب أنه في إيران يُسجن الناس بسبب الكشف عن الإحصاءات الدقيقة. وتابع قائلاً" لديك أطباء تم طردهم وأشخاص آخرون مهددون إذ قالوا الحقيقة. من الواضح أن ذلك لم يساعد الشعب الإيراني عندما نفى النظام في المراحل المبكرة انتشار الفيروس، وتمنى ألا تكون هناك مشكلة بينما يموت الناس هذا هو نظام غامض معروف أنه يواجه صعوبة في الشفافية ليس فقط مع شعبه ولكن مع العالم".
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت حزمة جديدة من العقوبات على إيران تستهدف 9 شخصيات، بينهم وزير الداخلية، عبد الرضا رحماني فضلي، وثلاثة كيانات.
انسحاب تكتيكي أم إجباري؟
وصف مراقبون بدء الانسحاب الإيراني بأنه "نزوح تكتيكي" للقوات الإيرانية. بسبب الضغوط التي تواجهها طهران حالياً، وسعي روسيا لجذب أموال إعادة الإعمار التي ربطها الغرب بوقف حقيقي لإطلاق النار وإطلاق عملية انتقال سياسي جدية، وهو ما تعرقله إيران، التي تستخدم سوريا كمنصة متقدمة لقواتها في المنطقة وممراً للحفاظ على علاقاتها مع ميليشيا حزب الله وتوريد الأسلحة إليه. في حين تبدو روسيا راغبة بالانتقال إلى سيناريو ما بعد الصراع في سوريا، والنظام الإيراني يقف عقبة أمام ذلك.
كذلك قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن إيران تنسحب ببطء من سوريا رداً على الضربات الإسرائيلية وتزايد الاستياء الداخلي المرتبط بالاقتصاد ومعالجتها لوباء كورونا.
في المقابل قال وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت الأسبوع الجاري إن القوات الإيرانية تغادر سوريا لكنه لم يقدم أي دليل على ذلك.
ووصف الجيش الإسرائيلي الانسحاب بأنه "حركة إلى الوراء من مواقع مختلفة إلى مواقع أخرى بعيدة وبأعداد مخفضة". وأضاف أن الحركة "لم تكن ضخمة" لكن"لا يمكن إنكارها" بناء على معلومات استخبارية سرية، ويجري كل ذلك في ظل صمت روسي عن الغارات الإسرائيلية، التي تبدو كأنها تماشي رغبة روسيا بالتخلص من التغلغل الإيراني في سوريا.
وفي خطاب ألقاه في وقت سابق من هذا الشهر، وصف زعيم ميليشيا حزب الله حسن نصر الله التقارير الإسرائيلية حول تخلي إيران عنه وبدء عملية الانسحاب بأنها حديث "فارغ" و "تفكير بالتمني".
إلا أن "نصر الله" اعترف ببعض التحركات من قبل "المستشارين" العسكريين الإيرانيين وتقليص عدد الأفراد في بعض المناطق، لكنه قال إن ذلك بسبب انتهاء القتال هناك و "سوريا انتصرت". وأضاف أن إسرائيل تكذب عندما تربط هذه الحركات بغاراتها الجوية.
إيران تطالب بأموالها
قال مسؤول إيراني إن مساعدة طهران نظام الأسد في معاركه ضد الفصائل العسكرية المعارضة ومنع سقوطه، كلفت إيران ما يصل إلى 30 مليار دولار، ويجب على النظام تسديد الفواتير، وهي ليست المرة الأولى التي يطالب فيها مسؤول إيراني نظام الأسد بدفع فواتير التدخل الإيراني، لكنها تأتي في ظل أزمة اقتصادية وصحية تعصف بإيران.
وأضاف عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، أن بلاده تعاني من مشكلة اقتصادية وأمنية.
وضرب فيروس كورونا مبيعات النفط الخام الإيراني بقوة، بسبب تراجع الطلب من الصين على شرائه، لتقف البلاد على حافة انهيار اقتصادي، بحسب مسؤولين أميركيين وإيرانيين.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد كشفت أن إيران لم تستطع تصريف أي شحنة من النفط الخام الإيراني في الصين منذ 24 من كانون الثاني الماضي. وأدت العقوبات الأميركية إلى تضخم كبير في الاقتصاد وانهيار في النمو، وتوقف شبه تام للتجارة الخارجية، وتراجع ملموس للقوة الشرائية لدى معظم الإيرانيين.