icon
التغطية الحية

توسع زراعة القمح في إدلب 3 أضعاف.. لكن الأمن الغذائي مهدد بلا مساعدات أممية

2022.06.30 | 07:41 دمشق

سيب
إدلب – فائز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

واجهت "حكومة الإنقاذ" في إدلب العام الماضي مخاوف كبيرة من حدوث أزمة في الخبز قد تصل إلى المجاعة مع المحاولات الروسية لإغلاق معبر باب الهوى بوجه المساعدات الإنسانية الأممية في تموز الماضي، لكنها نجت من تلك الأزمة مع تمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية الأممية لعام إضافي، مما أتاح أمامها الفرصة للقيام بخطوات عديدة تمكنها من تحقيق نوع من الأمن الغذائي في موضوع تأمين رغيف الخبز للمواطن.

خطوات "الإنقاذ" لدعم الزراعة في إدلب

وتمثلت تلك الخطوات بتشجيع زراعة القمح التي كانت متراجعة في الأعوام السابقة نتيجة منافسة عدة محاصيل أخرى لها في السعر كالنباتات العطرية والطبية وبعض البقوليات.

وعمدت حكومة الإنقاذ في العام الماضي إلى شراء القمح بسعر منافس بلغ 330 دولارا أميركيا للطن الواحد لتحل في المركز الثاني بين قوى النفوذ الأربعة في سوريا من حيث سعر شراء القمح بعد الإدارة الذاتية التابعة لقسم والتي اشترت طن القمح بـ 350 دولاراً أميركياً، وتتفوق على كل من الحكومة المؤقتة في شمال حلب والتي اشترت طن القمح بـ 325 دولاراً أميركياً، ونظام الأسد الذي اشترى طن القمح من المزارعين بما لا يتجاوز 270 دولارا أميركيا.

أيضاً عملت حكومة الإنقاذ إلى جانب العديد من المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري على دعم سلسلة زراعة وإنتاج القمح عبر عدة مشاريع تقدم البذار والأسمدة وبعضاً من تكاليف الحصاد، وأبرزها مشروع "القرض العيني الحسن" الذي استفاد منه أكثر من 1900 مزارع زرعوا قرابة 7500 هكتار من القمح.

30 ألف هكتار مزروع بالقمح في إدلب لموسم 2022

في المحصلة كانت خلاصة تلك المشاريع والخطوات الرامية إلى التشجيع على زراعة القمح تتمثل في زيادة مساحة الأراضي المزروعة بالقمح من 10 آلاف هكتار في العام الماضي إلى 30 ألف هكتار هذا العام.

وتقدر مؤسسة تجارة وتصنيع الحبوب التابعة لحكومة الإنقاذ إنتاج القمح هذا العام بـ 82 ألف طن، في حين كان إنتاج الموسم الماضي في إدلب 25 ألف طن.

إنتاج منخفض بسبب شح الأمطار

لكن الواقع كان مختلفاً، فإنتاج محصول القمح هذا العام كان منخفضاً مقارنة بالأعوام السابقة وذلك بسبب الجفاف الذي نتج عن ضعف معدل الهطول المطري هذا العام والذي قدر بقرابة 70٪ من المعدل السنوي المعتاد وفق المهندس الزراعي أنس الرحمون،

وأوضح الرحمون أن إنتاج القمح يرتبط بالهطول المطري من ناحيتي الكم والتوزع، فشتاء هذا العام شهد فترات هطول متواصل ثم انحباس لفترات طويلة، وهو ما أثر على القمح خصوصاً في نيسان حيث استمر انحباس الأمطار خلال فترة نمو السنابل وامتلائها بالقمح مما أدى لتدني الإنتاج هذا العام.

عبد الرحمن العمر مزارع في سهل الغاب اشتكى من انخفاض إنتاج القمح هذا العام مقارنة بالعام الماضي، حيث تراوح إنتاج الدونم الواحد من القمح هذا العام بين 100 إلى 300 كغ، بينما كان يتراوح بين 500 إلى 800 كغ في العام الماضي.

بينما ارتفعت تكاليف الزراعة الحصاد من 55 إلى 110 دولارات هذا العام بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة والمحروقات.

بالإضافة إلى ما لحق بالمزارعين من خسائر في انخفاض الإنتاج وتضاعف تكاليف الزراعة والحصاد، صدمت حكومة الإنقاذ المزارعين بشرائها القمح منهم بسعر اعتبروه منخفضاً وغير منصف، حيث سعّرت الإنقاذ القمح هذا العام بـ 450 دولارا للطن الواحد من القمح القاسي وبقية الأنواع من دون ذلك السعر، بينما كانت الأسعار لدى الحكومة المؤقتة أعلى من ذلك.

حيث أضاف المزارع عبد العمر بأن العديد من المزارعين عزفوا عن تسليم إنتاجهم لحكومة الإنقاذ بسبب تدني السعر ويعملون الآن على خزنه على أمل بيعه فيما بعد بسعر أفضل.

مخزون "الإنقاذ" يكفي شهراً واحداً من الخبز

رغم سعي حكومة الإنقاذ لتحقيق الأمن الغذائي في القمح عبر زيادة المساحات المزروعة به لكنها لم تحقق هدفها وأعلنت مؤخراً أنها تهدف لخزن 30 ألف طن من القمح، وتخصيصه لإنتاج الخبز فقط، أي أنه سيكفي لشهر واحد فقط إن تم الاعتماد عليه بشكل كلي من دون الاعتماد على الطحين المستورد والطحين الوارد في المساعدات الإنسانية الأممية، حيث يبلغ استهلاك إدلب اليومي من الطحين قرابة أكثر من 900 طن بحسب تصريحات سابقة أدلى بها مدير العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد والموارد التابعة لحكومة الإنقاذ محمد دعبول لموقع تلفزيون سوريا.

منذ سنوات ويعتمد إنتاج القمح في إدلب على الطحين المستورد والطحين المقدم من برنامج الأغذية العالمي WFP ضمن الحصص الغذائية الإغاثية والذي أوقفت المنظمات منذ أكثر من عام ونصف تسليمه للمستفيدين على شكل طحين كي لا يباع من قبل المستفيدين في السوق السوداء بسعر رخيص، وتعاود تلك المنظمات شراءه بسعر مرتفع، بل أصبحت تقوم بخبزه وتوزيعه للمستفيدين على شكل خبز مجاني بمعدل يبلغ ربطة خبز كل يومين للأسرة المستفيدة، قبل أن توقف عدة منظمات بينها منظمة "GOAL" أكبر مقدمي الخبز المجاني مشروع تقديم الخبز بالمجان بسبب ارتفاع تكاليف إنتاجه.

ارتفاع أسعار الطحين المستورد

الطحين المستورد هو الآخر ارتفعت أسعاره من 300 دولار أميركي للطن الواحد العام الماضي إلى 580 دولارا هذا العام وما تزال أسعار القمح والطحين مرشحة للارتفاع مع زيادة الطلب العالمي وتأثيرات الغزو الروسي لأوكرانيا خامس أبرز الدول المصدر للقمح خلال موسم 2020 – 2021 بحسب موقع SPGLBAL، وإيقاف الهند ثاني أكبر بلد منتج للقمح عملية تصدير القمح.

خبراء في الاقتصاد وعاملون في الشأن الإنساني تشاطروا المخاوف، أكدوا أن أزمة الخبز في شمالي سوريا ستتعمق أكثر مع ارتفاع أسعار القمح عالمياً بنسبة 100٪ خلال أقل من عام، إضافة إلى المخاوف من توقف إمدادات الطحين الذي يدخل على شكل مساعدات أممية في حال استخدمت روسيا حق النقض ضد مقترحات تعتزم عدة دول طرحها لتمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا بعد أسبوعين في مجلس الأمن.

ارتفاع كبير بأسعار الخبز في إدلب

على الأرض ارتفع سعر ربطة الخبز من 2,5 ليرة تركية العام الماضي إلى 5 ليرات هذا العام، وانخفض وزنها من 800 غرام إلى 475 غراما وأصبح تأمين الخبز أمراً صعباً على كثير من الأسر الفقيرة، بحسب بحث أجراه فريق منسقو استجابة سوريا المختص بالشأن الإنساني في شمال غربي سوريا خلص فيه إلى أن الأسرة الواحدة تحتاج يومياً إلى 3 ربطات خبز، لتكون كلفة تأمين مادة الخبز فقط للأسرة الواحدة 450 ليرة تركية شهرياً، بينما يبلغ مدخول الأسرة الفقيرة التي تعتمد على أعمال المياومة 2250 ليرة شهرياً، يذهب خمسه للخبز فقط.

هذا ويبدو أن لا حلول متاحة لأزمة الخبز أكثر مما تم العمل عليه من زيادة في المساحات المزروعة وتشجيع المزارعين على زراعة القمح، لكن أحد المختصين رجح أن تقوم حكومة الإنقاذ بإيقاف عمل معامل المعجنات وحصر استخدام الطحين في إنتاج مادة الخبز كخيار أخير في حال توقف دخول الطحين الأممي وفرضت تركيا قيوداً على تصدير الطحين إلى الشمال السوري مستقبلاً.