icon
التغطية الحية

تنظيم الدولة سلم "قسد" مئات المعتقلين في الرقة.. أين اختفوا؟

2020.10.22 | 05:36 دمشق

773x435_cmsv2_5458f538-6ab6-5961-ad78-80f27adfbcf0-4267400.jpg
إسطنبول- كاترين القنطار
+A
حجم الخط
-A

تحاول عشرات العائلات في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" جاهدة، الحصول على معلومات حول مصير أبنائها الذين كانوا معتقلين لدى  تنظيم الدولة وسلّمهم لقسد عام 2017، بعد سيطرة الأخيرة على محافظة الرقة.

وكشفت مصادر من قوات سوريا الديمقراطية لموقع تلفزيون سوريا، أن تنظيم الدولة سلّم قسد نحو 480 معتقلاً كانوا في سجونه في مدينة الرقة، بينهم 25 امرأة، بالإضافة إلى قرابة 230 معتقلاً من مدينة الطبقة كانوا موجودين بسجن العايد وسجن البرج. وذلك في فترة ما بين 5 و13 من تشرين الأول عام 2017، إلا أن مصيرهم ما زال مجهولاً حتى اليوم.

 

التعلم من "مناهج الطاغوت"

تحدثت لنا (أم يحيى، نهلة محمود العواس) 62 عاماً، من أهالي قرية الوديان غرب مدينة الرقة، عن اختفاء ابنها وأكبر أولادها يحيى (20 عاماً)، والذي كان يدرس الأدب الإنجليزي في جامعة حلب، واعتقله تنظيم الدولة لدى عودته في صيف 2014، على حاجز مسكنة من جهة قرية المهدومة بريف حلب الشرقي، مع 7 طلاب آخرين من مدينة الرقة، حيث تم اعتقالهم من الحافلة وتمزيق بطاقاتهم الجامعية، بحسب شهود كانوا معهم في الحافلة.

وأشارت أم يحيى إلى سبب الاعتقال وهو "التعلم من مناهج الطاغوت" بحسب تعبير تنظيم الدولة، قاصدين بذلك مناهج التعليم التابعة للنظام. مضيفة أن تنظيم الدولة اقتادهم إلى مقر الأمنيين (001) في مبنى المحافظة سابقاً وسط مدينة الرقة. وكان مسؤول الأمنيين آنذاك يدعى أبو أحمد الجزراوي.

أكدت أم يحيى محاولات العائلة المتكررة لإخراج يحيى من المعتقل سواء عن طريق شيوخ العشائر وغيرهم من المقربين من التنظيم، لكن دون فائدة، إذ يجب أن يقضي يحيى فترة السجن "ليتنقى من ذنوبه ويتوب إلى الله"، حسب تعبير أمنيي التنظيم.

وذكرت أم يحيى أن الاعتقال امتد إلى عام 2016، وتم نقل يحيى برفقة 60 معتقلاً إلى سجن الملعب الأسود وسط مدينة الرقة، وكانت العائلة تطمئن عليه من خلال أشخاص مقربين من التنظيم، واستطاعوا إرسال الطعام والثياب له عن طريق عناصر في التنظيم لهم صلة قرابة بالعائلة، ولكن زيارة المعتقلين كانت ممنوعة دائماً.

بقي يحيى فرحان الدرويش في سجون التنظيم حتى سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مدينة الرقة عام 2017، لتتوقع أم يحيى عودة ابنها، خاصة بعد أن تسلمت قوات سوريا الديمقراطية مئات المعتقلين من تنظيم الدولة من بينهم معتقلو "الملعب الأسود".

مصادر من داخل التنظيم أكدت لأم يحيى تسليم ابنها لقوات سوريا الديمقراطية، لتبدأ مرحلة جديدة من البحث، ولكن ذكرت والدة يحيى أنها "وجدت وجهاً آخر لتنظيم الدولة بل أشد قسوة".

وأضافت أن المعتقلين اختفوا وعددهم يفوق 500 شخص، مؤكدة لموقع تلفزيون سوريا، اختفاء ابنها مع من معه من المعتقلين.

وذكرت أم يحيى أنه خلال عملية البحث عن ابنها دفعت أكثر من 14 ألف دولار للحصول على معلومات عنه، ولكن تم أخذ النقود وإبلاغهم أن يحيى ومن معه ليس لهم وجود في كل من سجون كوباني والمالكية والحسكة وسجن الشدادي والقامشلي.

وأشارت والدة يحيى أنه في صيف 2018، أي بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الرقة بنحو 9 أشهر، زارتها إحدى المسؤولات في وحدات حماية المرأة YPJ وتدعى نيرفين خلوف من مدينة عين العرب، وكانت نيرفين تعرف ابنة أم يحيى التي تعمل في منظمة تدعى (أكتد).

وأثناء الزيارة تعرفت نيرفين على يحيى من خلال صورة له معلقة على الحائط متسائلة (أليس هذا يحيى؟)، لتعود الحياة من جديد إلى قلب أم يحيى فتقول "اقبلنا عليها منهالين بالأسئلة لتجيبنا بأنها رأته بداية تحرير الرقة، حيث تولت نقل النساء والرجال أي قرابة 500 معتقل إلى سجن كوباني وكانوا بحالة جيدة".

وأشارت أم يحيى إلى أن نيرفين قد وعدتهم بالمساعدة في العثور على ولدهم، إلا أنها اختفت بعد ذلك، ليتبين أنها انتقلت إلى القامشلي وكان وراء اختفائها، "سر يتعلق بمصير المعتقلين".

لم يختلف الأمر بالنسبة للسيد ياسر عطية البوبنة (أبو راكان)، من سكان حي المشلب وسط مدينة الرقة. فقد ابنه راكان في شتاء 2016، حيث تم اعتقاله على طريق الحوس شرق مدينة الرقة، بتهمة تهريب مدنيين إلى الأراضي التركية. بحسب بعض أقارب العائلة المنتسبين إلى تنظيم الدولة.

راكان.. اعتقل ولم يعد

وذكر السيد ياسر لموقع تلفزيون سوريا، أن ابنه راكان (28 عاماً)، كان يعمل سائق شاحنة في منطقة هجين شرقي دير الزور، تم اقتياده إلى منطقة الكرامة لعدة أيام لتتم إحالته إلى "القضاء الشرعي" ثم وُضع في الحجز في سجن الملعب الأسود التابع لتنظيم الدولة.

ويضيف السيد ياسر، أنه كان يتواصل مع ابنه عن طريق أشخاص والأقارب من المنتسبين إلى تنظيم الدولة منهم المدعو أبو عبد الله الخميسي وأبو وائل القحطاني.

يكمل السيد ياسر أنه "مع اقتراب ربيع عام 2017 ازدادت الأمور تعقيداً وانقطع الاتصال مع هؤلاء اللذين كانا صلة الوصل بيني وبين ابني راكان".

هُجّرت عائلة راكان باتجاه مناطق حوس شرقي مدينة الرقة هرباً من القصف، ومع سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عادت العائلة إلى مدينة الرقة لتكمل البحث عن ابنهم راكان، إلى أن توصلوا عن طريق بعض المعارف الذين انضموا إلى وحدات حماية الشعب، أنه تم نقل المعتقلين من سجن الملعب الأسود وسجن الأحداث إلى مدينة عين عرب في "سجن الكيريلا"، كما تم نقل قسم آخر إلى سجن في مدينة عيسى تحت إشراف التحالف.

ويؤكد السيد ياسر أنه وبعد متابعة موضوع ابنه راكان تأكد من وجوده إلى جانب عشرات المعتقلين في مدينة عين عرب داخل "سجن الكيريلا"، ولكن إلى اليوم لا يوجد عنه أي معلومة، مضيفاُ أنه يحمل المسؤولية كاملة لقوات سوريا الديمقراطية، خاصة بعد أن أكدت عدة مصادر تسليم المعتقلين في سجن الملعب الأسود إلى قوات سوريا الديمقرطية وبحسب نفس المصادر أن راكان كان حينها سليماً معافى.

وأشار السيد ياسر إلى أنه تم إرسال عدة برقيات عن طريق الشيخ بشير الهويدي الذي اغتيل في نهاية 2018، مطالبين بفتح قضية المعتقلين وكشف مصيرهم، خاصة أنه تم اعتقالهم في زمن تنظيم الدولة ووفقاً لقوانينها. ولكن لم يتلقوا أي رد.

ويناشد السيد ياسر كلاً من المنظمات الإنسانية والدولية ومنظمات حقوق الإنسان بأن يكشفوا مصير المعتقلين الذين كانوا في سجون تنظيم الدولة وسُلموا إلى قوات سوريا الديمقراطية.

28 كروز دخان تسببوا باختفاء طه

سهى سيف الوهيب من مواليد مدينه الطبقة عام 1995، وهي أم لثلاث أولاد، اعتُقل زوجها "طه عواد الوهيب" من قبل الشرطة التابعة لتنظيم الدولة، في خريف 2015، على طريق مسكنة أثناء قدومه إلى مدينة الطبقة بعد أن تم العثور على 28 كروز دخان داخل سيارته.

تذكر سهى لموقع تلفزيون سوريا أنه تم نقل طه إلى سجن البرج وسط مدينة الطبقة، وعرض على قاضي شرعي وحكم عليه بغرامة 24 ألف دولار إضافة لحجز السيارة بشكل نهائي، وأضافت سهى أن طه بقي معتقلاً نتيجة عدم توفر المبلغ المطلوب.

وبعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مدينتي الرقة والطبقة، تأمل الأهالي بأن يتم الإفراج عن جميع المعتقلين، لكن لم يحصل ذلك، وأكدت سهى أن صحة زوجها كانت جيدة حين كان مسجوناً في سجن البرج ولم يتعرض لأي إصابات بحسب ما أكده لها أحد أقاربها من تنظيم الدولة.

وأكدت سهى أنها حاولت الحصول على معلومات حول مصير زوجها عن طريق بعض العشائر كعشيرة الناصر والوهب من مدينة الطبقة بالتنسيق مع (هند العلي ومصطفى بالي ومصطفى شيلو) المنتمين لوحدات حماية الشعب، كما تقدمت سهى مع أكثر من 35 عائلة بطلب للإدارة الذاتية (الجناح المدني لقوات سوريا الديمقراطية)، للكشف عن مصير المعتقلين الذين تم نقلهم. وكان الرد أنه تم نقلهم كإجراءات أمنية للتحقيق معهم في بعض الأمور تحت إشراف التحالف ولكن لا معلومات حول مصيرهم حتى اللحظة.

وعلمت سهى أنه تم نقل أكثر من 140 معتقلاً إلى سجن الكيريلا في عين العرب، وقسم آخر إلى سجن المالكية، مضيفة أنه من الصعب جداً زيارة هذه السجون لأن بعضها تحت إشراف قوات التحالف الدولي، ولكن تم إبلاغ سهى من قبل مدير السجون في إقليم الرقة أن اسم زوجها غير موجود في سجل السجناء وليس هناك أي بيانات عنه رغم تأكيد مسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية أن معتقلي سجن البرج نقلوا بعد سيطرة قوات سوريا الديموقراطية عليه، كما أن سجن البرج رغم تعرضه للقصف إلا أن المهاجع بقيت كما هي ولم يتم العثور على أي جثة داخله.

موقع تلفزيون سوريا حاول التوصل عن معلومات حول هؤلاء المعتقلين ووفق مصادر خاصة تبين أن الموضوع هو بيد استخبارات "قسد" بالتنسيق مع التحالف الدولي، كما أكدت المصادر نقل المعتقلين إلى سجون قوات سوريا الديمقراطية في منطقة عين عيسى كوباني.