icon
التغطية الحية

تليغراف: على العالم أن يتحرك فوراً من أجل محنة أطفال الهول

2020.10.20 | 06:19 دمشق

أطفال مخيم الهول
تليغراف- ترجمة وتحرير: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

قد لا ينجو أطفال زوجات مقاتلي تنظيم الدولة البريطانيات من هذا الشتاء في مخيمات اللجوء في سوريا والتي ترزح تحت وطأة الأمراض، فقد علمت صحيفة تليغراف بأنهم يعيشون في خيام تغمرها مياه قذرة بين فترة وأخرى لتصل إلى عدة أقدام.

ولهذا دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الحكومات لتقوم بتقديم المزيد لإنقاذ الأطفال العالقين في تلك المخيمات بعدما سافرت أمهاتهم من بلادهن بهدف الانضمام إلى تنظيم الدولة.

وذكرت اللجنة بأن مصير آلاف النساء والأطفال الذين تقطعت بهم السبل في ظل ظروف شنيعة يجب أن يحتل أعلى سلم الأولويات بالنسبة للدول.

وأتى ذلك النداء عندما ذكرت ممرضة تعمل لدى القطاع الصحي العام في لندن كيف تخشى على حفيداتها اللواتي لا ترجح أن يعشن بعد هذا الشتاء في حال لم تقم الحكومة باتخاذ خطوات عاجلة لإعادتهن إلى بلادهن من مخيم الهول القذر، حيث فارق الحياة ثمانية أطفال على الأقل خلال الأسابيع القليلة الماضية.

إذ ذكرت شارلين جاك-هنري بأن على الوزراء أن يهتموا بهؤلاء الأطفال الذين تم استدراجهم إلى مناطق الحرب رغماً عنهم أو دون أن يستوعبوا ما يجري كما حدث لأحفادها، وذلك على يد النسوة البريطانيات اللائي تزوجن من عناصر مقاتلة لدى تنظيم الدولة.

فقد ارتفعت نسبة وفيات الأطفال بشكل كبير في المخيم، حيث أصبحت نسبة الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة أعلى بثلاثة أضعاف مما كانت عليه في مطلع عام 2020.

وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر لصحيفة التليغراف ما يلي: "يتعين على سائر الدول أن تبذل كل ما بوسعها من جهد لإعادة هؤلاء المواطنين إلى بلادهم بطريقة قانونية تقوم على احترام الحقوق الأساسية. ويجب أن يصبح مصير آلاف النساء والأطفال الذين تقطعت بهم السبل أو احتجزوا في ظل ظروف مريعة أولوية بالنسبة لكل الدول، ومن الضروري أن تتم معالجة ملف الأطفال أولاً بما أنهم ضحايا، بصرف النظر عن هويتهم وانتماءات أهاليهم... ويجب أن تمثل وحدة الأسرة القاعدة في الوقت الذي تخطط فيه الدول لإعادة هؤلاء المواطنين، وذلك لأن إبقاء أفراد الأسرة معاً وبشكل مترابط لا يصب في مصلحة الطفل فقط، بل أيضاً يعتبر شرطاً يفرضه القانون الدولي ما لم يتم تبرير إجراء فصل الأسرة بالاستناد إلى تقييم قائم على أسس متينة".

تجدر الإشارة إلى أن ثمانية أطفال تحت سن الخامسة فارقوا الحياة في مخيم الهول في غضون خمسة أيام خلال هذا الصيف، وذلك مع تدهور الوضع الصحي والغذائي بشكل مريع، حتى قبل حلول الشتاء، ومن بين هؤلاء الأطفال كان هنالك طفلان عراقيان، وطفل سوري واحد وثلاثة أطفال من جنسيات أجنبية على أقل تقدير.

ورأت منظمة أنقذوا الأطفال بأن هذه الوفيات ارتبطت بأسباب منها توقف القلب والنزف الداخلي وسوء التغذية الحاد، ولم يعرف ما إذا كان أحد هؤلاء الأطفال الذين يحملون جنسية أجنبية يحمل جنسية بريطانية.

وتقول سونيا كوش مديرة استجابة منظمة أنقذوا الأطفال في سوريا: "لابد من اتخاذ إجراءات فورية من قبل كل الأطراف لمنع وقوع المزيد من المآسي. إلا أن ما نشهده هو فشل جامع على كل المستويات في حماية الأطفال".

هذا وقد كشفت تليغراف خلال العام المنصرم كيف كان أحفاد السيدة جاك -هنري من بين أكثر من 30 طفلاً ولدوا لأبوين بريطانيين وأصبحوا يعانون اليوم في المخيمات التي أقيمت بسوريا، بعدما كبروا في المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة، بل إن بعضهم ولد هناك.

فيما أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستقوم فقط بإعادة الأطفال الأيتام والذين لا يرافقهم أحد من تلك المخيمات، ومنها مخيم الهول، وهذه الفئة لن تشمل حفيدات السيدة جاك-هنري، ولهذا اتهمت تلك السيدة الحكومة بالتخلي عنهن وتركهن لمصيرهن، بالرغم من ضعفهن الواضح وبراءتهن التي لا تخفى على أحد.

ثم إن حفيدها الأكبر إسحق الذي لم يتجاوز عمره 11 عاماً قتل في غارة جوية أميركية، ولهذا أصبحت تخشى اليوم على مصير حفيداتها الثلاث اللائي نجون من تلك الغارات، وتخاف من أن يمتن بسبب المرض أو سوء التغذية في مخيم الهول الذي أقيم بالقرب من الحدود السورية- العراقية، وذلك مع اقتراب شتاء قارس آخر.

فلقد غرقت خيمتهن بالماء عدة مرات، حيث غمر الماء بضعة أقدام من تلك البقعة بسبب الأمطار الغزيرة، ومن المتوقع أن تشهد هذه المنطقة هطول ثلوج غزيرة خلال الأشهر القليلة القادمة.

ولهذا تحدثت السيدة جاك-هنري مطولاً لضباط من شرطة سكوتلاند يارد لدى قيادة مكافحة الإرهاب حول وضع ابنتها نيكول، بعدما سافرت وتركت بيتها في لندن، لتصل إلى العراق برفقة زوجها حسين علي وأولادهما قبل خمس سنوات.

لكنها لم تتلق أي رد من قبل وزارة أو مكتب الداخلية حول العمل على إعادة من بقي من حفيداتها إلى وطنهن، وهن نعيمة التي تبلغ من العمر 11 عاماً، وسمية وعمرها 8 سنوات، وخديجة وعمرها 5 سنوات.

وقالت السيدة جاك-هنري لصحيفة تليغراف: "هؤلاء الأطفال بريئون، وهم بريطانيون، والحكومة البريطانية تدين لهم بواجب الرعاية، ثم إنهم لم يرتكبوا أي خطيئة، ومع ذلك تخلوا عنهم. لذا يجب إعادة هؤلاء الأطفال إلى هنا، فالظروف في المخيم مريعة، وأنا قلقة على تلك البنات الصغيرات الثلاث لأن أعمارهن قد تكون قصيرة".

هذا وتعتبر حفيدات السيدة جاك-هنري من بين 40 ألف طفل يعيش في مخيم الهول بشمال العراق، أي ما يعادل ثلثي سكان المخيم، ومعظمهم دون سن الخامسة. وقد وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الظروف الإنسانية في المخيم بأنها: "سيئة" وقالت: "إن وفاة أي طفل يعتبر مأساة، إلا أن حالات الوفيات التي وقعت مؤخراً لثمانية أطفال بعضهم أمضى عمره القصير بأكمله داخل مخيم الهول تعتبر مأساة وصرخة نداء. إذ منذ عامين تقريباً أصبح العالم على اطلاع وعلم بالظروف الإنسانية السيئة في المخيم، وبمدى ضخامة الاحتياجات هناك".

وأضافت اللجنة أنه في الوقت الذي يجب أن تتم فيه محاكمة من ارتكبوا جرائم، يجب أن يتم التعامل مع الناس بصورة إنسانية ووفقاً للقانون.

لقد تركت نيكول بيت أهلها في شيفيردز بوش، غربي لندن، بصحبة أولادها الأربعة في شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2015، وسافرت إلى العراق مع علي لتلتحق بدولة الخلافة التي أقامها تنظيم الدولة. ثم انتقلت تلك الأسرة إلى سوريا، وهناك قتل الزوج الذي تعود أصوله إلى فيلتهام غربي لندن.

ثم تزوجت نيكول مرة أخرى لتصبح الزوجة الثانية لعادل روبرتس، من جزيرة ترينيداد بأيسلندا، وقد انضم هذا الرجل لتنظيم الدولة، فولدت له توءماً: بنت توفيت أثناء الولادة، وصبي توفي بعد شهر ونصف من ولادته.

بعد ذلك، وتحديداً خلال شهر أيار/مايو من عام 2017، قتل زوجها الثاني مع ابنها إسحاق في غارة جوية أميركية، بعدما خرج الصبي ليجلس بالقرب من مجموعة من الرجال.

وتعلق السيدة جاك-هنري على تلك الحادثة بالقول: "كان من عادة إسحاق أن يبقى مع نيكول والبنات، لكنه ذكر أنه يحس بالملل من قضاء كل الوقت بصحبتهن، لذا أراد أن يلحق بالرجال، ولهذا خرج وجلس بالقرب منهم في بستان لأشجار الزيتون، إلا أنه كانت هنالك سيارة استهدفها الأميركيون بواسطة طائرة بدون طيار أو صاروخ، وهكذا قتل الجميع، لم يكن كلهم مقاتلين، بل فقط كانوا يجلسون هناك. أخبرتني نيكول فيما بعد بأنها رأت الانفجار من بيتها، حيث سطح وهج كبير بلون أرجواني رافقه دخان، فتركت البنات في البيت وهرعت إلى مكان الحادث، لتجد إسحاق الذي لم يفقد أي طرف من أطرافه، لكنه فارق الحياة من قوة الانفجار.

ولقد قالت له نيكول في ذلك الصباح عندما طلب منها الإذن بالذهاب والجلوس بصحبة الرجال إنها تفخر به لأنه أصبح كبيراً".

وعقب وفاة إسحاق، انتقلت نيكول مع بناتها إلى الهول، حيث تم العثور خلال العام المنصرم على زميلتها ابنة لندن التي تزوجت من أحد مقاتلي تنظيم الدولة وهي شاميما بيغوم، والتي فارق أولادها الثلاثة الحياة داخل ذلك المخيم.

ولهذا حملت السيدة جاك-هنري التي اكتشفت مقتل إسحاق منذ أشهر قليلة فقط مسؤولية وفاة الأطفال لوزيرة الداخلية بريت باتيل التي تركتهم ليلاقوا مصيرهم، حيث قالت: "لست أدري إن كنت سأرى حفيداتي مجدداً، فالحكومة تعرف أنهن في الهول وعليها أن ترسل مسؤولين إلى هناك ليقوموا بإحضارهن إلى هنا. وأعلم أن موقف وزيرة الداخلية يتلخص في أن هؤلاء النسوة هن من اخترن التوجه إلى العراق وسوريا، ولهذا فإن كل ما جرى لهن حدث بسببهن، إلا أن الأطفال لم يختاروا الذهاب إلى هناك. فنيكول ذهبت إلى هناك لأن زوجها أخبرها أنها سيأخذ منها الأطفال، ثم إنها لم تشارك في القتال ولم تقم بأي شيء من هذا القبيل".

وذكرت السيدة جاك-هنري بأن بعض المسؤولين في مكاتب سكوتلاند يارد ضمن قيادة مكافحة الإرهاب طمأنوها في البداية إلى أنهم يشاطرونها القلق حيال الأطفال وأنهم يرغبون بمساعدها في إعادتهم إلى البلاد، حيث قالت: "لقد أخبروني بأن الأطفال مواطنون بريطانيون ولذا يجب أن يكونوا هنا".

هذا وقد قام ضباط ومسؤولون في الحكومة البريطانية بإجراء مقابلة مع ابن عم نيكول في ترينيداد، والذي ظل يتواصل معها عبر الرسائل النصية بصورة متقطعة بعد مغادرتها للندن.

وفي نهاية الأمر، تواصلت نيكول التي أصبح عمرها الآن 33 عاماً مع والدتها عبر مجموعة واتساب أنشئت لتضم أفراد عائلتها، حيث أخبرتها من خلالها بأن الأطفال يعانون بسبب الظروف السيئة التي يعيشها ذلك المخيم الذي أغرقته بمياه المطر حينها.

وفي مرحلة ما تمكنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من تسليم رسالة لنيكول من السيدة جاك-هنري، إلا أنه خلال الأشهر الماضية لم تصلها أي كلمة من ابنتها أو حفيداتها، وهنا تعلق تلك السيدة بالقول: "يجب أن تبدأ نعيمة، الكبرى بين البنات، دراستها في المدرسة الثانوية الآن، مثل كل صديقاتها هنا. أما سمية فلم تذهب للمدرسة أبداً، وخديجة كانت رضيعة عندما سافرت إلى هناك، وهي تعاني من عدة أنواع من التحسس. ثم إن الطقس هناك غاية في البرودة، فهي تثلج كثيراً والأطفال جوعى في أغلب الأحيان. لذا لست أدري ما الذي سيحدث لهن إذ لم تتم إعادتهم إلى بريطانيا".

فيما أعربت وزارة الخارجية عن "استعدادها لإعادة الأيتام والأطفال البريطانيين الذين لا يرافقهم أحد" الموجودين في المخيمات بسوريا، شريطة ألا يضر ذلك بالأمن القومي للمملكة المتحدة.

إلا أن هذه الفئة لا تشمل أطفال نيكول، إذ يعتقد أنها ماتزال على قيد الحياة وبصحبتهن.

وأوردت مصادر حكومية بأن: "الرعايا البريطانيين في سوريا يجب أن تتم إعادتهم بأي وسيلة عملية" ولكن: "من شارك في القتال أو أيد داعش" يجب أن يخضع للمحاكمة على الجرائم التي ارتكبها أمام محكمة مختصة ضمن المنطقة التي ارتكبت فيها تلك الجرائم في أغلب الأحوال".

أما شرطة العاصمة فقد ارتأت عدم التعليق على مجريات التحقيقات الجارية.

كيف انتهى الأمر بفتاة لندنية كانت تعشق كرنفال نوتينغ هيل إلى الانضمام إلى تنظيم الدولة

كبرت نيكول جاك وترعرعت في ظل بيئة يسودها الدفء والحب، بعيدة كل البعد عما يعيشه أطفالها وسط بيئة مخيم اللاجئين السيئة، فقد سافرت تلك التلميذة المجتهدة من ترينيداد إلى بريطانيا عندما كانت طفلة برفقة والدتها، وأخذت تدرس السياسة الدولية في جامعة كينغسنون وهناك التقت بحسين علي في عام 2005.

كان كلاهما يعمل في بيتزا هات بهامرسميث غربي لندن، ولكن بالرغم من تخرج علي من قسم الجيولوجيا بجامعة كينغستون، إلا أن علاقتهما أنهت كل الطموحات المهنية التي كانت لدى السيدة جاك.

وهكذا تركت دراستها، ثم اعتنقت الإسلام وارتدت الحجاب، وبعدها تزوجت من علي الذي ولد في دولة الإمارات العربية المتحدة وتعود أصوله إلى الصومال، وتمت مراسم الزواج في مسجد المنطقة في عام 2006، وجاء إسحاق ثمرة لهذا الزواج وبعده شقيقاته الثلاث: نعيمة وسمية وخديجة.

وتحكي السيدة جاك-هنري بأن صهرها بدا وكأنه تحول إلى اتجاه متطرف في الإسلام بعد عام 2008، وذلك بعدما تعرض لهجوم عنصري كاد أن يودي بحياته في فيلتهام، تلك المنطقة التي ترعرع فيها مع أشقائه وشقيقته.

فقد نقل إلى العناية المركزة إثر ذلك الهجوم، ولم يسترد عافيته إلا بعد أن خضع لعملية أعصاب خطيرة تم خلالها استئصال ثلاث جلطات من دماغه.

ومع استمرار زواجه، بدأ علي بفرض أفكاره الإسلامية المتشددة على زوجته، فمنعها وأولادها من ارتياد كرنفال نوتينغ هيل برفقة والدتها، بالرغم من أن ذلك كان تقليداً معتاداً بالنسبة لأسرتها.

ثم اتخذت الأمور منحى أسوأ بعد سفر علي إلى الصومال بمفرده، قبيل عام 2015، إذ بحسب ما ذكرته السيدة جاك-هنري بدأ علي بالضغط على زوجته لتلحق به، ثم صار يتهمها بأنها ليست أماً صالحة.

وفي مرة من المرات قامت سمية بتمزيق عدة صفحات من جواز سفر خديجة التي كانت رضيعة حينها، إذ بدت وكأنها قد سمعت حواراً جرى بين أفراد الأسرة حول ضرورة السفر خارج البلاد للحاق بالأب، ولهذا حاولت بفطرتها السليمة أن تمنع هذه الرحلة.

إلا أن ذلك لم يؤثر على سير الأمور، إذ حصلت نيكول جاك على بديل لجواز السفر ذاك في شهر تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام الذي اختفت فيه مع أولادها.

ثم وصلت معلومات فيما بعد لضباط من شرطة العاصمة تفيد بأن نيكول وزوجها قد سافرا إلى قبرص حيث يعتقد أنهما تابعا الرحلة إلى العراق ليقوما بمبايعة تنظيم الدولة.

المصدر: تليغراف