icon
التغطية الحية

تلعثم بايدن بالكلام يخلق أمامه تحديات.. وفرصاً

2021.01.31 | 05:35 دمشق

image.jpg
سي تي في نيوز- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كثيراً ما تحدث الرئيس بايدن عقب انتخابه حول التحدي الكبير الذي يواجهه بالنسبة لمواجهة تلعثمه في خطاباته وذلك عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي، ونائباً للرئيس، وحالياً الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة الأميركية.

ففي الوقت الذي أثارت عثراته اللفظية خلال حملته الانتخابية بعض الشكوك حول صحته العقلية، يرى إيريك جاكسون، وهو أستاذ مساعد في علوم التواصل واضطراباتها لدى جامعة نيويورك بأن الناس قد يتفهمون الوضع أكثر إن أدركوا مدى صعوبة التعايش مع حالة التلعثم.

وقد ذكر السيد جاكسون الذي يعمل أيضاً معالجاً للنطق بأن من يتلعثمون يعانون من نظرة الناس إليهم في معظم الأحيان على أنهم بطيئون وأقل ذكاء وقلقاً ممن سواهم، وأضاف: "وبالعموم المتلعثم هو شخص يعرف ماذا يريد أن يقول، ولكن في تلك اللحظة بالذات، يخونه جسمه، فلا يتمكن من قول ما يريد، ويعود ذلك لمجموعة من العوامل الوراثية والعصبية وتلك التي تحملها البيئة المحيطة. ولكن أهم ما يجب أن نعرفه عن التلعثم هو أنك لا تستطيع أن تكتشفه على الدوام".

بعد ذلك شرح السيد جاكسون الذي يعاني هو نفسه من التلعثم، بأن من يتلعثمون يتعرضون لسخرية الآخرين في أغلب الأحيان، ليس فقط في طفولتهم، بل حتى بعدما يكبرون ويصبحون راشدين.

فعلى سبيل المثال، سخر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مرات عديدة من حالة التلعثم التي يعاني منها بايدن وذلك خلال حملتهما الانتخابية، وادعى ترامب بأن منافسه الديمقراطي يتظاهر بأنه يتلعثم وذلك ليتقرب من الشعب الأميركي.

ويعلق جاكسون على ذلك بالقول: "إن من يتلعثمون يدركون في مرحلة مبكرة بأن هنالك وصمة عار ترتبط باللعثمة، وبأن التلعثم أمر مشين، وبأنه لا ينبغي للمرء أن يتلعثم، ولذلك هنالك الكثير من الخزي الذي يحيط بحالة التلعثم. ثم إنه بالنسبة للكثير من الناس تحدث حالة التلعثم عندما يحاول هؤلاء أن يخفوا أو يبعدوا عنهم حالة التلعثم".

ويعتقد جاكسون بأن الحركات التي يبديها بايدن بعينيه، وذلك عندما يرمش أو يلقي بنظرات خاطفة نحو الأسفل، تعكس شيئاً من جهوده المتواصلة لإدارة حالة التلعثم لديه، ويصف جاكسون كل ذلك بالسلوكيات المرافقة أو التعويضية أو الرديفة، ويشرح عنها بالقول: "لسبب ما، يساعد تحريك أجزاء أخرى من الجسد في بعض الأحيان أو يمنع المرء من الوقوع ضحية للتلعثم لوهلة. لكننا لم نتأكد من السبب الذي يدفع لحدوث هذا، غير أنه يمكن لتلك السلوكيات أن تصبح جزءاً متأصلاً من أسلوب المرء في التلعثم، كما أنها تعقد مشكلة التأتأة بدلاً من أن تحلها".

ويرى جاكسون بأن معالجي النطق لا يطرحون عادة تلك السلوكيات المرافقة أو الرديفة بوصفها استراتيجيات ضمن العلاج، لأنهم غالباً ما يتعاملون مع هؤلاء الأشخاص وهم يسعون للحد من ظهور تلك الأنواع من السلوكيات.

كما نوه جاكسون إلى أن بايدن يبدو بأنه يبتعد عمداً عن التلعثم وذلك عبر اختيار كلمة بديلة ضمن أسلوب يعرف باسم: "الالتفاف والتحايل".

وهذا بالفعل ما حدث في مجلس البلدية في آب 2020، وذلك عندما باغتت بايدن نوبة تأتأة لفترة قصيرة أثناء محاولته نطق كلمة: "أوباما"، قبل أن يستبدلها على الفور بقوله: "مديري".

وقد سبق لبايدن وأن ذكر عبر أثير محطة سي إن إن بأنه لم يتلق أي مساعدة اختصاصية بالنسبة لموضوع التأتاة لديه، بل كان يتدرب عوضاً عن ذلك أمام المرآة طيلة ساعات، يقوم خلالها بإلقاء شعر كتبه شعراء أيرلنديون وعلى رأسهم ويليام باتلار ييتس.

وبعد تحوله للعمل في السياسة، ذكر بايدن أنه بدأ يحدد خطاباته ويقسمها، بحيث يمكنه أن يتوقف للحظة بين الفقرة والأخرى، وهكذا أجبرته تلك الطريقة على ألا يسرع في تلاوة الخطاب. وهذه الطريقة هي نفسها التي اتبعها ملك إنكلترا جورج السادس الذي كان يتلعثم في كلامه والتي ظهرت في الفيلم الحائز على جائزة أكاديمي أوورد: "خطاب الملك/ The King's Speech".

ويرى جاكسون بأن هذه الطريقة تساعد المرء على تعلم كيفية تقسيم أجزاء الخطاب إلى مراحل وأقسام منفصلة، وأضاف: "تتلخص ميزة هذه الطريقة في أنها تحد من معدل الكلام عموماً، وهذا بدوره يساعد المرء على تجاوز التأتاة بطريقة أسهل".

بيد أن جاكسون نوه إلى أنه من الضروري الإشارة إلى أن الاستعانة باستراتيجيات الكلام تلك قد تكون محفوفة بتحديات جمة، إذ يقول: "إن الشخص الذي يعاني من التأتأة يحتاج إلى التفكير فيما يقوله، وفي الوقت نفسه يفكر بكيفية استخدام نظام النطق لديه أو جسده حتى يتكلم. لذا وبوصفي معالجاً للنطق، أحب أن أتعامل مع الأشخاص عبر استراتيجيات الكلام والعلاج، ولكن يجب ألا يتوقع المرء من كل من يتلعثمون استخدام استراتيجيات النطق ذاتها".

ويخبرنا جاكسون أنه في صدر شبابه، كان يخشى من احتمال حصوله على عمل يتطلب منه الحديث كثيراً. أما اليوم، فهو يرى في ظهور رئيس أميركي يتلعثم بكلامه فرصة ذهبية أمام الآخرين الذين يعانون في نطقهم للكلام وذلك حتى يروا بأم أعينهم أنه مايزال بوسعهم الوصول إلى مناصب رفيعة، وهذا ما عبر عنه جاكسون بقوله: "إن فكرة أنه يتلعثم هي عبارة عن رسالة مفادها بأنه بإمكانكم أن تكونوا ممن يتلعثمون بكلامهم ويحصلون على وظيفة مهمة بالرغم من هذا، أما بالنسبة للأطفال.. فإنني أرى أن مشاهدتهم لجو بايدن وهو يتلعثم، أي مجرد رؤية الرئيس الأميركي وهو يتلعثم، لابد وأن تخفف على الأقل من وطأة تلك الحالة لديهم، وأن تضعف من تلك المخاوف لدى الكثير من الأطفال الذين يعانون من التأتأة".

وأضاف بأن الخطاب العام حول التأتأة قد زاد بشكل كبير عقب حملة بايدن الانتخابية، ولابد لذلك أن يتوسع ويزداد بعد توليه للرئاسة، وهنا يقول: "أعتقد أنه أمامنا فرصة لنشر الوعي حول التأتأة وزيادة الاستيعاب حول ماهية حالة التلعثم وأسبابها. وهذا لابد أن يساعد على تطبيع حالة التأتأة وجعل الحديث عنها أمراً مقبولاً".

المصدر: سي تي في نيوز