icon
التغطية الحية

"تقليد عشائري" يخلف المئات من ذوي الاحتياجات الخاصة بالرقة

2020.11.23 | 05:34 دمشق

123540_reqa-sahi-e280ab283892889729e280ac-e280abe280ac.jpg
الرقة - هاني العمر
+A
حجم الخط
-A

 "زواج الأقارب" موروث شعبي مازال مترسخاً في أذهان الأهالي بمحافظة الرقة، رغم الإعاقات الناجمة عن هذا "الزواج"، والتي أثبتتها التجارب الاجتماعية وحذرت منها المراكز الطبية.

وذكر مصدر مسؤول في مكتب الحالات الإنسانية التابع لمجلس الرقة المدني لموقع تلفزيون سوريا، أن عدد حالات الإعاقة الناجمة عن زواج الأقارب في مدينة الرقة يتجاوز /4000/ إعاقة خلقية، من بين هذه الأرقام نحو/320/ حالة لطفل مصاب بمرض التلاسيميا فقط ".

تأثير زواج الأقارب السلبي على الأطفال

ويبين الطبيب إياد عبد اللطيف المتخصص في طب الأطفال واستشاري أمراض وراثية من جامعة السوربون بمدينة الرقة لموقع تلفزيون سوريا، تأثير زواج الأقارب السلبي على الأطفال: نسبة التطابق في الجينات بين أي شخصين تكون "صفراً"، ومع انتقال جينات الوالدين إلى الأبناء فإن نسبة التماثل في الجينات بين الوالدين والأبناء تكون 50%، وتختلف نسبة التشابه في الجينات وفق درجة القرابة، فهي بين الأشقاء 50%، وبين الفرد وجده وخاله وعمه 25%، وبين أبناء العم والخال 12.5%.

وأضاف "هذا التشابه في الجينات يفسر احتمال تشابه الجينات المرضية مما يسبب ظهور الأمراض الوراثية المتنحية في أبناء الأزواج الأقارب، وتزداد احتمالات ظهورها وفق درجة القرابة".

ويعلق على مسألة عدم وجود إصابات في بعض حالات زواج الأقارب قائلاً " إن انتقال الصفة الوراثية المتنحية قد يستمر من جيل إلى جيل دون التقاء زوجين يحملان الجين نفسه المسبب للمرض، فإذا تزوج شخص من ابنة عمه، وكان لهما عم مصاب بمرض وراثي متنح مثل مرض "الزهايمر"، فإن نسبة ظهور المرض في أبنائهم تكون 2.7 % بينما تقل تلك النسبة إلى 0.01% إذا كان الزوجان من الأباعد".

وتعتبر المجتمعات العشائرية الموجودة شرق الفرات بشكل رئيسي، أكثر المجتمعات في سوريا تمسكاً "بزواج الأقارب" رغم الإعاقات الخِلقيّة المنتشرة فيها، نظراً للعادات والتقاليد التي تمثل لهم قوانين لا يمكن العيش بدونها.

3 أولاد صم

" نهلة النوير" -42 عاماً- من أهالي قرية إعيوج غرب الرقة (35 كم)، وهي أم لـ 3 أولاد صم بسبب زواج الأقارب تقول " تزوجت من ابن عمي كما تقتضيه العادات والتقاليد وأنا بعمر الـ 16 عاماً، كما فعلت أمي وشقيقاتي وغيرهن، وأنجبت 3 أولاد ذكرين وأنثى كلهم لا يسمعون ولم أدرك ذلك إلا عندما كبروا، أخذتهم إلى عشرات الأطباء والمشافي وأجريت آلاف التحاليل لكن النتيجة "الأجزاء السمعية في الأذنين سليمة، لكن لا يسمعون لأسباب وراثية ".

وتابعت "لم أكن أعلم بأن زواج الأقارب سيكلفنا أن نرى أبناءنا لا يستمتعون بالحياة كبقية الأطفال، لم يعلمنا أحد ذلك، والكارثة أن زوجي يريد أن يزوج ابنتي من ابن خالها رغم رفضي لهذا الأمر، لكن ليس للمرأة رأي في ذلك".

"لا يخالف الشرع"

ويضيف "حج عباس الحمود " -59عاماً-  من سكان حي المشلب في مدينة الرقة " أنا تزوجت من ابنة خالي وزوّجت ابنتي لابن عمها ولا نتزوج أو نزوج إلا ضمن إطار القربة، فنحن لا نؤمن بضرر زواج الأقارب مطلقاً، لأن الله عز وجل لم يحرمه على نبيه ولم يحذره منه، بل على العكس فقد أذن للرسول الكريم أن يتزوج من ابنة عمته زينب بنت جحش - رضي الله عنها- كما زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم  ابنته فاطمة  لعلي بن ابي طالب - رضي الله عنه -، والله عز وجل أعلى وأجل من أن يعلم بضرر زواج الأقارب ولا يحذرنا منه عبر القرآن والسنة". وختم كلامه" كلنا متزوجون من بعضنا البعض منذ عشرات السنين ولم تظهر أي مرض على أبنائنا وأحفادنا فمن أين جاءت أحكامكم ".

ومع اقتراب اليوم العالمي للإعاقة مطلع الشهر القادم، يقوم مكتب الاحتياجات الخاصة التابعة للإدارة الذاتية في الرقة بعقد ندوات توعوية بالتنسيق مع عدة منظمات محلية وإقليمية بهدف ترسيخ مفهوم "زواج القرابة يسبب الإعاقة " وسط حضور خجول من أبناء المجتمع.