icon
التغطية الحية

تفاصيل حادثة احتيال تستهدف طبيبا سوريا في مرسين تكلفه مليون و350 ألف ليرة تركي

2022.04.17 | 06:01 دمشق

microsoftteams-image_3.png
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

حادثة احتيال جديدة يتعرض لها لاجئ من اللاجئين السوريين في تركيا، على يد مجموعات يبدو أنها منظمة أشد تنظيما، تنتحل صفة رجال أمن واستخبارات يتبعون للجهات الرسمية في تركية.

هذه المرة في ولاية مرسين التركية، والضحية طبيب سوري متقاعد في العقد السادس من العمر، يقول لموقع تلفزيون سوريا، إنه تعرض للسرقة بمبلغ قدره مليون و350 ألف ليرة تركية (نحو 100 ألف دولار أميركي)، عبر طريقة احتيال مدروسة بإتقان، استغرقت أياما متواصلة.

MicrosoftTeams-image (1).png
محادثات عبر واتس آب جرت بين المحتالين والطبيب أحمد رشيدات

 

كيف جرت عملية الاحتيال؟

بدأت قصة الطبيب أحمد رشيدات المنحدر من محافظة درعا، في الثامن من نيسان الحالي، عندم رن هاتفه، وكان المتصل شخص يتحدث اللغة التركية، يقول طبيب الأنف والأذن والحنجرة، لموقع تلفزيون سوريا، لم أستطع التفاهم مع المتحدث، والذي بدوره حوّلني إلى شخص يتحدث اللغة العربية، وعرّف هذا الأخير نفسه بأنه "أبو محمد" ويعمل مترجما مع الاستخبارات التركية.

وهنا بدأت قصة الطبيب مع المحتالين، يضيف رشيدات أن "أبو محمد" هذا بدأ يوجه له اتهامات بالتعامل مع منظمة "حزب العمال الكردستاني/PKK" (تصنفها تركيا على لوائح الإرهاب) عبر تحويل مبلغ وقدره 10 آلاف ليرة تركية للمنظمة.

نفى الطبيب التهمة، ليعود " أبو محمد" الذي يتحدث لهجة ريفية من شرقي سوريا، ليعرض على الطبيب معلومات توحي بأنهم من الاستخبارات فعلا وليوقعوا في نفس الضحية نوعا من التصديق لهم.

إذ عرض المحتالون على الطبيب محادثة عبر تطبيق "واتس آب" كان رشيدات أجراها سابقا مع صديق له في السعودية، تتضمن معلومات عن إرسال الصديق للطبيب مبلغا ماليا متبقيا من أتعابه في أثناء خدمته في السعودية، فالطبيب أحمد رشيدات جاء من السعودية إلى تركيا قبل نحو عامين ليتقاعد في ولاية مرسين.

كما ساق "أبو محمد" معلومات تفصيلية للطبيب عن بيع الأخير سيارته قبل مدة ومن ثم عاد واسترجعها،

يقول الطبيب أحمد رشيدات "أطلعوني على تفاصيل صدمتني لم أكن لأشكك بأنهم محتالون، ما جعلني أمضي في الحيلة وأصدقهم".

وشدد على أنه يخشى الاستخبارات منذ أيام سوريا، لأنه اُعتقل في أيام شبابه وظل يتخوف من فروع الأمن، ويصف حالته بالقول "لدي رهاب مخابرات".

طريقة منظمة لسرقة المال عبر التحويل البنكي


يتابع الطبيب قصته، قائلا "كانوا يتصلون بي من رقم هاتف، ويوصولوني بأبي محمد المترجم الذي بدوره كان يحاول معرفة ما أملك من أموال، ثم قال لي إن علي تحويل جميع ما أملك إلى حسابي في بنك Ziraat Bankası/ بنك زراعات، لأنه بنك حكومي ومؤمّن، وفق زعمهم".

ويضيف رشيدات، أنهم عرفوا كل ما يملكه من خلال التهديد، كما أنهم أقنعوه أن تهمة التواصل مع PKK مؤكدة بحقه، لكنهم أقنعوه أيضا أنه قد يكون هناك أشخاص استغلوا حسابه في بنك kuveytturk/ الكويتي التركي، لتحويل الأموال إلى PKK، وأنّ عليه التحرك سريعا وتجميع كل أمواله في بنك زراعات.

يقول الطبيب كنت أملك في بنك كويت ترك 500 ألف ليرة تركي، بالإضافة إلى 80 كغ من الفضة، كما كان لدي نحو 40 ألف دولار في المنزل، وعند معرفتهم بهذا المبلغ طلبوا مني أن أضعه في حسابي ببنك زراعات، أما ما أمتلكه في بنك كويت فقد وضعوا يدهم عليه وباعوا الفضة، بعد أن أقنعوني أن أعطيهم كلمة السر الخاصة بتطبيقات البنكين على الهاتف، وكانوا يطلبون مني إعطاءهم رسائل التأكيد التي ترسلها البنوك إلى هواتف العملاء عادة، عند إجراء بيع عملات أو معادن، ويؤكد أنه كان مصدقا كل ما يدعونه.

MicrosoftTeams-image (1)_0.png
محادثات بين المحتالين والطبيب أحمد رشيدات عبر تطبيق (واتس آب)

يتابع "باعوا الفضة والدولار على عجل وخسروا بها نحو 150 ألف ليرة تركي، وجمّعوا كل ما سيطروا عليه في بنك زراعات وبلغ حجم المال نحو مليون و350 ألف ليرة تركية، وأنا كنت أشاهد عبر التطبيق جميع ما يفعلونه، وكنت أسألهم لماذا يفعلون ذلك ويقولون إن بنك زراعات مؤمن وأنهم سيقومون بحجب الحساب لاحقا كي يتحققوا إن كان هناك أشخاص حولوا أموالا إلى PKK".

 

المرحلة الأخيرة واكتشاف الاحتيال

 

يقول الطبيب أحمد رشيدات إنه تفاجئ بعد يومين من هذه التواصلات بينه وبين المحتالين أن حسابه ببنك  زراعات الذي كان به مليون و350 ألف، لم يبق به سوى 30 ألف ليرة تركية، وعلى الفور ذهب إلى فرع للبنك في ولاية مرسين واصطحب معه مترجما لتقديم شكوى.

MicrosoftTeams-image (2).png
صورة البلاغ الذي تقدم به الطبيب أحمد رشيدات عند النائب العام في ولاية مرسين التركية

ويتابع "لم تسمح لي الموظفة بالبنك بإيقاف الحساب لأنني لا أتحدث اللغة التركية، كما أنها لم تجيب على تساؤلاتي حول مصير النقود، فتوجهت إلى قسم للشرطة وقدمت بلاغا مفصلا بما جرى".

بعد تقديمه للشكوى في قسم الشرطة، تحوّلت قضية أحمد رشيدات إلى الوالي والنائب العام في مرسين، وهذا الأخير التقى بالطبيب وأبلغه ببعض التفاصيل، من بينها أن أمواله تم تحويلها إلى 8 حسابات في بنوك مختلفة ولأشخاص أتراك، وأن هذا قد يساعد في حل مشكلته.

وحتى تاريخ كتابة هذا التقرير، ينتظر الطبيب أحمد رشيدات ما ستؤول إليه نتيجة التحقيقات، وقد زود موقع تلفزيون سوريا بصور عن محضر البلاغ لدى النائب العام، وللمحادثات التي جرت بينه وبين المحتالين.

ليست الحادثة الأولى.. سوريون تعرضوا للاحتيال في تركيا

لا تعد حادثة الطبيب أحمد رشيدات الأولى التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا، من قبل محتالين يدّعون أنهم من الاستخبارات التركية أو حتى من الشرطة، إذ يوجّهون تهما للاجئين بالتعامل مع تنظيم "الدولة" أو "PKK" ويقنعونهم بأنهم يعرفون جميع تفاصيل حياتهم في تركيا وتحركاتهم.

وكان آخر هذه المحاولات في شباط الماضي، حيث ألقت الشرطة التركية القبض على عصابة حاولت الاحتيال على عائلة سورية لأخذ أموالها، وذلك في ولاية كهرمان مرعش جنوبي تركيا.

وبحسب موقع "HaberTürk التركي تلقت زوجة المواطن السوري محمود الترك (45 عاماً)، الذي يعيش في ولاية كهرمان مرعش، اتصالاً هاتفياً من محتال عرّف عن نفسه بكونه ضابطاً في المخابرات التركية، وبأنه مُكلّف من أنقرة.

وقال المحتال في اتصاله: "تبيّن أنك أحد عناصر منظمة داعش الإرهابية، أحضري أنتِ وزوجك كل ما تملكان من أموال وذهب، ولا تخبرا أحداً، فإذا كان لديكما أموال وأشياء ثمينة، فسنجري بحثاً عن بصمات الأصابع مع أعضاء التنظيم الذين ضبطناهم"، عندئذ اتصلت الزوجة بزوجها محمود وقالت: "إنهم يبحثون عنا، تعال إلى المنزل بسرعة".

وفي سياق الحد من هذه العمليات، أنشأت السلطات التركية مؤخرا مكتباً خاصّاً يتبع مكتب المدّعي العام في ولاية إسطنبول غربي تركيا، بهدف التحقيق في عمليات "الاحتيال عبر الهاتف" التي تشهدها إسطنبول بشكل يومي.

وذكر حينئذ، موقع "Hürriyet Daily News التركي، أنّ المكتب الجديد يتضمن ثلاثة مدّعين للتحقيق في شكاوى "الاحتيال عبر الهاتف"، التي تقدّم بها العديد من الأشخاص في مدينة إسطنبول.

وأشار إلى أنّ خطوة إنشاء هذا المكتب، جاءت بعد شكاوى تقدّم بها قرابة 60 شخصاً - معظمهم من كبار السن -  إلى مكتب المدّعي العام عن تعرّضهم لـ"الاحتيال عبر الهاتف" من قبل مجهولين.

وبحسب المتقدّمين بالشكوى، فإنّهم تعرّضوا للسرقة من قبل المحتالين الذين تظاهروا بأنهم ضباط شرطة، ويطلبون منهم تسليم أموالهم بحجة تورّط حساباتهم المصرفية في تحقيقات مكافحة الإرهاب.