
بالتوازي مع المواجهات اليومية التي تدور بين فصائل الجيش الوطني السوري المنضوية ضمن غرفة عمليات "فجر الحرية" و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في منطقة سد تشرين قرب منبج شرقي حلب، انطلق مسار تفاوضي من شقين يهدف إلى إنهاء معضلة شمال شرقي سوريا بعيداً عن الخيار العسكري، لكن يبدو أن الأمور تتجه إلى مزيد من التصعيد في ظل تعنت "قسد".
- شروط تعجيزية من قسد تحول دون التفاهم مع إدارة دمشق
علم موقع تلفزيون سوريا من مصادر خاصة، أنّ المفاوضات بين "قسد" وإدارة دمشق اصطدمت بشروط تعجيزية من "قسد"، حيث ركزت الأخيرة على المطالبة بالإبقاء على هياكلها العسكرية والإدارية شمال شرقي سوريا، وأن تتولى هي إدارة وحماية المنطقة، مع حصولها على نصف كمية النفط التي تنتجها الحقول في الحسكة ودير الزور.
الإدارة السورية طرحت خلال المفاوضات، وجود قيادات كردية ضمن وزارة الدفاع، ولكن تشرف الوزارة على عمليات التجنيد، ما يعني عدم الموافقة على بقاء "قسد" كتلة عسكرية تسيطر على حيز جغرافي.
وبحسب المصادر، فإن التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني من العاصمة التركية أنقرة، أمس الأربعاء (15 كانون الثاني/ يناير الجاري)، حول عدم وجود مبرر لبقاء "قسد" بشكلها الحالي، وضرورة أن تسيطر الإدارة المركزية على كامل سوريا، تشير إلى استياء إدارة دمشق من موقف "قسد" في المفاوضات.
وترجّح المصادر أن الزيارة التي أجراها الوفد السياسي والعسكري والأمني السوري إلى أنقرة، والتصريحات التي صدرت خلالها تشير إلى اتجاه جديد في التعامل مع ملف "قسد"، ويقوم بشكل رئيسي على الجهد العسكري مع عدم إغلاق باب المفاوضات نهائياً.
وساطة "بارزاني"
ينشط حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني على خط الوساطة مع تنظيم "قسد"، منذ عدة أسابيع، حيث أرسل الحزب الذي يترأس إقليم كردستان العراق مبعوث خاص إلى شمال شرقي سوريا، على أمل إنجاح الحل السياسي، كما يجري أيضاً لقاءات مع المجلس الكردي الوطني السوري.
ويسعى "الديمقراطي الكردستاني" إلى توسيع دور المجلس الكردي السوري في مناطق الكرد ومستقبل سوريا عموماً، مع الدفع باتجاه خروج العناصر التابعين لـ"حزب العمال الكردستاني-PKK" التركي خارج البلاد، وبهذا يحول دون عملية عسكرية تركية تفرض أمراً واقعاً من دون قدرة الكرد على التحكّم بالمشهد.
ووفقاً لما علمه موقع تلفزيون سوريا من مصادر مقربة من المجلس الوطني الكردي، فإنّ "قسد" لا تبدي إلى الآن استجابة كبيرة مع جهود "الديمقراطي الكردستاني"، الذي أرسل تحذيرات واضحة إلى "قسد" تؤكد أن عدم إنجاز حل سياسي يعني أن الخيار العسكري هو البديل، وإدارة ترمب لن تكون متحمسة للتصادم مع تركيا من أجل مصير "قسد"، وبناء عليه يجب الانخراط في الدولة السورية وعدم الإصرار على مشروع "الإدارة الذاتية".
وتؤكد المصادر أن "الديمقراطي الكردستاني" غير مرتاح لتصاعد التنسيق بين إيران و"قسد"، حيث توفّر طهران الدعم للتنظيم الذي يدرب كثيراً من عناصره في السليمانية ضمن العراق، تحت رعاية حزب الاتحاد الوطني الكردستاني المتحالف مع إيران هو الآخر.
وتحاول "قسد" توسيع خيارات دعمها الإقليمي من خلال التواصل مع إيران وفرنسا وإسرائيل، حيث باتت الاتصالات بينها وبين "تل أبيب" معلنة، كما أنّ الأخيرة لم تعد تخفي رغبتها في الحفاظ على "قسد" خوفاً من توسع النفوذ التركي في سوريا والمنطقة عموماً.
لكن في نهاية المطاف، فإنّ مستقبل "قسد" مرتبط إلى حد كبير بالموقف الذي ستتخذه إدارة ترمب بعد تسلمه صلاحياته بشكل رسمي، حيث إن موقفه من الإدارة السورية الجديدة ومن بقاء القوات الأميركية في منطقة شمال شرقي سوريا، سيلعب دوراً حاسماً في تحديد مستقبل المنطقة.