icon
التغطية الحية

تطوران تشهدهما بلدة عين عيسى يزيدان من غموض مصيرها

2020.12.30 | 06:05 دمشق

eptg4wew4aimv8d.jpg
موالون لـ "قسد" يعترضون دورية للشرطة العسكرية الروسية في عين عيسى (تويتر)
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

شغلت بلدة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي، خلال الأسابيع الأخيرة من عام 2020 مساحة واسعة من  تغطيات الإعلام السوري والعربي وحتى الأجنبي، وباتت محط أنظار الكثيرين بانتظار ما سيؤول إليه مصير البلدة التي تتشبث بها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) رافضة الحلول المقترحة من قبل الروس ونظام الأسد، وكل ذلك يجري أمام عين أنقرة التي يراقب مسؤولوها العسكريون هذا المشهد وأيديهم على مقبس ساعة الصفر، يتهيؤون لإطلاقه وإعطاء إشارة البداية لجنودهم وفصائل الجيش الوطني السوري بالدخول إلى عين عيسى، هذه البلدة التي كانت هدفاً لتركيا منذ معركة "نبع السلام" في تشرين الأول 2019.

ورغم أن جميع الأنباء الواردة من عين عيسى تشير إلى استكمال الجيش التركي والوطني السوري وحتى "قسد" استعداداتهم العسكرية لمعركة قادمة، بدأت ملامحها ترتسم عبر سقوط قتلى لكلا الطرفين وخسارة الجهة المسيطرة لبعض القرى، ونصب نقاط جديدة وتحصين مواقع في عمق خطوط التماس، في ظل قصف متقطع تارة ومتواصل تارة أخرى للمدفعيات والرشاشات الثقيلة، فإن هناك حراكاً سياسياً تفاوضياً تجريه موسكو، التي وجدت في التشنج الذي يلف عين عيسى فرصة يجب استغلالها  كما فعلت مع "قسد" أثناء معركة "نبع السلام"، فروسيا تسعى جاهدة للعبث بخريطة سيطرة "قسد" شمال شرقي سوريا، عبر إزالة أكبر عدد من الأعلام الصفراء واستبدالها بأخرى لنظام الأسد.

اقرأ أيضاً: هل يشتعل الرماد تحت مدينة عين عيسى؟

اتفاقات غير موجودة على الأرض

بعد شد وجذب ونفي وتأكيد، بين "قسد" وروسيا ونظام الأسد لجهة توصل هذه الأطراف الثلاثة إلى اتفاق يُنهي خيار أنقرة السيطرة على البلدة، برز تطوران لافتان على المشهد في عين عيسى، من شأنهما أن يَزيدا الغموض الذي يكتنف مصيرها، بعد أن بدأت الأمور تذهب تدريجياً لصالح الرو س.

الأول:

لم يكن مستغرباً لجميع المراقبين لما يجري في عين عيسى أن تخرج وسيلة إعلامية روسية تتحدث عن موافقة "قسد" على شروط وضعتها موسكو ونظام الأسد تُفضي إلى خروجها من البلدة، وسيطرة النظام عليها مع احتفاظ "قسد" ببعض النقاط العسكرية، وإدارة النظام جميع المؤسسات ورفعه أعلامَه عليها، فهذا مشهد قديم حدث في أكثر من منطقة شمال شرقي سوريا، إلا أن المُستغرب هو أن يخرج قادة عسكريون من "قسد" لينفوا هذه الأنباء جملة وتفصيلاً، بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك، بالتشديد على أنهم لن يغادروا البلدة ولن يسمحوا لأي جهة بالسيطرة على مؤسساتها وإدارتها.

موقف "قسد" هذا يؤكد بشكل أو بآخر وصول العملية التفاوضية التي تقودها موسكو إلى طريق مسدود، خاصة إذا ما تم النظر إلى استخدام موسكو لغة التعزيزات العسكرية كرسالة ضغط.

شاهد: تسجيل فيديو يظهر نقاط المراقبة الروسية في عين عيسى

فقد أدخلت موسكو آليات ثقيلة وجنوداً وحلّقت مروحياتها في سماء عين عيسى، وسيرت دوريات جالت في جميع أطراف البلدة، وأقامت نقاطاً عسكرية بمشاركة قوات نظام الأسد، وأدخلت وسائل إعلامها لتغطي تلك التحركات، وكل ذلك يأتي في سياق الضغط أكثر على "قسد" ووضعها تحت خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تقبل بالنظام وسيادته على البلدة تحت إشراف روسي، أو عليها مواجهة أنقرة وجيشها الذي قال عنه قيادي من "قسد" إنه "جيش كبير بمعدات متطورة ولن نصمد أمامه".

وفي سياق الضغوط الروسية السابقة، أكد نائب مدير مركز "المصالحة" في قاعدة "حميميم" الروسيّة بريف اللاذقية اللواء البحري فياتشيسلاف سيتنيك، أن هناك وحدات إضافية للشرطة العسكرية الروسية ستصل قريباً، إلى عين عيسى ما يعني انتشاراً روسياً أوسع في البلدة  والتحكم بها شيئاً فشيئاً، واعتبر سيتنيك، أن هذه التعزيزات تهدف لما وصفه بـ "تعزيز الجهود لإرساء الاستقرار في منطقة عين عيسى".

44_6_0.jpg

 

الثاني: "قسد" تحرك المناهضين لروسيا ونظام الأسد

تعلم "قسد" أنه لا مجال للرد على الإملاءات والغطرسة الروسية بشأن مصير عين عيسى داخل الغرف التفاوضية المغلقة، فهي في موقف لا تحسد عليه، فالداعم الأبرز لها ميدانياً المتمثل بالولايات المتحدة الأميركية قائدة التحالف الدولي، يدير ظهره لها في الوقت الراهن، حتى إن زيارة قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال فرانك ماكنزي الأخيرة لمظلوم عبدي لم تبحث التطورات في عين عيسى ولم تحمل أي تطمينات أميركية لـ "قسد" على مصير البلدة، وفق قيادي من "قسد" تحدث لموقع تلفزيون سوريا.

mzlwm-kwbany-wmarkz_0.jpg

وعليه،  لجأت "قسد" إلى سلاحها المعتاد أمام الضغوط السياسية، وهو دفع المناصرين لها من السكان للتظاهر أمام النقاط العسكرية الروسية بعين عيسى، فهتفوا ضد الجنود الروس وشتموهم، بل وصل بهم الأمر إلى رمي العربات العسكرية الروسية بالحجارة وكادت إحداها أن تصيب أحد الجنود وفق تسجيلات نشرتها وسائل إعلام روسية.

وكي تقوّي "قسد" من أوراقها التفاوضية في عين عين عيسى مع الروس، لجأت إلى الضغط على نظام الأسد في القامشلي، فاختلقت مشكلة جديدة مع قوات نظام الأسد، فهمت على أنها رسالة لتخفيف الشروط المطروحة في عين عيسى.

فقد خيم التوتر خلال الأيام الفائتة، على مدينة القامشلي بعد أن شهدت اعتقالات متبادلة بين قوات "الأسايش" التابعة لـ "قسد" وقوات الأمن التابعة لنظام الأسد.

وقال مصدر مطلع لتلفزيون سوريا إنَّ "الأسايش" اعتقلت قبل أسبوع رئيس مفرزة المخابرات الجوية بالحسكة، صالح الجلاد وثلاثة عناصر كانوا برفقته على حاجز أمني للأسايش على طريق الحسكة القامشلي، موضحاً أنَّ قوات النظام ردّت باعتقال عنصرين من قوات الأمن التابعة لـ "الإدارة الذاتية" (الجناح السياسي لقسد).

اقرأ أيضاً: توتر أمني في القامشلي وروسيا تتدخل - تلفزيون سوريا

وأكدت مصادر تلفزيون سوريا تدخل القوات الروسية الموجودة في مطار القامشلي وأجرت اتصالات مع مسؤولي "قسد" ونظام الأسد لاحتواء التوتر ومنع التصعيد بين الطرفين وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين من الطرفين.

ويتماشى هذا التوتر مع تهديدات أطلقها مؤخراً مناصرو "قسد" عبر حسابات على موقع فيس بوك، أكدوا فيها أن فقدان السيطرة على عين عيسى يعني طرد نظام الأسد من القامشلي، بل إنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك عبر تهديدهم بإعدام محافظ الحسكة وتعليقه في الشوارع.

وأمام هذه المعطيات لم يعد واضحاً المصير الذي تتجه صوبه عين عيسى، تُفاوض روسيا الجانبَ التركي على الأرض عبر اجتماعات مغلقة تجري بالقرب من عين عيسى لم يخرج فحواها إلى الإعلام بعد.

اقرأ أيضاً: قيادي بالجيش الوطني لتلفزيون سوريا: سندخل عين عيسى

 إلا أن ما يطرح في هذه الاجتماعات لا يرضي الأتراك، حيث أكد قائد قطاع عين عيسى التابع للجيش الوطني السوري، لموقع تلفزيون سوريا أن لا بديل عن السيطرة من قبلهم على عين عيسى.

وإلى جانب اللقاءات العسكرية التركية- الروسية، فإن لقاءات دبلوماسية بدأت تجري بين وزيري خارجية البلدين مولود جاويش أوغلو وسيرغي لافروف، وكان ملف عين عيسى مطروحاً على طاولة اللقاء الذي جمعهما، أمس الثلاثاء، في روسيا، ما يعني أن روسيا تعمل على مسارين في ما يخص البلدة: الأول تطرح شروطها على "قسد"، والثاني تحاول من خلاله نهي الأتراك عن شن عمل عسكري يبدو أنهم جادّون  في المُضيّ به.