icon
التغطية الحية

تصريحات جاويش أوغلو.. حرب بين محوري أستانا وجنيف والائتلاف يلتزم الصمت

2022.07.29 | 18:57 دمشق

cv
غازي عنتاب - سامر العاني
+A
حجم الخط
-A

شكّل تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مساء الأربعاء الفائت، حول إمكانية دعم أنقرة النظام السوري سياسياً في حال قرر محاربة وحدات حماية الشعب؛ صدمة لدى جمهور الثورة السورية، إذ اعتبروا هذا التصريح مخيّباً للآمال، لا سيما بعد الوعود والتهديدات التركية بشن عملية عسكرية على تل رفعت ومنبج وإعادة المهجرين إلى مدنهم وقراهم.

وقال الوزير التركي خلال حديث متلفز على قناة "TV 100" التركية يوم الأربعاء الماضي: "من الحق الطبيعي للنظام (السوري) أن يزيل التنظيم الإرهابي من أراضيه، لكن ليس من الصواب أن يرى المعارضة المعتدلة إرهابيين".

ودفع التصريح ببعض مؤسسات المعارضة السورية (غير السياسية) وعلى رأسها المجلس الإسلامي السوري بإصدار بيانات تؤكد فيها أن نظام الأسد يشكّل رأس الإرهاب في سوريا ولا يمكن الاعتماد عليه بمحاربة قوى إرهابية أخرى، في إشارة منهم إلى تنظيم PKK الذي كان يقصده وزير الخارجية التركي في تصريحه.

وكتب قائد الفيلق الثالث أبو أحمد نور وقائد حركة التحرير والبناء العقيد حسين حمادي، تغريدات متناسقة مع ما جاء في بيان المجلس الإسلامي السوري.

لماذا لم يصدر الائتلاف السوري بياناً؟

جاء تصريح جاويش أوغلو عشية اجتماع الهيئة السياسية للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، مما دفعهم لإدراج مناقشته ضمن جدول أعمالهم، لينقسم أعضاء الهيئة إلى فريقين، الأول يرى ضرورة إصدار بيان يؤكدون فيه على إرهاب الأسد، في حين رأى الفريق الثاني أنّ التصريح يحتاج إلى دراسة وفهم وليس من المناسب إصدار أي بيان بهذا الخصوص، وهذا الرأي الذي تم اعتماده.

تصريح وزير الخارجية التركي كان محور نقاش في اجتماع الهيئة السياسية للائتلاف الوطني أمس الخميس، إذ شكّل انقساماً إلى فريقين، الأول يرى ضرورة إصدار بيان رسمي يعكس رؤية الائتلاف، في حين جنح الثاني إلى ضرورة التزام الصمت بذريعة أنّ تصريح "أوغلو" بحاجة إلى قراءة سياسية معمقة وتفسير، وهذا هو الرأي الذي تم اعتماده.

وتواصل موقع تلفزيون سوريا مع المكتب الإعلامي للائتلاف الوطني للحصول على توضيحات وتبريرات لعدم إصدار بيان، إلا أن الرد جاء بالاعتذار عن عدم إمكانية التعاون بهذا الخصوص.

وقال عضو الائتلاف الوطني السوري حسين الرعّاد لموقع تلفزيون سوريا: إنّ كلام وزير الخارجية التركي له بعد سياسي مهم، وهو وضع النظام الذي يعتبر الداعم الأول للإرهاب، على المحك أمام الرأي العالمي، كونه لا يستطيع التخلي عن أذرعه الإرهابية، وهذا كله لتعرية النظام أمام العالم لأنه يعتبر PKK وpyd هو الفرع الأمني الخامس له".

موقف تركيا من المعارضة

يرجح خبراء ومحللون في الشأن السياسي أنه من المبكر الحديث عن انفراجة في العلاقة بين تركيا ونظام الأسد، لكن المناورات السياسية الإيرانية الروسية ما زالت تدور في سياق إعادة علاقات النظام السوري مع الدول الفاعلة في المنطقة، وهذا الأمر يحتاج إلى ضمانات لا يريد الأسد إلزام نفسه بها.

ويرى الباحث في مركز جسور للدراسات فراس فحام أن التصريحات التركية تعكس انسداد مسار المفاوضات بين تركيا والجانب الأميركي حول موقف الولايات المتحدة من "قسد"، ويبدو أن هناك إصرارا أميركيا على تجاهل المطالب التركية بخصوص وقف دعم "قسد" وإتاحة المجال أمام تركيا لإنجاز عمليات مكافحة الإرهاب. فيبدو أن تركيا تدرس خيار التنسيق الأمني مع روسيا وإيران والنظام لتقويض سيطرة "قسد" على الحدود السورية التركية.

وأشار فحام في حديثه لموقع تلفزيون سوريا إلى أنه في قمة طهران كانت هناك مقترحات روسية إيرانية بأن تكون هناك موافقة على عمليات عسكرية أمنية بعمق 30 كيلو متراً مقابل ضمانات من تركيا تتعلق بتغيير موقفها من المعارضة السورية، مضيفاً أنه من الواضح من خلال تصريحات وزير الخارجية التركي أن هنالك رفضا تركيا بتغيير الموقف من المعارضة السورية وتصنيف المعارضة السورية، حيث رفض تصنيف المعارضة السورية المعتدلة على أنها إرهابية، وحصر الرغبة بالتنسيق مع النظام في ملف مكافحة قسد الذي تعتبره تركيا تنظيماً إرهابياً، وبالتالي من المحتمل أن تبحث تركيا عن خيارات أخرى بعد الموقف الأميركي الذي لا يراعي المخاوف الأمنية التركية.

حرب المحورين

يرى خبراء العلاقات الدولية أنّ الصراع الحقيقي ليس بين معارضة ونظام، أو بين دول داعمة للمعارضة ودول داعمة للأسد، بل هي حرب بين محوري أستانا وجنيف، لكنها مازالت في إطار حرب الوكالة.

يقول خبير العلاقات الدولية الدكتور عمر عبد الستار لموقع تلفزيون سوريا: إن قواعد الاشتباك التي حاول محور أستانة أن يثبتها في سوريا فشلت في حل الإشكال السوري، والسؤال هنا هل نعود إلى محور جنيف أم ننتظر ونرى كيف سيعمل محور أستانا، لا سيما أنّ الأخبار المتواردة أنهم لم يتفقوا على شيء يمكن أن يجمعهم على هدف.

وحول تصريح وزير الخارجية التركي أوضح: "تركيا ترى في قسد عامل إرهاب ويجب أن تخرج من مسافة الثلاثين كيلومترا، وإيران وروسيا لا يريدون أن يخسروا تركيا، لذلك يقفون إلى جانبها ضد وجود قسد، وهذا سيكون لصالح الأسد إذ سيعود من جديد إلى الحدود التركية السورية مما يعني العودة إلى اتفاقية أضنة، فهل هذا الأمر سيجمع محور أستانا مع بشار الأسد ضد قسد؟ إذا صح ذلك فالولايات المتحدة الأميركية لا يمكن أن تتنازل ضد حليفتها في محاربة الإرهاب، لا سيما في الوقت الذي يجري فيه ترتيب وضع الأكراد في المنطقة".

وتابع: "رأينا بعد تحرير الكويت كيف تشكل التحالف الدولي في العراق ونشأت خطوط 36 ثم إقليم كردستان برعاية التحالف، لكن روسيا حينذاك كانت صفر في المعادلة الدولية، أمّا الآن فإن روسيا تقاتل، فكيف سيكون موقف قسد وروسيا تقاتل ضدها لصالح الأسد وإيران أو حتى لصالح نفسها. أعتقد أنّ هذا الأمر يخضع لكثير من العقبات لأن واشنطن لن تخرج وتترك فراغاً لروسيا أو إيران وهذا يعني أن قسد ستتعرض لهجمات من محور أستانا وستدافع عن نفسها بدعم الولايات المتحدة، ما يعني أنّ محور جنيف سيواجه محور أستانا في الحرب بين قسد والنظام.

ويلفت إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية قالت إنه دون أن تلتحق قسد بعملية سياسية فسنبقى في ظل إدارة الأزمة في سوريا، والسؤال هنا هل سيؤدي هذا الصراع المرتقب بقسد لأن تنتقل إلى العملية السياسية المتوقفة الآن؟ إنّ هدف الولايات المتحدة الأميركية هو أن تذهب إلى العملية السياسية التي أنشأها محور جنيف بعد فشل خطوط الاشتباك التي أنشأها محور أستانا على اعتبار أنّ محور أستانا لا يريد أن ينفذ القرار 2254، ومن هنا يأتي تصريح وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو. في هذا الشأن كونه لا يستطيع أن يتخلى عن محور أستانا في هذا الظرف.

وفي حين يرى فريق بضرورة فهم أبعاد تصريح وزير الخارجية التركي والتريث قبل إطلاق أي أحكام، ذهب فريق آخر إلى الإشارة عبر تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، ومنشورات على فيسبوك تؤكد على إرهاب الأسد بحق شعبه في سوريا، في إشارة منهم إلى أنّه لا يمكن للإرهاب محاربة إرهاب من نوع آخر، ومن المغردين أعضاء في الائتلاف الوطني وقادة فصائل من الجيش الوطني بالإضافة إلى ناشطين في داخل سوريا وخارجها، وتبقى الصورة غير مكتملة حتى يبدي نظام الأسد موقفه من هذا التصريح.