icon
التغطية الحية

تسليم هوميروس لـ "أدونيس" في إزمير

2022.06.06 | 10:51 دمشق

hwmyrws.jpg
+A
حجم الخط
-A

اختُتمت الدورة الأولى من مهرجان "هوميروس الدولي للفنون الأدبية" أمس الأحد، بعد فعاليات استمرت على مدى 3 أيام تخللتها كلمات للجهات الراعية وللكتّاب والشعراء المكرّمين فيها، ومن بينهم الشاعر السوري علي أحمد سعيد إسبر (أدونيس)، بالإضافة أيضاً إلى حفلات موسيقية وغنائية ومشاركات أدبية وفنية متنوعة.

كما ألقى الشعراء المكرمون قصائد من أشعارهم خلال تلك الفعاليات، وأُلقيت محاضرات وندوات تناولت حياتهم وتجاربهم الأدبية، ومن بينهم "أدونيس" أيضاً، الذي قدّم له الأكاديمي وأستاذ اللغة العربية التركي محمد حقي سوتشين ندوة خاصة حملت عنوان: "عالم الشعر عند أدونيس" خلال فعاليات اليوم الثاني.  

 

أدونيس.jpg

 

وتنفيذاً لما ورد في برنامج المهرجان، فقد خُصصت معظم ساعات يوم اختتامه لفعاليات التكريم ومَنْح المكرّمين جائزة "هوميروس" (Homer Honer) التي أقيم على شرفها المهرجان المذكور في منطقة "بايركلي" بولاية إزمير غربي تركيا.

جاءت الجائزة على شكل منحوتة حجرية لرأس الشاعر الإغريقي الملحمي هوميروس (نحو 850 ق.م)، الذي تُنسب إليه ملحمتا "الإلياذة والأوديسة" الشهيرتان، ويتناول في الأولى منها تفاصيل حرب مدينة "طروادة" التي يُعتقد أن أطلالها تقع اليوم بالقرب من إزمير.

 

دونييسس.jpg

 

والمهرجان الذي أقيم برعاية بلدية منطقة بايركلي بالتعاون مع رئاسة بلدية ولاية إزمير الكبرى التابعة لـ "حزب الشعب الجمهوري" المعارض في تركيا؛ قدّم في يومه الثالث رئيس بلدية المنطقة "سردار ساندل" الجائزة لكل من الشاعر والأديب التركي "أوزدمير إنجه" والكاتب "يشار أكسوي"، والصحفي "ميردان ينارداغ". بالإضافة طبعاً إلى "أدونيس"، الذي يعد الشخصية الوحيدة المشاركة والمكرّمة من خارج تركيا في هذا المهرجان الذي حمل وصف "دولي"، كما لم يوجّه رعاة المهرجان الدعوة لأي من الكتّاب والأدباء والشعراء والفنانين والإعلاميين السوريين الذين يشكّلون نسبة جيدة من مجموع اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا وخارجها.

ويصف "ساندال" أدونيس بأنه واحد من "أدبائهم وفنانيهم"، إذ كتب في كلمة نشرها عبر فيس بوك: "في اليوم الأخير من المهرجان، قدمنا جوائز فخرية للشعراء العالميين الشهيرين. نحن مدينون لـ (فنّانينا) وكل محبي الفن الذين يضيفون لنا قيمة" بحسب تعبيره.

المكرّمون الأتراك.. موالون للأسد!

ومن خلال إجراء بحث بسيط عن خلفية وتوجهات الشخصيات التركية التي نالت الجائزة إلى جانب "أدونيس" سنرى بوضوح سبب التقارب الشديد بينهم وبينه، والسر الذي يجمعهم بـ "أديبهم وفنانهم" المدلّل.

فالإعلامي ينارداغ، رئيس تحرير قناة TELE 1 التركية، من أشد المناصرين لنظام (المقاومة والممانعة) لدرجة أن وكالة "سانا" تعتمده كمصدر ناطق باسم ذلك النظام و"قيادته الشجاعة داعمة المقاومة"، وفق ما نقلت عنه الوكالة في أحد أخبارها التي وصف فيها ينارداغ "هزيمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات البلدية الأخيرة (2019) هي نتيجة هزيمته الأكبر في سوريا. وهذه الهزائم هي بداية نهاية إدارة أردوغان".

 

مناورات.jpg
تصريحات ينارداغ لـ "سانا" في مديح الأسد و"الممانعة" ويعلن فيها نهاية أردوغان

 

وكثيرة هي المقالات والتصريحات التي يعلن فيها ينارداغ دعمه الصريح للأسد، وكثيرة أيضاً هي البرامج التي يبثها على قناته لأجل ذلك ولأجل تحريض الشارع التركي ضد اللاجئين السوريين. ومثالٌ على ذلك الحلقة المرفقة أدناه، والتي جاءت تحت عنوان: "الذكرى العاشرة للهجوم الإمبريالي والرجعي في سوريا".

 

أما "الشاعر والأديب" أوزدمير إنجه، فيتساءل في مقالة نشرها على موقع صحيفة "جمهوريت" التركية: "لماذا لا يعود السوريون إلى بلادهم رغم العفو الذي أصدره بشار الأسد عدة مرات؟". ثم يتابع: "الحديث عن أن بشار الأسد جلاد، وبأنه ليس جديرًا بالثقة، هو كلام فارغ. يمكنك الجلوس على الطاولة مع الرجل والتفاوض معه بلطف"!

كلمة أدونيس "الملغّمة"

وفي تقرير أوردناه قبل يومين على موقع تلفزيون سوريا، رصدنا فعاليات اليوم الأول من أيام المهرجان، ولكلمة "أدونيس" التي تخللتها والتي تجاهل فيها أي ذكر يشير إلى السوريين اللاجئين في تركيا (نحو 4 ملايين) أو إلى أي كاتب أو أديب أو شاعر سوري، بل وخلت كلمته أيضاً من توجيه أي كلمة شكر أو امتنان للدولة التي تضم أولئك اللاجئين والمضيفة للمهرجان الذي كُرّم فيه.

وجاءت كلمة "أدونيس" أشبه بخطاب سياسي هاجم فيه الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية بشراسة، واتهمها بأنها تمارس حروباً "دينية" مدمّرة في مختلف مناطق العالم، حين قال: "الثقافة اليوم -وخاصة في العالم الإسلامي- تكاد أن تنقسم إلى شطرين: فضاء الدين وفضاء الشعر". ولا نرى في فضاء الدين الأميركي والأوروبي إلا العنف والحروب، تدميراً وإبادة مختلفة وعلى جميع الصعد، وبتمجيد واحتفاء مختلف أشكال الإعلام".

وبعد ذلك، صوّب "أدونيس" هجومه باتجاه الشعراء الملتزمين بتعاليم الدين والشريعة، ليقول إن "اللغة المشتركة بين أهل الشعر وأهل الدين هي لغة حقيرة أصبحت أداة للصمت والتزوير والمحو... وتحولت إلى مستنقع للأجوبة الجاهزة، حيث تصبح الحقيقة كذباً والإنسان وهماً"، معتبراً أن العالم الذي نعيش فيه اليوم هو عالم حربٍ "باطنها الدين"، على حد وصفه.

وختم كلمته بتوجيه الشكر للجهة الراعية لـ "الجائزة"، وللحاضرين، ولـ إزمير التي وصفها بـ "المدينة الشاعرة".

وبالرغم من خطابه السياسي المنتقد للحرب (الباطنية/ الدينية) وللدمار، لم يتجرأ أدونيس على ذكر ما خلفته حرب النظام السوري من دمار وقتل وتهجير.

كما رصد التقرير أيضاً منشورات لأدباء سوريين عارضوا منذ البداية تكريم "الشاعر الموالي لنظام الأسد" والذي لم يفتأ يهاجم الثورة السورية والثوار في كل تصريح يدلي به خلال لقاء أو مقابلة أو ندوة أدبية أو مؤتمر صحفي، مطالبين بـ "طرده" كما سبق أن حصل مع المغني الموالي للنظام السوري "علي الديك".

أدونيس إذ ينطق بلسان النظام

ومنذ الانطلاقة الأولى للثورة السورية في ربيع 2011، كان "إسبر" يثير استهجان واستنكار السوريين المناهضين للأسد ولطغمته الفاسدة في العديد من المواقف التي أعلن فيها رفضه الثورة ووصف المشاركين فيها بصفات تتطابق مع رواية النظام واتهاماته.

وسبق أن قال "أدونيس" في أحد تصريحاته إنه "لا يتفهم أن البعض يطلق على السوريين (شعب الثورة) وقد هاجر عن سوريا نحو ثلث سكانها".

كما أعلن احتجاجه في بداية الثورة على مطالبتها بـ "إسقاط النظام"، وعلى خروج المظاهرات السلمية من المساجد في يوم الجمعة، وعلى عدم رفع المتظاهرين السلميين شعارات "فصل الدين عن الدولة"، وصولاً إلى إعلانه أن "ما حلمنا به كثورة هو غلط ووهم".

كما ادّعى أدونيس أن الشعب السوري في الداخل "ليس هو الذي تحرك. تحرك المرتزقة وبعض الأشخاص المقيمين في الخارج. بينما المعارضة في الداخل غير معترف بها من الطرفين؛ ليس هناك ثورة".

وقال أيضاً في حوار صحفي: "ما تمر به سوريا اليوم لا يمكن أن يكون ثورة، كما يحلو للبعض تسميتها، وإنما إساءة إلى فكرة الثورة. حيث لا يمكن لثورة أن تقوم على أكتاف مرتزقة ومأجورين" على حد تعبيره.

وبالمقابل، لم يوجّه أدونيس في كل تصريحاته وكلماته ومداخلاته، أي انتقاد للميليشيات والدول التي استجلبها النظام السوري لمشاركته في حربه ضد السوريين، وعلى رأسها إيران وميليشياتها وروسيا ومرتزقتها.

ووجهت لـ "أدونيس" كثير من الاتهامات من بينها الطائفيّة، والانتهازية، وتأييد نظام الأسد في حربه ضد السوريين، والسعي وراء نيل الجوائز والتكريمات، بالإضافة أيضاً إلى تهم "الانتحال" و"السرقات" الأدبيّة.