بالرغم من الحديث عن وجود كيمياء على المستوى الشخصي بين أردوغان وترمب ووجود توقع عام بأن فترة ترمب الثانية لن يكون فيها تغيير جذري عن ولايته الأولى إلا أن هناك توجسا كبيرا من فريق ترمب حتى أن عددا من الكتاب الموالين للحكومة في تركيا ينظرون بخيبة أمل حتى أن بعضهم وصف الفريق بأنه فريق صليبي سواء من حيث تصريحاتهم السابقة حول المسلمين أو تأييدهم للحرب ضد الفلسطينيين.
ومن بين الأسماء في ملف السياسة الخارجية رشح ترمب ستيف ويتكوف مبعوثا للشرق الأوسط وماركو روبيو للخارجية ويعتبر ماركو روبيو من صقور الإدارة وهو شخص مطلع بشكل قوي على جميع سياسات تركيا الداخلية والخارجية.
وفيما يلي نسلط الضوء على مواقف روبيو السابقة تجاه تركيا وقد شغل ماركو روبيو منصب عضو مجلس الشيوخ منذ 2011 وعمل في لجنة العلاقات الخارجية وتابع تطورات تركيا والمنطقة بشكل وثيق ويمكن القول إن روبيو استخدم تصريحات انتقادية ضد الرئيس أردوغان والعديد من سياسات تركيا في السابق.
إن أحد أكثر الملفات العالقة بين تركيا والولايات المتحدة هي مستقبل الوضع في شمالي سوريا وقد انتقد روبيو في 2019 ما اتفق عليه ترمب مع أردوغان من سحب للجنود الأميركيين من المنطقة قبل عملية نبع السلام التركية شمالي سوريا في تشرين الأول/أكتوبر. وقال روبيو حينها إن أردوغان أطلق هذه العملية ليغطي على فشله في انتخابات البلدية في 2019. واعتبر روبيو هجوم تركيا ضد "قوات سوريا الديمقراطية" التي تقاتل تنظيم داعش في شمالي سوريا خطأ كبيرا وقال إنه لن تتمكن أي دولة من محاربة داعش مثل "قسد".
أكثر الملفات العالقة بين تركيا والولايات المتحدة هي مستقبل الوضع في شمالي سوريا وقد انتقد روبيو، وهو المرشح لمنصب وزارة الخارجية في البيت الأبيض، مواقف تركيا سابقة في الملف السوري.
وقبل ذلك في 2018 عارض روبيو سحب الوجود العسكري الأميركي في 2018 وكان له دور في عدم استكمال هذه العملية ويتوقع أن تكون هذه القضية هي القضية الأولى بين تركيا والولايات المتحدة.
وعلى مستوى الخلافات التاريخية يعتبر روبيو أحد النواب الذين صوتوا في كانون الأول/ديسمبر 2019 على قانون في الكونجرس يعترف بإبادة جماعية من قبل العثمانيين بحق الأرمن في 1915.
أما الموقف من المعارضة التركية فقد انتقد روبيو بشدة إلغاء الجولة الأولى التي فاز بها إمام أوغلو في انتخابات البلدية 2019 وقال إن الاستبداد يتحدى الديمقراطية وإن أردوغان يقوض العملية الديمقراطية. يعتبر روبيو أيضا ما تقوم به تركيا انتهاكات لحقوق الإنسان بعد اعتقال تركيا لأتراك يتجسسون لصالح بعثات دبلوماسية.
وفي ملف العلاقة مع جماعة غولن يمتلك روبيو علاقات مع الجماعة وقد التقى بلاعب كرة السلة التركي الأميركي الشهير أنس كانتر الذي ينتمي للجماعة ويعد كانتر صديقا مقربا لروبيو. وبالمناسبة أسهم كانتر في فوز ترمب عبر الترويج له وقد شكره ترمب علنا في أحد الحفلات بعد الانتخابات على دوره. ويعد كانتر مطلوبا لأنقرة.
وفي الملف الخارجي يعد روبيو معاديا لروسيا بشكل كبير حين عارض روبيو حصول تركيا على منظومة إس 400 الدفاعية من روسيا، ولعب دورا نشطا جدا في فرض العقوبات على أنقرة بعد شراء منظومة إس 400 وكان له دور مباشر في التأثير على ترمب في هذا السياق.
وعلى مستوى علاقات أخرى لتركيا انتقد روبيو التعاون التركي الفنزويلي وعلاقة أردوغان مع مادورو واعتبر أن تجارة الذهب بين أنقرة وكاراكاس تأتي ضمن خطة إجرامية بين البلدين في 2018 و2019.
وفي جغرافيا أخرى أقرب لتركيا يعارض روبيو أي تعديلات في قبرص لصالح أنقرة، وقد انتقد قرار افتتاح منطقة كانت مغلقة في جزيرة قبرص منذ العام 1974. وأرسل رسالة للرئيس بايدن يطلب اتخاذ خطوات بشأن هذه القضية كما يعارض روبيو اقتراح حل الدولتين في قبرص والذي تدعمه تركيا. وكان روبيو مهندس تطوير العلاقات بين قبرص الرومية واليونانية وهو من قام برفع حظر التسليح عن قبرص الجنوبية.
يعتبر الأتراك أن الجمهوريين أقل تدخلا في السياسة الداخلية لتركيا من الديمقراطيين ولكن مع هذه الفريق الذي يعد روبيو أحد رموزه يتوقع أن يكون هناك عقبات خاصة في ظل رغبات تركية لحل ملفات تاريخية مثل القضية الكردية ومشروع تغيير الدستور.
وحول القضايا الإقليمية يضاف لما سبق موقف روبيو المتشدد تجاه إيران وتجاه القضية الفلسطينية والداعم للاحتلال الإسرائيلي وهذا يشكل نقاط اختلاف أيضا في التوجهات العامة بين روبيو والحكومة التركية.
يعد أحد المواقف الإيجابية القليلة لروبيو تجاه تركيا هو موقفها تجاه أوكرانيا ودعمها عبر الصناعات العسكرية لأوكرانيا وخاصة المسيرات بيرقدار التي لعبت دورا مهما في مواجهة كييف للغزو الروسي وكان روبيو أحد الشخصيات التي عملت على إشعال الخلاف بين تركيا وروسيا عندما أسقط الأتراك طائرة روسية في 2015 وتبين بعد ذلك أن جماعة غولن هي من كانت وراء الحدث لتخريب العلاقات التركية الروسية.
بالنظر لآراء روبيو السابقة تجاه تركيا فمن المتوقع أن تواجه أنقرة العديد من المشكلات معه خاصة في قضية شمالي سوريا وجماعة غولن ولكن من المتوقع أن يحاول المسؤولون الأتراك كسب ثقته من خلال العمل في نقاط الالتقاء وخاصة في الملف الأوكراني – الروسي. وفي العموم يعتبر الأتراك أن الجمهوريين أقل تدخلا في السياسة الداخلية لتركيا من الديمقراطيين ولكن مع هذه الفريق الذي يعد روبيو أحد رموزه يتوقع أن يكون هناك عقبات خاصة في ظل رغبات تركية لحل ملفات تاريخية مثل القضية الكردية ومشروع تغيير الدستور.