icon
التغطية الحية

ترامب يبحث عن مكاسب في السياسة الخارجية قبيل الانتخابات

2020.10.22 | 18:18 دمشق

190116-manbij-troops-mc-1340_749c7408b274931d89baa2a7b4e6ad8c.fit-560w.jpg
إن بي سي- ترجمة وتحرير: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

يبذل مسؤولون في القيادة الأميركية آخر ما لديهم من جهود لإنقاذ اتفاقية ضبط السلاح مع روسيا، ضمن الخطة الأوسع للضغوطات التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب لتحقيق تقدم على صعيد السياسة الخارجية خلال حملته التي سيدخل من خلالها الانتخابات مجدداً.

فقد قطعت الولايات المتحدة وروسيا مسافة قصيرة لصوغ اتفاق ضبط تسلح يوم الثلاثاء الماضي بعدما أعلنت موسكو استعدادها لدعم مقترح إدارة ترامب القاضي بتجميد الرؤوس النووية لمدة سنة مع تمديد آخر لمعاهدة لضبط السلاح النووي بين هاتين القوتين الكبيرتين، والتي تعرف باسم نيو ستارت.

وفي الوقت الذي تظهر فيه استطلاعات الرأي ترامب وقد تخلف عن منافسه من الحزب الديمقراطي، جو بايدن، ينخرط نواب الرئيس في دبلوماسية تشتمل على مخاطر شديدة وهم يحاولون تحقيق مكاسب على صعيد السياسة الخارجية قبل موعد الانتخابات في الثالث من شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وتشمل تلك الجهود محاولة صوغ اتفاق ضبط سلاح مع روسيا، وإقناع المزيد من الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وضمان تحرير الأميركيين المحتجزين في سوريا، وسحب مزيد من القوات الأميركية خارج العراق وأفغانستان.

اقرأ أيضا: "تويتر" يغلق حساب الحملة الانتخابية لترامب

وحول ذلك يعلق ويليام ويشلار من مركز أبحاث مجلس الأطلسي بالقول: "إن التوقيت الغريب بالإضافة إلى الضغط الكبير من أجل التحرك الفوري يوحيان وبشدة بأن تلك المبادرات تتحرك بموجب تقويم الانتخابات ولكن بطريقة غير مناسبة، بدلاً من أن يكون الدافع الأساسي لها هو مصالح الأمن القومي في البلاد"، فقد عمل هذا الرجل كمسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع خلال فترة إدارة أوباما.

في حين نقلت قناة إن بي سي الإخبارية بأن ترامب يفكر بإلقاء خطاب مجلجل حول السياسة الخارجية قبل الانتخابات، وذلك ليضغط على أعضاء فريق الأمن القومي لديه ليقوموا بتسريع وتيرة العمل على المبادرات الأساسية التي بوسعه أن يركز عليها، مثل سحب القوات الأميركية من أفغانستان، وذلك بحسب ما ذكره مسؤولان رفيعان في الإدارة الأميركية.

وفي بيان رسمي، ذكر مسؤول رفيع في الإدارة ما يلي: "من اليوم الأول سعت هذه الإدارة بلا هوادة لضبط التسلح بشكل أكبر، وللعب دور الوسيط في عملية السلام، وللعمل بجد لإعادة الرهائن الأميركيين إلى بلدهم، وكل تلك الأمور تعزز الأمن القومي للولايات المتحدة. لذا ينبغي ألا يستغرب أحد من مواصلتنا الدفع بقوة من أجل بذل الجهود ضمن ذلك المضمار بصرف النظر عن تقويم السياسة الداخلية".

ثم أتى التقدم المتوقع مع روسيا بعد أيام على وقوع خلافات علنية أدت إلى تجميد مفاوضات ضبط السلاح بين واشنطن وموسكو. ففي يوم الجمعة الماضي، رفضت إدارة ترامب عرضاً قدمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول تجديد معاهدة نيو ستارت لمدة سنة دون أي شروط، وبموجب هذا التمديد لن يتم تجميد الرؤوس النووية التي يملكها كلا البلدين أي أنها لن تخضع لتلك المعاهدة.

وبحلول يوم الثلاثاء، صرحت روسيا أنها يمكن أن تقبل بالمطالب الأميركية التي تتصل بتجميد الترسانة النووية لكلا الطرفين، بالرغم من أنها لم توافق على تأكيد أي عملية تجميد.

اقرأ أيضا: جدل في واشنطن.. ترامب قد يسحب قواته من سوريا مقابل

إذ أعلن وزير الخارجية الروسي في بيان له: "يمكن تنفيذ الاقتراح الذي تقدمنا به فقط وبصورة حصرية بناء على تفهم عدم قيام الولايات المتحدة بطرح أية شروط جديدة"، ووصف عملية التجميد بأنها: "التزام سياسي".

ومن جهتها رحبت إدارة ترامب بالبيان الروسي وأعلنت عن استعدادها للقاء على الفور وذلك لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يمكن التثبت من صحته ومصداقيته حسب وصفها.

ووصف جيمس أكتون وهو عضو رفيع ضمن إدارة برنامج السياسات النووية لدى مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي الاتفاق بأنه ممكن ولكن لم يتضح له بعد هل ستكون الاتفاقية قريبة أم لا، حيث قال: "إن الخلاف حول إمكانية وضرورة التحقق يعتبر موضع أهمية كبيرة"، ففي حال رغبت الولايات المتحدة "بعقد اتفاق قبل الانتخابات، عندها يتعين عليها إما أن تتراجع وأن تقبل بعدم التحقق أو أن تقبل بوعد من روسيا بالتفاوض حول ترتيبات التحقق، بما أنه يتعذر القيام بذلك خلال أسبوعين. إلا أن كلا الأمرين محتمل وكلاهما لم يتم تأكيده بعد".

هذا وتمثل معاهدة 2010 التي ستنتهي في الخامس من شباط/فبراير المقبل، آخر اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا يتم بموجبه وضع حدود لتوسع الترسانة النووية لدى أكبر قوتين في العالم، بعد قرار ترامب القاضي بانسحاب الولايات المتحدة من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى خلال العام المنصرم.

اقرأ أيضا:مشهد الانتخابات الأميركية: سياسةٌ أم (صِناعة)؟

وبموجب بنود الاتفاقية، يمكن لكلا الدولتين أن تقوما بنشر ما لا يزيد على 1550 رأسا نوويا نشطا، سواء أتم ربطها بصواريخ بالستية عابرة للقارات أو بغواصات أو طائرات حربية. وتشتمل هذه الاتفاقية على إجراءات تحقق معينة، تبيح لكلا البلدين أن يقوم بعمليات تفتيش متكررة لترسانة الآخر وذلك لضمان الالتزام بالبنود والقواعد التي تم وضعها.

إلا أن موقف إدارة ترامب تجاه معاهدة ضبط السلاح قد تغير بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث أصبح يمثل حالة عاجلة جديدة بعد ثلاث سنوات من الركود. ففي بداية الأمر كانت تلك الإدارة تصر على ضرورة ضم الصين إلى أي اتفاقية سيتم توقيعها مستقبلاً، إلا أن موسكو وبيكين رفضتا ذلك المطلب. كما يرى مسؤولون أميركيون بأن إجراءات التحقق لا بد أن يتم تعزيزها عند تجديد معاهدة نيو ستارت.

وحول ذلك يقول كينغستون ريف وهو مدير نزع السلاح وسياسة الحد من المخاطر لدى مركز أبحاث جمعية ضبط السلاح: "الساعة لدينا الآن 11 ونصف، وكان لدى الإدارة الأميركية أكثر من ثلاث سنوات ونصف لتسعى لعقد اتفاقية مع روسيا".

المعتقلون الأميركيون في سوريا

أما ماثيو كروينيغ وهو مسؤول رفيع سابق في وزارة الدفاع عمل مستشاراً لدى ميت رومني في حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2012، فيرى بأن توقيت الضغوطات الدبلوماسية القريب جداً من موعد الانتخابات الرئاسية لم يكن صدفة، إذ يقول: "يعود جزء من تلك العجلة إلى فكرة تحصيل شيء قبل الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر حتى نقول أننا عقدنا اتفاقاً مع الروس وأن ذلك أفضل مما فعله أوباما".

كما كثفت إدارة ترامب من جهودها لضمان تحرير العديد من المواطنين الأميركيين المحتجزين في سوريا وذلك عبر لقاء مسؤولين سوريين ولبنانيين على أمل إعادة الأميركيين إلى ديارهم، وعلى رأسهم الصحفي الحر أوستين تايس، الذي خدم فيما مضى ضمن قوات مشاة البحرية واختفى في سوريا خلال عام 2012، ومجد كم ألماز وهو أميركي من أصول سوريّة كان يعمل معالجاً طبيعياً لكنه اختفى منذ عام 2017، بعدما قام حاجز تابع لنظام الأسد بتوقيفه.

اقرأ أيضا: هل يجد بايدن " توماس جيفرسون" خلف كثبان سوريا؟

وقد ترأس مسؤول من مجلس الأمن القومي الوفد الأميركي الذي توجه إلى سوريا في آب/أغسطس لإجراء مفاوضات سرية هدفها تأمين عودة المواطنين الأميركيين إلى بلادهم، بحسب ما ذكره مسؤولان من إدارة ترامب حول تلك المفاوضات.

فيما أماطت صحيفة وول ستريت جورنال -التي كانت السباقة في نقل أخبار تلك الاجتماعات- اللثام عن هوية هذين المسؤولين وهما كاش باتيل نائب معاون ترامب والمبعوث الأميركي الخاص لشؤون الأسرى السفير روجر كارستينز الذي التقى بعلي مملوك رئيس فرع المخابرات بسوريا، في مكتبه بدمشق.

كما التقى مستشار الأمن القومي روبرت أوبريان برئيس فرع الأمن بلبنان وهو الجنرال عباس إبراهيم، وتم ذلك اللقاء في واشنطن خلال الأسبوع الماضي بحسب ما ذكره المسؤولان من إدارة ترامب.

ولقد ظلت توقعات نتائج تلك المحادثات التي جرت مع دمشق مفتوحة، وذلك لأن سوريا طلبت مقابل تحرير الأميركيين مجموعة من المطالب تراوحت ما بين رفع حزمة واسعة من العقوبات الأميركية والانسحاب الأميركي الكامل بحسب ما ذكره هذان المسؤولان.

وخلال الأسبوع الماضي، قام مقاتلون حوثيون تدعمهم إيران في اليمن بتحرير أميركيين، وعلق وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على ذلك بالقول: "إنه التأكيد الأخير على أن الرئيس ترامب ما يزال ملتزماً بإعادة كل أميركي وقع بالأسر أو اعتقل ظلماً إلى بلاده".

اقرأ أيضا: سوريا والانتخابات الأميركية..آمال معلقة

وقد أشار ترامب ومؤيدوه إلى اتفاقيات التطبيع الأخيرة بين إسرائيل والإمارات وكذلك بين إسرائيل والبحرين بأنها علامة فارقة في السياسة الخارجية، بل حتى منتقدي الرئيس، وبينهم بايدن، أثنوا على تلك الاتفاقيات ووصفوها بأنها تمثل خطوات مهمة للمضي قدماً في الشرق الأوسط.

في حين وصف ويشلار تلك الاتفاقيات بأنها: "إنجاز حقيقي في السياسة الخارجية من أي اتجاه فكرت به".

اقرأ أيضا: "ترامب" يهدّد بمغادرة البلاد في حال خسر الانتخابات

ولكن حتى بعد تحقيق ترامب نجاحا على الساحة الدولية، يميل هذا الرجل إلى التعتيم على تلك الأخبار عبر تعليقاته وتغريداته المثيرة للجدل التي تحول اهتمام الرأي العام نحو قضايا أخرى وأحقاد حزبية بحسب رأي الخبراء. وعلى أية حال يرى المحللون السياسيون بأن تعامل الرئيس مع فيروس كورونا والعلاقات التي تتصل بهذا السباق إلى جانب تعاطيه مع الاقتصاد من المحتمل هي من سيحدد قرار الناخبين، وليست تلك القضايا التي تتصل بالسياسة الخارجية.

إذ عندما واجه الرئيس جيمي كارتر صعوبة في إعادة انتخابه عام 1980، هرع نوابه لمحاولة تحقيق مكسب عبر تحرير الأسرى الأميركيين في إيران، إلا أنهم لم يتمكنوا من تحريرهم، وهكذا خسر كارتر أمام منافسه رونالد ريغان. وقبيل الانتخابات الرئاسية وتحديداً في تشرين الأول/أكتوبر من عام 1972، أعلن هنري كسنجر الذي كان حينها مستشار الرئيس ريتشارد نيكسون للأمن القومي عن مشروع: "السلام في متناول اليد" بفيتنام، غير أنه تبين فيما بعد أن الرياح لم تجر كما اشتهت السفن.

إذ يحاول معظم الرؤساء الذين يطمحون لأربع سنوات أخرى في البيت الأبيض إلى الإشارة لمنجزاتهم خلال الأسابيع الختامية لحملتهم الانتخابية، وليس تحقيق إنجازات خلال اللحظات الأخيرة بحسب رأي ويشلار، حيث يعلق على ذلك بالقول: "عند هذه المرحلة من دورة الانتخابات، ما نراه عادة هو رئيس يذكر عامة الناس بكل النجاحات التي حققها على مدار سنوات، لذا فإنه من غير المعتاد أن نرى رئيساً يحاول أن يحقق نجاحات جديدة بسبب عدم توفر سجل يوثق مسيرته".

اقرأ أيضا: بعد أن قلل من خطورته.. هل يهدد كورونا حملة ترامب الانتخابية؟

المصدر: إن بي سي