كانت سوريا جزءا مهما من جملة ما كشف عنه كتاب مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتن، الذي سجل فيه كواليس السياسة الأميركية الخارجية خلال فترة وجوده في البيت الأبيض.
ويقول بولتن في كتابه "الغرفة التي شهدت الأحداث" إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال نقاش حول سحب القوات الأميركية من سوريا وصف المقاتلين الكرد بـ"الجبناء" وقال بحسب بولتن " أنا لا أحب الكرد، فقد هربوا من العراقيين ومن الأتراك، والمرة الوحيدة التي لن يهربوا فيها هي عندما يُقصف كل ما يحيط بهم بواسطة طائرات إف-18".
وفيما يلي ترجمة موقع تلفزيون سوريا لأجزاء ورد فيها ذكر سوريا:
كانت هنالك مخاطر وفرص جديدة تتجه نحونا بسرعة، إذ بعد ثماني سنوات من ولاية باراك أوباما لا بد أن لدينا كثيرا لنعمل على إصلاحه وتعديله، وقد فكرت ملياً وطويلاً بالأمن القومي لأميركا في هذا العالم المضطرب: إذ هنالك روسيا والصين على المستوى الاستراتيجي، وإيران وكوريا، وغيرهما من الطامحين بالأسلحة النووية من المارقة، وتهديدات عاصفة من طرف الإرهاب الإسلامي المتطرف في الشرق الأوسط الذي تسوده الاضطرابات (في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن)، وأفغانستان وما وراءها، والأخطار التي تسود منطقتنا، في كل من كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا.
لقد فاقمت الصفقة النووية الإيرانية من حالة الخطر وذلك عبر التوصل إلى ما يشبه الحل، وتحويل الأنظار بعيداً عن المخاطر، ورفع العقوبات الاقتصادية التي تسببت بمعاناة الاقتصاد الإيراني إلى حد كبير، مع السماح لطهران بالمضي قدماً دون أن تعترضها أية عوائق. كما أن هذه الاتفاقية لم تعالج المخاطر التي تمثلها إيران بجدية والتي تتمثل ببرنامج الصواريخ البالستية لديها، وبمواصلة دورها المتمثل بلعب دور المصرف المركزي للإرهاب في العالم، ونشاطاتها الخبيثة في المنطقة عبر تدخل وتنامي قوة فيلق القدس الذي يعتبر الذراع العسكري في الخارج للحرس الثوري الإيراني، وذلك في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن ومناطق أخرى.
طرح ترامب بعد ذلك موضوع الحرس الثوري الإسلامي الإيراني وتساءل إن كان عليه أن يقوم بتصنيفه كمنظمة إرهابية أجنبية، ليخضع بذلك للمزيد من العقوبات والقيود، فشجعته على ذلك بسبب سيطرة هذه المنظمة على البرنامج النووي وبرنامج الصواريخ البالستية في إيران، ولدعمها الكبير للإرهاب الإسلامي المتطرف، سواء السني أو الشيعي، إلا أن ترامب قال بأنه سمع أن إيران قد تنزعج في حال تم تصنيف تلك المنظمة على وجه الخصوص، وقد تتعرض القوات الأميركية جراء ذلك لضربة مضادة في كل من العراق وسوريا، ثم علمت بأن هذا كان موقف ماتيس.
كانت كوريا الشمالية تعمل على بناء مفاعل نووي في سوريا إلا أن إسرائيل دمرت ذلك المشروع في أيلول/سبتمبر 2007، والذي كانت تموله إيران بكل تأكيد، وقد وصفت كيف كان بوسع إيران أن تشتري بكل بساطة كل ما تريده من كوريا الشمالية وفي الوقت الذي يناسبها.
في السادس من آذار/مارس كان لدي اجتماع آخر مع ترامب، حيث انتظرت في رواق الجناح الغربي، وأخذت أتابع التلفاز عندما سأله مراسلون عن سبب اعتقاده بأن كوريا الشمالية باتت على استعداد للتفاوض، فرد ترامب بكل سعادة: "أنا"، تمنيت حينها لو أدرك بأن كوريا الشمالية كانت تخشى حقيقة من هو، بخلاف أوباما، كان على استعداد لاستخدام القوة العسكرية عند الضرورة. مضيت نحو المكتب البيضاوي عند الساعة الرابعة وأربعين دقيقة، فرأيته مرة أخرى وقد جلس إلى مكتب القرار النظيف، فقال ترامب لي بمجرد أن دخل كيلي: "هل أنا من طلب هذا الاجتماع أم أنت؟" فقلت له بأني أنا من طلبه، فرد علي بالقول: "خلت أنني أنا من طلبه، ولكني سعيد بقدومك لأنني أريد أن أراك"، فبدأنا بالحديث عن كوريا الشمالية، وشرحت له كيف أرى بأن كيم يونغ أون يحاول كسب الوقت لإنهاء بعض المهام التي تعتبر قليلة نسبياً لكنها خطيرة وضرورية لتحقيق القدرة على إنتاج وتصدير الأسلحة النووية، ما يعني أن كيم يونغ أون يخشى الآن من القوة العسكرية على وجه الخصوص، وهو يعرف بأن العقوبات الاقتصادية بمفردها لن تمنعه من تحقيق ذلك الهدف، إلا أنني لم أكن على يقين من أن ترامب فهم هذه النقطة، لكنني قمت أيضاً برفع تقارير حول قيام كوريا الشمالية ببيع معدات أسلحة نووية مع باكورة أسلحة كيماوية لسوريا، مع احتمال تمويل كل ذلك على الأرجح من قبل إيران.
وفي يوم السبت الذي سبق عيد الفصح وعند الساعة السادسة والنصف مساءً، جرى حوار غريب نوعاً ما بيني وبين ترامب الذي تحدث تقريباً طيلة الوقت، وبدأت هذا الحديث بالقول: "لقد كان ريكس فظيعاً"، ثم شرحت السبب مع التركيز على القرار القاضي بتخصيص 200 مليون دولار لإعادة إعمار سوريا، فلم يعجب ذلك ترامب لذا قال: "أريد أن أبني بلدنا، وليس بلاد الآخرين".
وفي الإثنين الذي تلا عيد الفصح، اتصل ترامب مرة أخرى، فسألته: "كيف كانت بيضة عيد الفصح سيدي الرئيس؟" فأجاب: "رائعة!"، وكان ذلك في الوقت الذي كانت فيه سارة ساندرز وأطفالها وغيرهم يدخلون ويخرجون من المكتب البيضاوي، ثم عاد للحديث عن حواره مع ذاته الذي جرى مساء يوم السبت، فقال: "أريد أن أخرج من هذه الحروب الفظيعة (أي الحروب في الشرق الأوسط)، فنحن نقوم بقتل داعش لصالح دول تعتبر عدواً لنا"، ففهمت من ذلك أنه يقصد روسيا وإيران وسوريا الأسد، وذكر بأن مستشاريه انقسموا إلى قسمين: قسم يرغب بالبقاء للأبد، وقسم يرغب بالبقاء لفترة، وعلى النقيض من ذلك صاح ترامب: "لا أريد أن أبقى أبداً، فأنا لا أحب الكرد، فقد هربوا من العراقيين ومن الأتراك، والمرة الوحيدة التي لن يهربوا فيها هي عندما يقصف كل ما يحيط بهم بواسطة طائرات إف-18".
كان من الواضح تماماً بأن ترامب يرغب بالانسحاب من سوريا، وقد عبر بالفعل عن رغبته بذلك وبكل دقة في اجتماع لمجلس الأمن القومي عقد في اليوم التالي.
أمضيت عطلة نهاية الأسبوع وأنا أقرأ مواداً سرية وغيرها استعداداً للتاسع من نيسان/أبريل، إلا أن الأزمة السورية أتت بشكل مفاجئ وغير متوقع، واستمر الوضع كذلك طيلة السنة والنصف التاليين تقريباً.