icon
التغطية الحية

تداعيات الأزمة الأوكرانية على تفاعل العلاقات الأميركية الروسية في سوريا

2022.04.21 | 03:16 دمشق

102822.jpg
جنود أميركيون يقطعون الطريق على مدرعات روسية، بالقرب من قرية التنورية في ريف القامشلي في محافظة الحسكة (AFP)
إسطنبول - علي فياض
+A
حجم الخط
-A

تبدو النظرية الواقعية الأقدر على تفسير السلوك السياسي في السياسة الخارجية لدولة ما وتحركاتها تجاه التغييرات والتحولات التي تحدث في محيطها الإقليمي والدولي من منطلق الحفاظ على مصالحها الوطنية والقومية على حساب مصالح باقي الفواعل الدولية الأخرى، والسعي نحو الهيمنة تحت مظلّة نظام دولي يتسم بالفوضى وغياب سلطة مركزية تحمي الدول من بعضها بعضا.

ويمكننا فعلياً فهم سياسة القوى الدولية والإقليمية المنخرطة في المعادلة السورية من خلال النظرية الواقعية التي ترى أنَّ المصالح هي المحرّك الأساسي لسلوك الدول (مع عدم التقليل من شأن العوامل الأخرى؛ إيديولوجية كانت أم تاريخية وثقافية)، وأنّ حالة الفوضى التي يعيشها النظام الدولي تفرض على مختلف الفواعل الدولية السعي نحو توسيع دائرة النفوذ والهيمنة على مجالها الإقليمي ومن ثم العالمي، وذلك عبر التدخل في ملفات متعددة وإثبات قدرتها الدبلوماسية أو العسكرية في حلحلة ملفات عالقة وإمساكها بأوراق مساومة وضغط لتحصيل مكاسب في ملفات أخرى أوسع وأشمل.

علاوة على ذلك، تشابكَ الملف السوري حقيقةً مع الملفات الدولية/ الإقليمية المختلفة وتأثرت مجرياتُ الأحداث في سوريا بطبيعة تفاعل العلاقات بين القوى الدولية المنخرطة في الشأن السوري، مع تحوّل القضية السورية لميدان صراع واستقطاب دولي وإقليمي، جعلت الملف السوري برمّته حبيس نزاعات دولية ومشاريع إقليمية طامحة وساحة لتصفية الحسابات المعقّدة، في ظلِّ تعقّد مسارات الحل السياسي وتشابك مصالح الفواعل الدولية/الإقليمية وحساباتها الخاصة، وكلُّ ذلك على حساب تضحيات وتطلّعات الشعب السوري وثورته من أجل الكرامة والحرية.

ومع تطور الصراع الروسي - الغربي الأميركي في أوكرانيا واحتمالية تحوّل هذا الصراع إلى ساحة استنزاف وحرب طويلة الأمد نسبياً؛ تظهر بعض المؤشرات التي تشي بإمكانية انعكاس ذلك على الملف السوري وعلى العلاقة الأميركية ـــ الروسية في سوريا، بناءً على ما أسلفنا من حقيقة تشابك الساحة السورية وارتباطها بملفات أخرى عالقة بين الأطراف الدولية المتصارعة، وعلى رأسها روسيا والولايات المتحدة.

نسعى من خلال هذا التقرير إلى تقديم عرض سريع لتفاعل العلاقة الأميركية الروسية في سوريا منذ بداية الثورة السورية مروراً  بالتدخل الروسي وتداعياته على العلاقة وصولاً إلى تأزّم العلاقة بين الطرفين عقب الغزو الروسي لأوكرانيا؛ آخذاً بعين الاعتبار تشابك الملف السوري وتداخله مع ملفات إقليمية ودولية عالقة بين الطرفين، بهدف بناء استشراف أولي حول تأثير ذلك على مصير الملفات المشتركة بينهما؛ ملف المساعدات الإنسانية وملف التطبيع مع نظام الأسد، في ضوء تغيّر قواعد الاشتباك بين روسيا والولايات المتحدة عالمياً بعد الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا.

سوريا بين الأولويات الأميركية والطموحات الروسية العالمية

في العموم، لا تتعامل القوى الدولية الفاعلة مع مجريات تطورات الأوضاع في سوريا بوصفها واقعاً مستقلّاً بحدِّ ذاته؛ بل لكونها ميداناً من ميادين متعددة في صراعها وتنافسها مع القوى الدولية واالإقليمية الأخرى؛ وهذا ما شهدناه مراراً في الموقف الأميركي تجاه الصراع في سوريا وتموضعات القوى المنخرطة؛ إذ تنظر الإدارات الأميركية على اختلاف توجهاتها السياسية (جمهوريةً كانت أو ديمقراطية) إلى الملف السوري على سبيل المثال كجزء من الملف التفاوضي الأوسع مع إيران وروسيا على ملفات دولية عالقة بينهما كالملف النووي الإيراني مع إيران، وملف العقوبات الاقتصادية والصراع في أوكرانيا مع روسيا.

كما ترتكز السياسة الأميركية في طبيعة تعاملها مع الملف السوري على الموقع العالمي للولايات المتحدة في النظام الدولي، وعلى طريقة فهم الإدارة الأميركية للدور الأميركي العالمي، وهذا ما كان له أثر كبير في العلاقة مع روسيا من جهة، وفي مسار الصراع في سوريا من جهة أخرى؛ إذ تماهى الموقف الأميركي "الانكفائي/الانسحابي" في سوريا بدايةً مع رؤية إدارة أوباما الأوسع للسياسة الخارجية الأميركية ولدور الولايات المتحدة على الخريطة الدولية؛ والتي قامت على حماية المصالح الأميركية الاستراتيجية، وتعظيم الدور الأميركي العالمي من خلال تمتين العلاقات مع الحلفاء، والابتعاد النسبي عن النزعة إلى التدخل واستعمال القوة العسكرية التي عرفتها مرحلة الرئيس جورج بوش، مستجيباً بذلك لميل كثير من الأميركيين إلى الانكفاء عن الحروب، والحرص على عدم التورط في مواجهات عسكرية جديدة، وهو ما عبّر عنه إعلان أوباما عزمه استكمال فكّ الارتباط العسكري مع الشرق الأوسط، عبر إنهاء الوجود الأميركي في أفغانستان والعراق

ويبدو أنَّ المسار الاستراتيجي للسياسة الأميركية المتمثل ب"فك الارتباط مع الشرق الأوسط" بهدف تخفيف الأعباء التي تتحملها الولايات المتحدة في المنطقة، في إطار تحويل مركز ثقلها من الشرق الأوسط والتركيز على”محور آسيا” لاحتواء الصعود الصيني العالمي؛ قد أدّى إلى عدم وضع الإدارات الأميركية المتعاقبة (إدارة أوباما وترامب ومن ثم بايدن) الملف السوري في سلم أولوياتها، واستخدامه كورقة مرتبطة بملفات أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها، وهو ما أفسح المجال لروسيا لتعيد تموضعها في سوريا؛ التي تعتبرها موسكو قاعدةً متقدّمة لها في سبيل استعادة دورها وتثبيت نفوذها في الساحة الدولية كقوة عظمى منافسة للولايات المتحدة الأميركية، وتربّعها على هرم النظام الدولي، والاضطلاع بدور عالمي جديد، بعد خسارة موقعها العالمي عقب انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وهو ما أعلن عنه بوتين في رسالته عام 1999 التي حملت عنوان "روسيا على عتبة الألفية الجديدة"، وترجمها عملياً في غزوه الشيشان في العام 1999 وجورجيا عام 2008 وضمِّ جزيرة القرم لروسيا ودعم الانفصاليين شرق أوكرانيا عام 2014، ثم بتدخله العسكري المباشر إلى جانب نظام الأسد في سوريا عام 2015 الذي تحوّل إلى وجود عسكري شبه دائم على سواحل البحر المتوسط، وأخيراً الاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتن دونيتسك ولوغانسك شرق أوكرانيا وإعلان الحرب على أوكرانيا. 

تفاعلات العلاقة الأميركية الروسية في سوريا

مع اندلاع شرارة الثورة السورية عام 2011 حرصت إدارة أوباما على تجنّب التورط في سوريا وعدم اتخاذ موقفٍ حاسم وصارم ضد تجاوزات نظام الأسد وانتهاكاته بحق الشعب السوري، في متابعةٍ لاستراتيجية الولايات المتحدة الأوسع: "فك الارتباط"، خاصة أنَّها كانت ترغب في إتمام عملية الانسحاب من العراق قبيل انتهاء فترة رئاسة أوباما الثانية، وتجلّى ذلك بشكل واضح في عدم التزام أوباما ب"الخطوط الحمراء" التي أطلقها لتحذير النظام من مغبّة استخدامه السلاح الكيماوي، والاكتفاء بالتفاوض مع روسيا لنزع الأسلحة الكيميائية من النظام في العام 2013.

وبالتالي، فإن ردود أفعال الولايات المتحدة "الفاترة" وموقفها الضعيف نسبياً في سوريا وانكفاءها الجزئي من المنطقة، وعدم إبداء الولايات المتحدة اهتماماً بالغاً بالملف السوري، مقابل التركيز على ملفات تمثّل أهمية قصوى لدى الولايات المتحدة كالصعود الصيني والاتفاق النووي مع إيران؛ مهّدت الطريق أمام روسيا لزيادة انخراطها في ثنايا المعادلة السورية وتثبيت نفوذها ومباشرتها في العام 2015 بالتدخل العسكري إلى جانب نظام الأسد (بتسهيلٍ وموافقة ضمنية غربية/أميركية)، الأمر الذي مكّن روسيا من فرض إرادتها وتوسيع هامش المناورة السياسية لديها، وجعل منها نقطة ارتكاز مهمة ضمن شبكة معقّدة من المصالح والتناقضات بين مختلف اللاعبين، متحولةً لتثبيت مقاربتها الخاصة للحل السياسي بعد نجاحها في تثبيت أركان نظام الأسد ومنع سقوطه عسكرياً.

وعلى الرغم من موقف الولايات المتحدة الانكفائي؛ إلا أنَّها عزّزت قدرتها في التأثير على مسار الصراع في سوريا، وعلى طريقة الحل النهائي السياسي في سوريا بعد تحوّل انخراطها العسكري ضد "داعش" في العام 2014 إلى وجود عسكري مباشر بمناطق شرق سوريا وفي منطقة التنف في الجنوب الشرقي، الأمر الذي فتح المجال للتنسيق والتعاون وبناء نوع من التفاهم مع روسيا، لا سيما بعد التدخل الروسي المباشر عام 2015، وشكّل ذلك في ذات الوقت عائقاً أمام الطموحات الروسية للاستفراد في الملف السوري وتثبيت حل سياسي وفقاً لحساباتها الخاصة، إذ تمسّكت الولايات المتحدة لاحقاً بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي دعا إلى ضرورة تحقيق انتقال سياسي وانتخابات ودستور جديد في سوريا، وربطت ذلك بملف إعادة الإعمار وإعادة تأهيل نظام الأسد ورفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها تدريجياً على النظام والتي كان أوسعها عقوبات قانون قيصر عام 2018 الذي يعتبر أحد أبرز المعوقات أمام حصد روسيا فوائد تدخلها العسكري على صعيد تعويم النظام وتحقيق المكاسب الاقتصادية.

وفي ذات السياق، وخلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا أشار الباحث د. محمد سالم إلى أنّ "هناك عوامل كثيرة تؤثر في العلاقات الأميركية الروسية في سوريا، مثل الوضع العام للعلاقات الروسية الأميركية عالمياً، وأمن إسرائيل، والاستراتيجية الأميركية في التعامل مع السياسة الخارجية عموماً والشرق الأوسط خصوصاً، حيث أثّر تركيز الولايات المتحدة على الصين في دفعها نحو التغاضي عن التدخل الروسي في سوريا باعتبار أنه يوازن النفوذ الإيراني ويراعي أمن إسرائيل ويمكن أن يشغل روسيا عن التمدد في محيطها".

ومع خفوت الاهتمام الدولي بالملف السوري بشقيه السياسي والعسكري؛ فقد ركّزت مقاربات القوى الدولية والإقليمية الفاعلة على الجانب الإنساني والأمني في سوريا، خاصة الولايات المتحدة التي أعطت الملف الإنساني زخماً وأولوية مرحلية على باقي الملفات الأخرى، لا سيما فيما يتعلق بموضوع المعابر الحدودية والمساعدات الإنسانية إلى سوريا، وحصرت تعاطيها الميداني في إطار محاربة "داعش" والحد من نفوذ إيران ومراقبة تحركاتها في سوريا، وهو ما كانت له تداعيات على صعيد العلاقة مع روسيا التي استفادت من التعاطي الأميركي المتساهل مع التحركات الروسية والتفات الإدارة الأميركية لعلاج قضايا أخرى، لتتوصل موسكو إلى تفاهم نسبي مع الولايات المتحدة عبّرت عنه سياسيا بما يسمّى "خطوة مقابل خطوة" ضمن سلسلة من تفاهمات مشتركة لإعادة تشكيل الملف السوري العام، حيث حصلت روسيا فيما يبدو بموجبه على بعض المكتسبات؛ ظهرت جليةً في مسايرة الولايات المتحدة عموماً السردية الروسية في سوريا، وذلك بالتركيز على فكرة "تغيير سلوك النظام" بدلاً من "الانتقال السياسي" وتراخيها في تطبيق فواعل قانون قيصر على الدول التي اتخذت خطوات تطبيعية سياسية واقتصادية مع نظام الأسد، إضافة إلى تغاضيها عن التحركات الروسية المتزايدة في مناطق شرق الفرات، مقابل بعض الضمانات الروسية بشأن الوجود الإيراني في سوريا والضغط على النظام لتقديم بعض التنازلات فيما يتعلق بالمسار السياسي.

ومن جهته أكّد سالم على أنَّ "العلاقة عموماً تأثّرت بتقلبات الإدارة الأميركية؛ ففي عهد ترامب تم تنفيذ الانسحاب الأميركي من عدد من المناطق شمال شرقي سوريا وكان هذا لصالح الروس بالدرجة الأولى، حيث كان يعرف عن ترامب توافقه مع بوتين عموماً، وعدم رغبته إغضاب تركيا بدعم "قسد"، إلا ذلك لم يستمر مع قدوم إدارة بايدن التي لا تختلف في مقاربتها عن مقاربة أوباما في سوريا، والتي تميل إلى التوافق مع روسيا والاعتراف بنفوذها في سوريا، بل والتنسيق معها في تخفيف عقوبات قيصر والاستثناء منها تحت بند التعافي المبكر من خلال صفقة تمرير قرار المساعدات الإنسانية، وقد تحدثت تقارير عن خطة لتغاضي الولايات المتحدة عن استثمار شركة نفط روسية تحت بند التعافي المبكر لولا تعكير التوافقات الروسية الأميركية بسبب أحداث أوكرانيا".

أثر الصراع في أوكرانيا على العلاقة الأميركية الروسية في سوريا

بعد فترة من التقارب النسبي والتعاون الأميركي الروسي المشترك في سوريا، وميل الطرفَين نحو الدبلوماسية وتخفيف حدة الصراع عقب التفاهم المبدئي بينهما على ملف تمديد المساعدات الإنسانية إلى سوريا، يبدو أنَّ هذا المسار التفاهمي الحواري بين الطرفين في سوريا بات مهدداً اليوم بالتوقف أو التجميد نتيجة الحرب الأوكرانية والانقسام الأميركي - الروسي، واتخاذ الولايات المتحدة موقفاً تصعيدياً تجاه السياسة الروسية عبر فرض عقوبات اقتصادية شاملة والعمل على عزل روسيا عالمياً، ليأخذ مساراً أقرب إلى "التشدد والتعنّت في مواقف الطرفين وسياستهما في سوريا، الأمر الذي لمسناه في تصاعد الرسائل الأميركية عبر بعض مسؤولي الإدارة الأميركية من:

  • ثبات واشنطن على موقفها من عدم التساهل والتهاون في فرض العقوبات على نظام الأسد
  • معارضة واشنطن جهود إعادة الإعمار التي يقودها النظام السوري
  • تأكيد واشنطن على عدم رفع أي عقوبات ولا تحقيق أي إعفاءات عن بشار الأسد ونظامه
  • إعلان الجيش الأميركي في وقت سابق عن نشر مزيد من المركبات "برادلي" القتالية في مناطق شمالي وشرقي سوريا الخاضعة لسيطرة "قسد"
  • قيام القوات الأميركية الموجودة في شرق سوريا بمناورات عسكرية مشتركة مع قوات "قسد" بمشاركة المدفعية الثقيلة، بالتزامن مع زيارة مبعوث واشنطن الخاص إلى سوريا ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق، لمناقشة العملية السياسيةِ السورية
  • إبلاغ واشنطن دولاً عربية عبر الأقنية الدبلوماسية بضرورة عدم التطبيع مع دمشق، وعدم إعادتها إلى جامعة الدول العربية" على إثر التصعيد العسكري الروسي في أوكرانيا.

كل ما سبق يزيد من احتمالية تأثّر العلاقة الروسية الأميركية سلباً في سوريا في حال طال أمد الصراع وتشعب، وهو ما ذهب إليه الباحث فراس فحام في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، والذي أشار إلى أن "من أهم انعكاس للأزمة الأوكرانية والتوتر بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا هو توقف الحوار الاستراتيجي، الذي كان يمكن أن ينجم عنه تسهيلات أميركية في سوريا، مثل المزيد من تخفيف العقوبات عن النظام السوري وفتح المجال أمام بعض عمليات إعادة التعافي المبكر، والسماح بتطبيع علاقات النظام السوري عربياً، هذا كله توقف بسبب التوترات التي نتجت عن الأزمة الأوكرانية".

وهو ما أكّده أيضاً الباحث محمد سالم بقوله: "عملياً بدأ تأثير أحداث أوكرانيا بفرض نفسه والتأثير سلباً على التوافق الروسي الأميركي في سوريا، مما يعني إمكانية تأثر عدد من الملفات، كالتوافق على تمديد قرار المساعدات الإنسانية، وتراجع التنسيق شرق الفرات، وتراجع محاولات الروس التمدد في مناطق قسد عبر الدوريات، فيما يتعلق بالتطبيع مع الأسد، لن تدعم الولايات المتحدة محاولات التطبيع، ولكنها غالباً ليست مستعدة لبذل جهد حقيقي للوقوف ضده، خاصة أن المطبعين باتوا يرون الولايات المتحدة كقوة آفلة في المنطقة".

كانت للرؤية الأميركية الاستراتيجية لطبيعة دورها في النظام الدولي إلى جانب السعي الروسي الحثيث لتعزيز دور روسيا في الساحة الدولية (مقابل تجاهل واستخفاف أميركي/غربي)؛ تداعيات مباشرة على تفاعل العلاقات الروسية الأميركية ضمن المشهد السوري؛ بداية بالقبول الأميركي/الغربي الضمني بالتحركات الروسية في سوريا مروراً بالتماشي مع طروحاتها ورؤيتها للحل السياسي ولاحقاً بالشروع في إحداث نوع من التقارب والتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا ضمن سلسلة من تفاهمات مشتركة لإعادة تشكيل المشهد السوري العام، في ظل إمكانية انهيار هذا المسار التفاهمي بين الطرفين في حال تطور الصراع في أوكرانيا وطال أمده وتعقّدت مسارات حلّه.