icon
التغطية الحية

تخوف في الجزيرة السورية من ضياع جهد الفلاحين وسط تنافس بين "قسد" والنظام

2022.05.29 | 06:02 دمشق

1224432626-1.jpg
فلاح في أحد حقول القمح شمال شرقي سوريا - Getty
+A
حجم الخط
-A

أعلن "الاتحاد العام للفلاحين" في سوريا، في 14 أيار الجاري، عن رفع سعر شراء كيلوغرام القمح من المزارعين من 1500 إلى 1700 ليرة سورية مع مكافأة 300 ليرة للكيلو الواحد، بحيث يصبح سعر كيلو القمح 2000 ليرة، في حين منح مكافأة 400 ليرة لكل كيلو يتم تسليمه من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ليصبح سعر الكيلو الواحد 2100 ليرة.

بالمقابل، وفي إطار التنافس بين النظام و "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا، سعرت الأخيرة في 22 أيار ثمن شراء كيلو القمح من الفلاحين هذا العام بـ 2200 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد، مقابل 1600 ليرة للكيلو غرام الواحد من الشعير.

أما "الحكومة السورية المؤقتة" فقررت في 19 أيار الجاري منع تصدير أو إخراج أي من المحاصيل الاستراتيجية وفي مقدمتها محصول "القمح" إلى خارج الأراضي السورية "المحررة"، بأية طريقة كانت، ولم تحدد "المؤقتة" سعر شراء القمح والشعير في مناطق سيطرتها شمال البلاد. 

إلا أن هذه الأسعار المعلنة ليست الهاجس الوحيد للفلاحين، خصوصا أنهم لا يملكون حرية تسويق محصولهم، في ظل عدم قدرتهم على الخروج به من المناطق التي زرعوا المحصول فيها بالأساس، ويتخوفون من الحرائق التي ضربت مئات الهكتارات السنة الماضية، ومن السرقات من الجهات التي تشتري الحبوب بطرق شتى.

الفلاحون يسيّرون دوريات حراسة 

يقول فلاح من ريف القامشلي لموقع تلفزيون سوريا إن أرضه على خطوط التماس بين قوات "قسد" وقوات النظام التي تنتشر في بضع قرى بريف القامشلي.

ويعرب الفلاح، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنه وعشرات الفلاحين في المنطقة قرروا حراسة هذه الأراضي خوفاً من تعرضها للحرق، خاصة أن مساحات واسعة من المحاصيل حرقت العام الفائت، وفشلت دوائر الإطفاء التابعة "للإدارة الذاتية" والنظام بالسيطرة عليها، ما دفع الفلاحين إلى محاولة إطفاء الحرائق بأنفسهم، الأمر الذي لم يتسبب بخسارة المحصول فقط ببعض المرات، بل أدى إلى وقوع إصابات ووفيات ببعض المرات.

وفي السنوات الأخيرة تعرضت مساحات واسعة من الأراضي المزروعة من محصول القمح والشعير للحرق في شمالي وشرقي سوريا، ما تسبب بخسائر كبيرة للفلاحين، وحمل حينئذ ناشطون معارضون "قسد" المسؤولية عن الحرائق، واتهموها بالتقاعس في توفير الإطفائيات اللازمة للسيطرة عليها، في حين اتهم آخرون النظام وبعضهم حمل المسؤولية لتنظيم "الدولة" الذي كان تبنى حرق بعض الأراضي في موسم 2019.

سرقات داخل مؤسسات الحبوب 

فلاح آخر من ريف بلدة الدرباسية شمال الحسكة يدعى أبو شيخو قال لموقع تلفزيون سوريا إن السعر المعلن قد يكون مناسبا ولكن بشروط تتمثل في عدم سرقة جهد الفلاح من خلال فرض الإتاوات والضرائب وغيرها من أساليب السرقة. 

وأوضح "أبو شيخو" أن مئات الفلاحين الذين باعوا محصولهم إلى "الإدارة الذاتية" العام الفائت اضطروا وزن محصولهم قبل بيعه لمراكز الحبوب ما حملهم تكاليف إضافية، بهدف قطع الطريق على السرقات بالوزن التي يقوم بها موظفو "الإدارة الذاتية" حيث يتم منح الفلاح وزنا مختلفا لمحصوله عن الوزن الحقيقي ومع ذلك كان هناك عشرات السرقات بالوزن. 

وأشار إلى أن سعر القمح يختلف بحسب الدرجات، ومن طرق السرقة الملاحظة هي منح درجات متدنية للمحصول، وبالتالي تدني السعر، معرباً عن تخوفه من أن شن تركيا لأي عملية عسكرية في شمالي سوريا بالفترة المقبلة قد تحرم الفلاحين من ثمن محاصيلهم إذا ما باعوه "للإدارة الذاتية" التي قد ترفض الدفع للفلاحين الذين سيبقون بالمناطق التي ستطرد منها "قسد".

مخاطر البيع بالليرة السورية 

يقول المهندس حسان المحمد، وهو المدير العام لمؤسسة الحبوب التابعة "للحكومة السورية مؤقتة" إن الأسعار هي ضمن المتوقع، ولكن المشكلة أنها بالليرة السورية وهي قابلة للانهيار بأي لحظة، خاصة أنها شهدت انهيارات كبيرة خلال فترة قصيرة في أوقات سابقة، والأفضل بالنسبة للفلاح، خاصة في حال الادخار، هي العملات المستقرة "نحن دائما بالمؤسسة العامة للحبوب ومنذ العام 2014 نستخدم الدولار الأميركي في عمليات الشراء لأنها عملة مستقرة تصلح للادخار".

مخاوف مختلفة

وأعرب "المحمد" لتلفزيون سوريا عن تخوفه من فرض "قسد" والنظام إتاوات على فواتير الفلاحين، مثل رسوم إعادة الإعمار أو "مجهود حربي" وغيرها من الأساليب "هذا إذا سلمنا أن السعر مناسب" ومن المحتمل سرقة المحصول عن طريق "القبابين" من خلال التلاعب بالأوزان.

وعن احتمالية وقوع حرائق، قال إن الحرائق أخذت نحواً متصاعداً منذ سيطرة "قسد" على الجزيرة السورية والتي تعد خزان المحاصيل الشتوية من قمح وشعير بالنسبة لكل سوريا، وهي بالفترة السابقة كانت نادرة الحدوث لعوامل مختلفة أما بعد سيطرتها فاختلف الأمر وضربت الحرائق مساحات واسعة، وعدم وجود حوادث مماثلة على الجانب الآخر من الحدود أي في الأراضي التركية التي تزرع بالمحاصيل ذاتها يشير إلى أنه من المؤكد أن هذه الحوادث تتم بشكل متعمد، لذلك على الفلاحين الحذر ومراقبة محاصيلهم وهم وحدهم الذين يعول عليهم لحماية حقولهم من الحرائق "لأن الجهات المسيطرة لها مصلحة في إفقار الفلاحين لدفعهم إلى الانضمام إليها".

نصائح للفلاحين

ونصح "المحمد" وهو مهندس زراعي، بتسيير دوريات حراسة لحماية حقولهم وحفر "جور وتعبئتها بالمياه أو تجهيز براميل مياه وأكياس خيش بمحيط حقولهم، وتجهيز الجرارات وإرفاقها بعدّة الفلاحة (بالديسك) لعزل النيران في حال نشبت بالحقل، أي يؤمن أن هناك من يترصد بالحقل وعليه حمايته".

وأضاف أن الفلاحين في حال حصلوا على قمح من نوعية جيدة بداية: "خزن كمية منه كبذار للعام المقبل، ومونة للخبز"، خاصة أن قسما كبيرا من الفلاحين تجيد عائلاتهم الخبز بالمنازل، بحسب حجم العائلة.

ويؤكد أن الفلاح غير مضطر للبيع وعليه انتظار اللحظة المناسبة، والبيع نقداً وليس بفواتير آجله لعدم الثقة بـ "قسد" أو النظام في حال تغيرت خريطة السيطرة. 

وبخصوص الثمن الذي سوف تقدمه "الحكومة المؤقتة" للقمح، قال "المحمد" إن "الحكومة من خلال مجالس المحافظات ومديريات الزراعة بالمناطق المحررة في الشمال السوري، تعمل فيها لجان على تحديد تكاليف الفلاحين وتحقيق هامش ربح مُجزٍ لهم، إضافة إلى أن الشراء سيكون بالدولار الأميركي".