icon
التغطية الحية

تخالف اتفاقية مناهضة التعذيب.. لبنان يواصل خطته لإعادة اللاجئين السوريين

2022.10.15 | 05:23 دمشق

اللاجئون السوريون في لبنان (AFP)
اللاجئون السوريون في لبنان (AFP)
بيروت - فاطمة العثمان
+A
حجم الخط
-A

أعلن رئيس الرئيس اللبناني ميشال عون، يوم الأربعاء الماضي، عن بدء إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا خلال الأسبوع المقبل (أي الحالي) على دفعات، وذلك في أعقاب التوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وفق بيان نشرته الرئاسة اللبنانية.

وجاء كلام عون، بعد إعلان وزير المهجرين اللبناني، عصام شرف الدين، قبل ثلاثة أشهر، عن خطة لإعادة نحو 15 ألف لاجئ إلى سوريا شهريا.

في حين لوّح رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، في حزيران/ يونيو الماضي بإخراج اللاجئين السوريين من بلاده بالطرق القانونية، في حال لم يتعاون المجتمع الدولي مع لبنان لإعادتهم إلى سوريا.

يفتح موقع "تلفزيون سوريا" ملف إعادة اللاجئين السوريين في لبنان، ويسلط الضوء على القرارات والخطط وشرعيتها وفقاً للقانون الدولي، وعواقبها على السلطات اللبنانية، كما يعرض الصعوبات والانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في لبنان.

تفاصيل خطة الإعادة

أوضح الوزير شرف الدين، في تصريح لوكالة "الأناضول"، أن خطة إعادة اللاجئين "تنص على إعادة نحو 15 ألف نازح شهرياً بالتفاهم والتوافق مع الجهات السورية، ويتم اختيار هؤلاء وفقاً لخريطة المناطق الآمنة التي نبلَّغ بها شهرياً من دمشق".

وأضاف، وفقاً لتلك الخريطة، يتم اختيار اللاجئين لإعادتهم إلى قراهم أو مدنهم، حيث يجري تبليغهم أولاً، ثم يتم إعطاؤهم مهلة زمنية، وبعد ذلك يتم نقلهم إلى الحدود مع سوريا ليبدأ بعدها دور السلطات السورية.

وعلم موقع "تلفزيون سوريا"، من مصادر خاصة، أن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي يعتزم تسليم الموقوفين السوريين للنظام السوري أيضاً، كي يمضوا فترة اعتقالهم في سجون سوريا عوضاً عن سجون لبنان.

وبحسب المعلومات التي حصل عليها موقع "تلفزيون سوريا"، سيتم نقل اللاجئين في سيارات خاصة وليس في باصات.

وفي سابقة من نوعها، قامت السلطات اللبنانية منذ أسبوع بقطع الإنترنت عن مخيمات البقاع وعرسال.

المنظمات الدولية تحذر

ولاقت الخطة اللبنانية استنكاراً دولياً، حيث اعتبرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن الظروف في سوريا لا تسمح بعودة هؤلاء على نطاق واسع.

كما حذّرت منظمتا العفو الدولية و "هيومن رايتس ووتش" (Human Rights Watch) ومنظمات حقوقية أخرى من الإعادة القسرية للاجئين السوريين، لافتة إلى أنها وثقت حالات اعتقال وتعذيب من قبل السلطات السورية بحق العائدين.

وشددت "رايتس ووتش" على أن "سوريا أبعد ما تكون عن توفير الأمن والسلامة للعائدين".

وقالت المتحدثة الرسمية باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، دلال حرب، لموقع "تلفزيون سوريا"، إن المفوضية لا تشجع في الوقت الحالي تسهيل عودة طوعية واسعة النطاق للاجئين من لبنان إلى سوريا، مشيرة إلى أن آلاف اللاجئين يختارون ممارسة حقهم في العودة كل عام.

وأضافت حرب، أن المفوضية تدعو إلى احترام الحق الأساسي للاجئين في العودة بحرية وطوعية إلى بلدهم الأصلي في الوقت الذي هم يختارونه.

وأكدت بأن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ستواصل الانخراط في الحوار مع الحكومة اللبنانية، بما في ذلك مع مكتب الأمن العام في سياق حركات العودة التي ييسرها الأمن العام.

عقوبات قاسية بانتظار لبنان

وفي سياق متصل، أكد مقرر لجنة السجون، المحامي اللبناني محمد صبلوح لموقع "تلفزيون سوريا"، أن لبنان بصدد مواجهة عقوبات قاسية في حال قرر المضي بتطبيق الخطة، خاصة وأنه من البلدان التي وقعت على اتفاقية مناهضة التعذيب.

وتنص المادة الثالثة من الاتفاقية على عدم السماح للدول الموقعة بترحيل أي شخص في حال وجود أسباب وجيهة تشير إلى أنه قد يواجه خطر التعرض للتعذيب.

وبحسب صبلوح، فإن أي أذى قد يلحق باللاجئين في حال تمّت إعادتهم، سيعرض لبنان للمساءلة والمحاسبة أمام المجتمع الدولي والنظام القضائي العالمي الخاص بسبب مخالفة لبنان لاتفاقية مناهضة التعذيب.

وكشف المحامي اللبناني عن سلسلة انتهاكات قام بها الأمن العام اللبناني تجاه عدد من اللاجئين السوريين لافتقادهم الإقامة على الأراضي اللبنانية، وصل بعضها لحد الترحيل.

وأكد صبلوح، الذي ينشط في مجال حقوق الإنسان، بأن الأمن العام اللبناني قام بتسليم المواطن السوري حسين لطيف للنظام السوري منذ قرابة الشهر والنصف للنظام السوري، علماً بأن لطيف مطلوب في سوريا منذ أكثر من عشرين عاماً، ولا يملك إقامة شرعية على الأراضي اللبنانية.

ولفت صبلوح إلى أن الأمن العام اللبناني تذرّع بأن لطيف كان مطلوباً منذ وقت طويل، قبل أن تبدأ الثورة في سوريا، وبالتالي فهو لن يعتقل كونه معارضاً.

عشرات الحالات من العودة القسرية

وقال المحامي اللبناني إن عشرات اللاجئين السوريين أعيدوا قسراً إلى سوريا، لافتاً إلى أن الحالات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي استطاعت النجاة من الترحيل بسبب الضغط الإعلامي، في حين تم ترحيل سوريين لم يسلط الضوء على قضاياهم.

وأشار صبلوح إلى أن عشرات السوريين رحلوا من قبل الأمن العام اللبناني بعد قرار مجلس الدفاع الأعلى الصادر في 15 أبريل/نيسان 2019، والقاضي بترحيل السوريين الذين دخلوا لبنان خلسة بعد 24 أبريل/نيسان 2019، في حين اعتبرت منظمات حقوقية القرار بمثابة خرق للقوانين الدولية ولا يراعي شروط العودة الآمنة للسوريين.

إجراءات تعجيزية

سلمى، لاجئة سورية في أحد مخيمات منطقة المنية في شمال لبنان، حصلت وزوجها على إقامة عن طريق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، تتحدث عن عدة صعوبات تواجه السوريين الحاصلين على إقامة بالطريقة نفسها.

وأشارت سلمى لموقع "تلفزيون سوريا" إلى أن الأمن العام اللبناني يعطي الأولوية للسوريين المصطحبين لكفيل، ويتم معاملاتهم قبل السوريين الآخرين، في حين يقف الباقون خارج المبنى حتى يحين دورهم، وفي معظم الأحيان يتبلغون بأن الأمن العام اكتفى بالعدد الموجود في الداخل.

وبحسب سلمى، فإن السوريين الذين يملكون إقامة عن طريق الأمم المتحدة، يضطرون لزيارة مراكز الأمن العام لعدة أيام مستمرة حتى يتمكنوا من الحصول على دور لتجديد إقاماتهم.

بينما تقول هيفاء، وهي والدة شاب سوري كان يعمل في أحد مطاعم لبنان لإعالة الأسرة المكونة من خمسة أشخاص الوالدين وأختين، بأن ابنها اعتقل خلال توجهه للسفارة السورية لتجديد أوراقه الثبوتية، عند حاجز للأمن اللبناني، وقامت السلطات اللبنانية بتسليمه للنظام السوري باليد، وفق والدته.

وأكد عدد من اللاجئين السوريين لموقع "تلفزيون سوريا" بأن الأمن العام اللبناني يرفض تجديد الإقامات للسوريين الذين إما يملكون هوية مخدوشة أو مكسورة، أو للذين يملكون إخراج قيد من دون الهويات.

وبحسب هؤلاء، فإن اللاجئ الذي لا يملك إقامة في لبنان، هو عرضة إما للاعتقال لعدة أيام، أو للترحيل.

واعتبرت منظمة " هيومن رايتس ووتش"، في تقرير سابق لها أن شروط الإقامة الحالية في لبنان تُصعّب على السوريين المحافظة على وضع قانوني في البلاد، ويزيد من مخاطر تعرضهم للاستغلال والإساءة وتحد من حصول اللاجئين على العمل والتعليم والرعاية الصحية.

وبحسب إحصاءات المنظمة، فإن 74% من السوريين في لبنان يفتقرون حالياً لإقامات قانونية ويواجهون خطر الاحتجاز بسبب وجودهم غير القانوني في البلاد.

القانون اللبناني وإعادة اللاجئين

أوضح المحامي نهاد سلمى لموقع "تلفزيون سوريا"، بأنه لا يحق للأجهزة الأمنية ترحيل أي لاجئ ما لم يرتكب جرماً جنائياً على الأراضي اللبنانية أو في حال كان عضواً في منظمات إرهابية.

وشدد سلمى بأنه يجب أن تكون هناك أسباب موجبة للترحيل، ولا يجوز ترحيل أي لاجئ بشكل عشوائي.

ولفت سلمى إلى أنه يجب على اللاجئين الذين انتهت صلاحية إقاماتهم، التوجه لمراكز الأمن العام اللبناني، والمطالبة إما بالانضمام لمنظمة الأمم، بغية الحصول على إقامة ومساعدات، وإما بإيجاد كفيل لبناني يكفلهم من أجل الحصول على إقامة، وبذلك يصبح وضعهم قانونياً.

ووفق إحصائيات رسمية للحكومة اللبنانية، بلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان نحو 1.8 مليون، نحو 880 ألفاً منهم مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويعيش السوريون في لبنان، أوضاعاً إنسانية صعبة سواء داخل المخيمات أو خارجها، ويأمل معظمهم بالخروج من لبنان بطرق قانونية عبر مفوضية شؤون اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي أو بطرق غير قانونية بحثاً عن حياة أفضل بعد معاناتهم في لبنان.

ماذا تقول مصادر الأمن العام اللبناني؟

في المقابل، نفى مصدر مسؤول في الأمن العام اللبناني، فضل عدم الكشف عن اسمه، لموقع "تلفزيون سوريا"، بأن يكون الأمن العام اللبناني قد رحّل أي لاجئ سوري دخل بشكل شرعي إلى لبنان، مؤكداً بأنه لم تسجل أي توقيفات في صفوف اللاجئين الذين لا يملكون إقامة منذ أكثر من سنتين، ولكنه أكد في الوقت عينه بأن الأمن العام يقوم بترحيل السوريين الذين دخلوا خلسة إلى لبنان، استناداً إلى قرار المجلس الأعلى للدفاع.

ولفت المصدر إلى أن المخالفين الذين لا تستوفيهم شروط الإقامة يتم تبليغ بالرفض، الأمر الذي يشعرهم بالقلق والخوف ويحثهم على "المغادرة الطوعية" للبلاد، على حد قوله.

وأشار المصدر إلى أن الأمن العام اللبناني يقدم كل التسهيلات للاجئين السوريين للحصول على الإقامة، إلا أنهم هم من يتقدمون للحصول على إقامات.

يشار إلى أن مبدأ القانون الدولي العرفي يلزم الدولة اللبنانية بعدم الإعادة القسرية، ويمنع إعادة الأشخاص إلى أماكن قد يتعرضون فيها للاضطهاد، أو لخطر حقيقي بالتعذيب، أو المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة، أو لخطر على حياتهم.