تحقيق بحادثة اغتيال بهاء الحلبي واجتماع لقاطني الباب.. ماذا بعد؟

2021.01.08 | 08:23 دمشق

نوع المصدر
حلب - ثائر المحمد

تجددت بعد محاولة اغتيال مراسل تلفزيون سوريا "بهاء الحلبي" في مدينة الباب، حالة السخط الشعبي في المدينة التي لا تكاد يمر عليها أسبوع واحد دون مقتل أحد قاطنيها بأساليب وطرق متنوعة. في حين فتحت الشرطة تحقيقاً في الحادثة.

وباتت أخبار الاغتيال والتفجير في المدينة مألوفة، كما أن اسم مدينة "الباب" يتصدر في غالب الأيام نشرات الأخبار ووسائل التواصل وعناوين الصحف والمواقع الإخبارية، فتارة يقتل مجموعة من المدنيين بتفجير، وتارة يُغتال مدني أو صحفي أو عنصر شرطة.

وأعادت محاولة اغتيال "بهاء الحلبي" ملف تردي الوضع الأمني في الباب إلى الواجهة، تماماً كما حدث في 12 من شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، حينما تعرض الصحفي "حسين خطاب" للاغتيال في المدينة ذاتها، من قبل مجهولين.

وأصدر تلفزيون سوريا بياناً عقب محاولة اغتيال مراسله في الباب، دعا من خلاله جميع الإعلاميين للتضامن والوقوف في وجه الموجه الترهيبية التي تستهدف الإعلاميين في الداخل السوري، كما طالب القوى الأمنية والسياسية في المنطقة بملاحقة الجُناة، وإلقاء القبض عليهم، وكشف الحقيقة، ومحاسبتهم على عملهم الإجرامي.

 

 

الشرطة تفتح تحقيقاً اعتيادياً في الحادثة

يشكّل صمت المؤسسات الأمنية في منطقة شمال وشرقي حلب، وتحديداً في مدينة الباب عقب كل حادثة تفجير أو اغتيال، استفزازاً للسكان وأهالي الضحايا، فقلّما تصدر مؤسسة الشرطة بياناً تكشف فيه ملابسات حادثة ما، أو تلقي القبض على المتسببين بها.

حاول موقع تلفزيون سوريا التواصل مع المسؤولين عن ضبط الأمن في مدينة الباب، سواء من قوى الشرطة أو فصائل الجيش الوطني السوري الموجودة هناك، للوقوف على تفاصيل محاولة اغتيال "بهاء"، وخطواتهم في إطار كشف الجناة، إلا أن جميع من تواصلنا معهم فضل عدم الرد، باستثناء أحد ضباط الشرطة، الذي اشترط الحديث لقاء عدم ذكر اسمه.

وأشار الضابط إلى فتح تحقيق في حادثة الاغتيال، وذكر أن القضية متابعة من أعلى المستويات في قيادة الشرطة، مضيفاً أن التحقيق لن يغلق حتى إلقاء القبض على الفاعلين ومحاسبتهم.

وأضاف "هناك بشائر جيدة مستقبلاً، كما يوجد عدة ملفات قيد المتابعة، ونأمل أن نحصد النتائج"، ولفت إلى أن جهاز الشرطة في الباب كان قد خسر أكثر من 20 فرداً منه ما بين ضباط وصف ضباط وعناصر إثر عمليات الاغتيال والتفجير، داعياً إلى تظافر جهود جميع مؤسسات المجتمع المدني والجيش الوطني السوري والشرطة لوضع حد للانفلات الأمني.

ووفقاً للضابط فإن قوى الشرطة أوقفت مؤخراً عدة خلايا لتنظيم الدولة وقوات سوريا الديمقراطية في مدينة الباب، وأكد إجراء تحقيقات مع أفراد يعملون لصالح "داعش"، ألقي القبض عليهم في الآونة الأخيرة.

وحاولنا الحصول على معلومات من الضابط، فيما إذا كانت الشرطة قد توصلت إلى نتائج أو رأس خيط بخصوص عمليات الاغتيال الأخيرة، بما فيها التي أدت إلى مقتل الصحفي "حسين خطاب"، لكننا لم نتلق إجابة.

 

قيادة الجيش الوطني لم تتحرك حتى الآن

وأوضح قيادي رفيع المستوى في الجيش الوطني لموقع تلفزيون سوريا، طلب أيضاً عدم الكشف عن اسمه، أن مدينة الباب هي الأسوأ أمنياً ضمن المدن الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، وأكد وجود خلايا لتنظيم الدولة في أحياء وقرى ومخيمات المدينة في ريف حلب الشرقي.

ولدى سؤالنا عما إذا أقدمت قيادة الجيش الوطني على اتخاذ خطوات كتشكيل لجنة أمنية أو عقد اجتماع طارئ بعد التفجيرات والاغتيالات الأمنية المتزايدة في مدينة الباب؛ نفى القيادي حدوث أي من ذلك وأشار إلى ضرورة أن تدفع الجهات الأمنية التركية بهذا الاتجاه لأن الحالة الأمنية المنهارة في مدينة الباب ستتسبب بـ "انفجار شعبي".

 

نشر حواجز طيارة واجتماع لقاطني الباب

بدأت المؤسسات الأمنية في مدينة الباب مساء يوم أمس الخميس نشر حواجز في الطرقات الرئيسية داخل المدينة، تزامناً مع عقد الجهات المحلية اجتماعاً لمناقشة الواقع الأمني.

وأكد الصحفي "عمار نصار" الموجود في الباب، استحداث حواجز طيارة وثابتة في المدينة، وقال في منشور على صفحته بموقع فيسبوك "نتمنى أن تكون الحواجز بشكل دائم وبأماكن متفرقة، نهاراً وليلاً، وقتها سترون الفارق بالمستوى الأمني".

 

 

وجاء ذلك بالتزامن مع عقد الفعاليات والجهات المحلية اجتماعاً، لمناقشة وضع المدينة من الناحية الأمنية، وطرح حلول ومقترحات من شأنها إيقاف عمليات الاغتيال والتفجير في المنطقة.

وذكر الناشط المدني "معتز ناصر" -والذي كان حاضراً في الاجتماع- لموقع تلفزيون سوريا أنهم اتفقوا على تشكيل لجنة، مهمتها مقابلة الشخصيات والجهات الفاعلة في المنطقة، بما فيها الجانب التركي، لبحث واقع المدينة، وفي حال لم تلق اللجنة تجاوباً من تلك الجهات، سيتم اللجوء إلى تحريك الشارع للمطالبة بضبط الأمن.

 

مؤسسات تندد.. وقرارات مرتقبة للإعلاميين

دانت عدة مؤسسات حقوقية وإعلامية محاولة اغتيال مراسل تلفزيون سوريا "بهاء الحلبي"، من ضمنها الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي قالت في بيان لها "ندين عملية استهداف بهاء الحلبي وكل الانتهاكات التي تقع بحق الكوادر الإعلامية، والتي تسعى نحو تكميم الأفواه وإيقاف نقل وقائع الأحداث الميدانية، ونُشدّد على ضرورة تعزيز حمايتهم؛ نظراً لدورهم الحيوي في نشر المعلومات، والسماح لهم بالعمل بحرية، والتوقف عن سياسة التهديد والملاحقة".

اقرأ أيضاً: ترهيب وتكميم.. إدانات واسعة لمحاولة اغتيال الصحافي بهاء الحلبي

ودعت الشبكة السورية القوة المسيطرة في مدينة الباب إلى تحمل مسؤوليتها في توفير الأمن والسلامة لسكان المنطقة وملاحقة المتورطين ومحاسبتهم، وطالبت بمباشرة التحقيق في الحادثة، وكشف ملابساتها للرأي العام على وجه السرعة، خاصة أن الحادثة تأتي بعد أسابيع قليلة من قتل الناشط الإعلامي حسين خطاب، وفشل القوة المسيطرة في القبض على مرتكبي الجريمة ومحاسبتهم.

بدوره أشار اتحاد الإعلاميين السوريين إلى تكرار استهداف الصحفيين في ريف حلب الشمالي والشرقي، وذكر أن الصحفي "حسين خطاب" تعرض لاغتيال أثناء تأدية عمله على أطراف مدينة الباب، دون اتخاذ إجراءات فاعلة من قبل السلطات الأمنية، في "دليل واضح على الاستهتار المخزي بحياة المدنيين الآمنين".

 

 

وطالب الاتحاد السلطات المحلية باتخاذ دورها الحقيقي في ضبط الأمن وردع الخلايا الإرهابية، ومحاكمة أفرادها علناً، وإنزال أشد العقوبات الرادعة بحقهم.

وقال رئيس اتحاد الإعلاميين السوريين "سعد السعد" لموقع تلفزيون سوريا "عندما بدأنا العمل كاتحاد نسقنا بشكل أساسي مع المؤسسات المسؤولة عن المنطقة، بما فيها الجيش الوطني والأمن والشرطة والمجالس المحلية والحكومة المؤقتة بهدف تسهيل وتسيير عمل الإعلاميين".

وسيتم - وفقاً لـ السعد - عقد اجتماع طارئ في مدينة الباب اليوم الجمعة مع كل الإعلاميين في المدينة، لتقييم خطورة الموقف، وعلى أساسه سيتم اتخاذ قرارات وخطوات بالتشاور مع الجميع، وشدد على أن جميع القرارات التي ستُتخذ سيتم تنفيذها مهما كانت تبعاتها.

وتابع "السعد" قائلاً "بيان الإدانة هو الخطوة الأولى التي نقوم بها كجسم معني بحماية الصحفيين في المنطقة، وخطواتنا الأخرى لا نقوم بها إلا بالتشاور مع الإعلاميين المعنيين بالأمر والذين يقعون ضمن دائرة الخطر، وفي الوقت ذاته أجرينا عدة اتصالات مع الجهات المعنية لتحفيزها على الوقوف عند مسؤوليتها بحماية وتأمين المنطقة، وبطبيعة الحال نحن أبناء هذه المناطق وأبناء الثورة، وواجبنا يقتضي حماية أنفسنا بالدرجة الأولى، وحماية القاطنين في المنطقة وتأمين الاستقرار".

وكان مراسل تلفزيون سوريا، بهاء الحلبي قد تعرض مساء الأربعاء الماضي لمحاولة اغتيال في مدينة الباب من قبل ملثمين أطلقوا النار عليه، أثناء خروجه من منزله، ما أسفر عن إصابته في صدره وكتفه وذراعه، وأكد الحلبي يوم أمس في تسجيل مصور أن وضعه الصحي مستقر، بعد أن خضع لعمل جراحي في مشفى الباب الكبير.

 



ومع انتظار نتائج التحقيق الذي فتحته الشرطة، والقرارات التي سيتخذها العاملون في المجال الإعلامي داخل الباب، وما سيفضي إليه اجتماع الجهات المحلية والوجهاء مع المؤسسات المعنية بحفظ الأمن، ونشر الحواجز وما يتبعه من خطوات؛ تبقى الساعات أو الأيام القادمة كفيلة بمعرفة ما إذا كانت المدينة ستشهد استقراراً أمنياً، أو استمراراً لمسلسل الاغتيالات والتفجير ومقتل مزيد من الأبرياء.