icon
التغطية الحية

تحرير الشام تواصل مطاردة المهاجرين.. تبشير بقرب نهايتها وتصعيد بالمظاهرات ضدها

2022.02.09 | 05:57 دمشق

272903384_118983593995418_6733681463939389432_n.jpg
مظاهرة نظمها حزب التحرير المناهض لهيئة تحرير الشام في مدينة السحارة غربي حلب (إنترنت)
حلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

تتوقع الأوساط الجهادية المناهضة لهيئة تحرير الشام في إدلب أن يكون للسياسة الأمنية المشددة التي تتبعها الأخيرة ضد المخالفين لها في الرأي والمنهج كبديل عن الحوار والانفتاح الحقيقي، أن يكون لها ارتدادات عكسية خطيرة مع مرور الوقت، والتي من المفترض أن تقوض سلطتها وتمهد لمرحلة انهيارها، وهي المرحلة التي بدأ الجهاديون يبشّرون بها بين أنصارهم.

الجهاديون المحليون والأجانب الذين فككت تحرير الشام تنظيماتهم وطاردت واعتقلت وقتلت من كوادرهم الكثيرين، وقطعت أرزاقهم خلال الأعوام الثلاثة الماضية، يرون أن استمرار هذه السياسة والتي تعبر عن ما سمّوها بعنجهية القوة، سترسّخ لدى الأوساط الجهادية وعموم الناس المناهضين لسياساتها في إدلب قناعة بأن التظاهرات والاحتجاجات الشعبية والانتقاد المتصاعد عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي الأساليب الوحيدة المتاحة برغم خطورتها وتكاليفها العالية للتعبير عن رفض تلك السياسات وما تتضمنه من ممارسات وانتهاكات بحقهم، وهو ما سيدفعهم لتكثيف تلك الأنشطة المناوئة لتحرير الشام باعتبارها سلطة أمر واقع لا بد من مقاومتها.

منع تمدد الاحتجاجات بالتخويف

يرى الجهاديون المناهضون لتحرير الشام أن الترجمة الفعلية لحالة الاحتقان والاندفاع المتزايد في الأوساط المناوئة لسلطتها، والتي تبشر بظهور المرحلة المفترضة وحالة الانهيار، تكمن في تزايد أعداد النقاط الساخنة والمراكز التي تشهد تظاهرات واحتجاجات مستمرة، في تل عادة ودير حسان والسحارة وأطمة وكلّي وعرب سعيد وكفر تخاريم ومعارة النعسان وغيرها في ريفي إدلب، وحلب الغربي.

ووضعت هذه الاحتجاجات قضية المعتقلين في سجون تحرير الشام في قائمة مطالبها، وعنواناً رئيسياً في معظم لافتاتها التي رفعت، وفي هتافات المحتجين.

وبالفعل، تصاعدت الاحتجاجات ضد تحرير الشام خلال شهر كانون الثاني/يناير، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في سجونها وذلك بعد تداول أنباء في الأوساط الجهادية عن نية تحرير الشام تنفيذ حكم الإعدام بحق عدد من المعتقلين مع بداية العام الجديد 2022.

ففي 21 كانون الثاني/يناير خرج عشرات المناهضين لتحرير الشام في مظاهرة حاشدة في بلدة السحارة هتفوا ضدها، ومن بين هتافاتهم "مارح نركع مارح نركع وجيبوا الأمنية والمدفع".

 

 

وسبق أن شهدت بلدة السحارة مظاهرة ليلية ضد تحرير الشام في 19 كانون الثاني/يناير، وتمددت التظاهرات والاحتجاجات في نفس الشهر نحو بلدات بابكة ودير حسان وأطمة وتل عادة وشهدت المخيمات شمالي إدلب خروج تظاهرات محدودة استطاع الجهاز الأمني التابع لتحرير الشام تطويقها وفضها في وقت قياسي بعد أن اعتقلت عدداً من المحتجين.

ويبدو أن حملة الاعتقالات المنظمة باتت تستخدمها تحرير الشام كعصا تخوف بها كل من يفكر بالانضمام إلى موجة الاحتجاجات التي ينظمها غالباً حزب التحرير-ولاية سوريا، والذي بات مؤخراً يمتلك حاضنة شعبية أقلقت تحرير الشام، هذا على الأقل ما يبدو من النشاط المتصاعد لأنصار الحزب الذي نجح في توظيف الحراك النسائي في التظاهرات والوقفات الاحتجاجية والذي أحرج تحرير الشام بالفعل لأنها ببساطة غير قادرة على تطويق الحراك النسائي بالأدوات ذاتها والأساليب الأمنية التي تستخدمها عادة.

وتركّز الحراك النسائي بشكل خاص في مناطق شمالي إدلب ومنطقة ريف حلب الشمالي الغربي.

تحرير الشام تربك الجهاديين

أتعبت تحرير الشام الجهاديين المناهضين لها على مدى عامين من الملاحقة والتضييق، وهو ما أوصل أنصارهم إلى حالة من اليأس ودفعت الحالة المفترضة الكثيرين من العناصر المحلية والمهاجرة للانفضاض عنهم، وليس مستغرباً انتقال الجهاديين من تنظيمات "حراس الدين" و"جند الله" و"أنصار الإسلام" وغيرها، وبالأخص قيادات الصف الأول والثاني من حالة المواجهة إلى التنظير والتبشير بمرحلة سيكونون فيها الأقوى ضد خصوم اليوم، وفي الوقت ذاته لا يغفلون عن تحفيز أتباعهم لاستخدام الوسائل المتاحة للتعجيل في الوصول إلى المرحلة المفترضة التي ستكون فيها تحرير الشام "خصماً ضعيفاً يسهل التغلب عليه والثأر منه".

قال مصدر محلي في إدلب لموقع تلفزيون سوريا: "انتشر مؤخراً تعميم بين الجهاديين في مواقع التواصل الاجتماعي، يقول "موعدنا يوم الجمعة 4 شباط، تحت شعار جمعة الكرامة، مظاهرات ستخرج في جميع القرى والبلدات في إدلب، لتهتف هيهات منا الذلة، الموت ولا المذلة، جهزوا حالكم وجهزوا أسلحتكم وأقنعتكم أي رصاصة تطلق على مظاهرة سنردها عشرة نحن الشعب لسنا فصيلاً فليقاتلوا الشعب إن قدروا على ذلك".

برغم دعم فلول التنظيمات الجهادية للحراك الاحتجاجي واستبشارهم بنتائجه، وهذا على الأقل ما يروجون له بين أتباعهم، فإنهم لم يشاركوا حتى الآن بشكل علني في التظاهرات، ولم يسجل لهم أي وقفة احتجاجية في إدلب للتعبير عن غضبهم من ممارسات تحرير الشام ضدهم.

وفي إطار التحفيز، وتصبير الأتباع يتداول الجهاديون في إدلب نصائح لعدد من قادتها للتغلب على حالة اليأس التي أصابتهم ورفع المظلومية، يقولون في بعضها في تلغرام "إخواننا المجاهدين تفقدوا سلاحكم وعتادكم وجهزوا أنفسكم ليكون لكم الحضور من جديد في الميدان.. عليكم بالمجموعات الصغيرة والسر والكتمان .. تدربوا على حمل السلاح .. ليعلم الجميع أن هذه المرحلة هي مفصلية للغاية .. فليس لأهل القرآن إلا الجهاد وتصحيح المسار .. وحرضِ المؤمنين".

خنق الجهاديين

اعتقل الجهاز الأمني التابع لتحرير الشام أواخر شهر كانون الثاني/يناير الماضي عدداً من العاملين في معهد طلائع الإيمان الشرعي في إدلب، ومن بين المعتقلين جهاديان مغربيان، الأول يدعى أبو أسامة المغربي والثاني أبو أيمن المغربي، وهما قياديان سابقان في "حراس الدين"، وقيل أنهما تركا العمل في التنظيم بعد أن فككته تحرير الشام، ويعملان في المعهد لتغطية مصاريف معيشتهم، في حين قال جهاديون مغاربة من "الحراس" إن الرجلين مستقلان ومعتزلان العمل المسلح منذ سنوات، ولم يشاركا في أي اقتتال داخلي خلال العامين الماضيين، وأحدهما كان في زيارة ولده وهو طالب في المعهد ولا يعمل فيه أصلاً.

اعتقال المهاجرين المغاربة في معهد طلائع الإيمان من قبل تحرير الشام دفع الشيخ السلفي المعروف الحسن بن علي الكتاني للتعليق على الحادثة وهو ما أغضب تحرير الشام ومنظريها.

وقال الكتاني في تويتر "إن التعامل مع المخالفين سجنا وقطعا للأرزاق وتضييقا والاستهانة بالمهاجرين الذين بذلوا النفس والنفيس في سبيل نصرة إخوانهم ووضعهم في سجون ضيقة قبيحة وتعذيبهم لهي أفعال منكرة مستنكرة لا تصدر من طائفة تدعي نصرة الإسلام والدفاع عن المستضعفين وعليها فورا أن تتراجع عن مثل هذه الأفعال التي تذكرنا بحكام الجور الطغاة ولا تذكرنا بتاتا بالخلفاء الراشدين والأئمة المهديين".

 

 

وأضاف الكتاني "إن إهمال أي تنظيم مكنه الله من قطعة أرض لنصائح الناصحين واستبداده بالقرارات ليجعله أمام امتحان صعب لن ينساه التاريخ. فإما أن ينجح في إيجاد نموذج الخلافة الراشدة أو يعيد تجربة الملك الاستبدادي العضوض الذي لطخ سمعة النظام الإسلامي وكان فتنة للذين آمنوا".

سبق أن حذرت الأوساط الجهادية المناهضة لتحرير الشام في إدلب من مراقبة المعاهد الشرعية التي تتقاسم مهمة ملاحقتها وزارة الأوقاف والدعوة التابعة لحكومة الإنقاذ، والجهاز الأمني في تحرير الشام.

وجرى خلال الشهرين الماضيين إغلاق العديد من المعاهد التي يديرها جهاديون وسلفيون لم يحصلوا على تراخيص من الوزارة، لا يلتزمون بالمنهج الشرعي الذي توصي تحرير الشام وأوقاف حكومتها بتدريسه.

ومعهد طلائع الإيمان واحد من المعاهد الشرعية المتواضعة في إدلب وهو قليل الإمكانات، ولديه فرع ثان في بلدة اليعقوبية، وسبق أن حصل على دعم من جمعية نور البيان الدعوية ليكرم 50 حافظاً للقرآن الكريم مطلع العام 2021.

 

 

ويبدو أن المعهد وظف مؤخراً جهاديين مستقلين، بينهم المغربيان المعتقلان، وهما بحاجة لعمل، وفي توظيفهما مصلحة للمعهد لجذب الداعمين للأنشطة الدينية من الخارج.

وقال الشرعي السابق في تحرير الشام أبي شعيب المصري في تلغرام "أظن لو كانوا كتبوا على المعهد الشرعي، مركز تمكين المرأة لما تجرأ مجرم منهم على اقتحام المكان"، وفي تعليق المصري إشارة للانفتاح الذي تشهده تحرير الشام في إدلب على المنظمات المدنية التي تعنى بمشاريع تمكين وتشغيل المرأة، والسماح لهذه المنظمات بممارسة أنشطتها بحرية في حين يتم التضييق على المعاهد والمدارس الشرعية التي يديرها جهاديون لا ترغب تحرير الشام بوجودهم.

وأشارت مصادر سلفية متطابقة في إدلب لموقع تلفزيون سوريا إلى أن "الحال اليائسة التي وصلت إليها الأوساط الجهادية المناهضة لتحرير الشام، بما فيهم المنشقون عنها والجهاديون المستقلون، تبدو حالة مبررة بالنظر لسياسات تحرير الشام الصارمة في تطويقهم والعمل على إلغائهم، فتحرير الشام كادت تغلق عليهم جميع سبل العيش، وخصوصاً المهاجرين منهم، ووقع معظمهم بين خيارين، إما الاستتابة وطلب الغفران من تحرير الشام والعمل تحت مظلتها ولصالحها، أو لا مكان لهم للعيش في إدلب، وهذا ما يحصل بالضبط، فالجهاديون المناهضون باتوا يجدون صعوبة في إيجاد منزل للسكن أو عمل أياً كان نوعه، ولا أحد في إدلب يجرؤ على تشغيلهم، أو إسكانهم بالأجرة، حتى قطاع الحوالات المالية في إدلب يملكه أشخاص مقربون من تحرير الشام ويصعب على الجهاديين تلقي الأموال من الخارج، عموماً بات تحركهم يشكل خطراً عليهم، وإن لم تعتقلهم دوريات تحرير الشام المنتشرة في كل مكان لاحقتهم الطائرات المسيرة التابعة للتحالف".

يبدو أن تحركات وجهود تحرير الشام الرامية لخنق الجهاديين في إدلب قد أقلقت تنظيمات لا علاقة لها بالتوتر الحالي وبمساعي تحرير الشام، لكنها تخشى أن يحين دورها في حال تحقق لتحرير الشام ما تصبو إليه كمرحلة أولى.

ويقول أبو عبد الله الشامي زعيم "جبهة أنصار الدين" في قناته على تلغرام: "من استهان بدعاء المظلومين واستمرأ رد الحق والإعراض عن دعوات الإصلاح فليتجهز لسياط القدر المؤلمة، المشكلة الحقيقية في الدور الوظيفي الخبيث الذي باتت تلعبه أجسام سياسية وميدانية تحت شعار الواقعية السياسية وعبر خطوات الحل الاستسلامي وصولا لهدف وأد الثورة، فالإصرار على المضي في طريق الظلم والطغيان عاقبته وخيمة، قليل من التأمل في الواقع يجعلنا ندرك بعض هذه العواقب الوخيمة ومنها سلب القرار وتفرق الصف وخسارة الحاضنة و تسلط الأعداء".

تجدد حملة الاعتقالات

صعّدت تحرير الشام من حملتها الأمنية ضد الجهاديين المستقلين والمنشقين وأتباع التنظيمات في 2 شباط/فبراير، واعتقلت خلال 24 ساعة أكثر من 20 شخصاً، بينهم مشايخ مستقلون يعملون في الحقل الدعوي بعد أن اعتزلوا العمل مع تنظيماتهم التي لاحقتها تحرير الشام خلال العامين الماضيين.

ومن بين المعتقلين أبو البراء التونسي وهو شرعي في تنظيم "حراس الدين" التابع للقاعدة، وتم اعتقاله في مدينة كفر تخاريم غربي إدلب.

يتداول الجهاديون معلومات حول نية تحرير الشام مواصلة حملتها الأمنية وبشكل متصاعد خلال شهر شباط/فبراير، والهدف كما يقول الجهاديون "تنظيف مدينة إدلب من المستقلين والمهاجرين، وسيكون التركيز على المهاجرين المغاربة كهدف بارز في الحملة".

وقال المنشق السابق عن تحرير الشام عبد الرحمن الكردي في قناته على تلغرام: "كانت حجة الاعتقال والسجن سابقًا هي مخالفة تحرير الشام أو التحريض ضدها أو شق الصف، أما اليوم فـجل المعتقلين هم طلاب علم ومشايخ ومهاجرون مستقلون لم يدخلوا يومًا في قتال أو نزاع ضدها، فهل توحيد الساحة وتحصيل منفعتها اليوم متوقفٌ على بضعة إخوة مجاهدين، ومهاجرين أو أنصار مستقلين ضعفاء لا حيلة لهم، أم هو التقرب أكثر إلى جهات خارجية وتقديم أوراق اعتماد جديدة حيث لم تنفع جميع الأوراق القديمة في تحقيق المبتغى".