icon
التغطية الحية

"تحرير الشام" تنهي عمل "جهاز الفلاح" في إدلب وتستحدث "شرطة أخلاقية"

2021.09.03 | 16:04 دمشق

مركز الفلاح
سيارة لـ مركز "الفلاح" (جهاز الحسبة) التابع لـ"تحرير الشام" في إدلب
+A
حجم الخط
-A

علم موقع تلفزيون سوريا من مصادر خاصة داخل "هيئة تحرير الشام" بأنّ "الهيئة" أنهت العمل بـ"جهاز الفلاح" التابع لمركزيتها مباشرة ويتخذ من "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" شعاراً له.

ويعدّ "جهاز الفلاح" بمنزلة "الشرطة الدينية" (الحسبة) ويُعنى بمراقبة الأسواق ومنع الاختلاط والمنكرات وغير ذلك من الأمور التي تندرج ضمن هذا السياق.

يأتي إنهاء عمل مركز "الفلاح" ضمن سلسلة التغييرات التي تجريها "الهيئة" تدريجياً، في سبيل الانتقال من مرحلة السطوة المباشرة على مختلف مفاصل الحياة في إدلب إلى مرحلة التنظيم وعمل المؤسسات المدنيّة تحت إشراف "حكومة الإنقاذ"، وذلك ضمن سياستها في الانفتاح على العالم الخارجي وتسويق نفسها على أنها حاكم إدلب الذي يمكن بناء الشراكات والتفاهم معه.

"الحسبة" بأسماء مختلفة منذ أعوام

"جهاز الفلاح" كان آخر أجهزة الشرطة الدينية (الحسبة) التي أسستها "جبهة النصرة"، منذ العام 2014 وحتى الآن، ومرّت تلك الأجهزة بعدة مراحل كان أشدّها سوءاً على السكّان في إدلب جهاز "سواعد الخير"، الذي مارس التضييق والانتهاكات بحق المدنيين منذ تأسيسه، نهاية آذار 2018 وحتى إيقاف العمل به منتصف عام 2019، على خلفية احتجاجات شعبية ومظاهرات طالبت بإيقافه بسبب تدخله في حياة السكان ولباسهم وفرضه الكثير من القيود وأساليب التضييق عليهم.

ولكن في أيار 2020، أطلقت "هيئة تحرير الشام" جهاز الحسبة مجدداً تحت مسمى آخر هو "الفلاح"، حيث استمر هذا الجهاز أيضاً بممارسة التضييق على السكّان لكن بصورة أخف، وانخفضت نسبة الصدام بين أفراده من الدعاة والداعيات وبين المدنيين بشكل واضح مقارنة بسلفه "سواعد الخير".

تطويع "الحسبة" لإرضاء المتشدّدين والغرب معاً

تمسّكت "هيئة تحرير الشام" بالشرطة الدينية لفرض سطوتها ورقابتها على السكّان في مختلف تفاصيل حياتهم اليومية، وأبقتها كورقة ترضية لـ"التيار المتشدّد" في صفوفها، والذي لا يرضى عن الكثير من تحولات "الهيئة" ويصفها بتمييع الدين، والتهاون في تطبيق الحدود.

وعندما بدأت "تحرير الشام" مد يدها للعالم الخارجي كان لزاماً عليها اتخاذ قرارات تساعدها في التسويق لنفسها، لكن مع التمسك بمختلف تياراتها والمحافظة على تماسكها التنظيمي من دون انشقاقات عقائدية نحو جماعات متشدّدة أخرى.

وبناء على ذلك استغلت "تحرير الشام" الاحتجاجات والرفض الشعبي لجهاز "سواعد الخير" الذي كان تحت إشراف مباشر من قيادات في الصف الأول لـ"الهيئة" محسوبين على التيار المتشدّد كـ"أبي اليقظان وأبي الفتح الفرغلي" (مصريا الجنسية)، وأوقفت عمله وأعادت تفعيل "الحسبة" تحت مسمّى "الفلاح" بقيادة شخصيات سوريّة أقلّ تشدّداً، وبصلاحيات محدّدة أيضاً.

ومع الإبقاء على جهاز "الحسبة" ولو بمسمّى جديد وصلاحيات محدّدة وشخصيات مختلفة، استطاعت "تحرير الشام" التخلّص من الاتهامات التي تواجهها من التيار المتشدّد فيها، بالتراخي في تطبيق الشريعة الإسلامية وعدم تمسكها بالدين.

أجهزة "الحسبة".. سجل حافل بالانتهاكات

ولأجهزة "الحسبة" على اختلاف مسمياتها سجل حافل بالانتهاكات بحق المدنيين من أبرزها تعرّض الداعيات من "سواعد الخير" (النساء العاملات في المركز) لفتيات في سوق مدينة إدلب، شهر حزيران عام 2017، وإهانتهن، فضلاً عن إقدام داعية منهن على ضرب مديرة الامتحانات في جامعة إدلب، بسبب خلاف على لباس المديرة.

كذلك اعتقال سائقي حافلات يتبعون لمنظمة "بنفسج" بحجة الاختلاط، والاعتداء بالضرب على مدرسي وطالبات ثانوية "العروبة" ومعهد "فيثاغورث" ومركز "التنمية والتكنلوجيا"، وكلّها بحجة الاختلاط أيضاً، إضافةً إلى تنفيذ عمليات جلد (ضرب الأشخاص على ظهورهم بعيدان أو سياط) كانت تجريها بحق مرتكبي المخالفات الشرعية.

وسبق أن دانت الشبكة السورية لـ حقوق الإنسان، الممارسات المتشدّدة التي يُقدم عليها "جهاز الحسبة" في إدلب، مشيرةً إلى أنّ "ممارساته تُعد انتهاكاً لأبسط معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان والذي ينص بشكلٍ واضح على حرية الحركة واللباس والتنقل".

اقرأ أيضاً: "تحرير الشام" تعتقل ثلاثة أطفال وموظفاً في جميعة خدمية

اقرأ أيضاً: "تحرير الشام" تعتقل مدير معهد القبالة بإدلب بسبب نشاط ثقافي

جهاز الفلاح.. سلطاته ومهامه

بالعودة إلى جهاز الفلاح ويُقصد به "مركز رقابة شرعية إدارية تجريها السلطة على جميع مفاصل المجتمع لرد الناس إلى ما فيه صلاحهم، وإبعادهم عما فيه ضررهم وفق أحكام الشريعة"، ويعدّ "سنة ربانية تضبط الناس وتأمرهم بالمعروف وترد منكرهم بالقوة"، بحسب القائمين عليه.

ويتكّون "جهاز الفلاح" من عدة مكاتب وهي: مكتب الدوريات النسائية، المحتسبون، القوة التنفيذية، مكتب القضاء، بالإضافة إلى مكتب الشكاوى والمتابعة.

ويحظى الجهاز بسلطات مطلقة كـ"اعتقال مرتكبي المخالفات الشرعية ومحاسبتهم"، وتتدرج أعماله بدءاً من النصح وصولاً إلى استخدام القوة المباشرة لتطبيق شعاره "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

ومن مهام جهاز الفلاح:

- منع الاختلاط في المطاعم والأماكن العامة كالحدائق ومدن الألعاب.

- منع بيع الرجال للملابس النسائية.

- منع محال الألبسة من نشر مجسمات لعرض الألبسة.

- مراقبة صالات الأفراح والألعاب ومنع "المنكرات" (المحظورات) فيها كالموسيقى والأغاني.

- منع المجاهرة بالتدخين وتصفيف الشعر بشكل فاحش.

- التدخل في ملابس النساء وزينتهن.

-مراقبة النشاطات الترفيهية التي تجريها الفرق التطوعية والمنظمات الإنسانية، وإجبار تلك المنظمات على الفصل "الجندري" بين موظفيها، ومراقبة عرض المسرحيات.

- نشر نقاط مراقبة ثابتة - خاصة عناصر الحسبة النسائية - داخل حرم الجامعات.

- نشر نقاط مراقبة في الحدائق لمنع حدوث الاختلاط، حيث يتدخل عناصر "الحسبة" بلباس أو زينة امرأة برفقة زوجها، ويطلبون التأكّد من أنهما زوجان فعلاً.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تجد سياراتهم تجوب شارع الكورنيش المتنفس الأخير لأهالي مدينة إدلب بحثاً عن شاب يدخن الأرجيلة في زاوية ما، ليصار إلى إطفائها أو كسرها أو مصادرتها أو توقيف الشاب وذلك يتعلق بطريقة تعاطيه مع عناصر دورية الحسبة.

الشرطة الأخلاقية جهاز بديل عن "الفلاح" بسطوة أقل

بالتزامن مع إنهاء العمل بـ"جهاز الفلاح" أكّدت المصادر ذاتها لـ موقع تلفزيون سوريا، أن "تحرير الشام" بدأت بتشكيل جهاز بديل تحت اسم "الشرطة الأخلاقية" وسيكون تابعاً لمؤسسات الشرطة في "حكومة الإنقاذ".

وأكّدت المصادر أن سلطات "الشرطة الأخلاقية" ومهامها ستكون محدودة مقارنة بـ"جهاز الفلاح"، كما أنّ الجهاز الجديد سيركّز على القضايا الأخلاقية ويبتعد عن التدخل في تفاصيل حياة المدنيين، وسيتمتع بصفة مدنيّة لتخفيف حالات الصدام مع المجتمع، وذلك في خطوة لتخفيف التسلّط على رقاب الناس.

ويبقى التساؤل مفتوحاً، هل انتهت حقبة تسلّط "الشرطة الدينية" على رقاب السكّان في إدلب، وخطت "هيئة تحرير الشام" بإنهاء عمل "جهاز الفلاح"، خطوة نحو المدنيّة والمؤسساتية؟ أم أن الأمر لا يتعدى تغيير الاسم واللصاقات على سيارات "الفلاح" للحصول على تسمية عصرية تواكب مرحلة الانفتاح التي تعيشها "الهيئة"؟

الكثير من سكّان محافظة إدلب يترقّبون ما ستحمله الأشهر القليلة المقبلة من إجابات عن هذا التساؤل، وذلك من خلال عمل الجهاز الجديد "الشرطة الأخلاقية" الذي يجري العمل على إنشائه.