icon
التغطية الحية

"تاريخ سوريا في مئة موقع أثري".. توثيق حقيقي لآثار البلد المنهوب

2021.04.19 | 17:30 دمشق

1232123.jpg
"تاريخ سوريا في مئة موقع أثري"
إسطنبول- أحمد طلب الناصر
+A
حجم الخط
-A

تبرز قيمة الكتاب الأساسية من كونه الأول الذي يوثّق بين صفحاته أكثر من مئة موقع أثري سوري (103 مواقع) تعرّض كثير منها إما للتخريب أو التشويه أو النبش والسرقة، خلال العقد الأخير. ولأن تلك المواقع شكّلت مختلف المراحل التاريخية التي شهدتها سوريا، منذ أكثر من مليون ونصف مليون سنة، وموزعة على كامل الجغرافيا السورية.

اشترك في تأليف كتاب "تاريخ سوريا في مئة موقع أثري" وجمْع مواده، العديد من الأسماء السورية التي لمعت في علوم الآثار والتاريخ، إضافة إلى علماء آثار من مختلف جامعات العالم، وكلهم شارك في مواسم التنقيب التي أزالت غبار السنين عن تلك المواقع لتكشف عن أهم الحضارات التي كوّنت مجتمعةً التاريخ والإنسان السوريين.

 

thumbnail_17974789_1379273538797317_791957953_n.jpg

 

وما يحزّ بالنفس اليوم تعرّض العديد من تلك المواقع للخراب والنهب بفعل الحرب التي شنها نظام الأسد على السوريين ومدنهم، وجلبت معها الويلات إلى المنطقة.

جاء الكتاب بصفحاته الـ445 ليحافظ على جزء من تراث سوريا التاريخي الذي خطّته تلك المواقع الأثرية المهددة بالاندثار، وربما اندثر جزء منها بالفعل في ظل تقاسم مناطق السيطرة والانفلات الأمني الناتج عنه، وغياب الإعلام.

أبواب الكتاب

تم تقسيم أبواب الكتاب بحسب المراحل التاريخية، بدءاً بالأقدم، إلى أربعة أبواب رئيسة:

الأول- سوريا في عصور ما قبل التاريخ

يغطي هذا الباب المواقع الأثرية في العصور الحجرية، القديمة والوسطى والحديثة، إضافة إلى العصر الحجري النحاسي. ويعتبر موقع حوضة (الكوم) الواقع في البادية الشامية بين مدينة تدمر ونهر الفرات مهد العصور الحجرية السورية وأقدم موطن للإنسان السوري حيث يعود تاريخ استيطانه إلى 1,8 مليون سنة، وهذا ما جعله الموقع رقم 1 في الكتاب.

بعد موقع الكوم يأتي موقع مغارة "الديدرية" بريف حلب الشمالي الذي شهد أول المساكن لإنسان النياندرتال (75 ألف سنة) تليه مواقع "أبو هريرة والمريبط وصبي أبيض" التابعة للرقة والتي شهدت بداية نشوء القرى الزراعية الأولى في العالم (11 ألف سنة ق.م) وقد تعرض موقعي أبو هريرة والمريبط للغمر بسبب إنشاء سد الفرات وتشكّل بحيرة الطبقة.

الباب الثاني- سوريا القديمة (العصر البرونزي الحديدي):

وتعد مواقع هذه الحقبة من المواقع المهمة في العالم عامة وسوريا خاصة، حيث شهدت ظهور الدول الأولى والممالك القديمة التي أنتجت أهم الحضارات الإنسانية من النواحي الإدارية والثقافية والسياسية والعلمية، وربما كان تطوّر الكتابة إحدى السمات المهمة لهذا العصر، فكانت الكتابة المسمارية تستخدم على نطاق واسع في جميع المجالات الحياتية. فبرزت ممالك ماري وإيبلا وحلب/ يمحاض، وأوغاريت التي انطلقت منها الأبجدية المسمارية الأولى إلى جميع بقاع العالم.

وتعتبر اللقى الأثرية التي قدّمتها تلك المرحلة من أغنى وأجمل ما تحتويه المتاحف السورية، أو ما تبقّى قائماً منها، إضافة إلى متاحف العالم من اللوفر في باريس إلى برلين إلى نيويورك.

وأهم المواقع الأثرية التي جاء عليها الكتاب في هذا الباب:

  • في محافظة الحسكة: تل بيدر وتل موزان/ أوركيش وتل ليلان وتل حلف وتل عجاجة.
  • في حلب: تل البنات وتل جرابلس تحتاني وتل بازي والسلنكحية وتل أحمر والقملق.
  • في الرقة: تل منباقة/ إيكالتي وتل العبد وتل حمام التركمان وتل خويرة ومقبرة أبي حمد.
  • في دير الزور: تل الشيخ حمد/ دور كاتليمو، وتل العشارة/ ترقا، وتل الحريري/ ماري.
  • في حمص: تل النبي مند/ قادش، والمشرفة/ قطنا
  • في اللاذقية: رأس شمرا/ أوغاريت، وتل سيانو وتل أريس وابن هاني وتل تويني.
  • أما في إدلب، فيعتبر تل مرديخ/ إيبلا من أهم وأعرق الدول التي قامت في سوريا منذ الألف الثالثة قبل الميلاد.

وقد برز العديد من أسماء باحثين الآثار الذين تم على أيديهم اكتشاف معظم تلك المواقع كـ "أندريه بارو" مكتشف ماري و"باولو ماتييه" مكتشف إبلا و"كلود شيفر" في أوغاريت.

الباب الثالث- سوريا في العالم الكلاسيكي (الهلنستي- الروماني- البيزنطي)

وتضم المواقع الأثرية التي ظهرت في عصر الإسكندر المقدوني أواسط القرن الرابع قبل الميلاد واستمرت في ظل قادته الذين تقاسموا إمبراطوريته بعد وفاته /السلوقيون/ ثم مجيء الرومان بقيادة بومبي الذي أنهى حكم السلوقيين عام 64 ق.م، ثم الفترة البيزنطية التي تبعت انقسام الإمبراطورية الرومانية وتأسيس القسطنطينية.

وأهم المواقع السورية التي اشتملت عليها تلك المرحلة على الإطلاق هي: تدمر وأفاميا وبصرى الشام والصالحية/ دورا أوروبوس والرصافة وشهبا وحلبية وزلبية وشيزر.

وقد تميزت تلك الحقبة بظهور المدن الكبيرة والمباني الضخمة والمسارح والأعمدة المرصوفة والمعابد المختلفة إضافة إلى الحمامات ومعاصر الزيتون، وظهور فنون النحت والموزاييك والفسيفساء.

الباب الرابع- الآثار الإسلامية

وتشمل المواقع التي ظهرت واستمرت بعد الفتح الإسلامي الذي وصل إلى سوريا بدايات القرن السابع الميلادي، حيث ازدهر بناء المساجد لا سيما المسجد الأموي في دمشق وحلب، والقصور كقصري الحير الشرقي والغربي وقصر الرصافة، كما انتشرت التحصينات والقلاع الإسلامية خاصة في الفترة الأيوبية ومرحلة الحروب الصليبية كقلعة حلب والحصن وشيزر.

ومن الناحية الفنية فقد تطورت صناعة الفخار من حيث التقنية والزخارف والألوان، إضافة إلى ظهور فن الأرابيسك والخطوط العربية.

أما أهم المواقع الإسلامية التي جرى فيها التنقيب وجاء على ذكرها الكتاب فهي قليلة نسبياً مقارنة بمواقع باقي العصور، وهي: قلعة شيزر والمضيق وحلب، وخراب سيّار وتل دامر في الرقة، وتل تنينير في الحسكة.

الرسالة والهدف

ساهم في أبحاث الكتاب 113 باحثا أثريا عملوا جميعهم في المواقع المذكورة من مختلف أنحاء العالم، وقد كان شعورهم بالقلق الكبير على ما يتعرض له التراث السوري العالمي من مخاطر هو دافعهم الرئيسي لإنجاز هذا الكتاب، لأن التدمير الممنهج  والمستمر سيؤدي إلى حرمان الشعب السوري من معرفة وملكية تاريخه الذي يعود إلى ما قبل التاريخ.

وتمت طباعة الكتاب بتمويل من وكالة الشؤون الثقافية في الحكومة اليابانية، وهو مرفق بصور حية للمواقع مع خرائط ومخططات توضيحية دقيقة. والجدير بالذكر أن معظم نصوصه تم نقلها من لغات أجنبية، قام بإعدادها الباحث الياباني واكيرا تسونيكي، وأشرف على تعريبها وصياغتها يوسف كنجو.