icon
التغطية الحية

تأجير الشوارع العامة.. أسلوب جديد لكسب العيش بدمشق

2022.12.20 | 10:43 دمشق

إحدى محطات الحافلات بالعاصمة السورية دمشق
"تأجير الشوارع العامة" في سوريا أسلوب جديد لكسب العيش
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

يبحث السوريون عن وسائل للعيش بأي شكل من الأشكال مهما كانت نسبة المخاطرة بالأساليب التي يتبعونها، ومؤخراً، انتشرت ظاهرة تأجير أماكن لركن السيارات في العاصمة دمشق، سواء كانت أماكن مخالفة أو نظامية، ويختلف ذلك تبعاً للشخص الذي يقوم بتأجيرها.

استهداف رواد المولات

استطلع الموقع تجارب أكثر من 10 سائقين في دمشق ذكروا خلالها عدة أماكن وجهات مختلفة تعمل بتأجير الشوارع العامة. قرب قاسيون مول في دمشق، وضع عمال نظافة على بُعد بضعة أمتار من مصف السيارات الخاص برصيف المول المأجور، 4 حاويات قمامة إلى جانب بعضهم بعضا، يقوم العمال بإبعادها في حال جاء شخص يريد أن يركن سيارته.

أجرة ركن السيارة في مكان حجزه عامل النظافة ليست بمقابل ثابت، فقد يحصل العامل بهذه الحالة على أكثر من ألف ليرة لقاء ركن السيارة لكنه لا يقبل بأقل من 500 ليرة.

عمال مصف السيارات الخاص بالمول، يقومون أيضاً بتأجير الأماكن المجانية المحيطة والتي يفترض أن تكون متاحة لجميع السائقين دون أي مقابل مادي، حيث يقوم هؤلاء بأخذ مفتاح السيارة من الزبون ويقومون بركنها في أي مكان، ثم يتقاضون منه 3 آلاف ليرة على أنها أجرة ركن السيارة عند الرصيف المأجور الخاص بالمول.

أكد هشام وهو تاجر ألمنيوم، أنه تعرض أكثر من مرة لذات الموقف، حيث أخذ منه موظف الفاليه مفاتيح السيارة و3000 آلاف ليرة على أن يقوم بركنها في المصف المأجور، لكن عند خروجه وطلبه للمفتاح وجدها مركونة في الشارع المقابل أمام أحد الأكشاك، مشيراً إلى أنه متأكد بوجود اتفاق بين الموظف وصاحب الكشك لتأجير هذا المكان.

اركن في أي مكان مقابل 500 ليرة

تأجير الشوارع العامة لأصحاب السيارات ليس محصوراً بمحيط المولات حيث ينظر من يعتاش على هذا العمل، إلى أن مرتادي المولات هم من الطبقة الميسورة، بل انتشرت الظاهرة في معظم شوارع العاصمة وبأساليب مختلفة. أغلب أصحاب البسطات قرب الأرصفة أو عليها يقومون بحجز محيطها، وهذا ما قام به أحد أصحاب بسطات الدخان في شارع الثورة، حيث حجز مكاناً لركن سيارة بكراسي بلاستيكية يقوم بإزاحتها لمن يريد أن يركن سيارته في أوقات الذروة مقابل 500 ليرة سورية، وإذا كانت المدة أكثر من ساعة يزيد المقابل باتفاق بين الطرفين.

في قلب شوارع العاصمة المزدحمة، يستطيع أي سائق أن يركن سيارته أينما يشاء ولو كان مكاناً مخالفاً مقابل دفع مبلغ مالي للشرطي المسؤول عن المنطقة، ويتم الاتفاق على المبلغ بين الطرفين. غالباً يأخذ الشرطي بهذه الحالة رقم صاحب السيارة ويتصل به في حال كان قد ركن سيارته برتل ثان.

وفي بعض المناطق، تقوم شرطة المرور بحجز أماكن لتأجيرها في أثناء فترات الدوام، وهذا ما يحصل في المرجة وسط العاصمة، حيث تكتظ المواقف المأجورة بالسيارات لكونها منطقة تجارية ويبحث السائقون عن أماكن لركن سياراتهم بصعوبة في أوقات الذروة، وهنا يقوم رجال شرطة المرور بتأجير موقف أو موقفين من المفترض أن يكونا متاحين للعموم، مقابل 500 ليرة أو ألف ليرة.

حتى حراس الجهات الحكومية التي يمنع ركن السيارات أمامها لكونها مصفات خاصة بالجهات تلك، يقومون بتأجيرها للسائقين بعد انتهاء الدوام الرسمي، وهذا ما يحصل مقابل مجلس الشعب على سبيل المثال للحصر.

 موظفو الشركة المحتكرة يغعلون ذلك

حتى موظفو الشركة الوحيدة التي تحتكر المواقف المأجورة في دمشق "مصفات" باتوا يمارسون ذات العمل لكن بأساليب مختلفة، فرواتبهم وفقاً لأحد العاملين فيها لا تتجاوز الـ100 ألف ليرة. أحد أساليب الموظفين هي حجز موقف مأجور من المواقف المؤتمن عليها، لتأجيره خلال أوقات الذروة لمن لا يجد مكاناً لسياراته من مبدأ أنه حل له مشكلته، حينذاك يقوم الزبون بدفع 500 - 1000 ليرة للموظف الذي قام بتأمين مكان وسط الزحمة، إضافة إلى أجرة الموقف أيضاً 500 ليرة في الساعة.

ويقوم الموظفون أيضاً بعض الأحيان بركن السيارات دون قطع فواتير عبر الأجهزة الخاصة بالشركة لتذهب أجرة المواقف إلى جيوبهم، وبعضهم يقطعون ساعات أقل من التي يطلبها الزبون كأن يطلب السائق 3 ساعات ويقوم الموظف بقطع ساعتين للشركة وساعة لجيبه.

في بعض الأحيان، يتفق شرطي المرور مع موظف شركة "مصفات" لتأجير بعض الأماكن غير المأجورة الملاصقة للأرصفة المأجورة دون أن يعلم السائق أنها مجانية، ويتاقسم الطرفان المبالغ نهاية اليوم.

وتنتشر ظاهرة تأجير الشوارع العامة في معظم مناطق دمشق خاصة المزدحمة منها وقرب الأسواق، مثل الشعلان وباب توما وشارع الحمراء وغيرها، بغض النظر عن الشخص الذي يقوم باستغلال تلك المساحات.

وحصلت شركة "مصفّات" في آذار عام 2021 على عقد استثمار مواقف مأجورة للسيارات في شوارع العاصمة دمشق بقيمة 2.1 مليار ليرة سورية على أن تزداد سنوياً لمدّة أربع سنوات. وفقاً للعقد حصلت الشركة على 3500 موقف مأجور قابلة للزيادة والنقصان بمعدل 25%، على أن تتقاضى الشركة المشغّلة مبلغا ماليا قدره 500 ليرة سورية للساعة الواحدة.

وقالت مصادر مطلعة لـموقع "صوت العاصمة أيار الماضي، إن عدد المواقف المأجورة التابعة للشركة، تجاوز 4500 موقف سيارات بتسهيلات من موظفين وبعض أعضاء المكتب التنفيذي في محافظة دمشق.