icon
التغطية الحية

بين مفقود وغالٍ.. أزمة الدواء تتفاقم في إدلب

2021.01.09 | 14:44 دمشق

photo_2021-01-09_15-04-26.jpg
هاديا منصور - إدلب
+A
حجم الخط
-A

لم تستطع ردينة الحسين الحصول على دواء الحساسية الصدرية لابنها المريض رغم كل محاولات بحثها بين الصيدليات، وهو ما اضطرها في نهاية المطاف للاستعاضة عنه بدواء بديل قليل الفاعلية.

يعاني القطاع الدوائي في محافظة إدلب من مشاكل عدة تمثلت بارتفاع سعره الجنوني، بعد انخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، إضافة لمشاكل تتعلق بفقدان العديد من الأدوية الهامة والضرورية من الصيدليات، وهو ما حرم المرضى من الحصول على الأدوية اللازمة، وساهم بتردي أوضاعهم الصحية.

تقول ردينة لموقع تلفزيون سوريا إن الدواء الذي اشترته قليل الفاعلية مقارنة مع الدواء الذي كانت تعطيه لابنها سامر، البالغ من العمر خمس سنوات، فهو يعاني من ضيق في التنفس ونوبات ربو منذ صغره، وهو ما يدفعها لشراء أدوية الحساسية لتخفيف تلك النوبات المتكررة، غير أنها اليوم لم تعد تجد الدواء في الصيدليات، مادفعها، أمام عدم جدوى الدواء البديل وتدهور حالة ابنها الصحية، لقصد المستوصفات والمشافي لمنحه جرعات ارذاذ علها تساعده على التنفس، وفق تعبيرها.

اقرأ أيضاً: قطر تقدم منحة لدعم القطاع الصحي والطبي في إدلب وحلب

لم يكن وضع الحاج الخمسيني بلال الرافع بأحسن حالاً، فهو لم يعد يجد دواء الضغط في أي من صيدليات المنطقة فيضطر لاحضاره من خارج البلاد، بمبالغ مالية عالية، يقول: "لا أستطيع الاستغناء عنه فيوم واحد بدون تناوله كفيل بتدهور صحتي وإصابتي بجلطة قلبية لا سيما وأن الحالة تكررت معي أكثر من مرة، ولذا فأنا مضطر للحصول عليه بأي ثمن".

ويتساءل "الرافع" إن كان الأمر سيطول على هذا النحو، فلا طاقة لديه على تأمين الدواء بشكل متواصل، مضيفاً أنه في السابق كان الدواء متوفر بشكل "جيد"، غير أن انقطاعه مؤخراً سيكون له سلبيات "كبيرة"، ليس بالنسبة له وحسب، وإنما لكافة مرضى ضغط الدم أمثاله وأعدادهم "ليست قليلة".

لم تقتصر مشاكل الأدوية في إدلب على انقطاع أنواع حبوب الضغط والسكري والأدوية العصبية ومضادات الالتهاب، وإنما راح يواجه القطاع الدوائي ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، ما منع الفقراء ومحدودي الدخل من الحصول عليه.

النازح في مخيمات سرمدا حامد الطبال، ساءت حالة ابنته الرضيعة بعد إصابتها بالتهاب قصبات على إثر إصابتها بنزلة برد حادة، فقصد الصيدلية للحصول لها على بعض أدوية الالتهاب والمسكنات، لكنه فوجئ بالأسعار التي "لم يكن يتوقعها".

وقال: ”نقصد الصيدليات عادة لشراء الأدوية اللازمة دون مراجعة الطبيب، لتوفير بعض الأجور والنفقات، وخاصة في الحالات المرضية المعروفة، كالإنفلونزا والتهاب القصبات المتكرر لدى الأطفال".

وأشار إلى أنه اشترى إبرة التهاب "روسيف" بسعر 15 ليرة تركية، أي ما يعادل 5 آلاف ليرة سورية، بينما كان يشتريها سابقاً بـ 500 ليرة سورية فقط، أي أن سعرها ارتفع بمعدل عشرة أضعاف، الأمر الذي اعتبره "يفوق استطاعة السوريين"، خاصة "النازحين المعدمين ممن يواجهون ظروفاً معيشية قاسية يسودها الفقر وقلة المساعدات وانعدام فرص العمل".

ارتفاع أسعار الأدوية دفع الأهالي للتوجه إلى صيدليات المشافي المجانية والتي تفتقر هي الأخرى للكثير من أنواع الأدوية.

وقفت الأرملة روعة الجابر ضمن الطوابير الطويلة بانتظار دورها لصرف الوصفة الدوائية من صيدليات إحدى المشافي المجانية في إدلب، وبعد وقت طويل من الانتظار فوجئت بأن جميع أنواع الأدوية المدونة في الوصفة غير متوفرة، وهو ما اضطرها لاستدانة مبلغ من المال بغية الحصول على الدواء، لابنتها المريضة بالتهاب أمعاء حاد، من الصيدليات الخاصة.

مسؤول الصيدلية المجانية وائل عليوي ذكر أن صيدليات المشافي المجانية عادة تكون مدعومة من منظمات طبية كمنظمة "أطباء بلا حدود" ومنظمة "سامز" و"سيما" وغيرها، لكنه دعم متقطع، "لذا تكون هذه الصيدليات حيناً عامرة بالأدوية وحيناً آخر تفتقد لأنواع متعددة"، فهي تعمل ضمن الإمكانيات المتاحة فقط.

اقرأ أيضاً: الدواء.. أزمة جديدة تعصف بالسوريين!

وحول ارتفاع أدوية الأمراض المزمنة بنسبة أعلى من باقي الأصناف، قال الصيدلاني ماهر الرحمون إن "الأسعار ارتفعت بعد قانون قيصر، ولا يتم استيراد أدوية الأمراض المزمنة مثل السابق وهي لا تُصنّع محلياً".

وأشار إلى أن من أسباب غلائها ايضاً هو "شراءها بالدولار الأميركي بدل الليرة السورية، إضافة لعمليات احتكار وتخزين غالبيتها لدى بعض المستودعات، في ظل انعدام المراقبة وانتشار الفوضى وفساد الجهاز الإداري".

وعن مصادر الأدوية في المناطق التابعة لسيطرة المعارضة، بيّن "الرحمون" أنها تعتمد وبشكل أساسي على الدواء السوري الذي يتم إنتاجه في معامل المنصورة بريف حلب الغربي، ومعامل دمشق وحمص، وتصل هذه الأدوية من مناطق النظام عبر طرق التهريب، في حين أن هناك أدوية تدخل عبر المعابر التي تربط المنطقة مع تركيا، من الهند والصين وتركيا وأوربا.

ولأهمية الأمر دعا الرحمون للعمل السريع على تنفيذ مشروع أمن دوائي في المنطقة من خلال تظافر الجهود، سواء الجهات الصحية أو المستودعات الدوائية أو الصيدليات أو منظمات المجتمع المدني، بغية الوصول لآلية يمكن من خلالها توفير الكم المناسب من الأدوية لـ "لمناطق المحررة" وبأسعار مقبولة تتوافق مع الإمكانيات الشرائية الضعيفة للمدنيين.