بين المراهنة عليها وضدها.. لماذا يتأرجح سعر الليرة التركية؟

2020.11.26 | 20:48 دمشق

نوع المصدر
إسطنبول ـ رويترز

تجد الليرة التركية نفسها عالقة بين شد وجذب من مستثمرين أجانب، رحبوا بالزيادة الكبيرة في سعر الفائدة ووعود الحكومة بالإصلاح، ومواطنين يتوخون الحذر ويكنزون الذهب والدولار.

شهدت العملة شهرا مضطربا بعد أداء ضعيف هذا العام بالأسواق الناشئة. وسيسهم الأداء - إن كانت ستتمكن من تفادي تسجيل مستويات متدنية قياسية جديدة - في تحديد مدى نجاح تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بعصر اقتصادي جديد يستلهم آليات السوق.

ارتفعت الليرة نحو 12 بالمئة بعدما استبدل أردوغان رئيس البنك المركزي ووزير المالية في تعديل صادم في وقت سابق من الشهر. وفي الأسبوع التالي، سارع الأجانب لشراء أصول تركية بخمسة مليارات دولار، وفقا لحسابات مصرفيين.

لكن العملة عادت لتنخفض خمسة بالمئة هذا الأسبوع مع دخول الأتراك والشركات المحلية على الخط بشراء ما قيمته 2.5 مليار دولار من العملة الصعبة بسعر رأوه بخسا، ويقول مصرفيون إن شركات أكبر ربما دخلت السوق للحصول على العملة الصعبة من أجل الوفاء بالتزامات ديون خارجية متزايدة.

وبلغت حيازات النقد الأجنبي في تركيا أعلى مستوى لها عند 228 مليار دولار وسبب رئيسي في ذلك هو استيراد ذهب بنحو 22 مليار دولار هذا العام، وهو مخزن للقيمة يحبذه الأتراك خاصة في الأوقات التي تشوبها الضبابية.

وقال محمد علي يلدريم ترك وهو نائب رئيس اتحاد لمتاجر الذهب بإسطنبول ولديه متجر في البازار الكبير بالمدينة "يشتري الناس الذهب بعد بيع سياراتهم أو منازلهم، أو يشترونه بأموالهم مباشرة".

وأضاف "خلق التعهد بإصلاحات اقتصادية تفاؤلا في السوق، لكن يتعين الوفاء بهذه الوعود عن طريق خطوات فعلية".

يلقي أردوغان باللوم منذ مدة طويلة على الأجانب وارتفاع أسعار الفائدة في تراجعين اقتصاديين جسيمين وانهيار لقيمة الليرة بأكثر من 50 بالمئة منذ أوائل 2018.

وجاء التحول في حديثه هذا الشهر، عن الأجانب وأسعار الفائدة، بعد تسجيل العملة سلسلة من المستويات المتدنية القياسية وفي ظل تضاؤل احتياطيات البنك المركزي من العملة الأجنبية.

طلب مكبوت

بدأت السلطات حل قيود الاستثمار في الخارج، ومنها الحدود المفروضة على مبادلات النقد الأجنبي بالليرة، والتي اعتمدت العام الماضي في ظل عدم الثقة في الأجانب.

لكن التغييرات ستمضي ببطء لأن عشرات مليارات الدولارات لدى البنك المركزي لا يمكن التصرف فيها من أجل تعزيز الاحتياطيات.

يسفر هذا عن طلب مكبوت لدى الأجانب الذين لا يستطيعون الحصول إلا على عائد بنحو 10.5 بالمئة على الأصول التركية في سوق للمبادلة بلندن حتى بعدما رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة 475 نقطة أساس إلى 15 بالمئة الأسبوع الماضي.

وقال كيران كيرتس مدير محفظة الأسواق الناشئة لدى أبردين ستاندردر للاستثمارات، التي نأت بنفسها لوقت طويل قبل أن تشتري أصولا تركية هذا الشهر، "نشهد بالتأكيد مزيج سياسة تقليديا أكثر ونتعامل بإيحابية مع هذه التغييرات لكن بحذر".

وأضاف أن رفع سعر الفائدة مرة أخرى الشهر المقبل 50 نقطة أساس سيكون "منطقيا" وقد يبقي على اهتمام الأجانب.

قد تساعد التدفقات الأجنبية في إبقاء عجز ميزان المعاملات الجارية التركي المتضخم تحت السيطرة بعدما أدت تداعيات جائحة فيروس كورونا إلى انخفاض إيرادات السياحة بنحو 20 مليار دولار.

ويزيد ارتفاع الذهب من الاختلال التجاري وخطر التخلف عن سداد الديون الخارجية، بحسب وكالات التصنيف الائتماني ومحللين. ويتوقع البنك المركزي أن تصل واردات الذهب إلى 24 مليار دولار بنهاية العام، أكثر من مثلي المعدل الطبيعي.

وقال مدير ثروات بأحد البنوك التركية، طالبا عدم نشر هويته، "اشترى المواطنون ما قيمته نحو أربعة مليارات من الذهب والنقد الأجنبي خلال أسبوعين فقط".