althania
icon
التغطية الحية

بين الفقدان والفخر.. أبناء غياث مطر والهرموش وأبوفرات يتحدثون عن إرث آبائهم

2025.02.06 | 06:13 دمشق

ساحة الأمويين ـ
مظاهرة في ساحة الأمويين ـ أ ف ب
تلفزيون سوريا ـ وفاء عبيدو
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- في 8 ديسمبر 2024، أعلنت سوريا حريتها بعد 13 عامًا من الثورة، حيث قدم السوريون تضحيات كبيرة لتحقيق النصر، وفقدت الثورة العديد من رموزها مثل غياث مطر.
- أحمد الجادر يؤكد أن سقوط نظام الأسد خطوة نحو العدالة، داعيًا لدعم سوريا سياسيًا واقتصاديًا وتوثيق جرائم النظام لضمان محاكمة المجرمين.
- محمد حسين الهرموش يشدد على ضرورة محاسبة القتلة والكشف عن مصير المفقودين، معبرًا عن خذلان المجتمع الدولي وضرورة تحقيق العدالة لتكريم الشهداء.

بعد أكثر من 13 عاماً جاء فجر 8 من كانون الأول 2024، مغايرا لما سبقه من أعوام معلناً أن سوريا حرة، وأن نصرها أصبح واقعا لا شعارات أو آمال، وليعلن للعالم أجمع أن الثورة التي سار بها السوريون كانت طريقاً طويلًا كلّف كل غال وثمين.

خسرت الثورة في السنوات الماضية كثيراً من رموزها الذين نالوا تقديراً واحتراماً كبيراً، وكانت لهم بصمات واضحة في العمل الثوري، كما تركوا في رحيلهم أو بتغييبهم أثراً بالغاً على مسيرتها في كل النواحي، فهم من خرج لإسقاط نظام بشار الأسد وكانوا صرخة الحرية وبداية طريق النصر.

غياث مطر "غاندي الثورة" السورية

"أبي أيها الحاضر الغائب اشتاقك وأفتخر أنني غياث الابن وأنك غاندي الثورة السورية" هكذا يصف غياث مطر ذو الـ13 عاما لموقع تلفزيون سوريا، والده غياث الأب الذي أصيب في كمين نصب له من قبل عناصر نظام الأسد، ثم نقل إلى المشفى العسكري وبعد عدة أيام تسلمت عائلته جثمانه الذي اتضح أنه تعرض للتعذيب والتنكيل.

عُرف غياث مطر الأب بنشاطاته السلمية في مدينة داريا في ريف دمشق ضمن المظاهرات، إذ كان يُقدّم الورد والماء لعناصر الأمن سعياً منه لثنيهم عن مواجهة المتظاهرين بالرصاص، ولإيصال رسالة بأن هذه الاحتجاجات سلمية، وكانت جملته الشهيرة "أنا وأنت إخوة لو كنت مكانك ما قتلت المتظاهرين السلميين الوطن يتسع للجميع".

يرى غياث الابن أن نصر الثورة هو أمل جديد لمحاسبة من قتل وسفك دماء السوريين، وإذا لم تتحقق مطالب "الشهداء والأحرار" التي لطالما نادوا بها في ساحات المظاهرات سيبقى جزء من الثورة مفقودا، ولن يكتمل إلا بملاحقة بشار الأسد وجميع مرتكبي جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، وأشار أن هذا الأمر يقع على عاتق الحكومات القادمة.

كما أكد أنه مستمر على نهج والده وطريقه إلى أن ينتهي الظلم ويسود القانون وتطبق العدالة الاجتماعية ومن ثم السلم الأهلي، كما طالب غياث منظمات المجتمع المدني السوري في العمل على دعم ومساعدة الأجيال القادمة وخاصة أبناء "الشهداء" لتكملة مسيرة آبائهم، الذين "ضحوا بحياتهم في سبيل الحرية والوصول إلى سوريا الجميلة".

وأضاف غياث أن "العِلم هو سلاحه وسلاح الجميع الذي سيكون حجر الأساس لبناء سوريا الجديدة"، وتابع قائلاً "لم أخرج إلى هذه الحياة مثل أي طفل ولطالما صاحبني شعور الفقد، وكانت أول مسؤولياتي أنني ورثت مسيرة واسم والدي الشهيد غياث مطر الذي أحمل في طياته الألم والفخر في آن واحد، وكل ما أرجوه ألا يذهب دم الشهداء وتضحيات كل الشعب السوري عبثًا وبلا محاسبة".

حلم أبو فرات الجادر

"أبي أنت لست فقط شهيدًا في الذاكرة، بل رمزًا للثورة وللعدالة التي استشهدت من أجلها، ستبقى حيًا في قلبي وقلب كل من آمن بقضيتنا وحريتنا، اليوم أصبح حلمك العظيم واقعًا وأسقطنا حكم الأسد ونلنا الحرية وها نحن نسعى لبناء سوريا كما كنت تحب رؤيتها"، هكذا عبر أحمد الجادر (31 عامًا) طالب في كُلْيَة إدارة الأعمال ويقيم في تركيا، عن فقدانه لوالده يوسف الجادر "أبو فرات".

انشق "أبو فرات" عن جيش  نظام الأسد برتبة عقيد ليلتحق بصفوف الجيش الحر، حيث ترك بصمة بارزة كضابط وقيمة ثورية لا تُنسى كما شارك في العديد من المعارك المهمة، وكانت آخر معركة له في ريف حلب "معركة ثوار الخنادق" لتحرير مدرسة المشاة، التي استشهد خلالها.

يرى أحمد أن الثورة السورية حققت هدفها الرئيسي بسقوط نظام الأسد، لكن العدالة لا تقل أهمية عن سقوط النظام، فهي السبيل الوحيد لمحاسبة المجرمين الذين ارتكبوا أبشع الانتهاكات بحق الشعب السوري من تنكيل وتعذيب وقتل على مدار 14 عاما، وهي الخطوة الأساسية نحو بناء مجتمع حر ومستقر يعيد حقوق الضحايا ويضمن عدم تكرار هذه المآسي.

كما أضاف أن "شهداء الثورة ضحوا بأغلى ما يملكون من أجل تحقيق الحرية والكرامة، مؤمنين بحق الشعب في حياة عادلة ومستقرة، وعليه فإن التمسك بمطالبهم أمر واجب وذلك وفاءً لتضحياتهم".

وتابع "سنواصل العمل حتى نبني مجتمعا قائما على الحق وينصف المظلومين، ويجسد القيم التي استشهد من أجلها أباؤنا، ورغم كل التحديات فإن الإيمان بالحرية والعدالة لا يزال ينبض في قلوبنا، وهذه القيم لا تموت وهناك من يؤمن بها ويناضل لتحقيقها".

طالب أحمد المجتمع الدُّوَليّ بتقديم الدعم السياسي والاقتصادي لإعادة بناء سوريا على أسس الحرية والعدالة، والعمل على توثيق جرائم النظام السوري لحفظ حقوق الضحايا، وضمان استخدامها كأدلة لمحاكمة المجرمين في المحاكم الدولية.

كما طالب الحكومة الحالية بتعزيز الحرية والديمقراطية بالعمل على بناء نظام ديمقراطي حقيقي يعبر عن تطلعات الشعب السوري، ويضمن مشاركة الجميع في صنع مستقبل البلاد، استنادًا إلى القيم التي قامت عليها الثورة.

وقال" أؤمن أن المستقبل يحمل الأمل، وأن الأجيال القادمة ستصنع التغيير، لتكون سوريا بلدًا يحتضن جميع أبنائه بعدالة وكرامة، كما أؤمن بإمكانية تحقيق سوريا الحرة التي كان والدي وكل شهداء الثورة يحلمون بها".

"الهرموش".. رمز لا ينساه السوريون

تتالت الانشقاقات في نظام الأسد واحدة تلو الأخرى، وفي حزيران 2011 أعلن حسين هرموش، أول ضابط برتبة مقدم انشقاقه عن جيش النظام السوري، حين ظهر في مقطع مصور ليوضح أن سبب الانشقاق هو "قتل المدنيين العزل من قبل أجهزة النظام".

لم تستثن الملاحقات الأمنية أحدا من أفراد أسرة الهرموش، ما دفعه للهروب إلى تركيا حيث اختفى مدّة ثم ظهر محتجزا لدى النظام، من دون أن تتضح حقيقة ما حصل معه وكيفية اختطافه ووصوله إلى يد النظام المخلوع، ليدلي باعترافات قال ناشطون حينها إنها انتزعت منه تحت التعذيب، وبقي مصيره مجهولا إلى أنه نعاه ابنه الأسبوع الجاري.

محمد حسين الهرموش (20 عاما) يدرس في كُلْيَة الطب ويقيم في تركيا، أوضح لموقع تلفزيون سوريا أن والده " حسين هرموش" لم يكن مجرد ضابط بل كان أول من كسر حاجز الخوف علنًا وفقًا لمبدأ اليمين الذي أقسمه القائم على رفع السلاح في وجه العدو وليس في وجه شعبه الأعزل، وأن والده كان رمزا للجرأة والإخلاص، وكان مؤمنا بأن الوطن يستحق التضحيات.

يرى محمد أن الثورة لم تنته بتحرير المحافظات السورية، إنما هذه الخطوة إنجاز من منجزاتها ولكن النصر يكون بمحاسبة من قتل الشعب السوري إضافة إلى الكشف عن رفات وأثر كل المفقودين والمغيبين.

يعتبر محمد، أن "الصورة المستقبلية لسوريا ما زالت غير واضحة والطريق طويل ومعقد، ولكنه متفائل بالإدارة الجديدة في أن تسعى لتحقيق ما ضحى من أجله كل شهيد وأنها ستعمل لتحقيق العدالة وإيجاد رفات المفقودين ليتم التعايش مع نصر الثورة بلا أي تساؤلات تعرقل هذا النصر".

"أن أكون ابن حسين الهرموش فهذا يعني أنني أحمل راية أبي بكل طهر، وأن أكمل طريقه بكلمتي وإرادتي والتزامي تجاه وطني"، هكذا يصف محمد كونه ابن أحد رموز الثورة و"شهدائها" وتابع قائلاً "ربما تأخر النصر الذي حلم به أبي وربما شوهته الظروف لكننا لن ننسى سنكمل وسيبقى حسين الهرموش حيًا في ثورتنا".

كما أضاف أن "الشهداء" ليسوا بحاجة تكريم لفظي، إنما تكريمهم الحقيقي يتجلى بالأفعال وأن كلّ ما يريده أبناء هؤلاء الأشخاص هو متابعة طريق آبائهم بشكل يليق بتضحياتهم.

وأشار محمد إلى خذلان المجتمع الدُّوَليّ على مر السنوات في قضية المفقودين، موضحًا مسؤولية الحكومة القادمة هي بذل كل الجهود من خلال كل ما يتعلق بهذا الملف وعليه تثبت مصداقيتها وتكسب ثقة الشعب.

يؤمن محمد الهرموش أن سوريا الحرة ستكون يوما أمرا واقعا، وقال" ثورتنا لم تكن مؤامرة بل كانت صرخة شعب ومن يريد أن يفهمها عليه أن ينظر لقصص من دفعوا حياتهم ثمنًا لها، فطريق الحرية طويل ويحتاج صبرًا ووعيًا وهذا ما يجب أن يتحلى به الجميع خلال الأيام المقبلة لتكون سوريا الجديدة كما نريد".

يبقى البحث عن جثامين المعتقلين ورفاتهم هاجسا لدى الأهالي، وبحسب بيانات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، يبلغ عدد المختفين قسريا في سجون نظام الأسد منذ آذار 2011 حتى آب الماضي 112 ألفا و414 شخصا، بينهم 2329 طفلا و5742 سيدة.