icon
التغطية الحية

بين العلاج والموضة.. عمليات التجميل تتحول إلى هوس

2022.07.17 | 05:18 دمشق

عمليات التجميل
صورة تعبيرية (Getty)
أنقرة - وضحى عثمان
+A
حجم الخط
-A

مع تطور طب التجميل تحول اهتمام المرأة بجمالها من مجرد اهتمام طبيعي ومعتاد إلى هوس مرضي، في كثير من الحالات، تحت تأثير الموضة والتقليد والسوشيال ميديا.

تثير عمليات التجميل جدلاً بين مؤيد ومعارض، بين من يرى أهمية الاستفادة من تطور العلم لأغراض العلاج التجميلي للعيوب وبين من يحذر من عواقب التعديل الخلقي وتحول الأمر إلى هوس يفرز تشويهاً سلبياً.

ولا تقتصر عمليات التجميل على النساء من دون الرجال وإن كانت النساء هن الأكثر إقبالاً عليها.

مع وضد

تقول السيدة "س . ص"، امرأة سورية، لكي يكف زوجي عن النظر إلى النساء أو الإشادة بجمالهن، قررت أن أخضع لعملية تجميل.

تضيف "س . ص"، طلبت عدم الكشف عن اسمها لأسباب تتعلق بالحرج الاجتماعي، أن نتيجة العملية كانت رائعة ونجحت في تغيير شكل أنفي، لكنني لم أكتف بذلك وقمت بعملية أخرى لشفاهي إلا أنها لم تنجح.

وتتابع، حاولت تعديل فشل العملية إلا أن الأمور ازدادت سوءاً وضرراً، وأصبح وجهي مشوهاً.

لا تخفي "س . ص" ندمها الشديد وخسارتها التي لا تستطيع تداركها.

ولم تتوقف الأضرار على تشوه المظهر، تقول "س . ص" خسرت زوجي الذي تزوج بامرأة أخرى ووالدتي قاطعتني لأنها كانت غير راضية عن هذا التصرف.

بدورها، هبة، شابة سورية، لديها تجربة ناجحة مع عمليات التجميل، تقول أنا أملك عيوناً واسعة وتقاطيع وجهي جميلة لكن أنفي كان كبيراً خضعت لعميلة تجميل لأنفي وغيرت كل تفاصيل وجهي نحو الأفضل.

وتضيف هبة، أصبحت أكثر جمالاً وثقة وأنصح كل فتاة أن تقوم بعملية تجميل إن كانت غير راضية عن شيء في جسدها،

وتقول، لدينا خيار أن نغير ونكون أكثر سعادة فلماذا لا نأخذ هذا القرار.

التجميل بين الضرورة والخطورة

الدكتورة أسيمة الخطيب، اختصاصية في قسم التجميل، تقول إن المرأة بغريزتها تحب أن تكون الأجمل، فتعتني بنفسها كثيراً وتعاصر الموضة.

وتضيف، هناك استسهال من قبل النساء، فبمجرد ظهور تجعد واحد على وجهها تسارع إلى عيادة التجميل لحقن "البوتكس" حرصاً منها على جمال بشرتها.

كذلك عمليات التنحيف والتي تشكل الهاجس الأكبر لدى النساء، وبديلاً سريعاً عن ممارسة الرياضة واتباع الحمية.

في المقابل، ترى الطبيبة أسيمة أن عمليات التجميل تكون ضرورة علاجية وحلاً لا بد منه، في حالات العيب الخلقي أو ترهلات الولادة.

وتقول الطبيبة، إن الشيء الجميل في الموضوع أن المرأة تصبح مع هذه النتيجة راضية عن جسدها أو شكلها، متصالحة مع نفسها من دون خوف من تنمر المجتمع عليها.

لكن عمليات التجميل سيف ذو حدين، بحسب أسيمة، وفي كثير من الأشخاص لا يتقبلون أنفسهم مع النتيجة الجديدة فقد اعتادوا على أنفسهم لسنوات طويلة وفق الشكل القديم، هؤلاء قد يصل بهم عدم التقبل إلى الدخول بحالة اكتئاب نفسي.

ومن جهة أخرى، يصبح لدى بعضهم إدمان على عمليات التجميل قد يكون ذلك نابعاً من عدم ثقتهم بأنفسهم، وربما لديهم هوس بتقليد المشاهير.

وتقول أسيمة، "بل إن هذا النوع من الإدمان أكثر ما يوجد عند المشاهير أنفسهم".

وتضيف عادة ما نجد صعوبة في إقناع من لديهن هوس في حقن البوتكس لرفع الحواجب أو تكبير الشفاه، بأن ما يناسب غيرها قد لا يناسبها بالضرورة، وإن لكل إنسان بصمة خاصة.

تتابع أسيمة، تصر بعض النساء لكنها تصاب بالصدمة عندما تجد النتيجة غير مطابقة لما كانت تتخيله، وهنا تطلب عملية تجميل أخرى لإزالة السابقة.

وقد تتوالى عمليات التجميل، لأن شعور عدم الرضا يبقى ملازماً لمن لديها هوس، تقول الطبيبة أسيمة.

الجمال هو التناسق

بحسب الدكتور محمد بركات، الجمال يعني التناسق، وعمليات التجميل سواء الجراحية أو غير الجراحية وجدت لمساعدة الناس بالحفاظ على تناسقهم، أو لإصلاح بعض العيوب التي قد تنعكس سلباً على حياة الإنسان.

ويرى بركات أن تغيير خلق الإنسان، عبر عمليات التجميل، هي تشويه وليس تجميلاً.

ويشير إلى أن إقبال الرجال حديثاً إلى عمليات التجميل للمحافظة على مظهرهم وشبابهم لا سيما في مجال زراعة الشعر، وأصبح هناك مصطلح السياحة العلاجية وهي تتعلق بمجال التجميل في مجملها.

رأي الشارع

من جهتها، أطياف الشمري، تربوية سورية، ترى أن هناك بعداً نفسياً برواج عمليات التجميل يتعلق بمدى الثقة بالنفس.

وتقول إن الثقة بالنفس وتقبل الذات هي مفتاح السعادة مهما كان المظهر والشكل، إلا أنها لا تجد ضيراً إذا كانت العملية لإزالة عيب أو تشوه ولادي.

سارة مصعب، امرأة سورية، تذهب إلى أن شيوع عمليات التجميل بات أمراً اعتيادياً لأن سمة العصر -بحسب قولها- أصبح العالم يميل إلى المظاهر أكثر والسطحية.

وتضيف أن تقليد المشاهير والمحيط تحول إلى هوس، لذلك نجد أن أشخاصاً ليسوا بحاجة إلى عمليات تجميل يقوم بإجرائها.

هناء العمري، عضوة سابقة في لجنة حقوق الإنسان بالعراق، ترى أن الخوف من التقدم بالعمر وظهور التجاعيد يدفع كثيراً من النساء لإجراء عمليات تجميل، لكن الأمر بات مبالغاً فيه ووصل إلى درجة التمادي، على حد قولها.