وسط تطورات ميدانية متسارعة في حلب، برزت تساؤلات حول الدعم "غير المباشر" الذي تقدمه أنقرة لهجمات قوات المعارضة، على ريف حلب وإدلب خلال الايام الثلاثة الماضية.
بحسب سونر تشاغابتاي، مدير برنامج تركيا في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فإن تركيا "تشعر بقلق بالغ من احتمالية حدوث موجة لجوء جديدة إذا استمرت قوات النظام في مهاجمة المناطق الخاضعة للمعارضة".
وأوضح في حديثه إلى موقع (medyascope) التركي، أن دعم أنقرة لهجمات المعارضة السورية في حلب "جاء لمنع وقوع كارثة إنسانية جديدة قد تضغط على الحدود التركية".
رسالة إلى النظام وترمب
التوتر بين أنقرة ودمشق يشهد تصاعداً في ظل تعثر خطوات التطبيع بين الطرفين، بعد رفض رئيس النظام السوري بشار الأسد التفاوض مع الحكومة التركية.
وفي هذا السياق، أشار تشاغابتاي إلى أن "أنقرة تحاول إيصال رسالة واضحة للأسد من خلال دعم هذه الهجمات، مفادها: إذا لم تتفاوض معنا، فالمزيد من التصعيد ينتظرك".
ومع اقتراب تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه في 20 كانون الثاني، تسعى أنقرة إلى تقديم نفسها كحليف استراتيجي للولايات المتحدة في مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا.
وعلق تشاغابتاي قائلاً: "أنقرة تستخدم هذه التحركات لإظهار قدرتها على السيطرة على الملف السوري، ولتقديم نفسها كشريك يمكن الاعتماد عليه في خطط واشنطن المستقبلية".
دور القواعد العسكرية التركية
وبدوره، شدد الصحفي والخبير في شؤون الشرق الأوسط فهمي طاشتكين على أن "تركيا تمتلك عدداً كبيراً من القواعد العسكرية المحيطة بإدلب، مما يجعل حدوث مثل هذه التطورات مستحيلاً دون موافقتها".
وأضاف في حديثه إلى الموقع التركي: "من خلال دعم الهجمات الحالية، تهدف أنقرة إلى الضغط على الأسد لتقديم تنازلات سياسية دون الحاجة إلى سحب قواتها أو تفكيك الجماعات المسلحة".
ولفت طاشتكين أيضاً إلى الرسائل التي يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إيصالها إلى ترمب، موضحاً: "أردوغان يقدم نفسه كخيار مثالي لواشنطن قائلاً: هل تريد كبح نفوذ إيران؟ ضبط الوضع في سوريا؟ (..) نحن الشريك الأفضل لك".
توتر محتمل مع روسيا
في ظل هذه التحركات، يبدو أن اتفاق مناطق خفض التصعيد بين تركيا وروسيا وإيران يواجه انهياراً وشيكاً. ويرى مراقبون أن دعم أنقرة لهجمات هيئة تحرير الشام قد يؤدي إلى تصاعد التوتر مع موسكو، خاصة إذا تمكنت المعارضة من تحقيق اختراق في حلب.
واختتم طاشتكين حديثه قائلاً: "إذا تصاعدت هذه التطورات، فقد نشهد أزمة جديدة بين تركيا وروسيا، تضيف تعقيدات جديدة إلى المشهد السوري المتأزم".
وكانت الفصائل العسكرية السورية قد أطلقت صباح الأربعاء الماضي عملية "ردع العدوان"، في رد عسكري واسع وغير مسبوق على تصعيد نظام الأسد والميليشيات الإيرانية ضد المدنيين في الشمال السوري.
وجاء ردّ قوات النظام على العملية بهجمات على المدنيين، إذ استهدفت طائرات النظام والروس بغارات جوية الأحياء السكنية في عدد من مدن وبلدات ريفي حلب وإدلب، كان أشدها على مدينة الأتارب غربي حلب، حيث خلّفت 14 قتيلاً، بينهم ثلاثة أطفال وسيدتان، وإصابة خمسة آخرين، بينهم طفلان.