icon
التغطية الحية

بيلاروسيا نقطة انطلاق جديدة للاجئين السوريين هل يوقفها الاتحاد الأوروبي؟

2021.09.15 | 06:32 دمشق

minsk-airport-2019-results.jpg
مطار مينسك العاصمة البيلاروسية ـ إنترنت
إسطنبول ـ سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

أشخاص يحملون جنسيات متعددة يطغى عليهم السوريون، سببوا ازدحاما أمام أحد مكاتب التأمين في حي أكسراي بإسطنبول، ما دفع موظفي المكتب إلى إدخالهم جميعا إلى غرفة لا تتجاوز مساحتها 20 مترا مربعاً، في بناء مكتظ بمكاتب التأمين والاستثمار والتجارة.

يأتي السوريون والعراقيون والأفغان وغيرهم ممن يحاولون الوصول تهريبا إلى دول الاتحاد الأوروبي إلى المكتب لإيداع مبالغ مالية كتأمين، تدفع للمهرب بعد تأكيد وصولهم أو وصول أقاربهم إلى وجهتهم المنشودة في أوروبا. يتحدث اللاجئون عن طرق التهريب ويسألون أصحاب المكتب عن سمعة بعض المهربين وقدرتهم على إيصال طالبي اللجوء إلى بر الأمان، الذي انتقل اليوم من اليونان إلى الأراضي البيلاروسية لسهولة الوصول إليها.

من بيروت وأربيل إلى بيلاروسيا

تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي إعلانات عن إمكانية الحصول على تأشيرة سفر نظامية إلى بيلاروسيا مقابل مبلغ يتراوح بين ألف وألفي دولار أميركي ويسهل ذلك وجود سفارة لـ بيلاروسيا في دمشق، ويتضمن المبلغ خدمات أخرى يقدمها "المهرب" حتى الوصول إلى ألمانيا كما يقول أحد العاملين في استصدار "الفيزا" لموقع تلفزيون سوريا، ويتابع "العاملون في إصدار الفيزا إلى بيلاروسيا مرتبطون بـ المهرب المسؤول عن إيصال اللاجئين إلى وجهتهم إن كانت ألمانيا أو غيرها من دول الاتحاد الأوروبي".

ويوضح أن الحاصلين على الفيزا بإمكانهم المغادرة من مطار رفيق الحريري في بيروت أو من مطار أربيل إلى بيلاروسيا، حيث تمكنهم الفيزا من دخول الأراضي البيلاروسية بشكل نظامي.

خليل اسم مستعار لأحد اللاجئين السوريين في بلجيكا، يقول لموقع تلفزيون سوريا إنه دفع 6 آلاف يورو لأحد مكاتب التأمين في أكسراي بإسطنبول عن ثلاثة أشخاص، بغية إصدار تأشيرات سفر لهم إلى بيلاروسيا.

ويضيف أن "مكتب التأمين سيسلم المهرب المبلغ بعد الحصول على الفيز وتأكيد وصول المسافرين إلى داخل الأراضي البيلاروسية وعبورهم المطار  من دون أن يتم توقيفهم".

ويشمل المبلغ حجزا فندقيا وأجور إجراء فحص كورونا، ولا يشمل سعر بطاقة الطيارة التي يصل سعرها لقرابة 1500 دولار أميركي يعاد نصف المبلغ تقريبا عند الوصول إلى مطار العاصمة مينسك، ويعود ارتفاع سعر البطاقة لأن رحلات الترانزيت يمر بعضها بدول الاتحاد الأوروبي التي تمنع قدوم السوريين، ما يدفع لاختيار رحلات أخرى بسعر أغلى.

وتختلف الأسعار بحسب العرض والطلب، حيث قال مجموعة من اللاجئين السوريين في أربيل شمالي العراق لموقع تلفزيون سوريا إنهم دفعوا مبلغ 1200 دولار لكل تأشيرة سفر إلى بيلاروسيا انطلاقا من إقليم كردستان العراق.

وأشارت شركة سياحية تعمل في العاصمة البيلاروسية مينسك في حديثها لموقع تلفزيون سوريا، إلى أن الشهر الماضي شهد رحلات طيران كثيفة من العراق إلى بيلاروسيا، قدرتها بخمس رحلات يوميا، وأضافت أن اللبنانيين يسافرون بأعداد كبيرة أيضا بغية الوصول إلى أوروبا عن طريق التهريب، وذلك عقب اشتداد الأزمة المعيشية والاقتصادية في لبنان.

ما مصير اللاجئين السوريين في بيلاروسيا؟

نشرت وزارة الدفاع البولندية أسلاكا شائكة تمتد لنحو 100 كم من أصل 418 كم من حدودها مع بيلاروسيا، وقالت إنها ستضع أيضا أسلاكا شائكة لمسافة 50 كم على حدودها مع بيلاروسيا في المناطق المرشحة لأن تتحول إلى معابر حدودية غير قانونية.

وأشارت الوزارة إلى أن 2.100 شخص حاولوا عبور الحدود بشكل غير قانوني في آب الماضي، تمكن حرس الحدود من منع 1,342 منهم من دخول بولندا، واعتقال واحتجاز 758 آخرين في مراكز مغلقة.

ويقول لاجئ سوري "طلب عدم ذكر اسمه" ينتظر وصول أصدقائه إلى بلاروسيا قادمين من مطار بيروت: "في الأيام الماضية أعادت السلطات البيلاروسية 22  شخصا جاؤوا على متن طائرة واحدة بعد وصولهم إلى مطار مينسك بحجة أن تأشيرات السفر أو الدعوة التي يحملها المسافرون والحجوزات الفندقية ليست نظامية".

ويتابع "اتفقت مع المهرب على أن يسافر معارفي من خلال دعوة يؤمنها مكتب سياحي على أن يحصلوا على الفيزا في مطار مينسك ويدخلوا البلاد، أما في حال تم إيقافهم في المطار فلن يحصل على المبلغ المالي المتفق عليه وهو 2000  يورو عن كل شخص".

أحد اللاجئين السوريين استطاع الوصول إلى ألمانيا مؤخرا عبر بيلاروسيا، ويشير في حديثه إلى موقع تلفزيون سوريا إلى أن الطريق لم يكن سهلا حيث أوقفتهم السلطات البولندية بعد مسير يوم كامل وأعادتهم إلى بيلاروسيا، ليختبؤوا في غابة حدودية ويتسللوا لاحقا إلى بولندا حيث كان بانتظارهم مهرب نقلهم بسيارة إلى ألمانيا.

اللاجئون السوريون استثمار سياسي واقتصادي بيد لوكاشينكو

في آب الماضي طلبت دول الاتحاد الأوروبي المتاخمة لبيلاروسيا - ليتوانيا ولاتفيا وبولندا - مساعدة من دول الاتحاد الأوروبي، وسط ارتفاع كبير بعدد اللاجئين القادمين من العراق وأفغانستان وسوريا.

واتهمت حكومات هذه الدول الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الذي يتمتع بعلاقات قوية مع نظام الأسد بتعمد دعوة "سائحين" إلى بلاده وتسهيل الهجرة غير النظامية.

وفي وقت سابق، أعلن لوكاشينكو أن بلاده ستتوقف عن منع وصول المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر أراضيها، وهدد خلال كلمة ألقاها في البرلمان الأوروبي من أن بلاده قد تخفف بعض القيود على حدودها مع ليتوانيا.

وقال إن مينسك "لا تملك الأموال والقدرات" اللازمة لمنع تدفق المهاجرين، في ظل العقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على مينسك.

رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيتسكي، أكد في آب الماضي موقف حكومته المتشدد تجاه قضية المهاجرين، مشدداً على أنه "يجب على بولندا حماية حدودها".

وقال مورافيتسكي "أتعاطف حقاً مع المهاجرين الذين هم في وضع صعب للغاية، لكن يجب توضيح أنهم يشكلون أداة سياسية"، متهماً رئيس بيلاروسيا أكسندر لوكاشينكو، باستغلال المهاجرين لمآرب سياسية، وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

ويشار إلى أن الفيزا إلى بيلاروسيا تكلف في الحالة العادية 170 دولارا للسياح و40 دولارا للطلاب، أما اليوم فهي تبدأ من ألف دولار أميركي، ما يجعل الحكومة البيلاروسة تستثمر قضية اللاجئين سياسيا واقتصاديا.

لماذا فتح لوكاشينكو أجواء بلاده؟

في أيار الماضي أجبرت السلطات البيلاروسية طائرة ركاب إيرلندية على الهبوط في العاصمة مينسك، واعتقلت المدون البيلاروسي المعارض رومان بروتاسيفيتش.

وإثر ذلك قرر الاتحاد الأوروبي إغلاق مجاله الجوي ومطاراته أمام شركات الطيران البيلاروسية، على خلفية تحويل الرحلة قسراً إلى مينسك واعتقال الصحفي المعارض، ودعا القادة شركات الطيران الأوروبية إلى تجنب المرور من أجواء بيلاروسيا.

وقبل ذلك شهت بيلاروسيا احتجاجات عقب "انتخاب" لوكاشينكو الذي يحكم البلاد منذ العام 1994 رئيساً للمرة السادسة على التوالي، وواجهت السلطات المظاهرات بالعنف.

وفي آب 2020 اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على المسؤولين عن استخدام العنف والقمع ضد المتظاهرين وتغيير نتائج الانتخابات في بيلاروسيا.

ومنذ تشرين الأول الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 166 فردا و 15 كيانا من بيلاروسيا على خلفية انتهاكات متعلقة بحقوق الإنسان.