icon
التغطية الحية

بيعت لوحتها (دييغو وأنا) بـ35 مليون دولار.. سيرة الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو

2021.11.28 | 14:17 دمشق

fryda_kahlw-_tlfzywn_swrya.png
+A
حجم الخط
-A

قبل أقل من أسبوعين، تناقلت وكالات الأنباء ومواقع الفن العالمي نبأ إعلان إحدى دور المزادات في نيويورك، بيع لوحة للفنانة المكسيكية الشهيرة، فريدا كاهلو، بمبلغ قارب الـ35 مليون دولار أميركي، وهي عبارة عن بورتريه ذاتي حمل مسمّى "دييغو وأنا".

تعد اللوحة آخر بورتريه ذاتي نصفي لفريدا كاهلو التي انتهت من رسمه قبل وفاتها عام 1954. وبحسب دار المزادات، فقد تم اقتناء اللوحة من قِبل إدواردو ف. كونستانتيني، الذي أسّس "متحف أميركا اللاتينية للفنون" في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.

أعاد نبأ بيع اللوحة إلى الأذهان، سيرة الفنانة المكسيكية التي شكّلت تفاصيل حياتها المعقّدة والمؤلمة والجارحة، لوحةً واقعية ضمّت بين خطوطها مختلف ألوان العذاب والألم والاستغلال والظلم والخذلان.

فمن تكون فريدا كاهلو؟ 

سيرة فريدا

فنانة مكسيكية اشتهرت برسمها للبورتريهات الذاتية، مستخدمة نمط بساطة وسذاجة الفن الشعبي لاستكشاف الفوارق الطبقية والجنسية والاجتماعية والهوياتية في المكسيك بعد حقبة الاستعمار.

 

فريدا كاهلو
فريدا كاهلو

 

وُلدت فريدا في المكسيك عام 1907، من أمٍ مكسيكية وأب ألماني الأصل هاجر إلى المكسيك وكان يعمل مصوّراً. وفي السادسة من عمرها أصيبت فريدا بشلل الأطفال الذي تسبب في جعلها طريحة الفراش لنحو 9 أشهر، ولم تتعالج منه بالكامل ما أدّى إلى إعاقة في ساقها اليمنى وجعلها تعرج أثناء سيرها. أثرت تلك الإعاقة بشدة على حالتها النفسية، فكانت ترتدي الجوارب الصوفية دائماً لإخفاء مكان الإعاقة.

زواجها من دييغو

تميزت فريدا بروحها المرحة وارتدائها الملابس التقليدية والملونة والمجوهرات. تعرفت في العام 1922 على الرسام الجداري الشهير دييغو ريفيرا خلال عمله على مشروع رسمٍ جداري في المعهد الذي كانت تدرس فيه، فكانت فريدا تتابعه دائماً وهو يرسم لوحة سمّاها "الخلق" على أحد الجدران، ضمن مساحة تقارب 1000 قدم مربع، وكانت أول جدارياته الرسمية بتكليف من الحكومة المكسيكية.

بعد تعرفها على ريفيرا، وهو شيوعي التوجّه، أصبحت فريدا ناشطة سياسية، ونشأت بينهما علاقة عاطفية حتى تزوجا عام 1929 بالرغم من أن ريفيرا يكبرها بـ 20 عاماً، إلا أن فريدا كانت تحبّه بشدة.

 

فريدا وريفيرا.jpg
فريدا ودييغو

فريدا المتألّمة والفنانّة المتفرّدة

تعد فريدا واحدة من أعظم فناني المكسيك، بدأت أعمالها الفنية بعد إصابتها في حادث مروري مروع لحافلة في العام 1925 جعلها طريحة سريرها بدون أيّ حركة لعامٍ كامل. وأثناء ذلك طلبت فرشاة وألواناً وبدأت ترسم، فكان الرسم متنفسها الوحيد ومصدر سعادتها رغم الأوجاع والآلام.

وخلال محاولات والدتها توفير الظروف الملائمة والراحة لابنتها في أثناء إصابتها، ثبّتت لها مرآة ضخمة في سقف غرفتها، فكانت فريدا ترى وجهها طوال الوقت. وحين بدأت في استخدام ريشتها، شرعت يوميًا في رسم صورتها حتى تشكّل لديها شغف شديد بالرسم على الرغم من عدم دراسته أكاديميًا.

 

لوحة-للفنانة-فريدا-كاهلو.jpg

 

مثّلت معظم أعمالها معاناتها وآلامها وحياتها الخاصة، ما جعل تلك الأعمال تتسم بالنزعة الشخصية، وكانت كل لوحاتها الشخصية تظهرها بحاجبين كثيفين متصلين وشاربٍ واضح، كما شكّلت الرسومات الذاتية لها 55 لوحة من بين لوحاتها التي بلغت 143 لوحة.

في 1932 أدخلت فريدا عناصرَ أكثر وضوحًا ورموزاً سريالية في رسوماتها. ففي لوحتها الشهيرة "مستشفى هنري فورد" مثلاً، لخصت قصتها في إجهاضها الثاني حيث رسمت نفسها عارية على سرير في المستشفى وعددًا من الأشياء مثل جنين وحلزون ووردة وحوض بشري.

ومع ذلك لم تُصنّف فريدا نفسها كفنانة سريالية، كما اتسمت رسوماتها بطابع الحزن.

في عام 1939، رسمت فريدا في باريس إحدى أشهر لوحاتها "The Two Fridas/ اثنان من فريدا" وكانت عبارة عن صورتين مختلفتين ومتناقضتين لها، تقفان بجانب بعضهما البعض، وكلاهما يظهر قلبه فوق ملابسه.

 

fridah.jpg
لوحة فريدا (The Two Fridas)

 

واستمر فنّ فريدا بالتطور والنمو، ففي عام 1944 رسمت لوحتها الشهيرة أيضاً "The Broken Column/ العمود المكسور" التي أنجزتها في أثناء معاناتها الجسدية وهي تجلس على كرسي متحرك. وظهرت فريدا في اللوحة عارية الصدر ويظهر عمودها الفقري شبيهاً بعمود مكسور.

 

العمود المكسور.jpg
أثناء رسم (العمود المكسور)- مشهد من فيلم (فريدا)

 

بعد وفاتها، زادت شهرة فريدا وانتشر فنها أكثر، وتحول منزلها في عام 1958 إلى متحف. وفي 2002 أنتجت هوليود فيلماً عن سيرتها حمل اسمها "فريدا"، وهو من بطولة الممثلة العالمية الشهيرة، اللبنانية الأصل، سلمى حايك، وحاز على جائزة أوسكار عن أفضل مكياج.

 

جوانب من حياة فريدا الشخصية

بعد عام 1933، عانت فريدا كثيراً من خيانات زوجها -ريفيرا- المتعددة، لدرجة أنه خانها مرة مع أختها الصغرى كريستينا، فطلبت الطلاق منه عام 1939. قبل ذلك، تعرضت للحمل والإجهاض، لكنها كانت ترغب كثيراً في الولادة فحملت مرة أخرى مما أتعبها بشدة وتعرضت لصدمة أخرى بالإجهاض في 1934.

حكاية لوحة "دييغو وأنا"

بعد أن طلّقت فريدا زوجها، عاد الوئام بينهما وتزوجا مجدداً بعد نحو عام. ومنذ ذلك الحين وحتى آخر أيامها عاشت فريدا مع دييغو، منفصلين جسدياً، إلى أن توفيت في النهاية بين يديه.

أما هو، فقد عاد إلى الشرب والعلاقات الغرامية من جديد، وعادت هي ترسم وتكتب معبرة عن خوفها عليه، ومن فقده. وكانت ذروة ذلك الخوف في عام 1949 حين تناهى إلى سمعها أن دييغو، الذي كان أقسم أمامها مرات عديدة على الوفاء والإخلاص، مرتبط بعلاقة مع الممثلة المكسيكية الشهيرة ماريا فيليكس، وأن هذه العلاقة قد تنتهي بالزواج.

وهنا جنّ جنون فريدا التي كانت صحتها متدهورة إلى حد بعيد، وعبرت عن خوفها وجنونها في لوحة "دييغو وأنا" التي رسمت فيها وجهها مليئاً بالحزن وعينيها مغرورقتين بالدموع فيما رسمت وجه دييغو فوق جبينها بعين إضافية.

 

دييغو وأنا.jpg
دييغو وأنا

 

تروتسكي واستغلال فريدا

في عام 1937، هرب الزعيم الشيوعي "ليون تروتسكي" من بطش ستالين متجهاً إلى المكسيك، فكان منزل فريدا الشهير بـ "البيت الأزرق" في ضاحية كويوكان في العاصمة مكسكيو سيتي مكاناً آمناً لإقامته.

وبعد نحو عام من لقائهما، بدأت بوادر علاقة رومانسية تنشأ بين فريدا وتروتسكي الذي استغلّ معاناتها ومشاعرها ونجح في استمالتها، وكان حين ذاك يكبرها بنحو 30 عاماً!

أصبحت تلك العلاقة مكشوفة سواء من جانب ريفيرا أو من جانب زوجة تروتسكي، نتاليا، التي نفد صبرها بعد أن رسمت فريدا بورتريهاً شخصيًا لها وأهدته إلى تروتسكي في عيد ميلاده وكان البورتريه يظهرها وقد حملت باقة ازهار وبطاقة كتبت عليها: "إلى ليون تروتسكي مع كامل حبي".

 

2191_Kahlo_and_Trotsky1.jpg
صورة تجمع تروتسكي وفريدا ونتاليا

 

وذكرت سكرتيرة تروتسكي "جين فان هيجنورت" في مذكراتها أن الاثنين كانا يتبادلان الغزل والدعابة باللغة الإنكليزية بشكل متواصل وفاضح وعلى مرأى ومسمع نتاليا التي لم تكن تفهم الإنكليزية جيداً لكنها تستطيع بالتأكيد أن تفهم لغة الغزل والمداعبة والتلميحات الجنسية. كما كانا يلتقيان سراً في بيت شقيقة فريدا".

وفاة فريدا

انتقلت فريدا في عام 1939 للعيش في باريس فترة من الزمن، وعرضت هناك بعض لوحاتها، كما تعرّفت على العديد من مشاهير الفنانين ومن ضمنهم بابلو بيكاسو. ولم يطل الوقت حتى عادت إلى المكسيك بعد زواجها الثاني من دييغو.

في عام 1950 زادت مشاكلها الصحية كثيرًا بعد أن أصيبت بالغرغرينا في قدمها اليمنى وقضت 9 أشهر في المستشفى وخضعت لعدة عمليات، لكنها رغم كل هذا استمرت في متابعة قضاياها السياسية رغم محدودية حركتها. في عام 1953 أقيم أول معرضٍ فني لفريدا وحدها في المكسيك وكانت طريحة الفراش ذلك الوقت، لكنها لم تقدر على أن تفوت هذه المناسبة الهامة حيث ذهبت في سيارة إسعاف وكان لها سرير بأربع أعمدة في المعرض.

 

0d224c730f17d65746028be715a82182.jpg

 

لم تكتمل فرحة فريدا كثيرًا حيث بُتر جزءٌ من ساقها اليمنى بعد بضعة أشهر من جراء انتشار الغرغرينا، وفي نيسان 1954 دخلت في نوبة اكتئاب بسبب مرضها وحاولت الانتحار، كما عادت إلى المستشفى بعد شهرين بعد أن أصيبت بالالتهاب الرئوي قبل أن تتوفى في الـ13 من تموز 1954 بعد أيام قليلة من عيد ميلادها الـ47.