بوتين يبيع لقاحاته للأسد بأموال إسرائيلية

2021.03.01 | 00:02 دمشق

israel_russia.jpg
+A
حجم الخط
-A

تطرح صفقة "تبادل الأسرى"، التي تمّت مؤخراً بين النظام السوري وإسرائيل برعاية النظام الروسي، أسئلة عديدة، تطاول طبيعة الدور الروسي فيها، وأبعادها السياسية والأخلاقية، وصولاً إلى ملابساتها وما تسرّب من بنودها السردية، وتمتد إلى تركيبة وطبيعة العلاقات بين رئيس النظام الروسي فلاديمير بوتين، وكل من بشار الأسد وبنيامين نتنياهو وسوى ذلك.

وحسب ما تسرّب من بنود الصفقة، السرية والعلنية، فإن ملابسات كثيرة اعترتها، خاصة أن من أطلق سراحهم لم يكونوا جنوداً أُسروا في معارك بين سوريا وإسرائيل، إذ أُعلن عن إطلاق سراح فتاة إسرائيلية يلفّ الغموض أسباب دخولها إلى الأراضي السورية، مقابل الإفراج عن راعيين سوريين، وذلك بعدما رفض السوريين دياب قهموز ونهال المقت العودة إلى حضن نظام الأسد، وفضلا البقاء في السجن والإقامة الجبرية تحت الاحتلال الإسرائيلي، لأنهما يعرفان حجم الكارثة التي سببها نظام الأسد لسورية والسوريين، ويدركان تماماً أهوال معاناة الناس في مناطق سيطرة النظام، والتي تفاقمت إلى درجة جعلت أستاذاً جامعياً يرفع شعار "موعد الخبز لا يؤجل"، ويكتشف أن "الخبز أهم من العلم"، حيث يمضي كل يوم ساعات طويلة واقفاً في طابور من أجل الحصول على ربطة خبز.

الكشف عن البند السري فنّد ادعاءات وكذب نظام الأسد، الذي حاول أن يخفي دوره المخزي في الصفقة التي تمتّ بين الطرفين الروسي والإسرائيلي

وحاول ساسة إسرائيليون، وخاصة نتنياهو، تسويق الصفقة مع نظام الأسد من الباب الإنساني، والإيهام بأنها تتعلق "بقضية إنسانية سرية مرتبطة بسوريا"، تجري بتنسيق ومساعدة روسية، وكأنهم انقلبوا فجأة إلى حماة للإنسانية، ولم يرتكبوا أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين وسواهم. كما حاولت أطراف الصفقة الثلاثية جاهدة التكتم على بنودها، لكن انكشاف بندها السري المتعلق بشراء إسرائيل 60 ألف عبوة لقاح روسي لفيروس كورونا وتخصيصها لأركان نظام الأسد، أظهر أن نظام بوتين كان يريد من الصفقة تزويد نظام الأسد بعدد محدود من اللقاحات ليس على حسابه، بل بأموال إسرائيلية، وأنه مجرد سمسار غايته تنحصر في تقاضي الثمن، بصرف النظر عن الإهانة التي وجهها لنظام الأسد، الذي تعود بدوره على تلقي الصفعات والاهانات والإذلال من طرف الروس والإسرائيليين وسواهما.

غير أن الكشف عن البند السري فنّد ادعاءات وكذب نظام الأسد، الذي حاول أن يخفي دوره المخزي في الصفقة التي تمتّ بين الطرفين الروسي والإسرائيلي، وعن المقابل الذي طلبه لقاء تعاونه مع روسيا في العملية، لذلك بالغ هذا النظام في نفيه وجود بند سري حين وصف الأنباء التي كشفت وجوده بأنها بروباغندا صهيونية، وأن "ترويج هذه المعلومات الملفقة حول وجود بند في عملية التبادل، يتعلق بالحصول على لقاحات كورونا من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، هدفه الإساءة إلى عملية تحرير الأسرى السوريين من سجون الاحتلال والإساءة لسوريا وتشويه الجانب الوطني والإنساني للعملية".

ويعلم القاصي والداني أن نظام الأسد لا يقيم أي اعتبار للمواطن السوري، وما يزال يواصل قتل السوريين مع حلفائه الروس والإيرانيين منذ عشر سنوات، وارتكب بحقهم كل أنواع المجازر والجرائم الوحشية، لذلك لم يتردد في استجداء الروس والإسرائيليين للحصول على لقاحات تكفي فقط لأزلامه وزبانيته كي يستمروا في قتل السوريين، مع مواصلة زعمه الزائف بأنه في حالة حرب مع إسرائيل، التي تحتل هضبة الجولان منذ العام 1967، ويشن طيرانها الحربي غارات شبه دورية على الأراضي السورية.

بالمقابل، لا يجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي حرج في أن يتحول إلى سمسار رخيص ووضيع، لأن المهم بالنسبة إليه هو جني ثمار بعض ما صرفه بتدخل قواته عسكرياً إلى جانب نظام الأسد، لذلك لم يتردد في بيع اللقاحات بصرف النظر عمن يدفع الثمن ولصالح من تذهب اللقاحات، بالرغم من حرصه على الظهور كصاحب اليد الطولى في سوريا، وبنفس الوقت الصديق والداعم لنتنياهو ودولة الاحتلال الصهيوني.

تكشف الصفقات الثلاثية بين كل من بوتين والأسد ونتنياهو تاريخاً من تبادل الخدمات وبناء التفاهمات بينهم

أما بنيامين نتنياهو الذي يواجه معركة انتخابات الكنيست، التي ستجري في 23 آذار/ مارس الجاري، وستحدد نتائجها مصيره السياسي والجنائي، فقد أراد توظيف الصفقة من أجل المساهمة في إنقاذه، في وقت تشتد فيه أزماته السياسية، وتلاحقه تهم فساد عديدة، من خلال الظهور أمام الرأي العام الإسرائيلي بأنه يعلق أهمية أخلاقية وسياسية كبيرة على حياة الإسرائيليين وإنقاذهم وفكهم من الأسر، ولا يتوانى عن دفع الأثمان الباهظة من أجلهم، وبالتالي جاءت الصفقة قبيل بضعة أسابيع من الانتخابات الإسرائيلية، وكأنها محاولة لتخليصه من مآزقه السياسية والملاحقات القضائية، وضخ دعم جديد لحملته الانتخابية.

وتكشف الصفقات الثلاثية بين كل من بوتين والأسد ونتنياهو تاريخاً من تبادل الخدمات وبناء التفاهمات بينهم، حيث يشرف بوتين شخصياً على عمليات نبش القبور، التي تقوم بها منذ سنوات القوات الخاصة الروسية في مقابر مخيم اليرموك، من أجل العثور على رفاة جنود إسرائيليين، والتي أسفرت عن إعادة رفاة الجندي زخاريا باوميل في العام 2019. وقبلها تفاخر بوتين أمام صديقه نتنياهو بإعادة دبابة إسرائيلية استولى عليها جيش النظام، خلال إحدى المعارك قبل سنين طويلة. كما تبادل المجرم بشار الأسد وبنيامين نتنياهو الخدمات والمواقف المساندة، وكان أبرزها تدخل نتنياهو لدى الإدارات الأميركية من أجل عدم دعم الثورة السورية، وإقناعها بضرورة مساندة نظام الأسد، وضمان استمرارية بقائه في السلطة، لكونه أحرص الأنظمة على أمن إسرائيل، لذلك يتعامل ساسة إسرائيل وجنرالاتها منذ أكثر من خمسين سنة خلت، وفق مبدأ، ينص على أن بقاء نظام الأسد هو أفضل ضمان لأمن إسرائيل.