icon
التغطية الحية

بوادر معركة قادمة.. "تحرير الشام" تستنسخ تجربة وتد شمالي حلب عبر أذرعها

2023.01.11 | 12:28 دمشق

sdf
مصفاة نفط بالقرب من قرية ترحين بريف حلب الشرقي - AFP
حلب - خاص
+A
حجم الخط
-A

نجحت "هيئة تحرير الشام" جزئياً بوضع يدها على "معبر الحمران" بريف حلب الشرقي، المورّد الأساسي للمحروقات من مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، عبر ذراعها الأول في المنطقة "أحرار الشام - القطاع الشرقي"، الذي يرفض تسليم المعبر لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، ويطلب ممن يحاولون التفاوض بهذا الخصوص، التواصل مع قيادة الهيئة بشكل مباشر، رغم أن القطاع يعمل شكلياً ضمن الفيلق الثاني في الجيش الوطني.

ولم تتوقف طموحات "هيئة تحرير الشام" عند هذا الحد، فهي تسعى للهيمنة على قطاع النفط والمحروقات بشكل كامل في ريف حلب الشمالي والشرقي، وذلك عبر أدواتها في المنطقة، وخاصة "أحرار الشام - القطاع الشرقي"، إذ بدأ الأخير عملية احتكار منظّمة للمشتقات النفطية، أحدث فصولها بسط السيطرة على "حراقات" منطقة ترحين لتكرير النفط.

مساع لاحتكار المحروقات

اشتكى العاملون في "حراقات" ترحين لتكرير النفط، قرب مدينة الباب بريف حلب الشرقي، من ضغوطات يتعرضون لها من قبِل "أحرار الشام - القطاع الشرقي"، بدعم من "هيئة تحرير الشام" للسيطرة على الحراقات بالكامل، ما يعني احتكار المشتقات النفطية والتحكم بأسعارها.

واطلع موقع تلفزيون سوريا على شكاوى للعاملين في الحراقات، يقولون فيها، إنّ آلاف العائلات التي تعمل بمهنة تكرير البترول في بلدة ترحين مهددة بخطر الجوع، مضيفين أن كل التضحيات والجهود التي قدموها لمنافسة السوق العالمية، لم تشفع لهم عند بعض الفصائل وجشعها.

 

 

وتحدث العاملون عن "إتاوات جديدة تفرضها الفصائل، وفي مقدمتها أحرار الشام - القطاع الشرقي في كل فترة، ما يرهق البشر، ويهدد بكارثة اقتصادية كبرى وارتفاع كبير في أسعار المحروقات، سينعكس سلباً على الواقع المعيشي في المناطق المحررة".

وجاء في بيانٍ للعمال: "نحن أصحاب حراقات ترحين، من عمالٍ وصناعيين ومهنيين وحرفيين، نطالب الجهات المعنية بتحمّل المسؤولية عن كل ما يحصل، ونطلب الحماية بسبب فشل فصائل الجيش الوطني بإدارة الملف الأمني والاقتصادي للمنطقة، فضلاً عن فرض الإتاوات بغير وجه حق".

وأبدى العمال استعدادهم للتعاون مع وسائل الإعلام لشرح ما يحصل في حراقات ترحين، كما دعوا إلى وقفات احتجاجية تنديداً بما "يُخطط له ضد أبناء شعبنا الحر"، بحسب وصفهم، مطالبين أفراد الجيش الوطني بأن يكونوا "عوناً لأهلهم، والوقوف في صف الشعب الذي قدم التضحيات في سبيل نيل حريته وكرامته".

ثلاثة أشخاص يديرون ملف الاحتكار

من المهم الإشارة، إلى أن هناك نظاماً معمولاً به منذ سنوات في مناطق الشمال السوري حول آلية استيراد وتسويق المحروقات، يتمثل باستيراد النفط الخام من "معبر الحمران"، ثم تكريره في حراقات ترحين، وقد كان "الفيلق الثالث" (أبرز فصائله الجبهة الشامية وجيش الإسلام) المسؤول الأول عن استيراد النفط الخام من مناطق سيطرة "قسد"، ثم تكريره، ليكون جاهزاً للضخ في الأسواق، وتصديره إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام".

ويقول "أبو حازم"، أحد العاملين في حراقات ترحين، إنه بعد المواجهات الأخيرة، بين الفيلق الثالث وعدة فصائل في الجيش الوطني مدعومة من هيئة تحرير الشام، استحوذت "أحرار الشام - القطاع الشرقي" على نفوذ الفيلق الثالث في ترحين.

وتعمل "أحرار الشام" من خلال سطوتها العسكرية على احتكار سوق المازوت، حيث أكد "أبو حازم"، أن الفصيل نفسه يحاول حفر خزانات أرضية في المنطقة، وإفراغ كامل المازوت الخارج من الحراقات في هذه الخزانات، ومن ثم بيعه للأسواق بالأسعار التي يحددها.

واجتمع الفصيل مع أصحاب الحراقات وأبلغهم بمنع بيع المازوت لأي تاجر، وأن عمليات البيع ستكون عن طريقه حصراً، متوعداً من يخالف القرار بالمساءلة والسجن.

ويؤكد "أبو حازم" في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن القائمين على مهمة احتكار المحروقات، هم ثلاثة أشخاص يتبعون لثلاثة فصائل، أولهم "ناصر الرعد" ممثلاً عن "هيئة تحرير الشام"، و"أبو البراء مرابطون" ممثلاً عن "أحرار الشام - القطاع الشرقي"، و"أبو سعيد" ممثلاً عن "تجمع أحرار الشرقية"، مضيفاً أن المنفذ لذلك، هم "أحرار الشام".

إحياء واستنساخ لشركة "وتد"

ولفت "أبو حازم"، إلى محاولة من "هيئة تحرير الشام"، عبر ذراعها "أحرار الشام - القطاع الشرقي" لإعادة إحياء شركة "وتد" لتشمل كامل مناطق إدلب وريف حلب الشمالي.

وبدأت هاتان الجهتان بإلزام أصحاب الحراقات بأسعار معينة لبيع المازوت، بالتزامن مع تحديد أسعار أخرى للبيع في السوق المحلية، ويؤكد "أبو حازم" أن فارق السعر بين المازوت عند خروجه من الحراقات حتى بيعه في الأسواق سيتجاوز 35 دولاراً للبرميل الواحد، في تكرار لتجربة احتكار الهيئة للوقود في إدلب، وستوضع هذه الأرباح بالمحصلة في خزينة "تحرير الشام".

ويبلغ عدد حراقات ترحين نحو 400 حراقة، وتتراوح سعة الحراقة الواحدة بين 300 و 700 برميل، ويعمل بالحراقات نحو 2500 عامل.

بدوره أفاد "أبو محمود"، ويعمل أيضاً في حراقات ترحين، بأن "هيئة تحرير الشام" تخطط لإنشاء شركة لتخزين وتوزيع المواد البترولية، وإجبار العاملين في الحراقات على العمل بالإيجار، والتحكم ببيع المازوت، ليصل سعر البرميل إلى 130 - 140 دولاراً، مضيفاً في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن لديهم اجتماعاً قريباً مع "أحرار الشام - القطاع الشرقي" حول الأمر.

وطالب "أبو محمود" جميع المدنيين في المناطق المحررة بالوقوف إلى جانبهم، كما دعا قادة الجيش الوطني والحكومة المؤقتة للتدخل، محذراً من عواقب احتكار "هيئة تحرير الشام" للمحروقات، على المنطقة بشكل عام.

معبر الحمران قد يجدد القتال

يعتبر معبر الحمران شرقي حلب، من أبرز المكاسب الاقتصادية للفصائل العسكرية، نظراً لكونه المنفذ الأساسي لدخول البترول من مناطق سيطرة "قسد" إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية، عبر عقود كانت توقّع بين الفيلق الثالث، وشركة توريد في مناطق "قسد"، وكان من المقرر تجديد العقد، ولهذا حاولت "هيئة ثائرون للتحرير" سحب هذا الامتياز من الفيلق الثالث، عبر إقناع شركة التوريد بتوقيع العقد الجديد معها بدلاً من الفيلق، ذلك قبل أن تسيطر أحرار الشام بدعم من هيئة تحرير الشام على المعبر.

وقد يتجدد القتال من أجل السيطرة على المعبر، حيث أوضح مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا أنّ فصائل الجيش الوطني السوري اتفقت على توحيد الصندوق المالي لجميع المعابر التي تسيطر عليها، سواء الخارجية مع تركيا، أو الداخلية مع النظام السوري أو "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، ولأنّ "معبر الحمران" يعد المعبر الأكثر دخلاً، فإنّ القطاع الشرقي في أحرار الشام رفض تسليم كتلته المالية إلى الحكومة المؤقتة، وسلّمها إلى "هيئة تحرير الشام" بشكل مباشر.

ويتعارض ذلك مع آلية التنظيم التي يجري العمل عليها مع جميع المكونات في الجيش الوطني لتوحيد الموارد المالية، ما دفع الجانب التركي للضغط على "أحرار الشام - القطاع الشرقي" لتسليم المعبر، عبر قطع الكتلة المالية عن القطاع.

وتبع ذلك تحركات عسكرية لـ"هيئة تحرير الشام" في منطقة عفرين شمالي حلب، تهدف غالباً إلى مهاجمة مقار "فرقة السلطان مراد /الفيلق الثاني"، في حال أقدمت الفرقة على مهاجمة مواقع "أحرار الشام - القطاع الشرقي" بريف حلب، من أجل انتزاع معبر "الحمران" منها.

وبالرغم من أن "أحرار الشام - القطاع الشرقي" يتبع رسمياً لـ "الفيلق الثاني" في الجيش الوطني، فإن سياسته العسكرية والاقتصادية تدار بشكل مباشر من قبل "هيئة تحرير الشام"، مع رفض القطاع أن يكون للجيش الوطني أي دور في إدارة معبر "الحمران"، ما يجعل اللجوء إلى القوة خياراً وحيداً لوزارة الدفاع وفيالق الجيش الوطني للسيطرة على المعبر بتوجيه ودعم من الجانب التركي.