icon
التغطية الحية

بلدية إسطنبول تتناول قضية السوريين وسياستها تجاههم في مجلتها.. ماذا جاء فيها؟

2022.09.22 | 06:49 دمشق

صورة للاجئة على غلاف مجلة إسطنبول وعنوان للملف الرئيسي: "اللاجئون امتحاننا الأكبر".
صورة للاجئة على غلاف مجلة إسطنبول وعنوان للملف الرئيسي: "اللاجئون امتحاننا الأكبر".
إسطنبول - أويس عقاد
+A
حجم الخط
-A

نشرت بلدية إسطنبول ملفاً يناقش أوضاع اللاجئين في تركيا ضمن مجلتها الثقافية التي تصدر كل ثلاثة أشهر في بادرة لم يعتد عليها قراء المجلة الصادرة عن بلدية تتبع لحزب الشعب الجمهوري المعارض.

ويحمل غلاف المجلة التي وزعت في مداخل الميترو ومراكز البلدية صورة للاجئة وعنون الملف بالعبارة التالية:  "اللاجئون امتحاننا الأكبر".

وجاء في مقدمة التقرير الذي كتبته الصحفية التركية عائشة بانو تونا، "نعيش معاً مع ما يقارب من 2 مليون لاجئ من عشرات الأعراق في هذه المدينة لكننا لا نريد أن نعرفهم ولا نريد أن نتعرف إليهم،  نريد من خلال هذا الملف أن نُعرِّف قرّاءنا إليهم، من أين جاؤوا ولماذا؟، كيف ينظرون إلينا، وكيف يعيشون في إسطنبول؟، ما هي أحلامهم؟، فلنستمع لحكاياتهم لأن الاستماع إلى قصصهم يغيّر الأحكام المسبقة".

وحول الغنى الذي يجلبه المهاجرون قالت الصحفية، "الهجرة هي حالة صعبة ومؤلمة يرافقها صعوبات في التكيّف لكلٍّ من القادمين وأولئك الذين يفتحون أبوابهم لهم ومع ذلك عندما يتم إدارة الملف بشكل صحيح ليجلبوا معهم العديد من الاحتمالات والثروات".

وفي معرض حديثها عن تاريخ تركيا مع الهجرة كتبت الصحفية، "عندما غادرت السفن العثمانية إسبانيا حملت معها عشرات الآلاف من اليهود في العام 1492، لقد جلبوا معهم الموسيقا والمأكولات ولغة جديدة إلى هذه الأراضي.

وأضافت: "بعد الحرب الأهلية الروسية عام 1918، قام المعارضون الروس البيض الذين فرّوا من الإمبراطورية الروسية بتغيير مصير المدينة عندما لجؤوا إلى إسطنبول على متن 151 سفينة،  كان عدد سكان إسطنبول آنذاك 800 ألف نسمة، وكان عدد الروس الذين أتوا 200 ألف، لقد جلبوا معهم الباليه وشكّلوا الشواطئ التي نراها اليوم في تركيا بطريقتهم، وافتتحوا مطاعم شهيرة مثل Rejans و Karpiç، رسام فرنسي قام أيضاً بترميم فسيفساء آيا صوفيا، لا نعرف إذا كنا سنرى هذه القيم بين الوافدين الجدد إلى إسطنبول بعد أكثر من قرن، لكن ما نعرفه بشكل مطلق الاَن أنه لا يمكننا إقامة "علاقات ودية" مع اللاجئين كما فعلنا قبل مئة عام".

قصص المهاجرين لتعزيز التعاطف

ويتضمن الملف الذي نشر في 18 من أيلول الجاري، قصصاً منوعة لمهاجرين مختلفين بينهم قصة من روسيا و قصة من أفغانستان و8 قصص لسوريين يعيشون في تركيا.

القصة الأولى تروي كفاح الطالبة روان محمد عبد الله لمتابعة تعليمها في تركيا وتفاصيل مواقف الرفض التي تعرضت لها داخل المدرسة، أما القصة الثانية فكانت لمعاناة السيدة مريم عبد الله في العثور على منزل في إسطنبول، قالت مريم، "الجيران ينزعجون عند قدوم الضيوف إلى منزلي  في أسنيورت يتصلون ويطلبون عدم الإزعاج ويحمِّلون السوريين مسؤولية كل شيء".

القصة الثالثة كانت للصحفية يسرى عبد الرحمن التي اشتكت من مُطالبات البعض بعودتهم إلى سوريا التي لم تعد موجودة على حد وصفها، ثمن الرغيف 7-8 ليرات. 

وتقول يسرى: "لا يوجد أطباء ولا مدارس ولا مستشفيات في سوريا، نعم، خفت حدة المعارك، ولكن المعركة الجارية هي من أجل الخبز، ابنتي مريضة وأحاول إدخالها إلى تركيا".

مجلة إسطنبول
مجلة إسطنبول

أما القصة الرابعة فكانت للكويتي ذي الأصول السورية رامي الخضر الذي يصدر البضائع إلى الكويت ويمارس التجارة في متاجر عدة موجودة في إسطنبول، أخبر رامي الصحفية أنّه بطل في الرياضة القتالية "موياي تاي" وعضو في غرفة تجارة إسطنبول.

وروت الصحفية أيضاً قصة الفنان السوري عمر بيرقدار الذي أسّس مركزاً ثقافياً يجمع فيه الفنانين الأتراك والسوريين في منطقة كاديكوي بالجزء الاَسيوي من إسطنبول، وتحدثت الكاتبة عن تجربتها مع شابة سورية من إدلب تدعى روان، شاركت معها ضمن فعالية "الحلويات المهاجرة" التي نظمت في العام 2019.

كما يتضمن الملف قصصاً لتجار وحرفيين أتراك تحدثوا عن موقفهم من وجود المهاجرين والأجانب، حلّاق عبّرَ عن غضبه لأن الحلاقين السوريين "خرّبوا أخلاق المهنة" لدرجة أن ابنه أصبح يريد الحلاقة مثل السوريين على حد قوله بينما قال حلاق آخر إن 15% من زبائنه سوريون وهذا أمر جيد.

سياسة بلدية إسطنبول تجاه الهجرة

كما تحدثت الصحفية خلال الملف عن سياسة بلدية إسطنبول تجاه الهجرة، "بعد الانتخابات في العام 2019 بدأت بلدية إسطنبول الكبرى بالعمل على تطوير استراتيجيات فعالة في مجال الهجرة وفقاً لقانون البلدية، تم إنشاء وحدة الهجرة التابعة لمديرية الخدمات الاجتماعية، في العام 2021 تحوّلت هذه الوحدة إلى مديرية فرع سياسات الهجرة والاندماج تماشياً مع الاحتياجات وتم إعداد أول خطّة خمسية للهجرة والاندماج تغطي السنوات 2020-2024 وبناءً عليه اتُّخذ قرار لزيادة كمية الخدمات المتاحة بالتنسيق بين البلدية الكبرى والبلديات الفرعية، وسيتم العمل على تجميع بيانات دقيقة وشاملة حول الهجرة من أجل خلق سياسات وخدمات شاملة من أجل تعزيز برامج الاندماج".

منسقة سياسة الهجرة في البلدية ملتم إيرن قالت: "نصف المهاجرين في إسطنبول يعانون مشكلات في الاندماج، نحن بصدد إنشاء قاعدة بيانات جديدة من أجل تحديد احتياجات كل شريحة من المهاجرين، وبناءً عليه سنعمل على تقديم خدمات متعددة للسكان وأهالي إسطنبول".

وأضافت: "سنقوم بدورات دمج بدءاً من الأحياء وسنمنع تكتلات الأجانب ويتم الاَن العمل على تأهيل موظفينا من أجل التحدث بعدة لغات".

وأردفت ملتم إيرن: "نحاول معرفة توجهات المهاجرين المهنية وعليه سنقوم بافتتاح الدورات المناسبة في معاهد البلدية (İSMEK)، ونهدف أيضاً لزيادة عدد النساء العاملات".

وحول العراقيل التي تواجه البلدية في تطبيق خطتها قالت منسقة سياسة الهجرة في بلدية إسطنبول: "لا يزال انعدام السياسة وعدم اليقين الذي تمارسه الحكومة المركزية في مجال الهجرة يؤثر سلبًا على كل من اللاجئين والمجتمع، التوترات الاجتماعية آخذة في الارتفاع. ويؤثر تسييس القضايا المتعلقة بالهجرة والمهاجرين واللاجئين سلبا على العمل في الميدان ".

دعوة لكسر الحاجز والاقتراب من السوريين

ودعا الأكاديمي والكاتب فوزي بابان خلال الملف لكسر النظرة الاستباقية تجاه السوريين مقتبساً من كلام صاحب "مكتبة صفحات" سامر القادري حول كراهية السوريين، "قد تكره السوريين نعم، لكن افهم مَن هم أولاً ثم اكرههم، يمكننا فهمهم من خلال الاستماع إلى القصص التي يروونها، نحن بحاجة إلى التشكيك في تحيزاتنا من خلال هذه القصص، يمكن زيارة معرض الفنان السوري عمر بيرقدار ومشاهدة أعمال الفنانين السوريين ، والتحدث عند إقامة حفلة موسيقية أو عندما ترى متجولًا أثناء عبور الطريق ، وطرح الأسئلة والقيام بذلك دون حكم مسبق، جزء كبير من كراهية السوريين تأتي من عدم معرفتهم".

تلفزيون سوريا يتحدث مع كاتبة الملف

ولفهم أكبر لدوافع كتابة هذا الملف تواصل موقع تلفزيون سوريا مع الصحفية، عائشة بانو تونا، التي قالت إنها أرادت مناقشة قضية جميع المهاجرين المقيمين في إسطنبول لأنهم جزء من هذه المدينة.

قالت بانو تونا: "أعددت هذا الملف لمجلة إسطنبول الصادرة عن بلدية إسطنبول لأني صحفية محايدة أردت الالتزام بالقواعد الأخلاقية للمهنة ولم تُفرض عليّ ضغوط رقابية، مع كل عدد جديد من أعداد المجلة نحاول مناقشة موضوع ما من منظور واسع ومتعدد الأوجه، قبلنا أم لم نقبل، أحببنا أم لا ، فإن المهاجرين جزء من هذه المدينة، لا يمكننا التظاهر بأنهم غير موجودين، عند إعدادي لهذا الملف كان هناك تصعيد في الخطاب المعادي للمهاجرين لذلك شعرنا بالحاجة إلى مناقشة هذه القضية".

وحول الهجمة التي تعرضت لها الصحفية على وسائل التواصل بعد نشر التقرير قالت: "أطلقت بعض الحسابات المقربة من الأحزاب المعادية للمهاجرين حملة ضدي  لكني لست من النوع الذي أغير موقفي لمجرد أن شخصاً ما يخيفني، الحسابات ذاتها لطالما استخدمت هذه الهجمات ضد الصحفيين كأسلوب للترهيب منذ 9 إلى 10 سنوات".

وفي معرض حديثها عن الحلول أفادت الصحفية بأنها وجدت عند إعدادها للملف أن 3 مشكلات رئيسية يشتكي منها الأتراك، الأولى هي ارتفاع إيجارات المنازل، والثانية هي مشكلة رائحة الطعام والثالثة هي الضوضاء في الشارع، "المشكلتان  الأخيرتان ليستا شيئاً لا يمكن إصلاحه بجهود اندماج بسيطة من المهاجرين، أما المشكلة الأولى فهي مسؤولية الحكومة المركزية".

وحول تجنب بقية الصحفيين الكتابة عن قضايا المهاجرين قالت الصحفية، "يبتعدون غالباً لأن المؤسسات تلزمهم بسياسة تحرير محددة، كما تعلم معظم وسائل الإعلام في تركيا تخضع لسيطرة الحكومة كما يخضع المناخ السياسي العام أيضاً لضغط الخطاب المعادي للاجئين وخطاب الكراهية، محاولة فهم اللاجئين أو حتى التعاطف معهم يعرضك للهجوم، ويبدو أن هذا الخطاب سيصبح أكثر حدة مع اقتراب موعد الانتخابات، بالمناسبة تشير الدراسات إلى أن الأتراك أكثر قبولاً للمهاجرين الناطقين باللغة التركية والمهنيين والمتعلمين".

موقف بلدية إسطنبول ورئيسها من السوريين

أظهر رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بعض التعاطف مع السوريين، إذ وعد في أول حديث له حول السوريين بعد فوزه في الانتخابات، بالعمل على تقديم المساعدات المادية والمعنوية للاجئين السوريين في إسطنبول وخاصة الأطفال والنساء، كما رفض إمام أوغلو رفع رئيس بلدية بولو الجمهوري تانجو أوزجان أسعار المياه على الأجانب أضعاف.

ويُعتبر حزب الشعب الجمهوري ورئيسه من أوائل الأحزاب التركية التي توعدت بإعادة السوريين إلى بلادهم عند وصولهم إلى السلطة.