icon
التغطية الحية

بعد قادة داعش.. المهاجرون هدف جديد للجولاني في إدلب

2022.02.23 | 17:32 دمشق

عناصر الهيئة
أحد عناصر "هيئة تحرير الشام" في إدلب (إنترنت)
+A
حجم الخط
-A

أنذر جهاز الأمن العام التابع لـ"هيئة تحرير الشام"، عشرات العائلات من المهاجرين المقيمين في إدلب وينحدرون من جنسيات متعدّدة كالشيشان والأفغان والبلجيكيين والتونسيين والجزائريين والمصريين والمغربيين وغيرهم، لإخلاء بيوتهم ومحالهم التجارية المستأجرة أو التي حصلوا عليها من "غنائم الحرب" بعد السيطرة على المدينة بمعارك مع نظام الأسد وحلفائه، في آذار 2015.

وبحسب مصادر محلية فإن "تحرير الشام" أعطت عائلات المهاجرين مهلة أقصاها عدة أيام للخروج من إدلب، حيث استدعى الجهاز الأمني عدداً منهم لاستجوابهم والإلمام بكلّ التفاصيل المتعلّقة بهم، منذ لحظة دخولهم للقتال في سوريا أوّل مرة وتنقلاتهم بين المناطق.

إنذار وتهديد العائلات بإخلاء بيوتهم

"أبو العلاء الشامي" - منشق سابق عن "هيئة تحرير الشام" - نشر على قناته في "تلغرام" أنّ إنذاراً وصل إلى زوجات العديد من المهاجرين المعتقلين في سجون الهيئة، يخطرهم بضرورة إخلاء بيوتهن من دون تبريرات، مشيراً إلى تهديدهن بعدم إخراج أزواجهن من السجن في حال عدم التنفيذ.

وأضاف "مزمجر الشام" (حساب على "تويتر" لأحد متابعي أخبار التنظيمات الجهادية في سوريا): أنّ بعض المهاجرين ممن أبلغتهم "تحرير الشام" بأنه غير مرغوب بهم في إدلب يتواصلون مع سفارات بلدانهم لتسليم أنفسهم بسبب التضييق عليهم، بينما يُفكّر بعضهم الآخر بالفرار نحو الشمال أو أفغانستان.

لماذا قررت "الهيئة" التخلّص من الأجانب، وما مبررات ذلك؟

في سياق متصل، بيّن الناشط محمد سعيد - عضو فريق توثيق انتهاكات جبهة النصرة - في حديثة لموقع تلفزيون سوريا أنّ إنهاء ملف المقاتلين الأجانب في إدلب مطلب دولي، و"الجولاني" - زعيم "هيئة تحرير الشام" - "يستثمر سياسياً أي حدث يساعده في الظهور بمظهر المعتدل أمام المجتمع الدولي في محاولة منه لإزالة الهيئة من قوائم الإرهاب".

وأشار "سعيد" إلى أن "الجولاني بدأ بالتضييق على المهاجرين، منذ نهاية عام 2020، إذ اعتقل وقتل الكثير منهم اغتيالاً في ظروف غامضة، وما يزال حتى اليوم يحاول نفي ما تبقى منهم خارج المناطق التي يسيطر عليها".

من جانبها، برّرت "هيئة تحرير الشام" - عبر وكالاتها الرسمية - مطالبتها للمهاجرين وعائلاتهم بالخروج من إدلب بأنها لا تستهدف الجماعات التي التحقت بالثورة السورية فحسب، وإنما هناك استغلال لبعض هذه البيوت من قبل فئة ارتكبت مخالفات جنائية أو جرائم أمنية، موضحة بأن القرار يشمل جميع عناصر الفصائل ولا يخص فئة محدّدة أو جنسية معينة بما فيها عناصر من داخل "الهيئة" نفسها، وفقاً لقولها.

"عائلات المهاجرين أمام كارثة ودعوات للوقوف بجانبهم"

يبقى مصير زوجات المهاجرين السوريات وأطفالهن مجهولاً في ظل قرارات "الهيئة" بالإخلاء، خاصة النساء اللاتي فقدن أزواجهن خلال المعارك أو بعمليات الاغتيال، إذ يعدّ القرار مجحفاً بحقّهن ويواجهن ظروفاً معيشية قاسية مع غياب المعيل لهن، فلم يبق أمامهن خيار سوى إطلاق المناشدات ومطالبة أهالي مدينة إدلب بالوقوف إلى جانبهن وتقديم يد العون لأطفالهن في حال خروجهن من المنازل وبقائهن من دون مأوى.

اقرأ أيضاً: سلفيون مناهضون لـ"تحرير الشام": الجولاني طاغية إدلب

ومما لا يخفى ذكره، فقد انتشرت خلال السنوات الماضية ظاهرة زواج السوريات من مقاتلين أجانب قصدوا سوريا للقتال و"الجهاد"، والأمر الذي دفع الفتيات السوريات إلى الإقدام على ذلك يتمثل غالباً بالجهل وقلة الوعي من مخاطر الزواج من أجنبي مهاجر، وما يخلّفه ذلك من كوارث حقيقية على المجتمع نتيجة فشل تلك الزيجات، فبعضهن قُتل أزواجهن في المعارك والآخر ذهب من دون عودة وترك خلفه أطفالاً مجهولي النسب والهوية، وبقيت عقبة تلازمهم طوال حياتهم وخاصة مع إقدام "حكومة الإنقاذ" في إدلب على التحضير لإصدار بطاقات شخصية للسكّان في المحافظة، منذ مطلع العام الجاري 2022.

وغالباً سينعكس هذا الأمر سلباً على أطفال المهاجرين الذين سيُحرمون من الانتماء أو الالتحاق في المدارس وممارسة حقهم كغيرهم من الأطفال السوريين.

وبحسب إحصائية لـ"حملة مين زوجك؟" أطلقها فريق توثيق انتهاكات جبهة النصرة، عام 2018، بلغت أعداد النساء السوريات المتزوجات من مهاجرين أجانب في عموم محافظة إدلب، منذ بدء توافد المهاجرين إلى سوريا، قرابة 1735 حالة زواج.

وذكرت الإحصائية أنّ 1124 امرأة من زوجات المهاجرين السوريات لديهن أطفال، ويبلغ إجمالي عدد الأطفال من آباء مهاجرين، 1826 طفلاً، كما أنّ 193 امرأة أصبحن بين أرملة ومطلّقة.

كيف استخدم "الجولاني" المقاتلين في صفوفه قبل قرار التخلي عنهم؟

يرى الباحث في الشأن السوري محمد أديب أن "الجولاني" استخدم العنصر الأجنبي في مواجهة نظام الأسد بهدف تعزيز اسم "جبهة النصرة" ولاحقاً "فتح الشام" وبعدئذ "تحرير الشام"، فالعنصر الأجنبي - وفق قوله - أحدث فارقاً كبيراً في المعارك التي كان يخوضها ضد النظام، فقد كان جزء كبير من القطاعات العسكرية لـ"هيئة تحرير الشام" يعتمد على المقاتلين الأجانب، سواء في العمليات "الاستشهادية" والانغماسية أو عمليات التفخيخ والتلغيم أو الاقتحام وغيرها.

وأرجع "أديب" الاستفادة من المهاجرين عندما استخدمهم "الجولاني" في مواجهة فصائل الجيش السوري الحر ثم حركتي "أحرار الشام" و"نور الدين زنكي"، فقد لعب المقاتل الأجنبي دوراً كبيراً في  ضرب الفصائل وحلّها بشكل كامل، وهذا دفع "الجولاني" إلى الحفاظ على المهاجرين حينئذ لتحقيق أهدافه.

اقرأ أيضاً: التفكك أو الانضمام.. "تحرير الشام" تواصل حملتها على الجماعات الجهادية الأجنبية

وأوضح أنّ سياسة "الهيئة" تغيّرت لاحقاً بعد أن سيطر "الجولاني" على معظم محافظة إدلب وأصبح التوجه الرئيسي لتغيير مسار "التنظيم" من كونه مساراً عالمياً إلى تنظيم محلي، وتجلّى ذلك في صب اهتمامه بالمؤسسات المدنية، إذ أصبح هناك هيكلية تنظيمية تختلف عن سابقاتها، ترافق ذلك مع خطابات "الجولاني" التي توحي بشكل أو بآخر إلى أن "تحرير الشام" هي كيان محلي، وكان ذلك واضحاً في لقائه مع الصحفيين الأجانب وأحاديثه بين الناس، فضلاً عن الاختلاف بشكل ظهوره الإعلامي المتكرّر، ونوعية خطاباته التي تغيّرت من التشدّد لتكون أقرب إلى الاعتدال.

وهذه ليست المرة الأولى التي يقرّر بها "الجولاني" التخلّي عن المهاجرين وإنما تكرّر المشهد، قبل نحو عام، وهي الفترة التي شهدت تبادلاً في الاتهامات وتوتراً بينه وبين الأطراف الجهادية، عندما شنّ حملة على "جند الشام" بقيادة مسلم الشيشاني، وقبل ذلك على "جند الله" (جماعة "أبو فاطمة التركي")، وطالبهم بتسليم عدد من العناصر ومغادرة شمال غربي سوريا.