icon
التغطية الحية

بعد الزلزال.. توسّع إيراني جنوبي سوريا يتزامن مع مبادرة عربية للتطبيع

2023.03.06 | 04:46 دمشق

إيران والنظام السوري
عناصر النظام السوري يرفعون علم إيران في سوريا - نيسان 2018 (رويترز)
درعا ـ أيمن أبو نقطة
+A
حجم الخط
-A

تشهد محافظتا درعا والقنيطرة، تحركات لـ قياديين في ميليشيا "حزب الله" اللبناني مرتبطين بميليشيا "الحرس الثوري" الإيراني، جاءت عقب كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، في السادس من شهر شباط الفائت، وتزامنت مع "مبادرة" أطلقتها عدة دول عربية استغلّت الكارثة، وجعلتها مدخلاً جديداً للتطبيع مع النظام السوري.

وتأتي تلك التحركات في ظل انشغال العالم بآثار الزلزال المدمّر، الأمر الذي يشير إلى توسع ملحوظ للميليشيات في مناطق جنوبي سوريا، وزيادة النشاط الأمني وتهريب الأسلحة والمخدرات نحو دول الخليج العربي عبر الأردن.

مصدر محلي في القنيطرة - فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية - قال لـ موقع تلفزيون سوريا إن استنفاراً أمنياً لقوات النظام كان ملحوظاً على حواجز أرياف القنيطرة، منذ العاشر من شباط الفائت، خاصة تلك التي تتبع لـ"فرع الأمن العسكري" في منطقة سعسع، وبعض التلال العسكرية كـ تلّي الشعّار وكودنا والتلول الحمر، إضافة إلى "اللواء 90" في ريف القنيطرة.

وهذا الاستنفار تبعه دخول قيادات من ميليشيا "حزب الله" لبعض المواقع العسكرية، وكان أبرزها "اللواء 90"، وعدد من القطعات العسكرية التابعة للواء، بهدف القيام بأعمال صيانة لأجهزة الرادار في المنطقة.

في محافظة درعا، قال الإعلامي يوسف المصلح لـ موقع تلفزيون سوريا، إن ضابطاً إيرانياً يدعى (مهدي شهراز) اجتمع مع قائد "اللواء 12" في مدينة إزرع شمال شرقي درعا، في 19 شباط الفائت، ثم اجتمع مع شخصيات عدة في منطقة اللجاة وأخرى في بلدة محجة.

وخلال شهر شباط الفائت، زار قيادي من "حزب الله" اللبناني، الكتيبة الإلكترونية الواقعة شمالي مدينة الحارّة شمال غربي درعا، والتقى هناك عدداً مع ضباط النظام، مضيفاً "المصلح" أنّ محافظة درعا شهدت استقدام تعزيزات عسكرية لقوات النظام في منطقة غرز والحاج التابع لـ،"الأمن العسكري" في بلدة أم المياذن، كما شملت التعزيزات آليات ثقيلة.

تحرك إيراني مضاد للمبادرة العربية!

تأتي التحركات الإيرانية في جنوبي سوريا، تزامناً مع الحراك العربي الذي يهدف إلى إعادة التطبيع مع نظام الأسد، عقب زيارة أجراها وفد برلماني يمثّل 8 دول عربية إلى العاصمة دمشق، ولقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد.

ونقلت صحيفة "المدن"، قبل أيام، أن المطلوب من بشار الأسد التوقيع على اتفاق مكتوب يتضمن أكثر من عشر نقاط، ومن بين الشروط المفروضة على "الأسد" للانتقال إلى التفاوض السياسي:

  • إطلاق سراح عشرات المعتقلين بما فيهم المعتقلون السياسيون.
  • التفاوض الجدي مع المعارضة السورية، تمهيداً لاتفاق سياسي بموجب القرار الأممي (2254) أي الذهاب إلى تعديل دستوري واسع يتضمن تشكيل هيئة انتقالية.
  • عدم توقيع النظام السوري على مزيد من الاتفاقات الإستراتيجية، اقتصادياً وعقارياً مع إيران.
  • اتخاذ إجراءات جدية على الحدود السورية الأردنية وإبعاد القوات الإيرانية من تلك المنطقة.
  • الكشف عن مصانع الـ"كبتاغون" وآليات تهريبها وتصديرها إلى الدول العربية.
  • التفاوض على دخول قوات عربية إلى سوريا تُسهم في ضبط الحدود وتأمين مناطق آمنة حقيقية بإشراف عربي ودولي من أجل إعادة اللاجئين إلى مدنهم.

مبادرة عربية للتطبيع وسباق إيراني توسّعي

تزامناً مع المبادرة العربية للتطبيع مع نظام الأسد، باتت تتضح معالم السباق الإيراني التوسّعي في جنوبي سوريا، المنطقة التي تعتبرها إيران ذات أهمية كبيرة من عدة نواح مختلفة، منها: قربها من الحدود مع الجولان المحتل، وكونها نافذة إلى دول الخليج العربي.

وعمِلت إيران عبر ميليشياتها على تشكيل مجموعات في مناطق متفرّقة في محافظتي درعا والقنيطرة، منذ عام 2018، تعمل هذه المجموعات على تسهيل تحركات قادة وعناصر "حزب الله" اللبناني، وتشرف على تجارة وتهريب المخدرات من خلال ترفيق شحنات المخدرات في المناطق التي توجد فيها وتأمين وصولها إلى مناطق محددة.

كذلك، تركّز تلك المجموعات على متابعة نشاط المعارضين والناشطين جنوبي سوريا، وتحديد شخصيات منها على قوائم التصفية والاغتيال، بالتعاون مع مكتب أمن "الفرقة الرابعة" وضبّاط ارتباط بين "حزب الله" وأجهزة النظام الأمنية في مدينة درعا.

ما موقف روسيا من التحرك الإيراني الأخير؟

لم يصدر عن الروس أي تصريح حول ما شهدته محافظتا درعا والقنيطرة من تحرّك لضباط من "حزب الله" و"الحرس الثوري" الإيراني، مؤخراً، إذ تكتفي القوات الروسية بتسيير دوريات لها على الحدود السورية الأردنية بين الحين والآخر بهدف إيصال رسائل إلى الأردن مفادها: "خلو المنطقة من الميليشيات التي تعمل باستمرار على تهريب الأسلحة والمخدرات إلى الأردن ودول الخليج العربي".

وفي ظل المعطيات على الأردن فإنه يصعب انسحاب إيران من الجنوب السوري أو وقف نشاطها الأمني في المنطقة، وعمليات تهريب المخدرات إلى دول الخليج العربي، الأمر الذي يُشكّل عقبة أمام المبادرة العربية الأخيرة في تحقيق أهدافها بإبعاد إيران عن النظام السوري، خاصة مع مطامع إيران التوسعية في الجنوب السوري.

هناك رفض عربي كبير للوجود الإيراني في جنوبي سوريا، لكن التحرّك في مواجهته بات يرتبط إلى حد كبير بملفات دولية، وبحسب الترجيحات فإنّ التحالف ضد إيران لا بد أن يقوم وإن كان بقرار عربي مستقل على التنسيق مع الولايات المتحدة، لأنّ الخيار الآخر هو الفوضى التي ستنشرها إيران بسهولة في هذه الدول.

وطبقاً للتخطيط الإيراني فإنّ حالة الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه سوريا، ما هي إلا بيئة ملائمة لتمرير مشروع التمدد الإيراني من خلال حالة الفقر المستشرية في عموم مناطق سيطرة النظام السوري، وهذا ما يجعل المنطقة الجنوبية تحديداً "قنبلة موقوتة" قد تنفجر خلال عدة سنوات في وجه دول الجوار للجنوب السوري.