icon
التغطية الحية

بسبب الغلاء.. لاجئون سوريون يختارون العودة إلى المخيمات في الأردن

2023.02.03 | 16:13 دمشق

لاجئون سوريون في مخيم الزعتري ـ رويترز
لاجئون سوريون في مخيم الزعتري ـ رويترز
Devdiscourse - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

بسبب البطالة وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، اتخذ بعض اللاجئين السوريين في الأردن قراراً موجعاً، وهو الانتقال من جديد إلى مخيمات اللاجئين التي اعتقدوا أنها باتت جزءاً من الماضي.

العودة إلى مخيم الزعتري

تخلى عبد الله حسن الجاسم، 22 عاماً، وهو أب لطفلة عمرها عامان، عن العيش والعمل خارج مخيم الزعتري، وتقدم بطلب في الوقت الراهن حتى يتم نقله من جديد إلى المخيم بشكل دائم، وعن ذلك يقول: "رأيت الحياة كيف أصبحت فأدركت بأنه لا يمكننا أن نعيش هكذا".

خلال الأشهر العشر الأولى من عام 2022، انتقلت 190 أسرة سورية من المجتمعات المضيفة في الأردن إلى المخيم، وذلك بحسب ما أعلنته مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، في زيادة واضحة عن أعداد الأسر التي انتقلت للمخيم طوال عام 2021 بأكمله والتي بلغ عددها  124 أسرة.

اقرأ أيضا: وسائل إعلام أردنية: انتحار فتاة سورية "17 عاماً" في مخيم الزعتري

إن أهم الدوافع التي تقف وراء اتخاذ هذا القرار من قبل أغلب الأسر هو ارتفاع أسعار الأغذية والوقود والإيجارات والطاقة في الأردن، تماماً كما حدث في مختلف دول العالم، إلا أن ذلك ترافق مع سلسلة من الصدمات الاقتصادية التي تسارعت بفعل أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة عالمياً. إذ بلغت نسبة البطالة 23% في الربع الثالث من العام الماضي وذلك بحسب مكتب الإحصاء الرسمي في الأردن، أما نسبة البطالة بين صفوف النساء والأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15-24 فتصبح الأرقام أعلى بكثير، حيث بلغت نسبة البطالة بين صفوف النساء 33% وبين صفوف الشباب اليافعين 47%.

كما بلغت نسبة التضخم السنوية 4.36% في شهر كانون الأول الماضي، وتجلى التضخم بشكل واضح في أسعار الوقود والكهرباء بما أنهما أسهما بثلث هذا الارتفاع الحاصل في تلك النسبة. ثم ظهر العنف أيضاً بعد مقتل ضابط شرطة بطلق ناري أثناء مظاهرات خرجت بسبب ارتفاع أسعار الوقود فتحولت إلى احتجاجات دامية في مدينة معان الجنوبية الفقيرة خلال الشهر الماضي.

ارتفاع الإيجارات والكهرباء في الأردن

خلقت تلك المشكلات الساحقة ظروفاً جعلت أغلب اللاجئين الذين كانوا يعانون بالأصل حتى يؤسسوا حياة جديدة لهم بعد دخول بلدهم سنته الثانية عشرة مع الحرب، يقولون إنهم لم يعد بوسعهم أن يتأقلموا معها.

فقد هرب الجاسم من بيته في درعا جنوبي سوريا ليصل إلى مخيم الزعتري، أكبر مخيم في الأردن ويؤوي نحو 80 ألف لاجئ سوري بحسب إحصائيات عام 2013. وهناك، أمضى الجاسم أسبوعاً قبل أن ينتقل إلى مدينة المفرق القريبة من ذلك المخيم. وعلى مدار سنوات بقي يعمل في مزرعة كعامل فيها، ويزور المخيم بين الفينة والأخرى لرؤية أهله المقيمين هناك.

وعن ذلك يقول: "كان إيجار البيت والكهرباء أصعب الأمور"، ثم أضاف بأن السبب الرئيسي الذي دفعه للعودة إلى المخيم هو رغبته بالاستفادة من المعونات التي تقدمها الوكالات التابعة للأمم المتحدة. ولكن على الرغم من تلقيه للمعونات، بقي هذا الشاب مديناً بمبلغ وقدره 1200 دولار أميركي بعد تجهيزه للمأوى الذي كان الصدأ والعفن يعلوه والذي قرر الانتقال إليه برفقة زوجته وطفلته.

يزيد العائدون إلى المخيم من الضغوط على عاتق مفوضية اللاجئين، لأنّ المفوضية التي تدير بالأساس مخيمات مكتظة بالناس، تحتاج إلى توسيع خدماتها لتستوعب كل تلك الأعداد بحسب ما ذكره الناطق الرسمي باسمها رونالد شوينباور.

تعتبر الأردن ثاني دولة على مستوى العالم من حيث عدد اللاجئين الذين تستضيفهم بالنسبة إلى عدد السكان، وتأتي في الترتيب العالمي بعد لبنان، حيث أصبحت اليوم تؤوي أكثر من 670 ألف لاجئ بحسب الأرقام الرسمية، معظمهم يعيشون في التجمعات المدنية خارج مخيمات اللاجئين، بحسب إحصائيات مفوضية اللاجئين.

ويتابع شوينباور بالقول: "إن قدرة المخيم الاستيعابية محدودة، إذ لم يعد بالإمكان اليوم إضافة وحدات سكنية جديدة، ولهذا فإن من ينتقلون للمخيمات يعيشون ضمن مساحات ضيقة ضمن وحدات تجاوزت عمرها الافتراضي".

هل تشجع الحكومة الأردنية العودة إلى الزعتري؟

تقول الباحثة هبة زيادين التي تعمل لدى منظمة هيومان رايتس ووتش بأن الحكومة الأردنية على ما يبدو تشجع الناس على العودة إلى المخيمات عبر تصوير تلك المخيمات على أنها تخفف من الشقاء الذي يعانيه الناس على المستوى المالي، وتضيف: "في الوقت الذي لا نريد فيه أن ننتقد عمليات تقديم الخدمات والمعونات في المخيمات، تعتبر عملية تحسين ظروف العيش خارج المخيم بالنسبة للاجئين نهجاً أطول ديمومة على المدى البعيد". بيد أن منصة استجابة الأردن للأزمة السورية وهي عبارة عن شراكة بين الحكومة الأردنية والمانحين ووكالات الأمم المتحدة لم ترد عندما طلب منها التعليق على الموضوع.

إن بقاء اللاجئين في المجتمعات خارج المخيمات لابد وأن يفيدهم ويفيد سكان المنطقة بحسب رأي زيادين لأن ذلك يشجع على ظهور حالة تأقلم ويعزز التماسك في المجتمع.

وفي قصة مشابهة لقصة الجاسم، يخبرنا محمد رياض، 32 عاماً، بأنه غادر سوريا بنهاية عام 2012، وقد رغب بأن يجرّب حظه في العيش خارج المخيم فعثر على وظيفة كعامل.

إلا أن ارتفاع الإيجارات وعدم توفر فرص للعمل دفعته للعودة إلى مخيم الزعتري كغيره من العائدين، وذلك قبل تفشي جائحة كوفيد-19 في عام 2020، لكنه أصبح يرى الحياة في المخيم اليوم: "أفضل بمئة مرة من الحياة خارجه".

عثر رياض مؤخراً على عمل في متجر للهواتف قريب من المخيم، وتقدم بطلب للسلطات الأردنية حتى يستقر بشكل دائم في الزعتري، اعتقاداً منه أنه بذلك يؤمن حياة أفضل لأولاده الأربعة، بما أنه لن يقلق على صحتهم هناك، حيث يعبر عن ذلك بقوله: "لقد عانى أولادي من أزمات تحسسية ومن الربو، فكنت أحملهم وأهرع بهم إلى المشفى في أي سيارة، ولهذا فإننا اعتدنا على الشقاء".

المصدر: Devdiscourse