icon
التغطية الحية

بحثاً عن النفط وتعزيزاً لمصالحها.. روسيا تواصل تغلغلها شرق سوريا

2020.06.16 | 11:31 دمشق

438.jpeg
تلفزيون سوريا - عدنان الحسين
+A
حجم الخط
-A

تواصل القوات الروسية دورياتها وتحركاتها بشكل مكثف في المناطق التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" عقب الاتفاق مع تركيا على وقف عملية "نبع السلام" مقابل سحب مقاتلي قسد إلى حدود معينة وتستغل روسيا تلك الخطوة لتكون عودة لها إلى مناطق شرق سوريا التي ظلت منذ طرد تنظيم الدولة تحت هيمنة القوات الأميركية.

وطالما رددت مراكز صنع القرار الروسي أن خطتهم تقتضي السيطرة على سوريا المفيدة وعدم الاكتراث ببقية المناطق إلا أن التموضعات والتحركات شرق سوريا تدل على تغير تلك المعادلة خاصة أن أيركا تضع يدها على أبرز مراكز النفط ومنابعه شرقا.

قواعد عسكرية مصغرة

ووفقا لمصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا تنتشر القوات الروسية في مناطق مختلفة في محافظة الرقة وتتموضع في نقاط أشبه بقواعد عسكرية مصغرة في مواقع جغرافية مهمة على الطرق الدولية أو المنافذ بين المناطق.

وتعتبر نقطة تل السمن ونقطة اللواء 93 قرب مدينة عين عيسى بريف الرقة الغربي أكبر النقاط العسكرية والتي تشترك فيها قوات للنظام وترابط مقابلا للجيش التركي وقوات المعارضة وفقا للمصادر.

وأوضحت المصادر أن هناك نقطة متقدمة للقوات الروسية في قرية طريخاوي شمال غرب مركز مدينة الرقة كذلك تستخدم للمراقبة والتنقل والإمداد، كما يعتبر مطار الطبقة العسكري والذي انسحبت منه القوات الأميركية سابقا أبرز قاعدة عسكرية للقوات الروسية يستخدم للإمداد والتجمع والتنقل والاجتماعات العسكرية مع قوات قسد والتنسيق مع قوات النظام.

ويقول الناشط محمد عثمان من مدينة الرقة في هذا الصدد إن القوات الروسية دفعت باتجاه تجنيد عناصر ضمن ما يعرف بالفيلق الخامس في بلدة الصبخة بريف الرقة الجنوبي الشرقي بهدف التغلغل أكبر في المنطقة.

ويؤكد عثمان في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن مسألة تمدد روسيا وتغلغلها مسألة وقت وهي بالفعل باتت تستخدم معظم الطرق منها المعونات الإنسانية والإغراء بالرواتب في حال الانضمام إلى فيلقها.

دير الزور الهدف الأبرز

ورغم محاولتها السابقة والحثيثة للدخول إلى مناطق شرق الفرات والسيطرة على منابع نفطية أو مراكز إنتاج الغاز الطبيعي فإنها باءت بالفشل بسبب الوجود الأميركي، لكن مع اتفاق روسيا الأخير وحمايتها لقسد من التقدم التركي في عملية "نبع السلام" باتت تهدف لمحاولة السيطرة بشكل أكبر.

وحول ذلك يقول عمر أبو ليلى مدير شبكة "ديرالزور 24" إن روسيا تسابق الزمن للتمدد على حساب الوجود الأميركي وتحاول استغلال المدنيين هناك تارة عبر شيوخ العشائر وتارة عبر استدراج الناس للتجنيد ضمن صفوفها وتارة عبر معونات.

ويشير أبو ليلى في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن الروس حتى اللحظة فشلوا في مناطق سيطرة قسد بدير الزور بأن يبسطوا نفوذهم أو استمالة العشائر، لكن باتوا يستغلون الناس في مناطق غرب الفرات بديرالزور الذين يعانون أوضاعا معيشية صعبة للغاية عبر تجنيدهم وإغرائهم بالمال وإرسالهم للقتال في ليبيا.

ويؤكد أن الصراع المستقبلي قد يتطور بين الروس الأميركان بديرالزور أو بمناطق شمال شرقي سوريا بعد تطبيق قانون قيصر وقد يشهد انفراجة أكبر في حال تخلت روسيا عن بشار الأسد والمضي وفق التصور الأميركي للحل في سوريا.

نشاط متزايد في الحسكة

ويظهر نشاط القوات الروسية وخبرائها في محافظة الحسكة وتحديدا مدينة القامشلي بشكل جلي منذ تسلمها إدارة المطار المدني فيها ونشرها للشرطة الروسية فيه وفي الأحياء المحيطة الخاضعة لسيطرة النظام.

ومع تسيير دورياتها بشكل مكثف وتحركها في معظم القرى والبلدات هناك نشرت أجهزة لوجستية متطورة من بينها رادارات لكشف حركات الأفراد في المثلث الحدودي مع تركيا والعراق في قرية قصر ديب.

ويؤكد الخبير العسكري يوسف صطوف لموقع تلفزيون سوريا أن القوات الروسية نشرت مفارز عديدة في قرى ذبانة وهيتو وفي بلدة تل تمر بمحطة الأبقار بمحافظة الحسكة وبنقاط أخرى امتدادا من منبج حتى الحسكة ماعدا المنطقة التي توجد فيها قوات الجيش الوطني.

ويلفت صطوف إلى أن روسيا تبتغي من خلال تمددها الأخير دفع القوات الأميركية مستقبلا للمغادرة تحت ضغوط ادّعائها شرعية الدعم الروسي لنظام الأسد ومن خلال السيطرة على قسد وربما ضمّها للنظام لاحقا.

أهداف بعيدة

وتسعى روسيا من خلال تمددها شمال شرقي سوريا لعدة أهداف منها اقتصادية وسياسية يلخصها الباحث في الشأن الاقتصادي يونس الكريم خلال تصريحه لتلفزيون سوريا، إذ يقول إن الهدف الأول والرئيسي هو الضغط على الجانب الأميركي لتقديم تنازلات في العملية السياسية من مبدأ من يسيطر يفرض طريقة الحل وتعويم النظام وفق روسيا.

والهدف الثاني هو إخضاع قسد لتكون تحت النفوذ الروسي لتضييق الخناق على أميركا التي تعتبر قسد ذراعها العسكري في سوريا، وفي حال نجحت بذلك تنهي سيطرة الأميركان واقعيا وتخنقهم إعلاميا، إضافة إلى أن ضم قسد للنظام يعطيه امتيازا التخلص من العقوبات الدولية بعد قانون قيصر والتي تعتبر قسد معارضة معتدلة وفق معاييرهم.

ويشير الكريم إلى الأهداف الأخرى مثل قطع الطريق على أمر مهم وهو إعادة تفعيل خط كركوك للغاز وكذلك تصدير النفط والغاز الإيراني، كما أن السيطرة على شرق سوريا يعطي روسيا إمكانية التفاوض مع تركيا على مجالات عسكرية أو سياسية أو اقتصادية.

تصادم روسي أميركي

ورغم الحشود العسكرية التي دفعت بها روسيا وتنوّع محاولاتها لزيادة نفوذها شرق سوريا والوصول إلى منابع النفط فإنها فشلت بسبب العائق الأكبر أمامها هو وجود القوات الأميركية والتي تعرضت للدوريات الروسية أكثر من مرة بشكل علني.

ويعلق الصحفي محمد مستو بوكالة الأناضول التركية الذي يغطي تلك المناطق شرق سوريا أن هدف روسيا الوصول إلى منابع النفط وخاصة حقول رميلان إلا أن من وقف بوجهها هو القوات الأميركية فأنشأت روسيا قاعدة عسكرية بقرية دير الغصن قريبة من تلك الحقول لترد كذلك القوات الأميركية بإجبارها على الانسحاب وهو ما يظهر هدفها بشكل أكبر.

ويؤكد مستو في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن الدور الأميركي شرق الفرات هو بيضة القبان وأن وجود روسيا الحالي هو شكل مرحلي ولا قيمة له إلا إذا ما غادرت القوات الأميركية سوريا، وهذا مستبعد في الوقت الحالي.

ويبدو أن روسيا هي الوحيدة التي فهمت طبيعة الملف السوري من وجهة نظر النظام بطبيعة الحال، وسعت لإجهاض الحراك عبر الحلول العسكري والمصالحات وبدا أنها نجحت لحد ما في ذلك مع الدور الخجول الأميركي والأوروبي وباتت تتخذ منحى جديدا بالتخلي عن فكرة السيطرة على سوريا المفيدة، وتعدَّتها إلى السيطرة على كل سوريا بطريقة أو بأخرى لمكاسب مستقبلية.