
هل جربت يوماً أن تبحث عن عبارة "الجيش العربي السوري" في غوغل أو غيره من محركات البحث على الإنترنت؟ ماذا لو فتشنا عن هذه العبارة باللغة الإنكليزية والروسية ما الذي سنجده؟
حسناً، الباحث "لوكاس أندروكايتيس" في مؤسسة "DFRLab " اختار الفترة من أيلول 2016 إلى أيلول 2018 ليقوم بالبحث عن أكثر المواقع التي انتجت تفاعلاً في الشبكة العنكبوتية من خلال استخدام عبارة "الجيش العربي السوري"، وجاءت نتائج البحث لا تحمل مفاجآت كبيرة بالنسبة للغة العربية، بينما تصدرت مواقع يمينية تابعة للكرملين بالنسبة للغة الإنكليزية ولتكون نتائج البحث بما خص اللغة الروسية ذات دلالة كبيرة حيث يختفي التفاعل تقريباً من على المواقع الناطقة باللغة الروسية فعبارة "Сирийская Арабская Армия" ، أي "الجيش العربي السوري" باللغة الروسية، لا تكاد تظهر في البحث الذي نشرت نتائجه في موقع "ميديوم".
لماذا هذه العبارة؟
اختيار العبارة ربما يأتي انطلاقاً من أن معظم مستخدميها يشاركون في الترويج لدعاية النظام السوري وروسيا حول نسب الأعمال العسكرية للنظام وإنكار سيطرة الميليشيات التابعة لإيران وروسيا على سير المعارك، مما يعني أنها تصلح لتكون أداة للإشارة لأشد المنصات ترويجاً للنظام ودعايته، علماً أن بعض المواقع المعارضة تستخدمها كمادة للسخرية، كما أن موضوع اللغة له أهميته ليظهر حقيقة نظرة روسيا للنظام وكيف تختلف الدعاية المصدرة بحسب اللغة وتختلف الروايات طبعاً طبقاً للغة النشر.
اللغة العربية
وبالعودة لنتائج البحث نجد أن موقع "أخبار حلب nfac-sy.net" التابع للنظام يحتل المركز الأول من حيث كمية التفاعل مع عبارة "الجيش العربي السوري" علماً أن هذا الموقع توقف عن العمل في 9 أيلول 2018 لأسباب غير واضحة والمثير للاستغراب أنه بدأ العمل في 2016 (17 أيلول) أي أنه استمر لعامين فقط علماً أنه يشترك بالتسمية نفسها مع موقع آخر ما زال يعمل وهو أقدم منه "nfacsy.online"، كما يظهر بحسب رسم بياني أن مواقع تلفزيون سما و"يوتيوب" تظهر بالمراكز الأولى بينما نلاحظ غياب المواقع التابعة لإيران حيث بالكاد يظهر موقع الميادين مما يدل على فشل هذه المواقع في خلق تفاعل حقيقي على شبكة الانترنت.

اللغة الانكليزية
مع الإطلاع على نتائج البحث بالنسبة للغة الانكليزية تبرز المواقع التابعة لروسيا ولإيران بينما تكمن المفاجأة في أن الموقع الذي يحتل الصدارة في كمية التفاعل الناتج عن استخدام عبارة "Syrian Arab Army" هو "theduran" المنتمي لمواقع اليمين المتطرفة ومعروف بتأييده لمواقف الكرملين وترويجه للدعاية والقصص المفبركة الروسية.
والمثير في موقع "theduran" هو أنه يعتبر من أشد المواقع تأييداً لترامب لا سيما إبان حملته الانتخابية وبالرغم من ذلك فقد شن هذا الموقع حملة شعواء ضد الضربة العسكرية الأمريكية لنظام الأسد عقب استهداف الأخير مدينة خان شيخون بريف ادلب بالأسلحة الكيماوية في 4 نيسان 2017 ، حيث قام مع بعض المواقع الأخرى المعروفة بتبعيتها للكرملين بنشر مقالات تهاجم قرار ترامب بشن ضربة عسكرية ضد الأسد، وروجت وقتها إلى أن الصور والفيديوهات القادمة من خان شيخون مفبركة وغير حقيقية واعتمدت هذه المواقع في حملتها تلك على تقرير من موقع "المصدر نيوز" المعروف بتبعيته لإيران.
وبالإضافة لموقع theduran يظهر في المراكز الأولى موقع "21stcenturywire" وهو الآخر من المواقع المحسوبة على الكرملين بالإضافة لموقع "سبوتنك" الروسي كما يظهر موقع "almasdarnews" التابع لإيران والنظام بالإضافة ليوتيوب.

ويظهر بوضوح الاهتمام الروسي بنشر دعايتها باللغة الانكليزية ونجاحها النسبي في ذلك تظهر المواقع التابعة لها في عدة مراكز كما أن إيران تظهر من خلال موقع واحد على الأقل.
اللغة الروسية
ومع نتائج البحث عن العبارة باللغة الروسية "Сирийская Арабская Армия" نجد أن التفاعل يكاد يكون معدوماً بحيث لا يمكن قياسه ويدل ذلك على عدم اهتمام روسيا باستخدام هذه العبارة في وسائل إعلامها باللغة الروسية بعكس باقي اللغات أي حيث يوجه الكرملين دعايته الخارجية ويهتم بترويج القصص المفبركة بينما لا تهتم دعايته الموجهة للشعب الروسي على ما يبدو بالترويج لنظام الأسد وربما تستخدم عبارات أخرى مثل "قوات الأسد" أو "قوات النظام".
تعطي هذه الدراسة فكرة عن هيمنة المواقع التابعة للنظام وروسيا على الأخبار المتعلقة بالنظام وجيشه وبالتالي الدعاية الموجهة والترويج للروايات المفبركة ونلاحظ غياب أي موقع غربي بالنسبة للغة الانكليزية حيث إن كمية الأخبار التي تبثها المواقع التابعة لموسكو أزاحت تغطية المواقع الغربية على ما يبدو.
ويبقى غياب التغطية عن اللغة الروسية مقابل كثافة الدعاية باللغتين العربية والإنكليزية له دلالته على طبيعة نظرة الكرملين للنظام، بينما نلاحظ نشاطاً للدعاية الإيرانية بالمقابل باللغة الإنكليزية وعدم اكتراثها باللغة العربية حيث تغيب مواقعها الناطقة بالعربية عن خريطة المواقع الأكثر انتاجاً للتفاعل.