تمكن المدرس السوري محمد شكور الغناش من كسر الصورة النمطية للاجئين السوريين في تركيا، فأساليب التدريس التي ابتكرها والتي لاقت ترحيباً واسعاً في المجتمع التركي جعلت وزارة التعليم التركية تسلط الضوء على المدرس وأساليبه، لا سيما أنه يدرس اللغة الإنكليزية في كثير من المدارس الحكومية والخاصة.
عن الغناش ومسيرته في تركيا أجرى موقع تلفزيون سوريا حواراً معه، حيث يقول إنه فكر في الاستفادة من الموسيقا لترسيخ الدراسة في عقول الطلاب قائلاً: "مسألة الاستفادة من الموسيقا وجدتها الأفضل، والأسرع في التعليم، كنت أول من استخدمها في المدارس التركية، وتفاعل معها كثير من الأستاذة وأضحت الدروس عبارة عن مزج لكنها قاعدة أساسية في إيصال المعلومة للطالب، كون اللغة الإنكليزية يراها البعض صعبة، لكني كسرت النظرة وجعلت الطلبة وغيرهم يحبونها".
يدرس الغناش في كبرى المدارس التركية والأوروبية، وأضحى معتمداً من قبل وزارة التعليم في تركيا، التي كرمته في مناسبات عدة، كما أنه يدرس في مدارس عراقية خاصة في العاصمة أنقرة، فأساليبه الجديدة على التعليم أثرت بشكل كبير، كما أن دروسه باتت مفضلة على غيره.
ينحدر المدرس محمد العناش من مدينة الميادين في محافظة دير الزور شرقي سوريا، ويعتبر أن فترة مراهقته كانت مصدر تأثير كبير عليه، فما إن دخل المرحلة الإعدادية في سوريا حتى بدأ بالعمل في الإنشاءات قائلاً: "كنت أعمل في الإنشاءات بعد الانتهاء من المدرسة، كنت أعمل أحياناً في بعض الأماكن الريفية، وكنت أتكلم مع نفسي باللغة الإنكليزية، وأخاطب العاملين بها، لم يكن الكثير يفهم اللغة، لكن مهنة الإنشاءات كانت مصدر تأثير كبير علي، أحب اللغة، وبدأت أقرأ دواواين شعر عربي وإنكليزي، حياتي في مطلعها قاسية، وكانت مصدر قوة في التعلق باللغة ومعرفتها".
لم يقتصر تأثير الغتاش على التعليم، وإنما استمر بما يهواه حيث يقوم بترجمة الأدب بشكل عام والشعر بشكل خاص إلى اللغتين التركية والإنكليزية، مترجما أشعار ودواوين لشعراء عرب من بينهم محمود درويش، كما أنه يترجم قصائد شعر تركية إلى اللغة العربية، معتبراً أن للترجمة دورا كبيرا في نقل العلم، والتعرف إلى أنماط الشعر الأخرى، معتبراً أن تلك العملية معقدة وتحتاج إلى جهد كبير.
تمكن الغناش من أن يكون الشاعر الوحيد الذي يكتب باللغة الإنكليزية وقد اعترف المركز البريطاني به شاعراً باللغة الإنكليزية في دمشق وقدم له منحة لتطوير الكتابة الإبداعية كونه يعمل في مجال الفنون والآداب، كما أنه يعمل حالياَ على ترجمة مجموعات شعرية لشعراء أتراك إلى اللغتين العربية والإنكليزية، إضافة إلى إدارة وتنسيق مشاريع للحفاظ على الأدب مع الاتحاد الأوربي وتركيا ودول الحروب.
يعتبر الغناش أن عمله يصون اللغة العربية ويعرف باقي المجتمعات عليها، وأن مسار التدريس والترجمة لا ينفكان عن بعضهما بعضا، وفق رأيه، وأن تأثير الشعر العربي سيحظى باهتمام كما الطرق الدراسية التي اتبعها، والذي ولد عنه كتابة شعر باللغة الإنكليزية، وحيال هذا يقول: "لي ديوان شعري منشور في الولايات المتحدة الأميركية، ضمن أرشيف الشعر العالمي وحصلت على جوائز عديدة".
وبخصوص التأثير على المجتمع التركي يقول الغناش: "أقوم بإعداد فلم وثائقي باللغتين التركية والإنكليزية لنقل الصورة الإيجابية للمهجرين الذين تركوا بلادهم بسبب النزاعات والصراعات ودول الحروب، بعيداً عن السياسة لتكون ملهمة وموثرة ونقلها للعالم".
وفق العناش فإن كثيرا من السوريين تمكّنوا من نقل ثقافتهم وهويتهم العربية إلى مجتمعات كثيرة، قائلاً "لو نظرنا إلى خريطة انتشار السوريين في كثير من دول اللجوء، نلاحظ أن السوريين أثروا ثقافياً بشكل كبير في تلك المجتمعات، ولعبوا دوراً في الحفاظ على هويتهم، وأن تأثيره لم يكن علميا بحتا وإنما سياسي واقتصادي واجتماعي".