icon
التغطية الحية

بالرصاص.. لماذا تستهدف "قسد" السوريين خلال عبورهم الحدود إلى تركيا؟

2021.07.13 | 16:47 دمشق

هروب السوريين
مقتل سوريين خلال عبورهم إلى تركيا (إنترنت)
الحسكة - خاص
+A
حجم الخط
-A

ينهمك ريزان أحمد (26 عاماً) من مدينة الدرباسية في ريف الحسكة، في البحث عن مهرّب "موثوق" يمكّنه من اجتياز الحدود السورية–التركية إلى تركيا، وسط مخاوف استهدافهم من قناصة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

حاول "ريزان" دخول الأراضي التركية – بطرق غير شرعية – مرّتين، لكن محاولاته لم تفلح، ففي المرة الأولى كادت عربات الجندرما التركية أن تلقي القبض عليه قبل أن يتمكن وعشرة شبّان آخرين كانوا برفقته من التراجع نحو الجانب السوري، وفي الثانية خدعهم المهرّب ولم يكن طريقه سالكاً، لكونه يمر بجانب أحد مخافر حرس الحدود التركي، "لم أثق بطريقه" وفق ما قاله لـ موقع تلفزيون سوريا.

يعمل "أحمد" في أحد محال بيع الألبسة ببلدته الكائنة على الحدود التركية، بعد تخرّجه من كلية العلوم في جامعة دمشق – قسم جيولوجيا. عزا الشاب العشريني سبب رغبته في الهجرة إلى الأوضاع الاقتصادية المتردية في المنطقة.

"شهادتي لم تنفعني، وسنوات دراستي راحت هباءً منثوراً، المتخرج من نفس اختصاصي يتقاضى في الدول الأوروبية راتباً بما لا يقل عن 1500 يورو، أما أنا فمرتبي الشهري لا يتجاوز 50 دولاراً وهذا لا يكفي لإعالة عائلتي".

رغم المخاطر.. تصاعد موجة هجرة الشبّان شمال شرقي سوريا

بعد مرور نحو ثلاثة أعوام على بدء الثورة السورية، هاجر العديد من الشبان من بينهم المنشقون عن جيش "النظام السوري" في شمال شرقي سوريا، إلى الدول المجاورة أو الدول الأوروبية بحثاً عن حياة آمنة من بطش نظام الأسد، أو خوفاً من سوقهم إلى التجنيد الإجباري الذي فرضته عليهم "الإدارة الذاتية" في كانون الأول عام 2014. 

لكن مع تشديد الحدود السورية – التركية من الجانب التركي وتكثيف الجندرما التركية لدورياتها على مدار اليوم، لا سيما مع بناء تركيا الجدار العازل على امتداد الحدود بدءاً من المالكية أقصى شمال شرقي سوريا إلى عفرين شمال غربي سوريا، بات اللجوء إلى تركيا ودخول أراضيها "عن طريق التهريب" صعباً، بل أشبه بالمستحيل. 

إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعد موجة هجرة الشبّان مجدداً، إذ تسلك العوائل والشبّان طرقاً أوجدها "مهرّبو" المنطقة إلى الأراضي التركية، رغم المخاطر المحفوفة بتلك الرحلات. 

بعد بناء الجدار العازل، ابتكر المهرّبون طرقاً جديدة للتهريب، بإسناد السلالم الخشبية على الجدار وفرش قطع من "السجّاد" على الأسلاك الشائكة أو قطع بعضها بوساطة "قواطع" وبعد صعود المهرّب على الكتل الإسمنتية يقوم بمساعدة الآخرين للصعود من ثم القفز نحو الجانب التركي. 

يطالب المهرّبون بمبلغ مالي يتراوح بين 1500 و 2000 دولار أميركي على كل شخص لـ تهريبه إلى داخل الأراضي التركية.

"قسد" تقنص مدنيين على الحدود السورية - التركية

"ياسين درباسية" - اسم مستعار لأحد المهربين - قال لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ نسبة الخطورة في رحلة تهريب السّكان تضاعفت مع عزم الجانبين التركي والسوري الذي تسيطر عليه "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، على منع الناس من اجتياز الحدود. 

وتابع "سابقاً كنا نخشى من قنصنا من قبل الجندرما التركية وحدها، لكن اليوم حتى عناصر قسد باتت تطلق النيران نحونا، ولا نعرف السبب وراء ذلك". 

وكان عناصر من "قسد" قد أطلقوا النار الأسبوع الماضي على شبّان حاولوا دخول الأراضي التركية عند قرية "خرزة" بريف الدرباسية، من دون التمكن من إصابة أي منهم، ليحدث على إثر ذلك تبادل إطلاق نار بين "قـسـد" وحرس الحدود التركي.

وأضاف المهرّب قائلاً "بعض عناصر الجندرما التركية تغض النظر أحياناً عن اجتياز المدنيين للحدود ودخول تركيا، ولكن قد يصادف ذلك تكثيف قسد لـ كمائنها وانتشار دورياتها المخفية على الحدود، ما يحد من حركة الراغبين بدخول الأراضي التركية، خشية الاستهداف أو الاعتقال".

ويتمركز عشرات العناصر من "قوات سوريا الديمقراطية" في نقاط مخفية بين منازل أو مدارس القرى الحدودية مع تركيا، بحجّة حماية الحدود.

موقع تلفزيون سوريا تمكّن من مراسلة أحد هؤلاء العناصر - عبر تطبيق "واتساب" - وقال العنصر الذي اشترط عدم الكشف عن مكان وجوده أو اسمه، إنهم تلقوا تعليمات عسكرية بإخافة كل مَن يحاول التسلل إلى الجانب التركي من خلال إطلاق الأعيرة النارية في الهواء، وتوجيه الرصاص نحو قدميه في حال لم يتوقف. 

حول الأسباب التي دفعت "قـسـد" إلى إصدار تعليمات غير رسمية   لعناصرها على الحدود، أوضح العنصر قائلاً: "بعدما شهدت صفوف قواتنا عمليات فرّ بعض العسكريين ومن بينهم مسؤولون عسكريون لألوية وكتائب وبعد تهريبهم لمخططات عسكرية ومبالغ مالية ضخمة نحو الجانب التركي، أُصدرت هذه التعليمات، ولعدم تمكننا من معرفة الشخص من أنه عسكري أو مدني، نقوم بإطلاق النار في بادئ الأمر في الهواء وإن لم يتوقف نتأكد بأنه ضمن قواتنا ويحاول الهروب، فنوّجه الرصاص إلى أقدامه بغية إصابته". 

لم يتمكّن موقع تلفزيون سوريا من الحصول على إحصائية دقيقة حول أعداد الأشخاص الذين هاجروا نحو تركيا منذ بداية العام الجاري، لكنه تمكن من التواصل مع عدد من العاملين في "التهريب" ووفقاً للأرقام التي أفصح كل منهم عنها، فقد بلغ عدد الشبّان – باستثناء العائلات – الذين تمكنوا من الوصول إلى تركيا خلال آخر شهرين أكثر من 90 شاباً.

وحسب العديد من الشبّان في شمال شرقي سوريا، فإنّهم يصفون الواقع الحالي هناك بأنه "سجن كبير" يمكنك التنقل في أرجائه، مع عدم اهتمام "الإدارة الذاتية" وهيئاتها بالفئة الشّابة وعدم الاستجابة لمتطلباتها، في حين يتهمها آخرون بأنها لا تحبذ رؤية هذه الفئة إلا بالزي العسكري وعلى جبهات القتال.

والشاب "ريزان أحمد" واحد من بين مئات الشبّان المتعلّمين في المنطقة الذين لم يتمكنوا من العمل وفق اختصاصاتهم، وأجبروا على العمل في مهن أُخرى بأجور ضئيلة ليتمكنوا من إعالة أسرهم، ريثما يجدوا سبلاً تخلّصهم من الواقع المعيشي المزري، والهجرة إلى خارج البلاد.