icon
التغطية الحية

انقسام داخل "قسد" كشفته رغبة النظام وروسيا بالتمدد شرقي الفرات

2021.11.07 | 05:08 دمشق

yyththththth.png
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

تتعرض البنية الداخلية لـ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) لهزة تأتي ارتدادا لبركان تركي جديد قد يثور في مناطق نفوذ "الإدارة الذاتية" التي تعد "قسد" ذراعها العسكرية.

 ويعود أصل هذا التطور داخل القوة العسكرية المسيطرة على أجزاء واسعة من شمال شرقي سوريا إلى وقوعها في مركز ضغوط تمارسها عليها عدة أطراف جعلت -الضغوط- توسع التصدعات في جدار "قسد"، ما دفع مراقبين لتلمّس مؤشرات حقيقية على انقسام فيها.

"PKK": أول الضاغطين وأهمهم

لا يخفى على كثير من السوريين وخاصة القاطنين في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة أن "وحدات حماية الشعب الكردية" وهي الفرع السوري لـ "حزب العمال الكردستاني" كانت وما زالت النواة الأساسية لـ "قسد" منذ أن تشكلت في تشرين الأول 2015، وعليه فإنه من الطبيعي أن تكون خاضعة للأوامر القادمة من جبال قنديل.

لكن ولأن "قسد" تتلقى دعما أميركيا كان لزاما عليها إنكار تبعيتها لـ "PKK" بين الحين والآخر، بحكم أن واشنطن تصنف هذا الحزب ضمن قوائم الإرهاب لديها، ورغم ذلك لم ينف كبار قيادات "الإدارة الذاتية" كـ إلهام أحمد علاقتهم بـ "PKK" ودوره في توسعة رقعة سيطرة الإدارة شمال شرقي سوريا.

بالعودة إلى البركان التركي الذي تؤججه تصريحات المسؤولين في أنقرة، فقد ظهرت مؤشرات واضحة على ظهور تيارين داخل القوة السياسية والعسكرية شمال شرقي سوريا، الأول واضح كالشمس وهو العامل باسم "PKK"، وقد بات يكثر مؤخرا من التصريح بضرورة إتاحة الفرصة لنظام الأسد وروسيا للتوغل أكثر في دير الزور والرقة والحسكة، وحتى مغازلتهما بنصيب من النفط السوري، كما قال عضو الهيئة الرئاسية لـ "حزب الاتحاد الديمقراطي" في سوريا، آلدار خليل.

أما الثاني فهو الجناح الساعي لتنفيذ الرغبات الأميركية، وهذا التيار ليس معادياً بالضرورة لروسيا ونظام الأسد لكنه بالتأكيد لا يسعى لإغضاب واشنطن، وأبرز شخصياته قد يكون قائد "قوات سوريا الديمقراطية" الحالي، مظلوم عبدي الذي أراد سابقا كف يد "PKK" قليلا عن المشهد شمال شرقي سوريا.

وفي أيلول الماضي أفاد مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا عن إنشاء جهاز أمني جديد تحت اسم "الأمن القومي"، مهمته الحد من توغل "PKK" في مناطق شمال شرقي سوريا، ويتألف هذا الجهاز بمعظمه من أكراد سوريا، يترأسه عبدي ويساعده كل من المتحدث السابق باسم "قسد" ريدور خليل، ومسؤول الدفاع السابق في "الإدارة الذاتية" ريزان كلو، وشخصيات أخرى تنتشر في مناطق شمال شرقي سوريا لكنها غير معروفة من قبل ضمن مؤسسات "قسد" العسكرية والأمنية، وجاء هذا التشكيل في أعقاب تكثيف الجيش التركي استخدام المسيرات ضد قيادات من "قسد" و"PKK"، ومطالبة أميركية لقادة "قسد" بإخلاء شمال شرقي سوريا من عناصر "حزب العمال الكردستاني"، محذّرة من أن وجودهم مرتبط باستمرار عمليات الاستهداف الجوي التركي لمناطق سيطرة "قسد"، وفق المصدر ذاته الذي أكد أن مسؤولين أميركيين اجتمعوا بقادة من "قسد" حينئذ لساعات في مقر عسكري وسط "الفرقة 17" شمالي مدينة الرقة.

مؤشرات الانقسام.. تغيير قيادات وتلميع للأسد

في هذا السياق، يجري الحديث بشكل كبير عن إزاحة مظلوم عبدي، عن منصبه وتسليمه مهمة أخرى، وإسناد قيادة "قسد" إلى قائد "وحدات حماية الشعب الكردية" في عفرين محمود رش المعروف بمحمود برخودان والذي يحمل اسما مستعارا هو "الأسود".

وحاول موقع تلفزيون سوريا التحقق من هذه المعلومات من مصادر مطلعة على شؤون "قسد" و"PKK"، وأكدت المصادر أن الأمور حاليا في "قسد" على ما هي عليه، دون أي تغيير.

لكنها -المصادر- أكدت أيضا على أن "قسد" مقبلة على تغييرات وأنها ستطول رأس الهرم فيها أي عبدي، الذي سيغادر منصبه، مشيرة إلى أن القيادي الذي سيتسلم مكان عبدي غير معروف بعد.

وبالعودة إلى محمود برخودان فإن المعلومات حوله تؤكد قربه من المخابرات الإيرانية، وأن له علاقة وثيقة مع جميل بايك وهو القيادي البارز في "PKK"، الذي أخذ نحو عام من التفكير حتى حسم أمره في تسليم برخودان قيادة "قسد" بدل عبدي الذي سيتم تسليمه مهمة التنسيق مع التحالف الدولي.

ويعني تسليم برخودان زيادة نفوذ الموالين لنظام الأسد وإيران وروسيا في شمال شرقي سوريا، وسبق أن كشف القيادي البارز في حزب "PKK"، جميل بايك، الذي يعتبر الشخص الثاني في الحزب بعد زعيمه المعتقل لدى تركيا عبد الله أوجلان أن علاقتهم مع حافظ الأسد وعائلته كانت و"ثيقة ودافئة"، وقال "لا يمكننا أن نكون مناهضين لسوريا أو ضد الأسد"، وأكد أن الحزب لم يقطع علاقته بدمشق قط.

وإلى جانب ذلك، فقد عكست رغبة روسيا الجامحة بالتموضع في ريف دير الزور الغربي، وجود خلل في "قسد"، ووفق ما رصده موقع تلفزيون سوريا فإن تصريحا لـ "المجلس العسكري بدير الزور" أشار  بوضوح إلى عدم وجود رأي موحد من التحرك الروسي، ما يعني أنه ليس جميع قادة "قسد" يشتركون بالموقف من هذا التمدد خاصة المكون العربي وقد رأينا المظاهرات المنددة بدخول الروس في قرى ريف دير الزور الغربي والشمالي خلال تشرين الأول الماضي.
ولقائد "مجلس دير الزور العسكري" أحمد الخبيل ورئيس "مجلس دير الزور المدني" غسان اليوسف علاقة جيدة مع الأميركيين وقد كان الأخير في واشنطن في أيلول الماضي، ويعني ذلك أن السماح للروس بالدخول إلى مناطقهم الخروج من العباءة الأميركية وهذا ما لا يستطيعون عليه صبرا.
وسبق للخبيل الذي تقدر عدد قواته بـ 15 ألف مقاتل أن أبدى استعداده لطرد الميليشيات الإيرانية من دير الزور إذا أراد التحالف منهم ذلك وفق تصريح سابق له.

روسيا ونظام الأسد يستثمران بالتهديد التركي لـ "قسد"

وجدت القوات الروسية في تلويح تركيا بعمل عسكري جديد ضد "قسد" فرصة لدفع الأخيرة لتقديم تنازلات لصالح نظام الأسد، فسارعت في وسائل إعلامها إلى ضخ شائعات عن قرب موعد الهجوم التركي.

وزادت روسيا في الاستثمار عبر إعلانها توسعة قاعدتها في مطار القامشلي فاستقدمت مقاتلات حديثة إلى هناك، وأقامت مناورات جوية واسعة في منطقة تل تمر بريف الحسكة. من جانبه، أرسل نظام الأسد تعزيزات عسكرية إلى ريف حلب وريف الرقة، ودفع هذا الجو "قسد" للدخول في غرفة عمليات مشتركة مع النظام وروسيا للتنسيق حيال التهديدات التركية. وقد جرى حديث عن إبرام الأطراف الثلاثة اتفاقا يفضي إلى انسحاب "قسد" من بعض المناطق المحاذية للوجود التركي داخل سوريا وعلى الحدود مع تركيا.

ومما أكد هذا الاتفاق بيان صادر عن مركز المصالحة الروسي بدير الزور، تحدث عن تفاهمات بين "الإدارة الذاتية" ونظام الأسد وروسيا، لإعادة انتشار قوات النظام في مناطق سيطرتها بمنطقة الجزيرة.

ولم يكتف النظام وروسيا بالاستفادة عسكريا من واقع "قسد" المتلعثم خشية الهجوم التركي، فالبازارات السياسية فتحت، إذ كشفت صحيفة موالية للنظام نهاية تشرين الأول الماضي، عن مسودة وثيقة لحل الخلافات الموجودة بين "الإدارة الذاتية" ونظام الأسد، وتتضمن الوثيقة بنودا تشير إلى اعتماد النظام اللامركزي في حكم البلاد، كما تتضمن ضرورة تطبيق قانون الإدارة المحلية رقم 107.