icon
التغطية الحية

انفجار بإصابات كورونا شمال غربي سوريا.. واقع طبي ضعيف وسلطات غائبة وإهمال مجتمعي

2021.09.09 | 06:38 دمشق

imageonline-co-logoadded.jpg
إدلب – فائز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

بلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا في مدن وبلدات شمال غربي سوريا 19,794 إصابة منذ بدء الذروة الجديدة من الجائحة في الثامن من آب الفائت، وأخذت الإصابات بالتضاعف من دون توقف منذ اكتشاف متحور دلتا في الـ 14 من آب الفائت، لتزيد عن ألف إصابة يومياً منذ الـ 30 من آب الفائت وتزيد عن 1500 منذ الخامس من أيلول الجاري.

وأطلقت قبل يومين عدة منظمات إنسانية وطبية عاملة في شمال غربي سوريا بيان مناشدة خاطبت فيه السكان في إدلب وحلب، وتحدث البيان عن الارتفاع غير المسبوق في أعداد الإصابات بكورونا وانتشار متحورات جديدة منه أشد خطورة وفتكاً من سابقاتها، خاصة متحور "دلتا" سريع الانتشار.

وأشار البيان الصادر عن 22 منظمة إلى وصول مشافي كوفيد لمرحلة الإشغال التام لجميع أسرّة العناية المركزة، وأسرّة علاج المصابين، وطالب الأهالي بالتزام كلّ إجراءات الوقاية الشخصية، والابتعاد عن التجمعات كالأعراس وبيوت العزاء والولائم، بالإضافة إلى الالتزام بارتداء الكمامة، والعناية بالنظافة الشخصية.

وحذر البيان من تدهور النظام الصحي الهش أساساً في شمال غربي سوريا في حال الاستمرار بتجاهل اتباع إجراءات الوقاية من الفيروس، ووصول المشافي والمراكز الطبية إلى مرحلة تعجز فيها عن استقبال المصابين.

وأوضح البيان أنه على كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة الإسراع في تلقي اللقاح المضاد للفيروس، وطالب الجهات المعنية بتأخير بدء العام الدراسي، وتخفيف التجمعات في الأسواق والمطاعم والمتنزهات والمساجد، واقتصار عمل المؤسسات الأخرى على الحد الأدنى من الموظفين.

انتشار كورونا في المخيمات يقلق الصحة العالمية

جاءت هذه المناشدة مع إبداء منظمة الصحة العالمية قلقها من الانتشار المتسارع لفيروس "كورونا" ومتحوراته الجديدة في مناطق شمال غربي سوريا وبشكل خاص في المخيمات.

وقالت المنظمة في بيان لها إن معدلات الإصابة بفيروس كورونا في شمال غربي سوريا ارتفعت خلال شهر آب الماضي، وذلك بعد زيادة الحركة عبر الحدود خلال عطلة عيد الأضحى.

وأضافت المنظمة أنها سلمت الأسبوع الماضي أكثر من 358000 جرعة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا إلى شمال غربي سوريا، وتعتبر هذه الدفعة أكبر دفعة لقاح تصل إلى المنطقة وهي مقدمة من مبادرة "كوفاكس".

ونوهت الصحة العالمية إلى أن هذه الدفعة من اللقاحات كان من المفترض أن تُسلّم في 10 أيلول الجاري، لكن بسبب الإلحاح والاندفاع، تم تسريع عملية الشحن.

وتراوح عدد الإصابات بكورونا في مخيمات شمال غربي سوريا خلال ذروة الوباء الحالية بين 100 و 250 إصابة يومياً.

الطاقة الاستيعابية للمراكز الطبية.. نصف مراكز العزل فقدت التمويل

يوجد في محافظة إدلب 5 مستشفيات مخصصة لعلاج المصابين بكورونا و6 مراكز عزل مدعومة و7 أخرى تعمل بشكل تطوعي، وذلك بحسب ما أوضحه عماد زهران المسؤول الإعلامي في مديرية صحة إدلب لموقع تلفزيون سوريا.

وتحتوي المستشفيات المتخصصة بكوفيد 156 سرير عناية مركزة، و340 سرير جناح، بالإضافة إلى 700 سرير في مراكز العزل، جميعها مشغولة بشكل شبه كامل.

وقال الطبيب همام داود منسق الصحة والإسعاف في الدفاع المدني السوري لموقع تلفزيون سوريا إن الدفاع المدني خصص 21 سيارة إسعاف لنقل حالات كورونا المؤكدة والمشتبهة، وذلك لتخفيف مخاطر انتقال العدوى عبر فصل خدمات إسعاف كورونا عن الخدمات الإسعافية الأساسية.

وأضاف الطبيب داود بأن المعدل الوسطي لعمليات النقل هو 40 عملية يومياً وأن جزءاً كبيراً من العمليات يتضمن نقل أكثر من مريض في عملية واحدة (مخالطين).

واعتبر الطبيب أن هذه الموجة كانت متوقعة خصوصا مع ظهور المتحورات وقلة عدد جرعات اللقاح المتوفرة لمنطقة شمال غربي سوريا، وأن نحو نصف مراكز العزل التي كانت فعالة في فترات سابقة غير فعالة حاليا بسبب توقف تمويلها.

ومع قلة عدد المراكز فإن هذا يفرض عبئاً إضافياً على فرق الإسعاف من حيث ساعات العمل وبعد المسافة.

 

 

وطلب الطبيب همام داود من المدنيين اتباع توصيات الوقاية من العدوى، ومن الجهات المعنية تسريع وتحسين آلية توفير اللقاحات لتخفيف عدد الحالات الشديدة.

الجمعية الطبية السورية الأميركية "SAMS - سامز" إحدى كبرى المنظمات العاملة في مجال التصدي لكوفيد 19 في شمال غربي سوريا، تدير ثلاث مستشفيات في كل من دارة عزة غربي حلب وسلقين غربي إدلب ومدينة إدلب؛ وتحتوي هذه المستشفيات على 50 منفسة للحالات الحرجة و20 سرير جناح للحالات المتوسطة والبسيطة، لكن جميعها ممتلئة ولا وجود لأي شاغر فيها.

صلاح الدين الصالح طبيب العناية في مشفى الزراعة المخصص بمتابعة حالات كوفيد 19 في مدينة إدلب التابع لمنظمة سامز، أشار إلى أن منطقة شمال غربي سوريا تعيش الآن مرحلة الذروة الثانية من كوفيد 19، وأن المتحور الجديد دلتا دخل إلى المنطقة عن طريق القادمين من تركيا عبر إجازات عيد الأضحى.

ولفت إلى أن الإصابات بدأت تنتشر منذ عيد الأضحى وكانت الحصيلة اليومية بسيطة، وأخذت بالارتفاع حتى وصلت الآن إلى ما يزيد على 1500 إصابة يومياً بالفيروس، بينما بلغت أعداد الإصابات في الذروة الأولى 550 إصابة يومياً.

وأعرب الطبيب الصالح عن قلقه من تفاقم الوضع وعدم قدرتهم على استقبال المصابين في المشافي، وتحدث عن مشكلات تواجههم عند قدوم مصابين إلى المستشفى من دون تنسيق ودون وجود منافس أو أسرة فارغة.

وأوضح الطبيب بأن ما يميز الفيروس المتحور دلتا هو انتشاره السريع مقارنة بسلفه ألفا، وأنه يصيب الأطفال بينما كان سلفه يقتصر على البالغين، ومن بين الحالات التي عاينها الطبيب كانت لطفل يبلغ من العمر شهراً واحداً وكانت نتيجة مسحته إيجابية.

ودفع هذا الواقع الجديد "سامز" لافتتاح قسم للعناية والعزل بمصابي كوفيد 19 والمشتبه بإصابتهم من الأطفال في مشفى ابن سينا في إدلب، ويضم القسم المفتتح حديثاً حاضنتين وسريري عناية مركزة، مع جهازي تنفس آلي وأجهزة سيباب، بالإضافة لأسرة استشفاء بسعة كلية قدرها 15 سريراً.

وعلل الطبيب جمعة عيسى اختصاصي الأطفال والمدير العام للمشفى افتتاح القسم، بالحاجة لتقديم الرعاية الصحية للأطفال المصابين بكوفيد 19 خلال الفترة الحالية الحرجة من انتشار فيروس كورونا وعدم قدرة مشافي العزل على تحمل هذا العدد من الحالات.

دور السلطات غائب ولا تطبيق فعلياً للقرارات

ومع مناشدة المنظمات وإطلاقها صيحات التحذير لم تحرك السلطات القائمة في أرياف حلب أي ساكن، ولم يصدر عنها أي قرار يتعلق بالإغلاق وتطبيق قوانين الحظر والتباعد الاجتماعي على السكان، وتستمر الحياة بكل أشكالها كأن كوفيد 19 لم يكن، واكتفت مديرة صحة الباب بتقديم النصح للمواطنين بغسل اليدين وارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي، وكما أصدر مشفى الباب العام قراراً بمنع الزيارات للمرضى ضمن المشفى والاكتفاء بمرافق واحد لكل مريض.

في إدلب لم يختلف الوضع أبداً ولكون منطقة حارم كانت بؤرة الإصابات الأكبر قامت "حكومة الإنقاذ" بإصدار تعميم خاص بمنطقة حارم، يقضي بإغلاق كل من صالات الأفراح وأماكن الألعاب الجماعية، والمسابح العامة، والملاعب والصالات الرياضية، ومدن الألعاب والملاهي، وإغلاق دور رياض الأطفال.

قرار الإغلاق جاء حتى الـ 12 من آب كمرحلة أولى قابلة للتمديد بحسب تقديرات الوضع في منطقة حارم.

 

 

ورغم أن رئاسة "حكومة الإنقاذ" أوعزت إلى الجهات المعنية التابعة لها بتطبيق مضمون القرار، إلا أن القرار بقي حبراً على ورق، بحسب عدة مصادر محلية تواصل معها موقع تلفزيون سوريا.

وزارة الصحة أيضاً طلبت من المستشفيات الخاصة تأجيل العمليات الجراحية القابلة للتأجيل إلى ما بعد الـ 18 من أيلول الحالي، وضوابط تتعلق بإجراء العمليات الجراحية المستعجلة تتعلق بالحذر من انتقال كوفيد 19.

بدورها أرسلت مديرية صحة إدلب تعميماً طالبت المنشآت الصحية فيه بإيقاف جميع العمليات الباردة في المشافي والاقتصار على العمل الإسعافي، واستقبال المراجعين عن طريق الحجز المسبق عبر واتساب، والالتزام بجميع معايير ضبط العدوى ومنع التجمعات.

تخوف من انفجار الوضع

هذا وتتخوف عدة جهات طبية من انفجار الوضع في شمال غربي سوريا، وخروجه عن السيطرة، بعد انطلاق العام الدراسي الجديد، المزمع بدء دوام الطلاب فيه في الـ 18 من أيلول الجاري.

بدوره تواصل موقع تلفزيون سوريا مع "حكومة الإنقاذ" للاستفسار عن تداعيات موجة كوفيد 19 الحالية على بدء العام الدراسي الذي سينطلق بعد أيام قليلة، فكانت الإجابة بأن لا تأجيل في موعد بدء العام الدراسي، ولا تعليم عن بعد، وأن الإجراءات تقتصر على فرض اللقاح على المدرسين والإداريين.

وعرضت وحدة تنسيق الدعم في تقريرها الصادر يوم أمس نتائج المقارنة لمعدل الإصابات للفئات العمرية في شمال غربي سوريا، خلال فترتين من الجائحة، الفترة الأولى من بداية الجائحة حتى الأسبوع الوبائي الـ 29 (17 تموز)، والفترة الثانية هي من 17 تموز حتى 4 أيلول (وهي الفترة التي يفترض بدء دوران دلتا بها).
وتبين أن نسبة الإصابات عند الأعمار الأقل من 24 سنة، إلى الحالات الكلية في الفترة الثانية هي أعلى منها في الفترة الأولى، ما يشير إلى مدى تأثير المتحور دلتا على الأطفال والشبان.