icon
التغطية الحية

الولايات المتحدة تخطط لدعم الاقتصاد السوري من دون دعم نظام الأسد

2022.05.18 | 14:37 دمشق

adlb_3.jpg
إعفاءات من العقوبات الأميركية في الشمال السوري - رويترز
ميديالاين - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

مع تطبيع عدد كبير من الدول العربية للعلاقات مع بشار الأسد، وفي ظل غياب أي عملية سياسية بالنسبة لسوريا، تحاول الولايات المتحدة، وبوجود خيارات ضئيلة تحت تصرفها اليوم، أن تمنع تدهور الأوضاع في سوريا نحو الأسوأ، الأمر الذي لا بد أن يساعد تنظيم الدولة على العودة للسيطرة على مناطق سوريّة ما تزال خارج سيطرة النظام.

ولتحقيق ذلك الهدف المنشود، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية آخر الأسبوع الماضي عن نيتها إصدار ترخيص عام يمنح لاستثمارات القطاع الخاص وغير ذلك من الفعاليات ضمن المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام في الشمال السوري، إذ لا بد لتلك الخطوة أن تساعد الشركات على دخول مجالات الزراعة والاتصالات، والبنية التحتية المخصصة لشبكة الكهرباء، والإعمار والبناء، والصناعة، والتجارة، والمال، والطاقة النظيفة. كما سيصبح بالإمكان شراء النفط من خلال تلك المجالات المعفاة من العقوبات، شريطة ألا يعود ذلك لمصلحة نظام الأسد.

وحول ذلك يعلق إيثين غولدريتش، وهو نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون سوريا والشام لدى مكتب شؤون الشرق الأدنى، فيقول: "إن هدفنا من هذا الترخيص هو منع تنظيم الدولة من العودة إلى الظهور وذلك عبر الحد من حالة انعدام الأمن الاقتصادي التي زادت كثيراً، وإعادة الخدمات الأساسية للمناطق المحررة من تلك الجماعة الإرهابية.

وقد وضعت تلك الرخصة العامة لتحسين الأوضاع الاقتصادية في المناطق التي لا يسيطر عليها النظام في الشمال السوري وذلك لدعم الجهود المتواصلة لنشر الاستقرار ومحاربة تنظيم الدولة بقيادة الولايات المتحدة، إلا أن هذا الترخيص يحظر أي نشاط مع النظام السوري أو أي شخصية خاضعة للعقوبات، دون أن يغير أي شيء في العقوبات المفروضة حالياً لمكافحة الإرهاب. ثم إن جهودنا الساعية لنشر الاستقرار، والتي تشمل إعادة الخدمات الأساسية، ودعم فرص كسب الرزق لمساعدة السوريين على العودة إلى حياتهم الطبيعية، وتقديم الدعم للعائدين بعد النزوح، وكذلك للمجتمعات التي تستقبلهم، تعدّ عناصر أساسية في استراتيجية محاربة تنظيم الدولة".

لا تخفيف للعقوبات ولا تطبيع مع الأسد

وأكد مسؤولون من وزارة الخارجية الأميركية أن الرخصة لا تعدّ تخفيفاً للعقوبات المفروضة على نظام الأسد، وبأن التطبيع مع هذا النظام لن يحدث خلال وقت قريب. كما شدد المسؤولون على أن تلك الجهود تعدّ بمنزلة إجراء اقتصادي وليس سياسياً، على الرغم من استحالة الفصل بينهما، إذ يقول جويل رايبورن، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون بلاد الشام، والمبعوث الأميركي الخاص السابق إلى سوريا: "أعتقد أن هذا يمثل بالمجمل فرصة للاستقرار بالنسبة للشمال السوري، ولهذا أنصح بالتجربة، ولكن يجب أن تأتي تلك التجربة مقترنة بآلية إشراف متينة تعمل على إبقاء الأنشطة التجارية تحت الرقابة في شمال شرقي سوريا على وجه الخصوص، وذلك لضمان عدم تسلل نظام الأسد أو حلفائه عبر شركات أو جهات فاعلة تعمل كواجهة لهم".

وبما أن رايبورن كان مسؤولاً عن تنفيذ الاستراتيجية الدبلوماسية الأميركية الخاصة بسوريا والتي تشمل تطبيق العقوبات على النظام السوري بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا الذي أصبح نافذاً في عام 2019 إلى جانب السلطات التي فرضت عقوبات أخرى على النظام السوري، لهذا يعلق على تلك الرخصة بقوله: "إن التأثير المحتمل لهذه الرخصة قد يظهر بشكل أوضح في شمال غربي سوريا، حيث أقيمت مجتمعات في المناطق المحررة وأصبحت على تماس مع الاقتصاد التركي وهذا الأمر لا نجده في شمال شرقي سوريا".

ولدى سؤال غولدريتش عن المشاعر العامة التي سيطرت على الدول العربية لدى سماعها بنبأ تلك الرخصة التي أعلنت عنها وزارة الخزانة الأميركية، أخبرنا أنه لا يستطيع أن يتحدث بالنيابة عن أي دولة، ولكن: "تشاورنا بشكل موسع مع أهم حلفائنا وشركائنا، كما عقدنا عدة اجتماعات خلال الشهور القليلة الماضية، حيث التقينا في بروكسل في كانون الأول وفي واشنطن في آذار، وشاركنا في اجتماع استضافته فرنسا في باريس، واجتماع آخر عقد في بروكسل خلال هذا الأسبوع. وأبقينا المشاركين في تلك الاجتماعات على اطلاع بآخر تطورات الرخصة العامة التي كانت في طور الإعداد ثم أصدرناها أخيراً... إننا نعتقد أن هنالك فرصاً متاحة أمام الشركات في كثير من الدول حتى تقوم بالاستثمار هناك لمساعدة الشعب في تلك المنطقة من خلال الاستثمارات الخاصة. وبعد إصدارنا لتلك الرخصة اليوم، نتطلع قدماً لمشاركة الشركات والدول في هذه الخطة".

القطاعات والخدمات الرائدة شمال غربي سوريا

هذا ويعتقد رايبورن بأنه لن تكون هنالك استثمارات على نطاق واسع بسبب حالة عدم الاستقرار التي تسود المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ولكن ستكون هنالك انفراجات وفرص أمام قطاعات بعينها حتى تتحول إلى قطاعات مؤثرة في تلك المنطقة، ويضيف: "لم أجد أي شركة كبيرة وقد أبدت قلقها حيال ذلك، ولكني أعتقد أن الأمر سيتحول إلى فرصة في شمال غربي سوريا بالنسبة للمجتمعات المحلية التي ستتفاعل بشكل أكبر مع السوريين في الشتات على وجه الخصوص. أما بالنسبة لشمال شرقي سوريا، فالخيارات هناك ستظل محدودة، وذلك بسبب العداء السياسي بين تلك المنطقة وبين تركيا، ولهذا ستظهر بعض العقبات هناك. ولكن في شمال غربي سوريا على وجه الخصوص سيبدي السوريون في الشتات حماسة هناك، سواء هؤلاء الذين يعيشون في تركيا أو خارج تلك المنطقة، أو في الولايات المتحدة، وذلك عندما يشعرون أنه بات بمقدورهم القيام ببعض الاستثمارات المتواضعة التي يمكنها دعم استقرار الاقتصاد هناك... أعتقد أن الخدمات المالية التي يمكن أن تتزامن مع خدمة الاتصالات ستكون أول مجال يمكن لهؤلاء أن يستفيدوا منه، فضلاً عن الخدمات التعليمية التي يمكن تقديمها عن بعد، والتي تشمل برامج وتطبيقات للدراسة، ودورات عبر الشابكة لطالما رفض مقدموها من خارج سوريا أن يقدموها لمتلقين في الداخل السوري، إلا أن هذه الرخصة لا بد أن تسهل تلك العملية على هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون في الشمال السوري بشرقه وغربه، بحيث تصبح عملية الحصول على الخدمات التعليمية أسهل هناك".

موقف تركيا من الترخيص الأميركي

من جانبها، استنكرت تركيا مخطط الترخيص واعتبرته محاولة لإضفاء طابع شرعي على وحدات حماية الشعب المدعومة أميركياً والتي صنفتها أنقرة على أنها تنظيم إرهابي، بالرغم من أنها لعبت دوراً فاعلاً في محاربة تنظيم الدولة. كما تساءلت تركيا حول عدم إشراك محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غربي سوريا بتلك الإعفاءات.

مخيم الركبان والمساعدات عبر الحدود

يعتبر تنظيم الدولة من الأسباب التي أدت إلى ظهور أزمة إنسانية على الحدود السورية الأردنية، إذ في مطلع هذا العام، طالبَ نواب أميركيون إدارة الرئيس جو بايدن بمعالجة الأوضاع القائمة في مخيم الركبان للنازحين والذي يقع في أرض قفر داخل البادية السورية من الجهة الجنوبية الغربية. وذلك لأن الأردن رفض فتح حدوده للاجئين خوفاً من تسلل عناصر تنظيم الدولة إلى المخيم، كما منعت كل من روسيا والنظام في سوريا وصول المساعدات الإنسانية إلى هناك، ورفضت الولايات المتحدة تسليم تلك المساعدات من قاعدتها العسكرية التي تبعد مسافة 16 كلم فقط عن ذلك المخيم، وذلك لأسباب أهمها عدم رغبة الولايات المتحدة بإلزام نفسها بعملية إنسانية على المدى البعيد، ولهذا يعلق غولدريتش على الأوضاع هناك بقوله: "سأكتفي بالقول إننا على علم بالأوضاع والظروف السائدة في مخيم الركبان، وإننا نتطلع لمحاولة تحسين الظروف بأي طريقة يمكننا فعلها، كما أننا ندرك بأن عدم القدرة على إيصال المساعدات إلى المخيم عبر الحدود من مناطق سورية أخرى يمثل أهم مشكلة هنا، وهذا ما يجعل كل المشكلات التي نتعامل معها تتفاقم إلى حد بعيد".

 المصدر: ميديالاين